الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى
.(بَابُ مِيرَاثِ الْخُنْثَى الْمُشْكِلُ): الْخَنَثُ: مِنْ خَنِثَ الطَّعَامُ إذَا اشْتَبَهَ، فَلَمْ يَخْلُصْ طَعْمُهُ (وَهُوَ مَنْ لَهُ شَكْلُ ذَكَرِ رَجُلٍ وَ) شَكْلُ (فَرْجِ امْرَأَةٍ، أَوْ) لَهُ (ثُقْبٌ مَكَانَ الْفَرْجِ يَخْرُجُ مِنْهُ الْبَوْلُ) وَكَذَا مَنْ لَا آلَةَ لَهُ عَلَى مَا يَأْتِي آخِرَ الْبَابِ، وَلَا يَكُونُ أَبًا وَلَا أُمًّا وَلَا جَدًّا وَلَا زَوْجًا وَلَا زَوْجَةً (وَيُعْتَبَرُ أَمْرُهُ) فِي تَوْرِيثِهِ مَعَ إشْكَالِ كَوْنِهِ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى (بِبَوْلِهِ) مِنْ أَحَدِهِمَا، فَإِنْ بَالَ مِنْهُمَا (فَبِسَبْقِهِ)؛ أَيْ: الْبَوْلِ (مِنْ أَحَدِهِمَا) قَالَ ابْنُ اللَّبَّانِ: رَوَى الْكَلْبِيُّ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنْ مَوْلُودٍ، لَهُ قُبُلٌ وَذَكَرٌ، مِنْ أَيْنَ يُوَرَّثُ؟ قَالَ: «مِنْ حَيْثُ يَبُولُ». وَرُوِيَ: أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أُتِيَ بِخُنْثَى مِنْ الْأَنْصَارِ، فَقَالَ: «وَرِّثُوهُ مِنْ أَوَّلِ مَا يَبُولُ مِنْهُ».؛ وَلِأَنَّ خُرُوجَ الْبَوْلِ مِنْ أَعَمِّ الْعَلَامَاتِ؛ لِخُرُوجِهِ مِنْ الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ، وَسَائِرُ الْعَلَامَاتِ إنَّمَا تُوجَدُ بَعْدَ الْكِبَرِ (وَإِنْ خَرَجَ) الْبَوْلُ (مِنْهُمَا)؛ أَيْ: مِنْ شَكْلِ الذَّكَرِ وَشَكْلِ الْفَرْجِ (مَعًا) فَلَمْ يَسْبِقْ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ (اُعْتُبِرَ أَكْثَرُهُمَا) خُرُوجًا.قَالَ ابْنُ حَمْدَانَ: قَدْرًا وَعَدَدًا؛؛ لِأَنَّ لَهُ تَأْثِيرًا. انْتَهَى؛ لِأَنَّ الْكَثْرَةَ مَزِيَّةٌ لِإِحْدَى الْعَلَامَتَيْنِ، فَيُعْتَبَرُ بِهَا كَالسَّبْقِ (فَإِنْ اسْتَوَيَا) فِي قَدْرِ مَا يَخْرُجُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ الْبَوْلِ (فـَ) هُوَ (مُشْكِلٌ) مِنْ شَكَلَ الْأَمْرُ: الْتَبَسَ؛ لِعَدَمِ تَمَيُّزِهِ بِشَيْءٍ مَا تَقَدَّمَ. حُكِيَ عَنْ عَلِيٍّ وَالْحَسَنِ أَنَّ أَضْلَاعَهُ تُعَدُّ، فَإِنْ كَانَتْ سِتَّةَ عَشَرَ فَهُوَ ذَكَرٌ، وَإِنْ كَانَتْ سَبْعَةَ عَشَرَ فَهُوَ أُنْثَى.قَالَ ابْنُ اللَّبَّانِ: وَلَوْ صَحَّ هَذَا لَمَا أَشْكَلَ حَالُهُ، وَلَمَّا اُحْتِيجَ إلَى مُرَاعَاةِ الْمَبَالِ (فَإِنْ رُجِيَ كَشْفُهُ)؛ أَيْ: إشْكَالِهِ (لِصِغَرِهِ)؛ أَيْ: الْخُنْثَى (أُعْطِيَ) هُوَ (وَمَنْ مَعَهُ) مِنْ الْوَرَثَةِ (الْيَقِينَ) مِنْ التَّرِكَةِ، وَهُوَ مَا يَرِثُهُ عَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ، وَمَنْ سَقَطَ بِالْخُنْثَى فِي إحْدَى الْحَالَتَيْنِ لَمْ يُعْطَ شَيْئًا، كَوَلَدٍ خُنْثَى مَعَ أَخٍ لِغَيْرِ أُمٍّ، يُعْطَى الْخُنْثَى النِّصْفُ؛ لِاحْتِمَالِ أُنُوثِيَّتِهِ، وَلَا يُعْطَى الْأَخُ شَيْئًا؛ لِاحْتِمَالِ ذُكُورَةِ الْوَلَدِ (وَوُقِفَ الْبَاقِي) مِنْ التَّرِكَةِ (لِتَظْهَرَ ذُكُورَتُهُ بِنَبَاتِ لِحْيَتِهِ، أَوْ إمْنَاءٍ مِنْ ذَكَرٍ، أَوْ) لِتَظْهَرَ (أُنُوثَتُهُ بِحَيْضٍ أَوْ تَفَلُّكِ ثَدْيٍ)؛ أَيْ: اسْتِدَارَتِهِ (أَوْ سُقُوطِهِ)؛ أَيْ: الثَّدْيِ. نَصَّ عَلَيْهِمَا (أَوْ إمْنَاءٍ مِنْ فَرْجٍ) فَإِنْ ظَهَرَتْ فِيهِ عَلَامَاتُ الرِّجَالِ؛ فَهُوَ رَجُلٌ. وَإِنْ ظَهَرَتْ فِيهِ عَلَامَاتُ النِّسَاءِ؛ فَهُوَ امْرَأَةٌ؛ عَمَلًا بِالْعَلَامَةِ، وَلَيْسَ بِمُشْكِلٍ فِيهِمَا، إنَّمَا هُوَ رَجُلٌ فِيهِ خِلْقَةٌ زَائِدَةٌ فِي الْأُولَى، أَوْ امْرَأَةٌ فِيهَا خِلْقَةٌ زَائِدَةٌ فِي الثَّانِيَةِ، وَحُكْمُ الْمُتَّضِحِ فِي الْإِرْثِ وَالنِّكَاحِ وَنَقْضِ الْوُضُوءِ وَإِيجَابِ الْغُسْلِ وَالْعَوْرَةِ وَغَيْرِهَا حُكْمُ مَنْ ظَهَرَتْ عَلَامَاتُهُ فِيهِ مِنْ رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ، وَاَلَّذِي لَا عَلَامَةَ فِيهِ عَلَى ذُكُورِيَّةٍ أَوْ أُنُوثِيَّةٍ مُشْكِلٌ؛ لِالْتِبَاسِ أَمْرِهِ. (فَإِنْ مَاتَ) الْخُنْثَى قَبْلَ بُلُوغٍ (أَوْ بَلَغَ بِلَا أَمَارَةٍ)؛ أَيْ: عَلَامَةٍ تَظْهَرُ بِهَا ذُكُورِيَّتُهُ أَوْ أُنُوثِيَّتُهُ (أَخَذَ نِصْفَ إرْثِهِ) الَّذِي يَرِثُهُ (بِكَوْنِهِ ذَكَرًا فَقَطْ كَوَلَدِ أَخِي الْمَيِّتِ أَوْ عَمِّهِ)؛ أَيْ: الْمَيِّتِ (كَزَوْجٍ وَبِنْتٍ وَوَلَدِ أَخٍ خُنْثَى) صِفَةٌ لِوَلَدٍ (تَصِحُّ) الْمَسْأَلَةُ (مِنْ ثَمَانِيَةٍ)؛ لِأَنَّ مَسْأَلَةَ الذُّكُورِيَّةِ مِنْ أَرْبَعَةٍ، وَمَسْأَلَةُ الْأُنُوثِيَّةِ مِنْ أَرْبَعَةٍ أَيْضًا، لِلزَّوْجِ الرُّبْعُ وَاحِدٌ، وَالْبَاقِي لِلْبِنْتِ فَرْضًا وَرَدًّا، وَالْأَرْبَعَةُ مُتَمَاثِلَانِ، فَتَكْتَفِي بِإِحْدَاهُمَا، وَتَضْرِبُهَا فِي اثْنَيْنِ عَدَدَ حَالَتَيْ الْخُنْثَى يَحْصُلُ مَا ذُكِرَ (لِلزَّوْجِ سَهْمَانِ، وَلِلْبِنْتِ خَمْسَةٌ، وَلِلْخُنْثَى سَهْمٌ، أَوْ) وَرِثَ الْخُنْثَى بِكَوْنِهِ (أُنْثَى فَقَطْ) فَلَهُ مِيرَاثُ نِصْفِ أُنْثَى فَقَطْ (كَزَوْجٍ وَ) وَأُخْتٍ (شَقِيقَةٍ وَوَلَدِ أَبٍ خُنْثَى) مَسْأَلَةُ الذُّكُورِيَّةِ مِنْ اثْنَيْنِ، وَمَسْأَلَةُ الْأُنُوثِيَّةِ مِنْ سَبْعَةٍ بِالْعَوْلِ، وَهُمَا مُتَبَايِنَانِ، وَحَاصِلُ ضَرْبِ اثْنَيْنِ فِي سَبْعَةٍ أَرْبَعَةَ عَشَرَ، تَضْرِبُهَا فِي الْحَالَيْنِ (وَتَصِحُّ مِنْ ثَمَانِيَةٍ وَعِشْرِينَ لِلْخُنْثَى سَهْمَانِ)؛ لِأَنَّ لَهُ مِنْ السَّبْعَةِ وَاحِدًا فِي اثْنَيْنِ بِاثْنَيْنِ، وَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ الِاثْنَيْنِ (وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْآخَرِينَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ)؛ لِأَنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَاحِدًا مِنْ اثْنَيْنِ فِي سَبْعَةٍ بِسَبْعَةٍ، وَثَلَاثَةٌ مِنْ سَبْعَةٍ فِي اثْنَيْنِ بِسِتَّةٍ، وَمَجْمُوعُهُمَا مَا ذُكِرَ (وَإِنْ وَرِثَ بِهِمَا)؛ أَيْ: بِالذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ (مُتَسَاوِيًا كَوَلَدِ أُمٍّ، فَلَهُ السُّدُسُ مُطْلَقًا)؛ أَيْ: بِكُلِّ حَالٍ (أَوْ) وَرِثَ بِهِمَا الْخُنْثَى وَهُوَ (مُعْتَقٌ فَعَصَبَتُهُ مُطْلَقًا)؛ لِأَنَّهُ إمَّا ذَكَرٌ أَوْ أُنْثَى، وَالْمُعْتَقُ لَا يَخْتَلِفُ إرْثُهُ مِنْ عَتِيقِهِ بِاعْتِبَارِ ذَلِكَ (وَإِنْ وَرِثَ) الْخُنْثَى (بِهِمَا)؛ أَيْ: بِالذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ (مُتَفَاضِلًا عَمِلْت الْمَسْأَلَةُ عَلَى أَنَّهُ)؛ أَيْ: الْخُنْثَى (ذَكَرٌ ثُمَّ) عَمِلْتَهَا (عَلَى أَنَّهُ أُنْثَى) وَيُسَمَّى هَذَا الْمَذْهَبُ مَذْهَبَ الْمَنْزِلَيْنِ، وَهُوَ اخْتِيَارُ الْأَصْحَابِ (ثُمَّ تَضْرِبُ إحْدَاهُمَا): أَيْ: الْمَسْأَلَتَيْنِ فِي الْأُخْرَى إنْ تَبَايَنَتَا (أَوْ) تَضْرِبُ (وَفْقَهَا)؛ أَيْ: وَفْقَ إحْدَى الْمَسْأَلَتَيْنِ (فِي الْأُخْرَى) إنْ تَوَافَقَتَا (وَتَجْتَزِئُ بِإِحْدَاهُمَا)؛ أَيْ: الْمَسْأَلَتَيْنِ (إنْ تَمَاثَلَتَا أَوْ) تَجْتَزِئُ (بِأَكْثَرِهِمَا إنْ تَنَاسَبَتَا وَتَضْرِبُهَا)؛ أَيْ: الْجَامِعَةَ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ وَهُوَ حَاصِلُ ضَرْبِ إحْدَى الْمَسْأَلَتَيْنِ فِي الْأُخْرَى فِي التَّبَايُنِ، أَوْ فِي وَفْقِهَا عِنْدَ التَّوَافُقِ وَأَحَدُ الْمُتَمَاثِلِينَ وَأَكْثَرُ الْمُتَنَاسِبَيْنِ (فِي اثْنَيْنِ) عَدَدَ حَالَيْ الْخُنْثَى (ثُمَّ مَنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ إحْدَى الْمَسْأَلَتَيْنِ اضْرِبْهُ فِي الْأُخْرَى فِي التَّبَايُنِ وَ) صُورَةٌ (فِي التَّوَافُقِ وَتَجْمَعُ مَا لَهُ)؛ أَيْ: مَنْ لَهُ شَيْءٌ (مِنْهُمَا)؛ أَيْ: الْمَسْأَلَتَيْنِ (إنْ تَمَاثَلَتَا أَوْ)؛ أَيْ: وَإِنْ تَنَاسَبَتْ الْمَسْأَلَتَانِ (فَمَنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ أَقَلِّ الْعَدَدَيْنِ) فَهُوَ (مَضْرُوبٌ فِي) مُخْرَجِ (نِسْبَةِ أَقَلِّ الْمَسْأَلَتَيْنِ إلَى الْأُخْرَى) فَتَنْظُرُ نِسْبَةَ الصُّغْرَى لِلْكُبْرَى إنْ كَانَتْ ثُلُثَ الْكُبْرَى أَوْ نِصْفَهَا وَنَحْوَهَا، وَتَضْرِبُ مَا لَهُ مِنْ الصُّغْرَى فِي مُخْرَجِ هَذَا الْكَسْرِ إنْ كَانَ ثُلُثًا تَضْرِبُهُ فِي ثَلَاثَةٍ أَوْ رُبْعَا فِي أَرْبَعَةٍ، وَهَكَذَا، ثُمَّ تَجْمَعُ حَاصِلَ الضَّرْبِ مَعَ مَا لَهُ مِنْ الْكُبْرَى بِلَا ضَرْبٍ، وَتُضَعِّفُهُ، هَكَذَا تَفْعَلُ فِي نَصِيبِ كُلِّ وَارِثٍ (ثُمَّ يُضَافُ) حَاصِلُ الضَّرْبِ (إلَى مَا لَهُ مِنْ أَكْثَرِهِمَا إنْ تَنَاسَبَتَا) فَمَا اجْتَمَعَ فَلَهُ (فَإِذَا كَانَ ابْنٌ وَبِنْتٌ وَوَلَدٌ خُنْثَى) مُشْكِلٌ، وَعَمِلْت بِهَذَا الطَّرِيقِ (مَسْأَلَةُ ذُكُورَتِهِ مِنْ خَمْسَةٍ) عَدَدُ رُءُوسِ الِابْنَيْنِ وَالْبِنْتِ (وَ) مَسْأَلَةُ (أُنُوثَتِهِ مِنْ أَرْبَعَةٍ) عَدَدُ رُءُوسِ الِابْنِ وَالْبِنْتَيْنِ، وَالْخَمْسَةُ وَالْأَرْبَعَةُ مُتَبَايِنَتَانِ (فَاضْرِبْ إحْدَاهُمَا فِي الْأُخْرَى لِلتَّبَايُنِ، تَكُنْ عِشْرِينَ ثُمَّ) اضْرِبْ الْعِشْرِينَ (فِي الْحَالَيْنِ)؛ أَيْ: فِي اثْنَيْنِ عَدَدَ حَالَ الذُّكُورَةِ وَحَالَةِ الْأُنُوثَةِ (تَكُنْ أَرْبَعِينَ) وَمِنْهَا تَصِحُّ (لِلْبِنْتِ سَهْمٌ مِنْ أَرْبَعَةٍ فِي خَمْسَةٍ) بِخَمْسَةٍ (وَلَهَا سَهْمٌ مِنْ خَمْسَةٍ فِي أَرْبَعَةٍ) بِأَرْبَعَةٍ فَأَعْطِهَا (تِسْعَةً وَلِلذَّكَرِ سَهْمَانِ) مِنْ أَرْبَعَةٍ (فِي خَمْسَةٍ) بِعَشَرَةٍ (وَ) لَهُ (سَهْمَانِ) مِنْ خَمْسَةٍ (فِي أَرْبَعَةٍ) بِثَمَانِيَةٍ يَجْتَمِعُ لَهُ (ثَمَانِيَةَ عَشَرَ) أَعْطِهِ إيَّاهَا (وَلِلْخُنْثَى) مِنْ مَسْأَلَةِ الْأُنُوثَةِ (سَهْمٌ فِي خَمْسَةٍ) وَهِيَ مَسْأَلَةُ الذُّكُورِيَّةِ (وَ) لَهُ (سَهْمَانِ) مِنْ خَمْسَةٍ (فِي أَرْبَعَةٍ) بِثَمَانِيَةٍ يَجْتَمِعُ لَهُ (ثَلَاثَةَ عَشَرَ) وَاجْمَعْ السِّهَامَ تَجِدْهَا أَرْبَعِينَ، هَذَا مِثَالُ التَّبَايُنِ (وَ) مِثَالُ التَّوَافُقِ زَوْجٌ وَأُمٌّ وَوَلَدُ أَبٍ (خُنْثَى) مُشْكِلٌ (مَسْأَلَةُ ذُكُورَتِهِ مِنْ سِتَّةٍ) لِلزَّوْجِ ثَلَاثَةٌ؛ وَلِلْأُمِّ اثْنَانِ، وَلِوَلَدِ الْأَبِ الْبَاقِي (وَمَسْأَلَةُ أُنُوثَتِهِ مِنْ) سِتَّةٍ وَتَعُولُ إلَى (ثَمَانِيَةٍ) لِلزَّوْجِ ثَلَاثُهُ وَلِلْأُمِّ سَهْمَانِ، وَلِلْخُنْثَى ثَلَاثَةٌ وَبَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ مُوَافَقَةٌ بِالْأَنْصَافِ (فَاضْرِبْ سِتَّةً فِي أَرْبَعَةٍ لِلتَّوَافُقِ؛ تَكُنْ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ ثُمَّ) اضْرِبْهَا (فِي حَالَيْنِ)؛ أَيْ: اثْنَيْنِ (تَكُنْ ثَمَانِيَةً وَأَرْبَعِينَ) ثُمَّ اقْسِمْهَا عَلَى مَا تَقَدَّمَ، لِلزَّوْجِ مِنْ السِّتَّةِ ثَلَاثَةٌ فِي أَرْبَعَةٍ، وَلَهُ مِنْ الثَّمَانِيَةِ ثَلَاثَةٌ فِي ثَلَاثَةٍ؛ فَلَهُ أَحَدٌ وَعِشْرُونَ، وَلِلْأُمِّ اثْنَانِ مِنْ سِتَّةٍ فِي أَرْبَعَةٍ وَاثْنَانِ مِنْ ثَمَانِيَةٍ فِي ثَلَاثَةٍ أَرْبَعَةَ عَشَرَ (وَ) مِثَالُ التَّمَاثُلِ (زَوْجَةٌ وَوَلَدٌ خُنْثَى وَعَمٌّ، مَسْأَلَةُ ذُكُورَتِهِ مِنْ ثَمَانِيَةٍ) لِلزَّوْجَةِ وَاحِدٌ، وَلِلْخُنْثَى الْبَاقِي سَبْعَةٌ وَلَا شَيْءَ لِلْعَمِّ (وَكَذَا مَسْأَلَةُ أُنُوثَتِهِ) مِنْ ثَمَانِيَةٍ لِلزَّوْجَةِ وَاحِدٌ، وَلِلْخُنْثَى أَرْبَعَةٌ، وَلِلْعَمِّ الْبَاقِي ثَلَاثَةٌ (فَاجْتَزِئْ بِأَحَدِهِمَا لِلتَّمَاثُلِ، وَاضْرِبْهَا فِي حَالَيْنِ تَكُنْ سِتَّةَ عَشَرَ) لِلزَّوْجَةِ اثْنَانِ، وَلِلْخُنْثَى أَحَدَ عَشْرَ، وَلِلْعَمِّ ثَلَاثَةٌ (وَ) مِثَالُ التَّنَاسُبِ (أُمٌّ وَبِنْتٌ وَوَلَدٌ خُنْثَى وَعَمٌّ، مَسْأَلَةُ ذُكُورَتِهِ مِنْ سِتَّةٍ) مُخْرَجُ السُّدُسِ، لِلْأُمِّ وَاحِدٌ، وَلِلْبِنْتِ وَالْخُنْثَى مَا بَقِيَ عَلَى ثَلَاثَةٍ لَا يَنْقَسِمُ وَلَا يُوَافِقُ، فَاضْرِبْ ثَلَاثَةً فِي سِتَّةٍ (وَتَصِحُّ مِنْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ) لِلْأُمِّ ثَلَاثَةٌ وَلِلْبِنْتِ خَمْسَةٌ، وَلِلْخُنْثَى عَشَرَةٌ (وَمَسْأَلَةُ أُنُوثَتِهِ مِنْ سِتَّةٍ وَتَصِحُّ مِنْهَا) لِلْأُمِّ وَاحِدٌ، وَلِلْبِنْتِ اثْنَانِ، وَلِلْخُنْثَى اثْنَانِ، وَيَبْقَى لِلْعَمِّ وَاحِدٌ، وَالسِّتَّةُ دَاخِلَةٌ فِي الثَّمَانِيَةَ عَشَرَ (فَاجْتَزِئْ بِالثَّمَانِيَةَ عَشَرَ لِلتَّنَاسُبِ، وَاضْرِبْهَا فِي حَالَيْنِ تَكُنْ سِتَّةً وَثَلَاثِينَ) ثُمَّ اقْسِمْهَا لِلْأُمِّ مِنْ مَسْأَلَةِ الذُّكُورِيَّةِ ثَلَاثَةٌ وَمِنْ مَسْأَلَةِ الْأُنُوثِيَّةِ وَاحِدٌ مَضْرُوبٌ، فِي ثَلَاثَةٍ، وَهِيَ مُخْرَجُ الثُّلُثِ؛؛ لِأَنَّ نِسْبَةَ السِّتَّةِ إلَى الثَّمَانِيَةَ عَشَرَ ثُلُثٌ، فَلَهَا سِتَّةٌ وَلِلْبِنْتِ مِنْ مَسْأَلَةِ الذُّكُورِيَّةِ خَمْسَةٌ وَمِنْ مَسْأَلَةِ الْأُنُوثِيَّةِ اثْنَانِ فِي ثَلَاثَةٍ بِسِتَّةٍ فَلَهَا أَحَدَ عَشَرَ، وَلِلْخُنْثَى مِنْ مَسْأَلَةِ الذُّكُورِيَّةِ عَشَرَةٌ مِنْ الْأُنُوثِيَّةِ اثْنَانِ فِي ثَلَاثَةٍ بِسِتَّةٍ، فَلَهُ سِتَّةَ عَشَرَ، وَلِلْعَمِّ مِنْ مَسْأَلَةِ الْأُنُوثِيَّةِ وَاحِدٌ فِي ثَلَاثَةٍ بِثَلَاثَةٍ. (وَإِنْ كَانَا خُنْثَيَيْنِ فَأَكْثَرَ؛ نَزَّلْتهمْ بِعَدَدِ أَحْوَالِهِمْ، فَتَجْعَلُ لِلِاثْنَيْنِ أَرْبَعَةَ أَحْوَالٍ، وَلِلثَّلَاثَةِ ثَمَانِيَةَ) أَحْوَالٍ (وَلِلْأَرْبَعَةِ سِتَّةَ عَشَرَ) حَالًا (وَلِلْخَمْسَةِ اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ) حَالًا (وَكُلَّمَا زَادُوا وَاحِدًا تَضَاعَفَ عَدَدُ أَحْوَالِهِمْ) وَاجْعَلْ لِكُلِّ حَالٍ مَسْأَلَةً، وَانْظُرْ بَيْنَهَا، وَحَصِّلْ أَقَلَّ عَدَدٍ يَنْقَسِمُ عَلَيْهَا كَمَا تَقَدَّمَ فِي الِانْكِسَارِ عَلَى فِرَقٍ (فَمَا بَلَغَ مِنْ ضَرْبِ الْمَسَائِلِ) بَعْضِهَا فِي بَعْضٍ مَعَ اعْتِبَارِ الْمُوَافَقَةِ وَالتَّنَاسُبِ وَالتَّمَاثُلِ إنْ كَانَ (اضْرِبْهُ فِي عَدَدِ أَحْوَالِهِمْ، وَاجْمَعْ مَا حُصِّلَ لَهُمْ فِي الْأَحْوَالِ كُلِّهَا مِمَّا صَحَّتْ مِنْ قَبْلِ الضَّرْبِ فِي عَدَدِ الْأَحْوَالِ، هَذَا إنْ كَانُوا مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ، كَابْنٍ وَ) وَلَدَيْنِ (خُنْثَيَيْنِ) فَلَهَا أَرْبَعَةُ أَحْوَالٍ حَالُ ذُكُورِيَّةٍ، وَهِيَ مِنْ ثَلَاثَةٍ، وَحَالُ أُنُوثِيَّةٍ مِنْ أَرْبَعَةٍ، وَحَالُ ذَكَرَيْنِ وَأُنْثَى، وَحَالُ ذَكَرَيْنِ وَأُنْثَى أَيْضًا مِنْ خَمْسَةِ خَمْسَةٍ، فَتَضْرِبُ ثَلَاثَةً فِي أَرْبَعَةٍ، وَالْحَاصِلُ فِي خَمْسَةٍ تَبْلُغُ سِتِّينَ، وَتَسْقُطُ الْخَمْسَةُ الثَّانِيَةُ؛ لِلتَّمَاثُلِ، ثُمَّ اضْرِبْ السِّتِّينَ فِي عَدَدِ الْأَحْوَالِ أَرْبَعَةٍ تَبْلُغُ مِائَتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ، لِلِابْنِ فِي الذُّكُورِيَّةِ ثُلُثُ السِّتِّينَ عِشْرُونَ، وَفِي مَسْأَلَةِ الْأُنُوثِيَّةِ نِصْفُهَا ثَلَاثُونَ، وَفِي مَسْأَلَتَيْ ذَكَرَيْنِ وَأُنْثَى خُمُسَانِ، أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ [وَأَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ] يَجْتَمِعُ لَهُ ثَمَانِيَةٌ وَتِسْعُونَ وَلِلْخُنْثَيَيْنِ فِي مَسْأَلَةِ الذُّكُورِيَّةِ الثُّلُثَانِ أَرْبَعُونَ، وَفِي الْأُنُوثَةِ نِصْفُهُمَا ثَلَاثُونَ، فِي مَسْأَلَةِ ذَكَرَيْنِ وَأُنْثَى ثَلَاثَةُ أَخْمَاسٍ، وَثَلَاثَةُ أَخْمَاسٍ سِتَّةٌ وَثَلَاثُونَ وَسِتَّةٌ وَثَلَاثُونَ، فَمَجْمُوعُ مَا لَهُمَا مِائَةٌ وَاثْنَانِ وَأَرْبَعُونَ، لِكُلِّ خُنْثَى أَحَدٌ وَسَبْعُونَ. (وَإِنْ كَانُوا)؛ أَيْ: الْخَنَاثَى (مِنْ جِهَاتٍ)؛ أَيْ: مِنْ جِهَتَيْنِ فَأَكْثَرَ (كَوَلَدٍ خُنْثَى وَوَلَدِ أَخٍ خُنْثَى وَعَمٍّ خُنْثَى، جَمَعْت مَا لِكُلِّ وَاحِدٍ) مِنْ الْوَرَثَةِ (فِي الْأَحْوَالِ وَقَسَمْته عَلَى عَدَدِهَا)؛ أَيْ: الْأَحْوَالِ كُلِّهَا (فَمَا خَرَجَ) بِالْقَسْمِ (فـَ) هُوَ (نَصِيبُهُ) فَفِي الْمِثَالِ إنْ كَانَ الْوَلَدُ وَوَلَدُ الْأَخِ ذَكَرَيْنِ؛ فَالْمَالُ لِلْوَلَدِ وَإِنْ كَانَا أُنْثَيَيْنِ؛ فَلِلْوَلَدِ النِّصْفُ، وَالْبَاقِي لِلْعَمِّ. وَإِنْ كَانَ الْوَلَدُ ذَكَرًا وَوَلَدُ الْأَخِ أُنْثَى؛ فَالْمَالُ لِلْوَلَدِ وَإِنْ كَانَ وَلَدُ الْأَخِ ذَكَرًا وَالْوَلَدُ أُنْثَى، كَانَ لِلْوَلَدِ النِّصْفُ، وَالْبَاقِي لِوَلَدِ الْأَخِ؛ فَالْمَسْأَلَةُ فِي حَالَيْنِ مِنْ وَاحِدٍ، وَفِي حَالَيْنِ مِنْ اثْنَيْنِ، فَتَكْتَفِي بِاثْنَيْنِ، وَتَضْرِبُهُمَا فِي عَدَدِ الْأَحْوَالِ أَرْبَعَةٌ تَبْلُغُ ثَمَانِيَةً، وَمِنْهَا تَصِحُّ، لِلْوَلَدِ الْمَالُ كُلُّهُ، وَهُوَ ثَمَانِيَةٌ فِي حَالَيْنِ، وَالنِّصْفُ وَهُوَ أَرْبَعَةٌ فِي حَالَيْنِ، وَمَجْمُوعُ ذَلِكَ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ، اقْسِمْهَا عَلَى أَرْبَعَةٍ عَدَدِ الْأَحْوَالِ يَخْرُجُ لَهُ سِتَّةٌ، وَلِوَلَدِ الْأَخِ أَرْبَعَةٌ فِي حَالٍ فَقَطْ، فَاقْسِمْهُمَا عَلَى أَرْبَعَةٍ يَخْرُجُ لَهُ وَاحِدٌ، وَكَذَلِكَ الْعَمُّ (وَلَك فِي عَمَلِ مَسَائِلِ الْخُنْثَى طَرِيقَةٌ أُخْرَى وَهِيَ أَنْ تَنْسِبَ نِصْفَ مِيرَاثَيْهِ) يَعْنِي مَا لِكُلِّ وَاحِدٍ عَلَى تَقْدِيرِ الذُّكُورِيَّةِ وَعَلَى تَقْدِيرِ الْأُنُوثِيَّةِ (إلَى جُمْلَةِ التَّرِكَةِ) فَمَا كَانَ فَهُوَ لَهُ (ثُمَّ تَبْسُطُ الْكُسُورَ الَّتِي تَجْتَمِعُ مَعَك مِنْ مَخْرَجٍ يَجْمَعُهَا لِتَصِحَّ مِنْهُ الْمَسْأَلَةُ، كَابْنٍ وَوَلَدٍ خُنْثَى) فَعَلَى الْأَوَّلِ تَصِحُّ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ بِطَرِيقِ الضَّرْبِ، لِلِابْنِ سَبْعَةٌ، وَلِلْخُنْثَى خَمْسَةٌ، وَإِذَا عَمِلْت بِطَرِيقِ النِّسْبَةِ (فـَ) كَذَلِكَ (لِلْخُنْثَى فِي حَالَةِ النِّصْفِ وَفِي حَالَةِ الثُّلُثِ؛ فَلَهُ نِصْفُهُمَا) وَهُوَ (رُبْعٌ وَسُدُسٌ، وَلِلِابْنِ فِي حَالٍ نِصْفٌ، وَفِي حَالٍ ثُلُثَانِ؛ فَلَهُ نِصْفُهُمَا رُبْعٌ وَثُلُثٌ، فَابْسُطْهَا لِتَصِحَّ بِلَا كَسْرٍ تَكُنْ اثْنَيْ عَشَرَ) كَمَا سَبَقَ، وَعَلَى الثَّانِي الْمَالُ بَيْنَهُمَا عَلَى سَبْعَةٍ (لِلِابْنِ رُبْعُهَا)؛ أَيْ: التَّرِكَةِ (وَثُلُثُهَا سَبْعَةٌ)؛ لِأَنَّ الِابْنَ لَوْ انْفَرَدَ حَازَ جَمِيعَ الْمَالِ (وَلِلْخُنْثَى رُبْعُهَا وَسُدُسُهَا خَمْسَةٌ)؛ لِأَنَّهُ لَوْ انْفَرَدَ حَازَ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِهِ، فَيُقْسَمُ عَلَيْهِمَا يَكُنْ مَا ذَكَرْنَا، وَلَوْ كَانَ مَعَهُمَا زَوْجَةٌ وَأُمٌّ قَسَمْت الْبَاقِي بَعْدَ فَرْضِهِمَا عَلَى اثْنَيْ عَشَرَ عَلَى الْأَوَّلِ، وَعَلَى سَبْعَةٍ عَلَى الثَّانِي (وَإِنْ صَالَحَ) خُنْثَى (مُشْكِلٌ مَنْ مَعَهُ) مِنْ الْوَرَثَةِ (عَلَى مَا وُقِفَ لَهُ) مِنْ الْمَالِ إلَى أَنْ يَتَبَيَّنَ أَمْرُهُ (صَحَّ) صُلْحُهُ مَعَهُمْ (إنْ صَحَّ تَبَرُّعُهُ) بِأَنْ كَانَ الصُّلْحُ بَعْدَ بُلُوغِهِ وَرُشْدِهِ؛ لِأَنَّهُ جَائِزُ التَّصَرُّفِ حِينَئِذٍ (وَكَ) خُنْثَى (مُشْكِلٍ مَنْ لَا ذَكَرَ لَهُ وَلَا فَرْجَ) لَهُ (وَلَا فِيهِ عَلَامَةُ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى، قَالَ الْمُوَفَّقُ) فِي الْمُغْنِي (وَجَدْنَا فِي عَصْرِنَا) شَيْئًا شَبِيهًا بِهَذَا لَمْ يَذْكُرْهُ الْفَرَضِيُّونَ، وَلَمْ يَسْمَعُوا بِهِ، فَإِنَّا وَجَدْنَا (شَخْصَيْنِ) لَيْسَ لَهُمَا فِي قَبْلِهِمَا مَخْرَجٌ لَا ذَكَرٌ وَلَا فَرْجٌ أَمَّا (أَحَدُهُمَا) فَذَكَرُوا أَنَّهُ (لَيْسَ) لَهُ (فِي قُبُلِهِ إلَّا لَحْمَةٌ كَالرَّبْوَةِ يَرْشَحُ الْبَوْلُ مِنْهَا) رَشْحًا (عَلَى الدَّوَامِ، وَأَرْسَلَ يَسْأَلُنَا عَنْ التَّحَرُّزِ مِنْ النَّجَاسَةِ، سَنَةَ عَشْرٍ وَسِتِّمِائَةٍ، وَالثَّانِي لَيْسَ لَهُ إلَّا مَخْرَجٌ وَاحِدٌ فِيمَا بَيْنَ الْمَخْرَجَيْنِ، مِنْهُ يَتَغَوَّطُ وَ) مِنْهُ (يَبُولُ) وَسَأَلْت مَنْ أَخْبَرَنِي عَنْهُ عَنْ زِيِّهِ فَأَخْبَرَنِي أَنَّهُ إنَّمَا يَلْبَسُ لِبَاسَ النِّسَاءِ، وَيُخَالِطُهُنَّ، وَيَغْزِلُ مَعَهُنَّ، وَيَعُدُّ نَفْسَهُ امْرَأَةً وَ(قَالَ: وَحُدِّثْت أَنَّ بـِ) بِلَادِ (الْعَجَمِ شَخْصًا لَيْسَ لَهُ مَخْرَجٌ) أَصْلًا لَا (قُبُلٌ أَوْ)؛ أَيْ: وَلَا (دُبُرٌ، وَإِنَّمَا يَتَقَيَّأُ مَا يَأْكُلُهُ وَيَشْرَبُهُ) فَهَذَا وَمَا أَشْبَهَهُ فِي مَعْنَى الْخُنْثَى، لَكِنَّهُ لَمَّا يَكُونُ اعْتِبَارُهُ بِمَبَالِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَامَةٌ أُخْرَى؛ فَهُوَ مُشْكِلٌ يَنْبَغِي أَنْ يَثْبُتَ لَهُ حُكْمُهُ فِي مِيرَاثِهِ وَأَحْكَامِهِ كُلِّهَا. (مِيرَاثُ الْغَرْقَى) جَمْعُ غَرِيقٍ (وَمَنْ عَمِيَ)؛ أَيْ: خَفِيَ (مَوْتُهُمْ) بِأَنْ لَمْ يُعْلَمْ أَيُّهُمْ مَاتَ أَوَّلًا، كَالْهَدْمِي وَمَنْ وَقَعَ بِهِمْ الطَّاعُونُ، وَأَشْكَلَ أَمْرُهُمْ (إذَا عُلِمَ مَوْتُ مُتَوَارِثَيْنِ مَعًا)؛ أَيْ: فِي زَمَنٍ وَاحِدٍ (فَلَا إرْثَ) لِأَحَدِهِمَا مِنْ الْآخَرِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ حَيًّا حِينَ مَوْتِ الْآخَرِ، وَشَرْطُ الْإِرْثِ حَيَاةُ الْوَارِثِ بَعْدَ الْمَوْتِ (وَإِنْ جُهِلَ أَسْبَقُ) الْمُتَوَارِثَيْنِ مَوْتًا يَعْنِي لَمْ يُعْلَمْ هَلْ سَبَقَ أَحَدُهُمَا الْآخَرُ أَوْ لَا؟ (أَوْ عَلِمَ) أَسْبَقَهُمَا (ثُمَّ نَسِيَ أَوْ) عَلِمَ مَوْتَ أَحَدِهِمَا أَوْ لَا وَ(جَهِلُوا عَيْنَهُ، فَإِنْ يَدَّعِ وَرَثَةُ كُلٍّ) مِنْهُمَا (سَبْقَ) مَوْتِ (الْآخَرِ وَرِثَ كُلُّ مَيِّتٍ صَاحِبَهُ) هَذَا قَوْلُ عُمَرَ وَعَلِيٍّ.قَالَ الشَّعْبِيُّ: وَقَعَ الطَّاعُونُ بِالشَّامِ عَامَ عَمَوَاسَ، فَجَعَلَ أَهْلُ الْبَيْتِ يَمُوتُونَ عَنْ آخِرِهِمْ، فَكَتَبَ فِي ذَلِكَ إلَى عُمَرَ، فَأَمَرَ عُمَرُ أَنْ وَرِّثُوا بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ.قَالَ أَحْمَدُ: أَذْهَبُ إلَى قَوْلِ عُمَرَ، وَرُوِيَ عَنْ إيَاسٍ الْمُزَنِيّ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنْ قَوْمٍ وَقَعَ عَلَيْهِمْ بَيْتٌ فَقَالَ: «يَرِثُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا». (مِنْ تِلَادِ مَالِهِ) وَالتِّلَادُ- بِكَسْرِ التَّاءِ- الْقَدِيمُ، ضِدُّ الطَّارِفِ، وَهُوَ الْحَادِثُ؛ أَيْ: الَّذِي مَاتَ وَهُوَ يَمْلِكُهُ (دُونَ مَا وَرِثَهُ مِنْ الْمَيِّتِ مَعَهُ) لِئَلَّا يَدْخُلَهُ الدَّوْرُ (فَيُقَدَّرُ أَحَدُهُمَا مَاتَ أَوَّلًا، وَيُوَرَّثُ الْآخَرُ مِنْهُ، ثُمَّ يُقَسَّمُ مَا وَرِثَهُ) مِنْهُ (عَلَى الْأَحْيَاءِ مِنْ وَرَثَتِهِ، ثُمَّ يُصْنَعُ بِالثَّانِي كَذَلِكَ) ثُمَّ بِالثَّالِثِ كَذَلِكَ، وَهَكَذَا حَتَّى يَنْتَهُوا (فَفِي أَخَوَيْنِ أَحَدُهُمَا مَوْلَى زَيْدٍ، وَالْآخَرُ مَوْلَى عَمْرٍو) مَاتَا، وَجُهِلَ أَسْبَقُهُمَا، أَوْ عُلِمَ، ثُمَّ نَسِيَ، أَوْ جَهِلُوا عَيْنَهُ، وَلَمْ يَدَّعِ وَرَثَةُ وَاحِدٍ سَبْقَ مَوْتِ الْآخَرِ (يَصِيرُ مَالُ كُلِّ وَاحِدٍ لِمَوْلَى الْآخَرِ)؛ لِأَنَّهُ يُفْرَضُ مَوْتُ مَوْلَى زَيْدٍ ابْتِدَاءً، فَيَرِثُهُ أَخُوهُ، ثُمَّ يَكُونُ لِمَوْلَاهُ، ثُمَّ يُعْكَسُ (وَفِي زَوْجٌ وَزَوْجَةٍ وَابْنِهِمَا) غَرِقُوا، أَوْ انْهَدَمَ عَلَيْهِمْ بَيْتٌ وَنَحْوُهُ، فَمَاتُوا، وَجُهِلَ الْحَالُ، وَلَا تَدَاعِي وَ(خَلَفَ) الزَّوْجُ (امْرَأَةً أُخْرَى) غَيْرَ الَّتِي غَرِقَتْ وَنَحْوَهُ مَعَهُ (وَ) خَلَّفَ أَيْضًا (أُمًّا وَخَلَّفَتْ) الزَّوْجَةُ الَّتِي غَرِقَتْ وَنَحْوَهُ مَعَهُ (أَبْنَاءً مِنْ غَيْرِهِ وَأَبًا فَ) تَصِحُّ (مَسْأَلَةُ الزَّوْجِ مِنْ ثَمَانِيَةٍ وَأَرْبَعِينَ) وَأَصْلُهَا أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ، لِلزَّوْجَتَيْنِ الثَّمَنُ ثَلَاثَةٌ تَبَايُنُهُمَا، فَاضْرِبْ اثْنَيْنِ فِي أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ يَحْصُلُ مَا ذُكِرَ (لِزَوْجَتِهِ الْمَيِّتَةِ) ثَلَاثَةٌ وَهِيَ نِصْفُ الثُّمْنِ (لِأَبِيهَا)؛ أَيْ: أَبِي الزَّوْجَةِ مِنْ سِهَامِهَا الثَّلَاثَةِ (سُدُسٌ، وَلِابْنِهَا الْحَيِّ مَا بَقِيَ) فَمَسْأَلَتُهَا مِنْ سِتَّةٍ، (وَسِهَامُهَا ثَلَاثَةٌ فَ) تُرَدُّ مَسْأَلَتُهَا السِّتَّةُ (إلَى وَفْقِ سِهَامِهَا)؛ أَيْ: الزَّوْجَةِ (بِالثُّلُثِ) مُتَعَلِّقٌ بِوَفْقِ (اثْنَيْنِ) بَدَلٌ مِنْ وَفْق. أَوْ عَطْفُ بَيَانٍ؛ أَيْ: تُرَدُّ السِّتَّةُ لِاثْنَيْنِ (وَلِابْنِهِ الْمَيِّتِ مَعَهُ أَرْبَعَةٌ وَثَلَاثُونَ) مِنْ مَسْأَلَةِ أَبِيهِ تُقْسَمُ عَلَى وَرَثَةِ الِابْنِ الْأَحْيَاءِ (لِأُمِّ أَبِيهِ) مِنْ ذَلِكَ (سُدُسٌ وَلِأَخِيهِ لِأُمِّهِ سُدُسٌ، وَمَا بَقِيَ) وَهُوَ ثُلُثَانِ (لِعَصَبَتِهِ)؛ أَيْ؛ الِابْنِ فَهِيَ؛ أَيْ: مَسْأَلَةُ الِابْنِ (مِنْ سِتَّةٍ تُوَافِقُ سِهَامَهُ الْأَرْبَعَةَ وَثَلَاثِينَ بِالنِّصْفِ فَ) رُدَّ السِّتَّةَ لِنِصْفِهَا ثَلَاثَةٍ وَ(اضْرِبْ ثَلَاثَةً) وَهِيَ وَفْقُ مَسْأَلَةِ الِابْنِ (فِي وَفْقِ مَسْأَلَةِ الْأُمِّ اثْنَيْنِ بِسِتَّةٍ، فَاضْرِبْهَا)؛ أَيْ: السِّتَّةَ (فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى)؛ أَيْ: مَسْأَلَةِ الزَّوْجِ (وَهِيَ ثَمَانِيَةٌ وَأَرْبَعُونَ تَكُنْ) الْأَعْدَادُ الَّتِي تَبْلُغُهَا بِالضَّرْبِ (مِائَتَيْنِ وَثَمَانِيَةٍ وَثَمَانِينَ وَمِنْهَا تَصِحُّ) لِوَرَثَةِ الزَّوْجَةِ الْأَحْيَاءِ وَهُمْ أَبُوهَا وَابْنُهَا مِنْ ذَلِكَ نِصْفُ ثُمْنِهِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ، لِأَبِيهَا ثَلَاثَةٌ، وَلِابْنِهَا خَمْسَةَ عَشَرَ، وَلِزَوْجَتِهِ الْحَيَّةِ نِصْفُ ثُمْنِهِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ، وَلِأُمِّهِ السُّدُسُ ثَمَانِيَةً وَأَرْبَعُونَ، وَلِوَرَثَةِ ابْنِهِ مِنْ ذَلِكَ مَا بَقِيَ وَهُوَ مِائَتَانِ، وَأَرْبَعَةٌ لِجَدَّتِهِ أُمِّ أَبِيهِ، مِنْ ذَلِكَ سُدُسُهُ أَرْبَعَةٌ وَثَلَاثُونَ، وَلِأَخِيهِ لِأُمِّهِ كَذَلِكَ، وَلِعَصَبَتِهِ مَا بَقِيَ سِتَّةٌ وَثَلَاثُونَ (وَمَسْأَلَةُ الزَّوْجَةِ مِنْ) اثْنَيْ عَشَرَ لِلزَّوْجِ الرُّبْعُ ثَلَاثَةٌ، وَلِلْأَبِ السُّدُسُ اثْنَانِ، وَلِلِابْنَيْنِ مَا بَقِيَ سَبْعَةٌ لَا تَنْقَسِمُ عَلَيْهِمَا، فَاضْرِبْ اثْنَيْنِ فِي اثْنَيْ عَشَرَ تَصِحُّ مِنْ (أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ؛؛ لِأَنَّ فِيهَا زَوْجًا وَأَبًا وَابْنَيْنِ) لِلزَّوْجِ مِنْهَا الرُّبْعُ سِتَّةٌ، وَلِلْأَبِ السُّدُسُ أَرْبَعَةٌ، وَلِكُلِّ ابْنٍ مِنْهُمَا سَبْعَةٌ (فَمَسْأَلَةُ الزَّوْجِ مِنْهَا)؛ أَيْ: مِنْ تَرِكَةِ زَوْجَتِهِ (تُقْسَمُ عَلَى اثْنَيْ عَشَرَ) لِزَوْجَتِهِ الْحَيَّةِ الرُّبْعُ ثَلَاثَةٌ، وَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ أَرْبَعَةٌ، وَمَا بَقِيَ لِعَصَبَتِهِ (وَمَسْأَلَةُ الِابْنِ) الْمَيِّتِ (مِنْهَا)؛ أَيْ: تَرِكَةِ أُمِّهِ (تُقْسَمُ عَلَى سِتَّةٍ) لِجَدَّتِهِ أُمِّ أَبِيهِ السُّدُسُ، وَلِأَخِيهِ لِأُمِّهِ كَذَلِكَ، وَالْبَاقِي لِعَصَبَتِهِ، وَمَسْأَلَةُ الزَّوْجِ تُوَافِقُ سِهَامَهُ بِالسُّدُسِ، فَتُرَدُّ لِاثْنَيْنِ، وَمَسْأَلَةُ الِابْنِ تُبَايِنُ سِهَامَهُ فَتَبْقَى بِحَالِهَا فَ (دَخَلَ وَفْقُ مَسْأَلَةِ الزَّوْجِ) وَهُوَ (اثْنَانِ فِي مَسْأَلَةِ الِابْنِ) وَهِيَ (سِتَّةٌ، فَاضْرِبْ سِتَّةً فِي أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ) الَّتِي هِيَ مَسْأَلَةُ الزَّوْجَةِ (تَكُنْ مِائَةً وَأَرْبَعَةً '' وَأَرْبَعِينَ) لِوَرَثَةِ الزَّوْجِ الْأَحْيَاءِ مِنْ ذَلِكَ الرُّبْعُ سِتَّةٌ وَثَلَاثُونَ، لِزَوْجَتِهِ رُبْعُهَا تِسْعَةٌ، وَلِأُمِّهِ سُدُسُهَا سِتَّةٌ، وَالْبَاقِي لِعَصَبَتِهِ، وَلِأَبِي الزَّوْجَةِ سُدُسُ الْمِائَةِ وَأَرْبَعَةٍ وَأَرْبَعِينَ، وَهُوَ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ، وَلِابْنِهَا الْحَيِّ نِصْفُ الْبَاقِي وَهُوَ اثْنَانِ وَأَرْبَعُونَ، وَلِوَرَثَةِ ابْنِهَا الْمَيِّتِ كَذَلِكَ، يُقْسَمُ بَيْنَهُمْ عَلَى سِتَّةٍ، لِجَدَّتِهِ لِأَبِيهِ سُدُسُهُ سَبْعَةٌ، وَلِأَخِيهِ لِأُمِّهِ كَذَلِكَ، وَالْبَاقِي لِعَصَبَتِهِ (وَمَسْأَلَةُ الِابْنِ) الْمَيِّتِ (مِنْ ثَلَاثَةٍ) لِأُمِّهِ الثُّلُثُ وَاحِدٌ، وَلِأَبِيهِ الْبَاقِي اثْنَانِ (فَمَسْأَلَةُ أُمِّهِ مِنْ سِتَّةٍ) لَا يَنْقَسِمُ عَلَيْهَا الْوَاحِدُ (وَلَا مُوَافَقَةَ، وَمَسْأَلَةُ أَبِيهِ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ) تُوَافِقُ سَهْمَيْهِ بِالنِّصْفِ فَرُدَّ مَسْأَلَتَهُ لِنِصْفِهَا سِتَّةٍ، وَهِيَ مُمَاثِلَةٌ مَسْأَلَةَ الْأُمِّ (فَاجْتَزِئْ بِضَرْبِ وَفْقِ) عَدَدِ (سِهَامِهِ) وَهِيَ (سِتَّةٌ فِي ثَلَاثَةٍ تَكُنْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ) لِلْأُمِّ ثُلُثُهَا سِتَّةٌ تُقْسَمُ عَلَى مَسْأَلَتِهَا، وَالْبَاقِي لِلْأَبِ اثْنَا عَشَرَ، تُقْسَمُ عَلَى مَسْأَلَتِهِ (وَإِنْ) جُهِلَ حَالُ نَحْوِ هَدْمَى وَغَرْقَى وَ(ادَّعَوْا)؛ أَيْ: ادَّعَى وَرَثَةُ كُلِّ مَيِّتٍ (السَّبْقَ)؛ أَيْ: سَبْقَ مَوْتِ الْمُوَرِّثِ عَلَى مَوْتِ صَاحِبِهِ (وَلَا بَيِّنَةَ) لِأَحَدِهِمَا بِدَعْوَاهُ (أَوْ) كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ بَيِّنَةٌ وَ(تَعَارَضَتَا، تَحَالَفَا)؛ أَيْ: حَلَفَ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى مَا أَنْكَرَهُ مِنْ دَعْوَى صَاحِبِهِ؛ لِعُمُومِ حَدِيثِ: «الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ». (وَلَمْ يَتَوَارَثَا) نَصًّا، وَهُوَ قَوْلُ الصِّدِّيقِ وَزَيْدٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَالْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ وَأَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْفَرِيقَيْنِ مُنْكِرٌ لِدَعْوَى الْآخَرِ، فَإِذَا تَحَالَفَا؛ سَقَطَتْ الدَّعْوَتَانِ، فَلَوْ لَمْ يَثْبُتْ السَّبْقُ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا مَعْلُومًا وَلَا مَجْهُولًا أَشْبَهَ مَا لَوْ عُلِمَ مَوْتُهُمَا مَعًا؛ بِخِلَافِ مَا لَوْ لَمْ يَدَّعُوا ذَلِكَ (فَفِي امْرَأَةٍ وَابْنِهَا مَاتَا فَقَالَ زَوْجُهَا: مَاتَتْ فَوَرِثْنَاهَا)؛ أَيْ: أَنَا وَابْنِي (ثُمَّ) مَاتَ (ابْنِي فَوَرِثْتُهُ) وَحْدِي (وَقَالَ أَخُوهَا): بَلْ (مَاتَ ابْنُهَا) أَوَّلًا (فَوَرِثَتْهُ)؛ أَيْ: وَرِثَتْ مِنْهُ (ثُمَّ مَاتَتْ) بَعْدَهُ (فَوَرِثْنَاهَا)؛ أَيْ وَرِثَهَا أَخُوهَا الْمُدَّعِي وَزَوْجُهَا (حَلَفَ كُلٌّ) مِنْ زَوْجِهَا وَأَخِيهَا (عَلَى إبْطَالِ دَعْوَى صَاحِبِهِ) لِاحْتِمَالِ صِدْقِهِ فِي دَعْوَاهُ (وَكَانَ مُخَلَّفُ الِابْنِ لِأَبِيهِ) وَحْدَهُ (وَمُخَلَّفُ الْمَرْأَةِ لِأَخِيهَا وَزَوْجِهَا نِصْفَيْنِ) لِلزَّوْجِ نِصْفٌ فَرْضًا، وَالْبَاقِي لِأَخِيهَا تَعْصِيبًا، وَهَذَا قَوْلُ الْجُمْهُورِ مِنْ الْعُلَمَاءِ، وَإِنْ لَمْ يَقَعْ تَدَاعٍ. (وَلَوْ عَيَّنَ وَرَثَةُ كُلٍّ) مِنْ وَرَثَةِ مَيِّتٍ (مَوْتَ أَحَدِهِمَا) بِأَنْ قَالُوا: مَاتَ فُلَانٌ يَوْمَ كَذَا مِنْ شَهْرِ كَذَا عِنْدَ الزَّوَالِ (وَشَكُّوا هَلْ مَاتَ الْآخَرُ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ؟ وَرِثَ مَنْ شُكَّ فِي) وَقْتِ (مَوْتِهِ مِنْ الْآخَرِ) الَّذِي عَيَّنُوا، مَوْتَهُ إذْ الْأَصْلُ بَقَاءُ حَيَاتِهِ. (وَلَوْ مَاتَ مُتَوَارِثَانِ) مَعًا يَقِينًا كَأَخَوَيْنِ (عِنْدَ الزَّوَالِ أَوْ) مَاتَا عِنْدَ (الطُّلُوعِ)؛ أَيْ: طُلُوعِ الشَّمْسِ أَوْ الْقَمَرِ (أَوْ الْغُرُوبِ) فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ وَكَانَ (أَحَدُهُمَا بِالْمَشْرِقِ) كَالسِّنْدِ (وَالْآخَرُ بِالْمَغْرِبِ) كَفَاسَ (وَرِثَ مَنْ بِهِ)؛ أَيْ: الْمَغْرِبِ (مَنْ)؛ أَيْ: الَّذِي مَاتَ (بِالْمَشْرِقِ) حَيْثُ لَا مَانِعَ وَلَا حَاجِبَ (لِمَوْتِهِ)؛ أَيْ: الَّذِي بِالْمَشْرِقِ (قَبْلَهُ)؛ أَيْ: الْمَيِّتِ بِالْمَغْرِبِ (لِأَنَّ الشَّمْسَ وَغَيْرَهَا) مِنْ الْكَوَاكِبِ، تَزُولُ عَنْ غَايَةِ الِارْتِفَاعِ وَ(تَطْلُعُ وَتَغْرُبُ فِي الْمَشْرِقِ قَبْلَ) زَوَالِهَا وَطُلُوعِهَا وَغُرُوبِهَا فِي (الْمَغْرِبِ بِنَاءً عَلَى اخْتِلَافِ الزَّوَالِ)؛ لِأَنَّ اخْتِلَافَاتِ الْمَطَالِعِ بِحَسَبِ الْآفَاقِ فِي الْمَسَاكِنِ كَثِيرَةٌ، فَلِكُلِّ عَرْضٍ مَطَالِعُ تُخَالِفُ مَطَالِعَ عَرْضِ آخَرَ، وَكَذَلِكَ اخْتِلَافَاتُ الْمَغَارِبِ.قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: تَخْتَلِفُ الْمَطَالِعُ بِاخْتِلَافِ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ. انْتَهَى.فَإِنْ قِيلَ اخْتِلَافُ الْمَطَالِعِ مُعْتَبَرٌ عِنْدَ الْمُنَجِّمِينَ، وَالشَّرْعُ لَا يَقُولُ بِتَحْكِيمِهِمْ فِي شَيْءٍ مِنْ أُمُورِ الدِّينِ. فَالْجَوَابُ أَنَّ الْمَنَاظِرَ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْعُرُوضِ وَالْمَطَالِعِ، وَتَحْكِيمُ الْمُنَجِّمِينَ إنَّمَا يَضُرُّ فِي الْأُصُولِ دُونَ التَّوَابِعِ، وَالْقَوْلُ بِاخْتِلَافِهَا هُنَا هُوَ الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ مُعْظَمُ الْأَصْحَابِ (وَإِلَّا) نَعْتَبِرْ اخْتِلَافَ الزَّوَالِ (فـَ) لَا نُوَرِّثُ فِي الْمَسْأَلَةِ؛ لِأَنَّهُ (قَالَ) الْإِمَامُ (أَحْمَدُ) رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: (الزَّوَالُ فِي جَمِيعِ الدُّنْيَا وَاحِدٌ لَا يَخْتَلِفُ) بِمَعْنَى أَنَّهَا إذَا زَالَتْ الشَّمْسُ فِي مَوْضِعٍ يَكُونُ الزَّوَالُ فِي سَائِرِ الْأَقْطَارِ وَاحِدًا (وَأَنْكَرَ)؛ أَيْ: الْإِمَامُ (عَلَى الْمُنَجِّمِينَ) قَوْلَهُمْ (أَنَّهُ)؛ أَيْ: الزَّوَالَ (يَتَغَيَّرُ فِي الْبُلْدَانِ) بِحَسَبِ عُرُوضِهَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ..(بَابُ مِيرَاثِ أَهْلِ الْمِلَلِ): الْمِلَلُ جَمْعُ مِلَّةٍ- بِكَسْرِ الْمِيمِ- إفْرَادًا وَجَمْعًا، وَهِيَ الدِّينُ وَالشَّرِيعَةُ قَالَ تَعَالَى: {إنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ}. وَقَالَ: «ثُمَّ أَوْحَيْنَا إلَيْك أَنْ اتَّبِعْ مِلَّةَ إبْرَاهِيمَ حَنِيفًا». وَاخْتِلَافُ الدِّينِ مِنْ مَوَانِعِ الْإِرْثِ فَ (لَا يَرِثُ مُبَايِنٌ فِي دِينٍ) لِحَدِيثِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ مَرْفُوعًا: «لَا يَرِثُ الْكَافِرُ الْمُسْلِمَ، وَلَا الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ مَرْفُوعًا: «لَا يَتَوَارَثُ أَهْلُ مِلَّتَيْنِ شَتَّى» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد. وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْكَافِرَ لَا يَرِثُ الْمُسْلِمَ بِغَيْرِ الْوَلَاءِ، وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ الْمُسْلِمَ لَا يَرِثُ الْكَافِرَ أَيْضًا بِغَيْرِ الْوَلَاءِ، هَذَا الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ (إلَّا بِالْوَلَاءِ) فَيَرِثُ الْمُسْلِمُ مِنْ الْكَافِرِ، وَالْكَافِرُ مِنْ الْمُسْلِمِ بِهِ؛ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «لَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ النَّصْرَانِيَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ عَبْدَهُ أَوْ أَمَتَهُ» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ عَنْ جَابِرٍ. وَلَا وَلَاؤُهُ لَهُ بِالْإِجْمَاعِ، وَهُوَ شُعْبَةٌ مِنْ الرِّقِّ، فَوَرِثَهُ بِهِ كَمَا يَرِثُهُ كَمَا قُبِلَ الْعِتْقُ (وَ) إلَّا (إذَا أَسْلَمَ كَافِرٌ قَبْلَ قَسْمِ مِيرَاثِ مُوَرِّثِهِ الْمُسْلِمِ) فَيَرِثُ مِنْهُ نَصًّا (وَلَوْ) كَانَ الْوَارِثُ (مُرْتَدًّا) حِينَ مَوْتِ مُوَرِّثِهِ ثُمَّ أَسْلَمَ قَبْلَ قَسْمِ التَّرِكَةِ، هَذَا الْمَذْهَبُ، جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ (أَوْ) كَانَتْ (زَوْجَةً) وَأَسْلَمَتْ (فِي عِدَّةِ وَفَاةٍ) قَبْلَ الْقَسْمِ نَصًّا. رُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَالْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ؛ لِحَدِيثِ: «مَنْ أَسْلَمَ عَلَى شَيْءٍ فَهُوَ لَهُ» رَوَاهُ سَعِيدٌ فِي سُنَنِهِ مِنْ طَرِيقَيْنِ عَنْ عُرْوَةَ وَابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَرَوَى أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «كُلُّ قَسْمٍ قُسِمَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَهُوَ عَلَى مَا قُسِمَ، وَكُلُّ قَسْمٍ أَدْرَكَ الْإِسْلَامَ فَإِنَّهُ عَلَى قَسْمِ الْإِسْلَامِ» وَرَوَى ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي التَّمْهِيدِ عَنْ زَيْدِ بْنِ قَتَادَةَ أَنَّ إنْسَانًا مِنْ أَهْلِهِ مَاتَ عَلَى غَيْرِ دِينِ الْإِسْلَامِ فَوَرِثَتْهُ أُخْتِي دُونِي، وَكَانَتْ عَلَى دِينِهِ، ثُمَّ إنَّ جَدِّي أَسْلَمَ وَشَهِدَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حُنَيْنًا، فَتُوُفِّيَ فَلَبِثْت سَنَةً، وَكَانَ تَرَكَ مِيرَاثًا، ثُمَّ إنَّ أُخْتِي أَسْلَمَتْ، فَخَاصَمَتْنِي فِي الْمِيرَاثِ إلَى عُثْمَانَ، فَحَدَّثَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَرْقَمَ أَنَّ عُمَرَ قَضَى أَنَّهُ مَنْ أَسْلَمَ عَلَى مِيرَاثٍ قَبْلَ أَنْ يُقْسَمَ؛ فَلَهُ نَصِيبُهُ، فَقَضَى بِهِ عُثْمَانُ، فَذَهَبْت بِذَلِكَ الْأَوَّلِ، وَشَارَكَتْنِي فِي هَذَا. وَهَذِهِ قَضِيَّةٌ انْتَشَرَتْ، وَلَمْ تُنْكَرْ، فَكَانَ الْحُكْمُ فِيهَا كَالْمُجْمَعِ عَلَيْهِ، وَالْحِكْمَةُ فِي ذَلِكَ التَّرْغِيبُ فِي الْإِسْلَامِ، وَالْحَثُّ عَلَيْهِ، فَإِنْ قُسِمَ الْبَعْضُ دُونَ الْبَعْضِ، وَرِثَ مِمَّا بَقِيَ دُونَ مَا قُسِمَ وَ(لَا) يَرِثُ مَنْ أَسْلَمَ قَبْلَ قَسْمِ الْمِيرَاثِ إنْ كَانَ (زَوْجًا) لِانْقِطَاعِ عَلَقِ الزَّوْجِيَّةِ عَنْهُ بِمَوْتِهَا، بِخِلَافِهَا، وَكَذَا لَا تَرِثُ هِيَ مِنْهُ إنْ أَسْلَمَتْ بَعْدَ عِدَّتِهَا. (وَلَا) يَرِثُ (مَنْ عَتَقَ بَعْدَ) مَوْتِ قَرِيبِهِ مِنْ أَبٍ أَوْ ابْنٍ أَوْ أُمٍّ وَنَحْوِهِمْ (أَوْ) أُعْتِقَ (مَعَ مَوْتِ نَحْوِ أَبِيهِ قَبْلَ الْقَسْمِ) لِمِيرَاثِ أَبِيهِ وَنَحْوِهِ نَصًّا؛؛ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ أَعْظَمُ الطَّاعَاتِ وَالْقُرَبِ، وَوَرَدَ الشَّرْعُ بِالتَّأْلِيفِ عَلَيْهِ، فَوُرِّثَ تَرْغِيبًا لَهُ فِي الْإِسْلَامِ، وَالْعِتْقُ لَا صُنْعَ لَهُ فِيهِ، وَلَا يُحْمَدُ عَلَيْهِ؛ فَلَا يَصِحُّ قِيَاسُهُ عَلَيْهِ، وَلَوْلَا وُرُودُ الْأَثَرِ فِي تَوْرِيثِ مَنْ أَسْلَمَ لَكَانَ النَّظَرُ أَنْ لَا يَرِثَ مَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ الْمِيرَاثِ حِينَ الْمَوْتِ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ يَنْتَقِلُ بِالْمَوْتِ إلَى الْوَرَثَةِ؛ فَيَسْتَحِقُّونَهُ، فَلَا يَبْقَى لِمَنْ حَدَثَ شَيْءٌ، لَكِنْ خَالَفْنَاهُ فِي الْإِسْلَامِ لِلْأَثَرِ، وَلَيْسَ فِي الْعِتْقِ أَثَرٌ يَجِبُ التَّسْلِيمُ لَهُ. (وَإِنْ كَانَ الْوَارِثُ وَاحِدًا فَمَتَى تَصَرَّفَ فِي التَّرِكَةِ وَحَازَهَا فَهُوَ كَقِسْمَتِهَا) بِحَيْثُ لَوْ أَسْلَمَ قَرِيبُهُ بَعْدَ ذَلِكَ؛ لَمْ يُشَارِكْهُ، كَمَا لَوْ كَانَ مَعَهُ غَيْرُهُ، وَاقْتَسَمُوا.(وَ) إنْ قَالَ لِقَرِيبِهِ: (أَنْتَ حُرٌّ آخِرَ حَيَاتِي، عَتَقَ وَوَرِثَ)؛ لِأَنَّهُ حِينَ الْمَوْتِ كَانَ حُرًّا، لَا إنْ عَلَّقَ سَيِّدٌ عِتْقَ عَبْدِهِ عَلَى مَوْتِ مُوَرِّثِهِ؛ بِأَنْ قَالَ لَهُ سَيِّدُهُ: إذَا مَاتَ أَبُوك أَوْ نَحْوُهُ فَأَنْتَ حُرٌّ، فَإِذَا مَاتَ أَبُوهُ؛ عَتَقَ، وَلَمْ يَرِثْ؛ لِحُصُولِ عِتْقِهِ مَعَ مَوْتِ مُوَرِّثِهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ دَبَّرَ قَرِيبَهُ، ثُمَّ مَاتَ، وَخَرَجَ الْمُدَبَّرُ مِنْ الثُّلُثِ؛ عَتَقَ، وَلَمْ يَرِثْ. (وَيَرِثُ الْكُفَّارُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَلَوْ أَنَّ أَحَدَهُمَا ذِمِّيٌّ وَالْآخَرُ حَرْبِيٌّ، أَوْ) أَنَّ أَحَدَهُمَا (مُسْتَأْمَنٌ وَالْآخَرَ ذِمِّيٌّ أَوْ حَرْبِيٌّ إنْ اتَّفَقَتْ أَدْيَانُهُمْ)؛ لِأَنَّ الْعُمُومَاتِ مِنْ النُّصُوصِ تَقْتَضِي تَوْرِيثَهُمْ، وَلَمْ يَرِدْ بِتَخْصِيصِهِمْ نَصٌّ وَلَا إجْمَاعٌ، وَلَا يَصِحُّ فِيهِمَا قِيَاسٌ، فَوَجَبَ الْعَمَلُ بِعُمُومِهَا، وَمَفْهُومُ حَدِيثِ: «لَا يَتَوَارَثُ أَهْلُ مِلَّتَيْنِ شَتَّى». أَنَّ أَهْلَ الْمِلَّةِ الْوَاحِدَةِ يَتَوَارَثُونَ، وَإِنْ اخْتَلَفَتْ الدَّارُ، فَيُبْعَثُ مَالُ ذِمِّيٍّ لِوَارِثِهِ الْحَرْبِيِّ حَيْثُ عُلِمَ (وَهُمْ)؛ أَيْ: الْكُفَّارُ (مِلَلٌ شَتَّى وَلَا يَتَوَارَثُونَ مَعَ اخْتِلَافِهَا) رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ؛ لِحَدِيثِ: «لَا يَتَوَارَثُ أَهْلُ مِلَّتَيْنِ شَتَّى». وَهُوَ مُخَصَّصٌ لِلْعُمُومَاتِ، فَالْيَهُودِيَّةُ مِلَّةٌ، وَالنَّصْرَانِيَّة مِلَّةٌ، وَالْمَجُوسِيَّةُ مِلَّةٌ، وَعَبَدَةُ الْأَوْثَانِ مِلَّةٌ، وَعَبَدَةُ الشَّمْسِ مِلَّةٌ، وَهَكَذَا فَلَا يَرِثُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا وَقَالَ الْقَاضِي: الْيَهُودِيَّةُ مِلَّةٌ، وَالنَّصْرَانِيَّة مِلَّةٌ، وَمَنْ عَدَاهُمَا مِلَّةٌ، وَرُدَّ بِافْتِرَاقِ حُكْمِهِمْ؛ فَإِنَّ الْمَجُوسَ يُقِرُّونَ بِالْجِزْيَةِ، وَغَيْرُهُمْ لَا يُقِرُّ بِهَا، وَهُمْ مُخْتَلِفُونَ فِي مَعْبُودَاتِهِمْ وَمُعْتَقِدَاتهمْ وَآرَائِهِمْ، يَسْتَحِلُّ بَعْضُهُمْ دِمَاءَ بَعْضٍ، وَيُكَفِّرُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا. (وَلَا) يَرِثُ الْكُفَّارُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا (بِنِكَاحٍ)؛ أَيْ: عَقْدِ تَزْوِيجٍ (لَا يُقَرُّونَ عَلَيْهِ لَوْ أَسْلَمُوا) وَلَوْ اعْتَقَدُوهُ كَالنَّاكِحِ لِمُطَلَّقَتِهِ ثَلَاثًا قَبْلَ أَنْ تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ، وَكَالْمَجُوسِيِّ يَتَزَوَّجُ ذَوَاتَ مَحَارِمِهِ؛ لِأَنَّ وُجُودَ هَذَا التَّزْوِيجِ كَعَدَمِهِ، فَإِنْ كَانُوا يُقَرُّونَ عَلَيْهِ، وَاعْتَقَدُوا صِحَّتَهُ؛ تَوَارَثُوا بِهِ، وَإِنْ لَمْ تُوجَدْ فِيهِ شُرُوطُ أَنْكِحَتِنَا، كَالتَّزْوِيجِ بِلَا وَلِيٍّ أَوْ شُهُودٍ فِي عِدَّةٍ انْقَضَتْ وَنَحْوِهِ. (وَمُخَلَّفٌ) اسْمُ مَفْعُولٍ مُبْتَدَأٌ؛ أَيْ: مَتْرُوكٌ (مُكَفَّرٌ)- بِفَتْحِ الْفَاءِ- أَيْ: مَنْ اعْتَقَدَ أَهْلُ الشَّرْعِ أَنَّهُ كَافِرٌ (بِبِدْعَةٍ، كَجَهْمِيٍّ) وَاحِدِ الْجَهْمِيَّةِ أَتْبَاعُ جَهْمِ بْنِ صَفْوَانَ الْقَائِلِ بِالتَّعْطِيلِ، نَقَلَ الْمَيْمُونِيُّ فِي الْجَهْمَيْ إذَا مَاتَ فِي قَرْيَةٍ لَيْسَ فِيهَا إلَّا نَصَارَى، مَنْ يَشْهَدُهُ؟ قَالَ: أَنَا لَا أَشْهَدُهُ، يَشْهَدُهُ مَنْ شَاءَ.(وَ) مُخَلَّفٌ (مُشَبِّهٌ)؛ أَيْ: مَنْ شَبَّهَ ذَاتَ اللَّهِ أَوْ صِفَاتِهِ بِذَاتِ أَوْ صِفَاتِ مَخْلُوقَاتِهِ (إذَا لَمْ يَتُبْ) مِمَّا حُكِمَ عَلَيْهِ بِكُفْرِهِ بِسَبَبِ اعْتِقَادِهِ لَهُ (وَ) مُخَلَّفٌ (زِنْدِيقٌ) قَالَهُ فِي الْقَامُوسِ: الزِّنْدِيقُ بِالْكَسْرِ: مِنْ الثَّنَوِيَّةِ؛ أَوْ الْقَائِلُ بِالنُّورِ وَالظُّلْمَةِ، أَوْ مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِالْآخِرَةِ وَبِالرُّبُوبِيَّةِ، أَوْ مَنْ يُبْطِنُ الْكُفْرَ وَيُظْهِرُ الْإِيمَانَ.قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: لَفْظُ الزَّنْدَقَةِ لَمْ يُوجَدْ فِي كَلَامِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا لَا يُوجَدُ فِي الْقُرْآنِ، وَهُوَ لَفْظٌ أَعْجَمِيٌّ مُعَرَّبٌ مِنْ كَلَامِ الْفُرْسِ بَعْدَ ظُهُورِ الْإِسْلَامِ، وَقَدْ تَكَلَّمَ بِهِ السَّلَفُ وَالْأَئِمَّةُ فِي تَوْبَةِ الزِّنْدِيقِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. قَالَ: وَالزِّنْدِيقُ: الَّذِي تَكَلَّمَ الْفُقَهَاءُ فِي قَبُولِ تَوْبَتِهِ فِي الظَّاهِرِ الْمُرَادُ بِهِ عِنْدَهُمْ الْمُنَافِقُ الَّذِي يُظْهِرُ الْإِسْلَامَ وَيُبْطِنُ الْكُفْرَ، وَإِنْ كَانَ مَعَ ذَلِكَ يُصَلِّي وَيَصُومُ وَيَحُجُّ، وَيَقْرَأُ الْقُرْآنَ، وَسَوَاءٌ كَانَ فِي بَاطِنِهِ يَهُودِيًّا أَوْ نَصْرَانِيًّا أَوْ مُشْرِكًا أَوْ وَثَنِيًّا، وَسَوَاءٌ كَانَ مُعَطِّلًا لِلصَّانِعِ وَلِلنُّبُوَّةِ أَوْ لِلنُّبُوَّةِ فَقَطْ أَوْ لِنُبُوَّةِ نَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَطْ، فَهَذَا زِنْدِيقٌ (وَ) هُوَ (مُنَافِقٌ) وَمَا فِي الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ مِنْ ذِكْرِ الْمُنَافِقِينَ يَتَنَاوَلُ مِثْلَ هَذَا بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ. قَالَ: وَمِثْلُ هَؤُلَاءِ الْمُنَافِقِينَ كُفَّارٌ فِي الْبَاطِنِ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ، وَإِنْ كَانُوا مُظْهِرِينَ لِلشَّهَادَتَيْنِ وَالْإِقْرَارِ بِمَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ وَمُؤَدِّينَ لِلْوَاجِبَاتِ الظَّاهِرَةِ؛ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَنْفَعُهُمْ فِي الْآخِرَةِ إذَا لَمْ يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ بِقُلُوبِهِمْ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ. قَالَ: وَعَامَّةُ مَا يُوجَدُ النِّفَاقُ فِي أَهْلِ الْبِدَعِ؛ فَإِنَّ الَّذِي ابْتَدَعَ الرَّفْضَ كَانَ مُنَافِقًا زِنْدِيقًا، وَكَذَلِكَ يُقَالُ عَنْ الَّذِي ابْتَدَعَ التَّجَهُّمَ، وَكَذَلِكَ رُءُوسُ الْقَرَامِطَةِ وَأَمْثَالُهُمْ، لَا رَيْب أَنَّهُمْ مِنْ أَعْظَمِ الْمُنَافِقِينَ، وَهَؤُلَاءِ لَا يَتَنَازَعُ الْمُسْلِمُونَ فِي كُفْرِهِمْ. انْتَهَى.وَيَأْتِي بَيَانُ عَقَائِدِ الْقَرَامِطَةِ فِي فَصْلِ حُكْمِ الْمُرْتَدِّ (فَيْءٌ) خَبَرُ مُخَلَّفٍ، يُوضَعُ فِي بَيْتِ الْمَالِ لِمَصَالِحِ الْعَامَّةِ، وَلَيْسَ وَارِثًا كَمَا تَقَدَّمَ بَلْ جِهَةٌ وَمَصْلَحَةٌ، وَمِثْلُ مَا ذُكِرَ الْمُرْتَدُّ إذَا لَمْ يَتُبْ فَمَالُهُ فَيْءٌ يُصْرَفُ لِلْمَصَالِحِ؛؛ لِأَنَّهُ لَا يَرِثُهُ أَقَارِبُهُ الْمُسْلِمُونَ؛ لِأَنَّ الْمُسْلِمَ لَا يَرِثُ الْكَافِرَ وَلَا أَقَارِبَهُ الْكُفَّارَ مِنْ يَهُودَ أَوْ نَصَارَى أَوْ غَيْرِهِمْ؛ لِأَنَّهُ يُخَالِفُهُمْ فِي حُكْمِهِمْ، لَا يُقَرُّ عَلَى رِدَّتِهِ، وَلَا تُؤْكَلُ ذَبِيحَتُهُ، وَلَا تَحِلُّ مُنَاكَحَتُهُ لَوْ كَانَ امْرَأَةً (وَلَا يَرِثُونَ)؛ أَيْ: الْمَحْكُومُ بِكُفْرِهِمْ مِمَّنْ تَقَدَّمَ (أَحَدًا) مُسْلِمًا وَلَا كَافِرًا؛ لِأَنَّهُمْ لَا يَقَرُّونَ عَلَى مَا هُمْ عَلَيْهِ، فَلَا يَثْبُتُ لَهُمْ حُكْمُ دِينٍ مِنْ الْأَدْيَانِ. (وَيَرِثُ مَجُوسِيٌّ وَنَحْوُهُ) مِمَّنْ يَرَى حِلَّ نِكَاحِ ذَوَاتِ الْمَحَارِمِ إذَا (أَسْلَمَ أَوْ حَاكَمَ إلَيْنَا بِجَمِيعِ قَرَابَاتِهِ) إنْ أَمْكَنَ ذَلِكَ نُصَّ عَلَيْهِ، وَهُوَ قَوْلُ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَزَيْدٍ فِي الصَّحِيحِ عَنْهُ؛ لِأَنَّ اللَّهَ فَرَضَ لِلْأُمِّ الثُّلُثَ، وَلِلْأُخْتِ النِّصْفَ، فَإِذَا كَانَتْ الْأُمُّ أُخْتًا وَجَبَ إعْطَاؤُهَا مَا فَرَضَ اللَّهُ لَهَا فِي الْآيَتَيْنِ كَالشَّخْصَيْنِ؛ وَلِأَنَّهُمَا قَرَابَتَانِ تَرِثُ بِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا مُنْفَرِدَةً لَا تَحْجُبُ إحْدَاهُمَا الْأُخْرَى، وَلَا تُرَجَّحُ بِهَا؛ فَتَرِثُ بِهِمَا مُجْتَمِعَتَيْنِ كَزَوْجٍ هُوَ ابْنُ عَمٍّ أَوْ ابْنُ عَمٍّ هُوَ أَخٌ مِنْ أُمٍّ، وَكَذَوِي الْأَرْحَامِ الْمُدْلِينَ بِقَرَابَتَيْنِ (وَكَذَا وَطْءُ) مُسْلِمٍ ذَاتَ مَحْرَمٍ أَوْ غَيْرَهَا بِـ (شُبْهَةٍ) فَإِنَّهُ يَثْبُتُ النَّسَبُ لِلشُّبْهَةِ، وَكَذَا لَوْ اشْتَرَى ذَاتَ مَحْرَمِهِ، وَهُوَ لَا يَعْرِفُهَا فَوَطِئَهَا، فَأَتَتْ بِوَلَدٍ ثَبَتَ النَّسَبُ، وَوَرِثَ بِجَمِيعِ قَرَابَاتِهِ (فَلَوْ خَلَّفَ) مَجُوسِيٌّ أَوْ نَحْوُهُ (أُمَّهُ وَهِيَ أُخْتُهُ مِنْ أَبِيهِ) لِكَوْنِ ابْنِهِ تَزَوَّجَ بِنْتَه، فَوَلَدَتْ لَهُ هَذَا الِابْنَ (وَ) خَلَّفَ مَعَهَا (عَمًّا وَرِثَتْ الثُّلُثَ بِكَوْنِهَا أُمًّا وَ) وَرِثَتْ (النِّصْفَ بِكَوْنِهَا أُخْتًا، وَالْبَاقِي) بَعْدَ الثُّلُثِ وَالنِّصْفِ (لِلْعَمِّ) لِحَدِيثِ: «أَلْحِقُوا الْفَرَائِضَ بِأَهْلِهَا». (فَإِنْ كَانَ مَعَهَا)؛ أَيْ: مَعَ الْأُمِّ الَّتِي هِيَ أُخْتٌ (أُخْتٌ أُخْرَى لَمْ تَرِثْ) الْأُخْتُ الَّتِي هِيَ أُمٌّ (بِكَوْنِهَا أُمًّا إلَّا السُّدُسَ؛ لِأَنَّهَا انْحَجَبَتْ بِنَفْسِهَا) مِنْ حَيْثُ كَوْنِهَا أُخْتًا (وَبِ) الْأُخْتِ (الْأُخْرَى)؛ لِأَنَّ الْأُمَّ تُرَدُّ عَنْ الثُّلُثِ إلَى السُّدُسِ بِالْأُخْتَيْنِ. (وَلَوْ أَوْلَدَ) مَجُوسِيٌّ أَوْ نَحْوُهُ (بِنْتَه بِنْتًا بِتَزْوِيجٍ، فَخَلَّفَهُمَا وَ) خَلَّفَ مَعَهُمَا (عَمًّا فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ)؛ لِأَنَّهُمَا بِنْتَاهُ (وَالْبَقِيَّةُ لِعَمِّهِ) تَعْصِيبًا، وَلَا إرْثَ لِلْكُبْرَى بِالزَّوْجِيَّةِ؛؛ لِأَنَّهُمَا لَا يُقَرَّانِ عَلَيْهَا لَوْ أَسْلَمَا أَوْ أَحَدُهُمَا (فَإِنْ مَاتَتْ الْكُبْرَى بَعْدَهُ)؛ أَيْ: الْأَبِ (فَالْمَالُ) الَّذِي تُخَلِّفُهُ الْكُبْرَى كُلُّهُ (لِلصُّغْرَى؛ لِأَنَّهَا بِنْتٌ وَأُخْتٌ) لِأَبٍ، فَتَصِيرُ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا أُخْتٌ عَصَبَةً مَعَهَا مِنْ حَيْثُ إنَّهَا بِنْتٌ (فَإِنْ مَاتَتْ) الصُّغْرَى (قَبْلَ الْكُبْرَى) فَقَدْ تَرَكَتْ أُمًّا هِيَ أُخْتٌ لِأَبٍ (فَلَهَا)؛ أَيْ: الْكُبْرَى مِنْ مَالِ الصُّغْرَى (ثُلُثٌ وَنِصْفٌ) بِكَوْنِهَا أُمًّا وَأُخْتًا (وَالْبَقِيَّةُ لِلْعَمِّ) تَعْصِيبًا (فَلَوْ تَزَوَّجَ) الْأَبُ (الصُّغْرَى) وَهِيَ بِنْتُهُ (فَوَلَدَتْ بِنْتًا) وَخَلَفَهُنَّ (وَخَلَّفَ مَعَهُنَّ عَمًّا، فَلِبَنَاتِهِ) الثَّلَاثِ (الثُّلُثَانِ، وَمَا بَقِيَ لَهُ)؛ أَيْ: الْعَمِّ تَعْصِيبًا (وَلَوْ مَاتَ بَعْدَهُ)؛ أَيْ: الْأَبِ (بِنْتُهُ الْكُبْرَى) عَنْ بِنْتِهَا وَبِنْتِ بِنْتِهَا وَهُمَا أُخْتَاهَا (فَلِلْوُسْطَى) الَّتِي هِيَ بِنْتُهَا (النِّصْفُ) بِكَوْنِهَا بِنْتًا (وَمَا بَقِيَ) بَعْدَ النِّصْفِ فَهُوَ (لَهَا وَلِلصُّغْرَى) يَشْتَرِكَانِ فِيهِ (بِالْأُخُوَّةِ)؛ أَيْ: بِكَوْنِهِمَا أُخْتَيْنِ مَعَ بِنْتٍ (فَتَصِحُّ مِنْ أَرْبَعَةٍ، لِلصُّغْرَى وَاحِدٌ، وَالْبَاقِي) ثَلَاثَةٌ (لِلْأُخْرَى)، وَهِيَ الْوُسْطَى فَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ تَكُونُ وَرِثَتْ بِنْتُ الْبِنْتِ مَعَ الْبِنْتِ فَوْقَ السُّدُسِ (وَلَوْ مَاتَ بَعْدَهُ)؛ أَيْ: الْأَبِ (الْوُسْطَى) مِنْ الْبَنَاتِ (فَالْكُبْرَى) بِالنِّسْبَةِ لِلْوُسْطَى (أُمٌّ وَأُخْتٌ لِأَبٍ، وَالصُّغْرَى) بِالنِّسْبَةِ إلَيْهَا (بِنْتٌ وَأُخْتٌ لِأَبٍ؛ فَلِلْأُمِّ السُّدُسُ، وَلِلْبِنْتِ النِّصْفُ، وَمَا بَقِيَ لَهُمَا بِالتَّعْصِيبِ)؛ لِأَنَّهُمَا أُخْتَانِ مَعَ بِنْتٍ؛ فَتَصِحُّ مِنْ سِتَّةٍ، لِلْكُبْرَى اثْنَانِ، وَلِلصُّغْرَى أَرْبَعَةٌ (فَلَوْ مَاتَتْ الصُّغْرَى بَعْدَهَا)؛ أَيْ: الْوُسْطَى (فَأُمُّ أُمِّهَا أُخْتٌ لِأَبٍ؛ فَلَهَا الثُّلُثَانِ) النِّصْفُ؛ لِأَنَّهَا أُخْتٌ لِأَبٍ، وَالسُّدُسُ؛ لِأَنَّهَا جَدَّةٌ (وَمَا بَقِيَ) فَهُوَ (لِلْعَمِّ) تَعْصِيبًا (وَلَوْ مَاتَ بَعْدَهُ بِنْتُهُ الصُّغْرَى) مَعَ بَقَاءِ الْكُبْرَى وَالْوُسْطَى (فَلِلْوُسْطَى) مِنْ الصُّغْرَى (بِأَنَّهَا أُمٌّ سُدُسٌ) لِانْحِجَابِهَا عَنْ الثُّلُثِ إلَيْهِ بِنَفْسِهَا وَبِأُمِّهَا؛ لِأَنَّهُمَا أُخْتَانِ (وَلَهُمَا)؛ أَيْ: الْوُسْطَى وَالْكُبْرَى (ثُلُثَانِ) بَيْنَهُمَا (بِأَنَّهُمَا أُخْتَانِ لِأَبٍ، وَمَا بَقِيَ لِلْعَمِّ) تَعْصِيبًا، وَتَصِحُّ مِنْ سِتَّةٍ، لِلْوُسْطَى ثَلَاثَةٌ، وَلِلْكُبْرَى اثْنَانِ، وَلِلْعَمِّ وَاحِدٌ (وَلَا تَرِثُ الْكُبْرَى) شَيْئًا بِالْجُدُودَةِ (لِأَنَّهَا جَدَّةٌ مَعَ أُمٍّ) فَانْحَجَبَتْ بِهَا عَنْ فَرْضِ الْجَدَّاتِ. (تَتِمَّةٌ): وَلَوْ تَزَوَّجَ مَجُوسِيٌّ أُمَّهُ فَأَوْلَدَهَا بِنْتًا، ثُمَّ مَاتَ؛ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ، وَلِبِنْتِهِ النِّصْفُ، فَإِنْ مَاتَتْ الْكُبْرَى بَعْدَهُ، فَقَدْ خَلَّفَتْ بِنْتًا هِيَ بِنْتُ ابْنٍ؛ فَلَهَا الثُّلُثَانِ بِالْقَرَابَتَيْنِ (وَإِذَا مَاتَ ذِمِّيٌّ) أَوْ مُسْتَأْمَنٌ (لَا وَارِثَ لَهُ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ) وَلَا الْعَهْدِ وَلَا الْأَمَانِ (كَانَ مَالُهُ فَيْئًا). كَمَا تَقَدَّمَ فِي بَابِ الْفَيْءِ (وَكَذَا مَا فَضَلَ مِنْ مَالِهِ)؛ أَيْ: الذِّمِّيِّ وَنَحْوِهِ (عَنْ إرْثِهِ كَمَنْ)؛ أَيْ: كَذِمِّيٍّ (لَيْسَ لَهُ وَارِثٌ إلَّا أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ) فَبَاقِي مَالِهِ فَيْءٌ، وَتَقَدَّمَ فِي بَابِهِ، فَإِنْ وَرِثَهُ حَرْبِيٌّ بِنَاءً عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ اخْتِلَافَ الدَّارَيْنِ لَيْسَ بِمَانِعٍ؛ كَانَ أَيْضًا لِبَيْتِ الْمَالِ؛ لِأَنَّهُ مَالُ حَرْبِيٍّ قَدَرْنَا عَلَيْهِ بِغَيْرِ قِتَالٍ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا تَقَدَّمَ فِي بَابِهِ.
|