الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الموسوعة الفقهية الكويتية ****
1 - المقتضي - بكسر الضّاد - اسم فاعلٍ من الاقتضاء, وبفتح الضّاد اسم مفعولٍ منه. ومن معاني الاقتضاء في اللغة: الدّلالة, يقال: اقتضى الأمر الوجوب: دلّ عليه. وفي الاصطلاح: هو اللّفظ الطّالب للإضمار, بمعنى أنّ اللّفظ لا يستقيم إلا بإضمار شيءٍ. وقيل: هو ما لا يستقيم الكلام إلا بتقدير أمورٍ تسمّى مقتضَى بفتح الضّاد. والمقتضَى بفتح الضّاد: هو ما أضمر في الكلام ضرورة صدق المتكلّم, وقيل: هو ما لا يدل عليه اللّفظ ولا يكون ملفوظاً, لكنّه من ضرورة اللّفظ: كقوله تعالى: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ}, أي أهل القرية. 2 - اختلف الأصوليون في لفظ المقتضي هل هو بكسر الضّاد أو بفتحها: فذهب جمع من أصوليّ الشّافعيّة, منهم: أبو إسحاق والسّمعاني, والغزالي, وجمهور أصوليّ الحنفيّة, منهم: شمس الأئمّة السّرخسي, وأبو زيدٍ الدّبوسي, وصاحب اللباب: إلى أنّ موضع النّزاع إنّما هو المضمر: وهو المقتضَى بفتح الضّاد, لا المضمر له وهو المقتضِي بكسر الضّاد: وهو اللّفظ الطّالب للإضمار. وقال ابن السبكيّ: المراد منه المقتضِي بكسر الضّاد. أ - المنطوق: 3 - المنطوق: ما دلّ عليه اللّفظ في محلّ النطق, أي يكون حكماً للمذكور, وحالاً من أحواله. والصّلة بين المقتضى والمنطوق أنّهما من أنواع الدّلالة. ب - المفهوم: 4 - المفهوم: ما دلّ عليه اللّفظ لا في محلّ النطق, أي يكون حكماً لغير المذكور وحالاً من أحواله. وقيل: هو الاستدلال بتخصيص الشّيء بالذّكر على نفي الحكم عمّا سواه. والصّلة بين المقتضى والمفهوم أنّهما من أنواع الدّلالة.
5 - ذهب جمهور الأصوليّين إلى أنّه لا عموم للمقتضَى - بفتح الضّاد - لأنّ العموم من صفات النطق, فلا يجوز دعواه في المعاني, ولأنّ ثبوت المقتضى للحاجة والضّرورة, لتصحيح معنى النّصّ, حتّى إذا كان المنصوص مفيداً للحكم بدون الحاجة إلى إضمارٍ لا يثبت المقتضى لغةً ولا شرعاً, والثّابت للحاجة يتقدّر بقدرها, ولا حاجة إلى إثبات صيغة العموم للمقتضى, لأنّ الكلام مفيد بدونه, وهو نظير الميتة لمّا أبيحت للضّرورة فتقدّر بقدرها. وقال الشّافعي وجمهور الحنابلة, وآخرون: إنّ للمقتضى عموماً, لأنّه بمنزلة المنصوص في ثبوت الحكم به, فكان الثّابت به كالثّابت بالنّصّ, فكذلك في إثبات صفة العموم فيه فيجعل كالمنصوص, فيحتمل العموم. والتّفصيل في الملحق الأصوليّ.
1 - المقدّمات لغةً: جمع مقدّمةٍ, والمقدِّمة بكسر الدّال المشدّدة من كلّ شيءٍ أوّله وما يتوقّف عليه. ولا يخرج المعنى الاصطلاحي عن المعنى اللغويّ.
تتعلّق بالمقدّمات أحكام فقهيّة وأصوليّة, لكن الفقهاء فصّلوا أحكام مقدّمات الجماع لما يترتّب عليها في العبادات وغيرها, وعني الأصوليون بجانب آخر من المقدّمات.
2 - مقدّمة الواجب المطلق أي الواجب الّذي وجوبه غير متوقّفٍ على المقدّمة واجب مطلقاً أي سبباً كان أو شرطاً كالوضوء أو عقلاً كترك الضّدّ وعادةً كغسل جزءٍ من الرّأس لغسل الوجه, وقيل الوجوب في السّبب فقط دون غيره من المقدّمات وقيل في الشّرط الشّرعيّ فقط, وقيل لا وجوب لشيء من المقدّمات مطلقاً. وانظر تفصيل ذلك في الملحق الأصوليّ.
3 - ذهب الحنفيّة والشّافعيّة والحنابلة إلى أنّه يجب الدّم على من فعل شيئاً من مقدّمات الجماع كاللّمس بشهوة والتّقبيل والمباشرة بغير جماعٍ سواء أنزل منياً أو لم ينزل ولا يفسد حجه اتّفاقاً. وذهب المالكيّة إلى أنّه إن أنزل بمقدّمات الجماع منياً فحكمه حكم الجماع في إفساد الحجّ, وعليه ما على المجامع, وإن لم ينزل فليهد بدنةً. وتفصيل ذلك في مصطلح: (إحرام ف 176).
4 - ذهب الفقهاء إلى أنّ مقدّمات الجماع من تقبيلٍ ولمسٍ - ولو كان بقصد اللّذّة - لا يفطّر الصّائم ما لم تسبّب الإنزال. أمّا إذا قبّل وأنزل بطل صومه اتّفاقاً بين الفقهاء. وانظر تفصيل ذلك في مصطلح: (صوم ف 83, وتقبيل ف 17).
5 - لا خلاف بين الفقهاء في أنّ مقدّمات الجماع من اللّمس والتّقبيل بغير شهوةٍ وبغير نيّة الرّجعة لا يعتبر رجعةً. ولكنّهم اختلفوا فيما إذا كان اللّمس والتّقبيل والنّظر بشهوة: فمذهب الحنفيّة والمالكيّة أنّ الجماع ومقدّماته تصح بهما الرّجعة, فلو وطئها أو لمسها بشهوة, أو نظر إلى فرجها بشهوة, أو قبّلها تصح الرّجعة, واشترط المالكيّة لصحّة الرّجعة النّيّة. وذهب الشّافعيّة إلى عدم صحّة الرّجعة مطلقاً, سواء كان بوطء أو مقدّماته, وسواء نوى الزّوج الرّجعة أو لم ينوها. وذهب الحنابلة إلى عدم صحّة الرّجعة بمقدّمات الجماع, وقالوا تصح الرّجعة بالوطء مطلقاً, سواء نوى الزّوج الرّجعة أو لم ينوها. وانظر تفصيل ذلك في مصطلح: (رجعة ف 13 وما بعدها, ومصطلح تقبيل ف 20, ولمس ف 12).
6 - ذهب الحنفيّة وأكثر المالكيّة وأحمد في إحدى الرّوايتين عنه إلى حرمة مقدّمات الجماع ودواعيه من تقبيلٍ أو لمسٍ أو مباشرةٍ فيما دون الفرج قبل التّكفير. وذهب الشّافعيّة في الأظهر وبعض المالكيّة وأحمد في الرّواية الثّانية إلى إباحة الدّواعي في الوطء, لأنّ المراد بالمسّ في الآية: {مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا} الجماع, فلا يحرم ما عداه من مقدّمات الوطء من التّقبيل والمسّ بشهوة والمباشرة فيما دون الفرج. وانظر تفصيل ذلك في مصطلح: (ظهار ف 22, لمس ف 13).
7 - لا خلاف بين الفقهاء في أنّ مقدّمات الجماع من المسّ والتّقبيل إذا لم يكن بشهوة لا يؤثّر في حرمة المصاهرة. أمّا إذا كانت مقدّمات الجماع من المسّ والتّقبيل بشهوة فذهب المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة إلى أنّ المباشرة في غير الفرج والتّقبيل ولو بشهوة لا يوجب حرمة المصاهرة. وذهب الحنفيّة إلى أنّ مقدّمات الجماع من اللّمس والتّقبيل بشهوة يوجب حرمة المصاهرة. وانظر تفصيل ذلك في مصطلح: (تقبيل ف 23 ومصاهرة).
8 - يسن للزّوج إذا أراد جماع زوجته أن يلاعبها قبل الجماع لتنهض شهوتها فتنال من لذّة الجماع مثل ما يناله, وروي عن عمر بن عبد العزيز عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قال: «لا يواقعها إلا وقد أتاها من الشّهوة مثل ما أتى له لا ليسبقها بالفراغ». والتّفصيل في مصطلح: (وطء).
انظر: تقوم, تقويم.
1 - المكابرة لغةً: مصدر كابر يقال: كابره مكابرةً: غالبه وعانده. وكابر فلان فلاناً: طاوله بالكبر, وكابر فلاناً على حقّه: جاحده وغالبه عليه وعاند فيه. ولا يخرج المعنى الاصطلاحي عن المعنى اللغويّ. حرابة: 2 - الحرابة من الحرب الّتي هي نقيض السّلم يقال حاربه محاربةً وحراباً أو من الحرب وهو السّلب, يقال: حرب فلاناً ماله أي سلبه فهو محروب. والحرابة في الاصطلاح - وتسمّى قطع الطّريق عند أكثر الفقهاء - هي البروز لأخذ مالٍ أو لقتل أو لإرعاب على سبيل المجاهرة مكابرةً اعتماداً على القوّة مع البعد عن الغوث. والصّلة بين المكابرة والحرابة أنّ المكابرة وصف من أوصاف أفعال الحرابة.
يتعلّق بالمكابرة أحكام منها: أ - اعتبارها من الحرابة: 3 - تأخذ المكابرة حكم الحرابة باعتبارها وصفاً من أوصاف الحرابة وذلك في الجملة. جاء في المدوّنة: من كابر رجلاً على ماله بسلاح أو غيره في زقاقٍ أو دخل على حريمه في المصر حكم عليه بحكم الحرابة. وفي الدرّ المختار: المكابر بالظلم وقاطع الطّريق وصاحب المكس وجميع الظّلمة يباح قتل الكلّ ويثاب قاتلهم. والقتل هنا على سبيل التّعزير. وتفصيل ذلك في مصطلح: (حرابة ف 7). ب - المكابرة وحد السّرقة: 4 - اختلف الفقهاء في حدّ السّارق على سبيل المكابرة: فقال الحنفيّة: لو كابر إنساناً ليلاً حتّى سرق متاعه ليلاً فعليه القطع لأنّ سرقته قد تمّت حين كابره ليلاً فإنّ الغوث باللّيل قلّ ما يلحق صاحب البيت وهو عاجز عن دفعه بنفسه فيكون تمكنه من ذلك بالنّاس والسّارق قد استخفى فعله من النّاس بخلاف ما إذا كابره في المصر نهاراً حتّى أخذ منه مالاً فإنّه لا يلزمه القطع استحساناً لأنّ الغوث في المصر بالنّهار يلحقه عادةً فالآخذ مجاهر بفعله غير مستخفٍ له, وذلك يمكن نقصاناً في السّرقة. وقال المالكيّة: المكابر هو الآخذ للمال من صاحبه بقوّة من غير حرابة سواء ادّعى أنّه ملكه أو اعترف بأنّه غاصب فلا قطع لأنّه غاصب والغاصب لا قطع عليه, وأمّا لو كابر وادّعى أنّه ملكه بعد ثبوت أخذه له من الحرز فإنّه يقطع. وقال الشّافعيّة: ولو دخل جماعة باللّيل داراً وكابروا ومنعوا صاحب الدّار من الاستغاثة مع قوّة السلطان وحضوره فالأصح أنّهم قطّاع وبه قطع القفّال والبغوي, ومذهب الحنابلة كمذهب الشّافعيّة في الجملة.
انظر: مكاتبة.
1 - المكاتبة في اللغة: مصدر كاتب وهي مفاعلة, والأصل في باب المفاعلة أن يكون من اثنين فصاعداً. يقال: كاتب يكاتب كتاباً ومكاتبةً, وهي معاقدة بين العبد وسيّده, يكاتب الرّجل عبده أو أمته على مالٍ منجّمٍ, ويكتب العبد عليه أنّه معتق إذا أدّى النجوم. ولا يخرج المعنى الاصطلاحي عن المعنى اللغويّ. قال ابن حجرٍ المكاتبة تعليق عتقٍ بصفة على معاوضةٍ مخصوصةٍ. أ - العتق: 2 - العتق في اللغة: خلاف الرّقّ. وفي الاصطلاح: هو تحرير الرّقبة وتخليصها من الرّقّ. والصّلة بينهما أنّ المكاتبة سبب من أسباب العتق. أصلها: 3 - كانت المكاتبة معروفة في الجاهليّة, فأقرّها الإسلام. وأوّل من كوتب في الإسلام أبو المؤمّل, وقد حثّ الرّسول صلى الله عليه وسلم على إعانته في نجوم الكتابة, فقال: «أعينوا أبا المؤمّل», فأعين, فقضى كتابته, وفضلت عنده فضلة, فقال له صلّى اللّه عليه وسلّم: «أنفقها في سبيل اللّه», وقيل غير ذلك. والأصل فيها قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً}. وما روي عن أمّ سلمة رضي الله عنها أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: «إذا كان لإحداكنّ مكاتب, فكان عنده ما يؤدّي فلتحتجب منه». وما رواه أبو هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: «ثلاثة حق على اللّه عونهم: المجاهد في سبيل اللّه, والمكاتب الّذي يريد الأداء, والنّاكح الّذي يريد العفاف». وأجمعت الأمّة على مشروعيّة المكاتبة فلا خلاف أنّها جائزة بين العبد وسيّده, إذا كانت على شروطها. 4 - المكاتبة مندوبة عند جمهور الفقهاء. قال مالك: الأمر عندنا أنّه ليس على سيّد العبد أن يكاتبه إذا سأله ذلك, فلا يكره أحد على مكاتبة عبده, وإنّما يستحب. واستحبّت لأنّ العبد قد يقصد بها الاستقلال والاكتساب والتّزوج, فيكون أعفّ له. وذهب عكرمة وعطاء ومسروق وعمرو بن دينارٍ إلى أنّها واجبة إذا طلبها العبد, محتجّين بظاهر قوله تعالى: {فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً}, فالأمر عندهم للوجوب. وهناك رواية عن الإمام أحمد بن حنبلٍ بوجوب الكتابة إذا دعا إليها العبد المكتسب الصّدوق. وحجّة الجمهور: أنّ الأصل أن لا يحمل أحد على عتق مملوكه, لذا تحمل الآية على النّدب, لئلا تعارض هذا الأصل.
5 - إنّ حكمة تشريع المكاتبة مصلحة السّيّد والعبد, فالسّيّد فعل معروفاً من أعمال البرّ المندوبة, والعبد تؤوّل كتابته غالباً إلى رفع الرّقّ عنه وتمتعه بحرّيّته.
6 - أركان المكاتبة هي: المولى, العبد, الصّيغة, العوض. ولكلّ ركنٍ شروط وأحكام تتعلّق به وتفصيلها فيما يلي: أ - المولى: 7 - هو كل مكلّفٍ أهلٍ للتّصرف تصح منه المكاتبة, ولا يشترط فيه أن يكون أهلاً للتّبرع. ب - العبد المكاتب: 8 - اتّفق الفقهاء على أنّه يشترط في العبد المكاتب العقل. واختلفوا في اشتراط البلوغ: فذهب الحنفيّة والحنابلة إلى أنّه يجوز مكاتبة الصّغير المميّز, ووافقهم ابن القاسم من المالكيّة في الجملة, فقال: تجوز مكاتبة صغيرٍ ذكرٍ أو أنثى وإن لم يبلغ عشر سنين. وذهب الشّافعيّة إلى اشتراط البلوغ, وقال أشهب من المالكيّة: يمنع مكاتبة ابن عشر سنين. ج - الصّيغة: 9 - الصّيغة هي اللّفظ أو ما يقوم مقامه ممّا يدل على العتق على مالٍ منجّمٍ, مثل: كاتبتك على كذا في نجمٍ أو نجمين فصاعداً ولا يفتقر إلى قوله: إن أدّيت فأنت حر, لأنّ لفظ الكتابة يقتضي الحرّيّة. وهذا مذهب أبي حنيفة ومالكٍ وأحمد. وقال الشّافعيّة: لا يُعتق حتّى يقول ذلك أو ينوي بالكتابة الحرّيّة. د - العوض: 10 - ذهب الحنفيّة والمالكيّة إلى أنّ العوض في المكاتبة يجوز أن يكون حالاً أو مؤجّلاً, وإن كان مؤجّلاً فيجوز أن يكون على نجمٍ واحدٍ. وذهب الشّافعيّة والحنابلة إلى اشتراط أن يكون العوض في الكتابة ديناً مؤجّلاً ومنجّماً بنجمين معلومين فأكثر. ويشترط في عوض المكاتبة ما يشترط في العوض في سائر العقود. وللتّفصيل انظر مصطلح: (عوض ف 4 وما بعدها).
11 - المكاتبة عقد لازم فلا خيار لأحد المتعاقدين في فسخه إذا أبى الآخر, وهذا عند المالكيّة والحنابلة. وعند الحنفيّة والشّافعيّة هي عقد لازم من جانب المولى إذا كانت المكاتبة صحيحةً, غير لازمٍ في جانب المكاتب. أمّا إذا كانت فاسدةً فلا تلزم من الجانبين عند الحنفيّة, وهو الأصح عند الشّافعيّة.
12 - إذا أدّى المكاتب نجوم الكتابة عتق, ويعان المكاتب على الأداء من الزّكاة والصّدقات وما يعينه به سيّده.
13 - بعد التزام العبد بالمكاتبة يصبح كالحرّ في بعض التّصرفات, فله أن يبيع ويشتري ويقاسم شركاءه, ويقرّ بالدّين لمن لا يتّهم عليه, وبالحدّ والقطع الرّاجعين لرقبته, ويضارب ويعير ويودع ويؤجّر ويقاصّ, ويتصرّف في مكاسبه, وينفق على نفسه دون تبذيرٍ, ودون إخراج المال بغير عوضٍ. وليس للسّيّد منعه من كلّ تصرفٍ فيه صلاح المال واكتساب المنافع.
14 - إذا أدّى المكاتب لمولاه ما عليه من المال وعتق, فإنّ ولاءه يكون لمولاه, لقوله صلى الله عليه وسلم: «الولاء لمن أعتق». والتّفصيل في مصطلح: (ولاء).
انظر: إجارة.
1 - المكافأة في اللغة: مصدر كافأ, يقال: كافأه مكافأةً وكفاءً: جازاه, وكافأ فلاناً: ماثله, وكل شيءٍ ساوى شيئاً حتّى صار مثله فهو مكافئ له, والمكافأة بين النّاس من هذا, ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: «المسلمون تتكافأ دماؤهم», أي تتساوى في الدّية والقصاص. ولا يخرج المعنى الاصطلاحي عن المعنى اللغويّ. العوض: 2 - العوض: البدل, وعوّضته: إذا أعطيته بدل ما ذهب منه, ومن إطلاقات العوض: ثواب الآخرة, والثّواب يقع على جهة المكافأة. والعوض في الاصطلاح: ما يبذل في مقابلة غيره, وهو أخص من المكافأة.
3 - ثبت عن عائشة رضي الله عنها قالت: «كان رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يقبل الهديّة ويثيب عليها», ومعنى يثيب عليها أي يكافئ عليها. وقد عنون البخاري لهذا الحديث: المكافأة في الهبة. واستدلّ بعض المالكيّة بهذا الحديث على وجوب الثّواب والمكافأة على الهديّة, إذا أطلق الواهب وكان ممّن يطلب مثله الثّواب كالفقير للغنيّ, بخلاف ما يهبه الأعلى للأدنى, ووجه الدّلالة منه مواظبته صلى الله عليه وسلم. ومن حيث المعنى: أنّ الّذي أهدى قصد أن يعطي أكثر ممّا أهدي, فلا أقلّ أن يعوّض بنظير هديّته. وقال الحنفيّة والشّافعيّة والحنابلة: إذا كانت الهبة بعوض معلومٍ جازت وكانت بيعاً, أو مجهولٍ فهي باطلة على تفصيلٍ في بعض جزئيّاتها ينظر في مصطلح: (هبة وهديّة). وممّا يدل على المكافأة على الهديّة قول الرّسول صلى الله عليه وسلم: «من صنع إليكم معروفاً فكافئوه فإن لم تجدوا ما تكافئونه فادعوا له حتّى تروا أنّكم قد كافأتموه».
4 - ذهب المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة إلى أنّ من شروط القصاص في القتل المكافأة بين القاتل والقتيل في أوصافٍ اعتبروها, فلا يقتل الأعلى بالأدنى, ولكن يقتل الأدنى بالأعلى, وبالمساوي. وخالف الحنفيّة فقالوا: لا يشترط في القصاص في النّفس المساواة بين القاتل والقتيل. إلا أنّ جمهور الفقهاء اختلفوا في الأوصاف الّتي اعتبروها للمكافأة. والتّفصيل في مصطلح: (قصاص ف 13).
5 - ذهب جمهور الفقهاء إلى اشتراط المكافأة بين الزّوجين في النّكاح وهي مساواة الرّجل للمرأة في الأمور المعتبرة في النّكاح. وتعتبر المكافأة في جانب الرّجال للنّساء ولا تعتبر في جانب النّساء للرّجال. وروي عن الإمام أحمد رحمه الله أنّه قال: إنّ المكافأة شرط لصحّة النّكاح. وذهب بعض الحنفيّة إلى عدم اشتراط المكافأة بين الزّوجين. وانظر تفصيل ذلك في مصطلح: (تكافؤ ف 3).
6 - قال النّووي رحمه الله: في مسائل تجري في مخاصمة الزّوجين ومشاتمتهما, وأغلب ما تقع إذا واجهت زوجها بمكروه, فيقول على سبيل المكافأة: إن كنت كذلك فأنت طالق, يريد أن يغيظها بالطّلاق كما غاظته بالمشاتمة أو بالشّتم, فكأنّه يقول: تزعمين أنّي كذا فأنت طالق, فإذا قالت له: يا سفيه فقال: إن كنت كذلك فأنت طالق, نظر إن أراد المكافأة كما ذكرنا طلقت, وإن قصد التّعليق لم تطلق, وإن أطلق اللّفظ ولم يقصد المكافأة ولا حقيقة اللّفظ فهو للتّعليق, فإن عمّ العرف بالمكافأة فيراعي الوضع أو العرف. وأنّه لو قال لها في الخصومة: إيش تكونين أنت, فقالت وإيش تكون أنت, فقال: إن لم أكن منك بسبيل فأنت طالق. قال القاضي حسين: إن قصد التّعليق لم تطلق لأنّها زوجته فهو منها بسبيل, وإن قصد المغايظة والمكافأة طلقت, والمقصود إيقاع الفرقة وقطع ما بينهما, فإذا حمل على المكافأة فيقع الطّلاق في الحال. 7 - قال الدسوقيّ: يرخّص لعامل القراض أن يأتي بطعام كغيره, أي كما يأتي غيره بطعام يشتركون في أكله, إن لم يقصد التّفضل على غيره بأن لا يزيد على غيره زيادةً لها بال, وإلا بأن قصد التّفضل فليتحلّله, أي يتحلّل ربّ المال, بأن يطلب منه المسامحة, فإن أبى من مسامحته فليكافئه, أي يعوّضه بقدر ما يخصه أي فيما زاده من الطّعام على غيره.
8 - أوضح الفقهاء في باب الجهاد حكم المبارزة وأنّ المكافأة في المبارزة هي مناط الحكم بالجواز أو الاستحباب أو الكراهة. وانظر تفصيل ذلك في مصطلح: (تكافؤ ف 5).
9 - اشترط الحنفيّة والشّافعيّة والحنابلة أن يكون فرس المحلّل مكافئاً لفرسي المتسابقين أو بعيره مكافئاً لبعيرهما, فإن لم يكن مكافئاً: مثل أن يكون فرساهما جوادين وفرسه بطيئاً فهو قمار, لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «من أدخل فرساً بين فرسين - وهو لا يؤمن أن يسبق - فليس بقمار, ومن أدخل فرساً بين فرسين وقد أمن أن يسبق فهو قمار», ولأنّه مأمون سبقه فوجوده كعدمه, وإن كان مكافئاً لهما جاز. وانظر تفصيل ذلك في مصطلح: (تكافؤ ف 6).
1 - المكان في اللغة: الموضع, وما يعتمد عليه كالأرض للسّرير, والجمع أمكنة, وأماكن جمع الجمع. ولا يخرج المعنى الاصطلاحي عن المعنى اللغويّ.
تتعلّق بالمكان أحكام فقهيّة منها:
2 - اختلف الفقهاء في صحّة الصّلاة في المجزرة والمقبرة والحمّام ونحوها: فقال جمهور الفقهاء من الحنفيّة والشّافعيّة والحنابلة في روايةٍ إنّ الصّلاة تصح مع الكراهة في الحمّام والمزبلة والمجزرة ومعاطن الإبل وقارعة الطّريق والمقبرة وفوق ظهر بيت اللّه والمغتسل والكنائس والموضع المغصوب, وبه قال علي وابن عبّاسٍ وابن عمر رضي اللّه عنهم وعطاء والنّخعيّ وابن المنذر لقول الرّسول صلّى اللّه عليه وسلّم: «جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً». وقولـه صلّى اللّه عليه وسلّم: «أينما أدركتك الصّلاة فصلّ فهو مسجد», ولأنّه موضع طاهر فصحّت الصّلاة فيه كالصّحراء, وقال ابن المنذر: ذكر نافع أنّه صلّى على عائشة وأمّ سلمة وسط قبور البقيع, ومحل كراهة الصّلاة في هذه الأماكن عند الشّافعيّة إن بسط طاهراً وصلّى عليه وإلا فصلاته باطلة لأنّه صلّى على نجاسةٍ. وقال المالكيّة: تجوز الصّلاة في مربض الغنم والبقر وكذا في المقبرة والحمّام والمزبلة وقارعة الطّريق والمجزرة إن أمنت النّجاسة وإن لم تؤمن النّجاسة وصلّى أعاد الصّلاة في الوقت, وإن تحقّقت النّجاسة أعاد الصّلاة أبداً. وتكره الصّلاة بمعاطن الإبل وبالكنائس. وقال الحنابلة في المعتمد إنّ الصّلاة في هذه المواضع لا تصح بأيّ حالٍ من الأحوال لما روى جابر بن سمرة رضي اللّه عنه: «أنّ رجلاً سأل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أنصلّي في مبارك الإبل؟ قال: لا». ولقول الرّسول صلّى اللّه عليه وسلّم: «الأرض كلها مسجد إلا الحمّام والمقبرة». وقال بعض الحنابلة: إن كان المصلّي عالماً بالنّهي في هذه المواضع لم تصحّ صلاته فيها, لأنّه عاصٍ بصلاته فيها والمعصية لا تكون قربةً ولا طاعةً, وإن لم يكن عالماً فعن أحمد روايتان: إحداهما: لا تصح لأنّه صلّى فيما لا تصح فيه مع العلم فلا تصح مع الجهل كالصّلاة في محلٍّ نجسٍ. والثّانية: تصح الصّلاة فيه لأنّه معذور. قال البهوتي: المنع من الصّلاة في هذه المواضع تعبد ليس معلّلاً بوهم النّجاسة ولا غيره لنهي الشّارع عنها ولم يعقل معناه. وانظر مصطلح: (حمّام ف 14, صلاة ف 105).
3 - ذهب جمهور الفقهاء الحنفيّة والشّافعيّة والحنابلة إلى أنّ من سنن الصّلاة القبض وهو وضع اليد اليمنى على اليسرى وخالفهم في ذلك المالكيّة فقالوا: يندب الإرسال ويكره القبض في صلاة الفرض وجوّزوه في النّفل وهذا في الجملة. وتفصيل ذلك في مصطلح: (إرسال ف 4). ومكان وضع اليدين بهذه الكيفيّة هو تحت الصّدر وفوق السرّة, وهذا عند المالكيّة والشّافعيّة ورواية عند الحنابلة, وهو قول سعيد بن جبيرٍ لما روى وائل بن حجرٍ قال: «صلّيت مع رسول اللّه, ووضع يده اليمنى على يده اليسرى على صدره». وعند الحنفيّة وفي الرّواية الأخرى عند الحنابلة أنّه يضع يديه تحت سرّته وروي ذلك عن عليٍّ وأبي هريرة وأبي مجلزٍ والنّخعيّ والثّوريّ وإسحاق لما روي عن عليٍّ أنّه قال: «من السنّة وضع الكفّ على الكفّ في الصّلاة تحت السرّة». وأمّا المرأة فقد قال الحنفيّة تضع يديها على ثدييها.
4 - اتّفق الفقهاء على أنّ المقبرة أفضل مكانٍ للدّفن وذلك للاتّباع ولنيل دعاء الطّارقين, ويكره دفنه في المسجد الّذي بني للصّلاة فيه. على تفصيلٍ ينظر في مصطلح: (دفن ف 3 وما بعدها).
5 - مطلق عقد البيع يقتضي تسليم المبيع في المكان الّذي هو موجود فيه حينئذٍ, فمثلاً لو باع رجل وهو في إسلامبول حنطته الّتي في دمشق يلزم عليه تسليم الحنطة المرقومة في دمشق وليس عليه أن يسلّمها في إسلامبول, أي لا يشترط في عقد البيع بيان المكان الّذي يسلّم فيه المبيع فعقد البيع المطلق الّذي لا يبيّن فيه مكان تسليم المبيع يسلّم فيه المبيع إلى المشتري في المكان الّذي كان فيه المبيع حين العقد لا في مكان عقد البيع حتّى إذا نقل البائع المبيع بلا إذن المشتري من المحلّ الّذي كان فيه حين العقد إلى مكانٍ آخر وجب عليه إعادته إلى حيث كان. أمّا ثمن المبيع فإن كان محتاجاً إلى الحمل والمئونة فيجب بيان مكان تسليمه في بيان العقد. ويعتبر في تسليم المبيع مكان البيع فإذا لم يبيّن البائع مكان المبيع ولم يكن المشتري يعلم وكان ظاهراً أنّه لم يكن في مكان العقد ثمّ اطّلع المشتري على مكانه فالبيع صحيح إلا أنّ المشتري يكون مخيّراً خيار كشف الحال فله فسخ البيع وترك المبيع وله قبضه من حيث كان حين العقد بكلّ الثّمن المسمّى. وإذا بيع مال على أن يسلّم في مكان كذا لزم تسليمه في المكان المذكور, مثل ذلك أن يبيع شخص حنطةً من مزرعةٍ له على أن يسلّمها إلى المشتري في داره فيجب عليه تسليمها إلى المشتري في داره وكذلك إذا شرط تسليم المبيع الّذي يحتاج إلى مئونةٍ في نقله إلى محلٍّ معيّنٍ فيجب تسليمه هناك وإن كان يصح البيع بشرط تسليم المبيع في محلٍّ معيّنٍ.
6 - يرى جمهور الفقهاء أنّ من استعار حصاناً من آخر إلى مكانٍ معيّنٍ ليركبه فركب إلى مكانٍ معيّنٍ وتجاوز إلى مكانٍ آخر بعيدٍ ثمّ رجع فقال إنّ الحصان قد هلك في مكانٍ آخر يضمن لأنّ عارية الحصان مقيّد بزمان ومكانٍ وتجاوز المكان المعيّن فيضمن قيمة الحصان لصاحبه. ومن استعار من آخر دابّةً ليركبها إلى مكانٍ معيّنٍ ومعلومٍ فركبها وقبل وصوله إلى المكان صادفه متغلّب وأخذها منه بالقهر والغلبة ولم يمكنه منعه بوجه وخاف من ضرره لا يضمن, لأنّ العارية عند بعض الفقهاء أمانة والمستعير أمين والأمين إنّما يضمن بترك الحفظ إذا ترك بغير عذرٍ.
7 - اتّفق الفقهاء على فضل بعض الأمكنة على بعضٍ. فذهب جمهور الفقهاء إلى أنّ مكّة المكرّمة والمدينة المنوّرة هما أفضل بقاع الأرض. ثمّ اختلفوا: فقال الحنفيّة والحنابلة وبعض الشّافعيّة وبعض المالكيّة إنّ مكّة المكرّمة أفضل من المدينة المنوّرة. وقال المالكيّة في المعتمد وبعض الشّافعيّة إنّ المدينة المنوّرة أفضل من مكّة المكرّمة. وتفصيل ذلك في مصطلح: (فضائل ف 7 - 9)
انظر: إكراه.
1 - المكروه في اللغة: ضد المحبوب, وما نفر منه الطّبع والشّرع ويطلق - أيضاً - على الشّدّة والمشقّة. قال الفيروز آبادي: الكره ويضم الإباء والمشقّة, أو بالضّمّ ما أكرهت نفسك عليه, وبالفتح ما أكرهك غيرك عليه, كرهه كسمعه كرهاً ويضم وكراهةً وكراهيةً بالتّخفيف. وقال الفيومي: كره الأمر والمنظر كراهةً فهو كريه, مثل: قبح قباحةً فهو قبيح وزناً ومعنى, والكريهة الشّدّة في الحرب. وقال الطوفي في ذلك: فيجوز اشتقاق المكروه من ذلك - أي المعاني المتقدّمة - لأنّ الطّبع والشّرع لا ينفران إلا عن شدّةٍ ومشقّةٍ, بحسب حالهما. وعرّف الأصوليون المكروه بتعريفات منها: ما يمدح تاركه ولا يذم فاعله. 1 - الواجب: 2 - الواجب في اللغة: الثّابت أو اللازم. واصطلاحاً: ما يذم شرعاً تاركه قصداً مطلقاً. والصّلة بين المكروه والواجب هي التّضاد. ب - المندوب: 3 - المندوب: اسم مفعولٍ من النّدب وهو: الدّعوة والحث والتّوجيه. واصطلاحاً: ما يمدح فاعله, ولا يذم تاركه. والصّلة بين المكروه والمندوب التّضاد. ج - الحرام: 4 - الحرام في اللغة: الممنوع, ويطلق على نقيض الواجب. واصطلاحاً: ما يذم شرعاً فاعله. والصّلة بين المكروه والحرام أنّ المكروه مطلوب شرعاً تركه مع عدم الذّمّ على فعله, والحرام مطلوب شرعاً تركه مع الذّمّ على فعله. 5 - تعدّدت إطلاقات المكروه عند الأصوليّين, فذهب بعضهم إلى أنّه يطلق على أربعة معانٍ: الحرام, وترك الأولى, وما نهي عنه تنزيهاً, وما وقعت الشبهة في تحريمه, وهو قول الغزاليّ والآمديّ والزّركشيّ وابن قاضي الجبل. قال الغزالي: وأمّا المكروه فهو لفظ مشترك في عرف الفقهاء بين هذه المعاني الأربعة. 6 - اختلف الفقهاء في تقسيم المكروه: فقسّم الحنفيّة المكروه إلى قسمين: القسم الأوّل: المكروه كراهة تنزيهٍ، وهو ما كان إلى الحلّ أقرب, بمعنى أنّه لا يعاقب فاعله أصلاً, لكن يثاب تاركه أدنى ثوابٍ. القسم الثّاني: المكروه كراهة تحريمٍ، وهو إلى الحرمة أقرب بمعنى: أنّه يتعلّق به محذور دون استحقاق العقوبة بالنّار: كحرمان الشّفاعة, لقوله عليه السلام: «من ترك سنّتي لم ينل شفاعتي». وعند محمّدٍ المكروه كراهة تحريمٍ حرام ثبتت حرمته بدليل ظنّيٍّ, لأنّه يرى أنّ ما لزم تركه إن ثبت ذلك بدليل قطعيٍّ يسمّى حراماً, وإلا يسمّى مكروهاً كراهة التّحريم, كما أنّ ما لزم الإتيان به إن ثبت ذلك فيه بدليل قطعيٍّ يسمّى فرضاً, وإلا يسمّى واجباً. 7 - اختلف الأصوليون في حكم المكروه كما اختلفوا في كونه مكلّفاً بتركه أم لا ومنهياً عنه أم لا, واختلفوا كذلك في الأمر المطلق هل يتناول المكروه أم لا, والتّفصيل في الملحق الأصوليّ.
انظر: مكوس.
1 - مكّة: علم على البلد المعروف الّذي فيه بيت اللّه الحرام. واختلف في سبب تسميتها مكّة بالميم فقيل: لأنّها تمك الجبّارين أي تذهب نخوتهم, وقيل: لأنّها تمك الفاجر عنها أي تخرجه, وقيل: كأنّها تجهد أهلها من قوله تمكّكت العظم إذا أخرجت مخّه, وقيل: لأنّها تجذب النّاس إليها من قوله: امتكّ الفصيل ما في ضرع أمّه إذا لم يبق فيه شيئاً, وقيل لقلّة مائها. ولها أسماء كثيرة منها: بكّة, وأم القرى, والبلد الأمين, وأسماء أخرى. ومكّة كلها حرم وكذلك ما حولها, وقد بيّن الفقهاء حدود حرم مكّة وسبب تحريمه, وما يتعلّق به من الأحكام. وتفصيل ذلك في مصطلح: (حرم ف 1 - 3).
تتعلّق بمكّة أحكام منها:
2 - يجب تعظيم مكّة, لقول النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: «إنّ مكّة حرّمها اللّه ولم يحرّمها النّاس, فلا يحل لامرئ يؤمن باللّه واليوم الآخر أن يسفك بها دماً ولا يعضّد بها شجرةً, فإن أحد ترخّص لقتال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقولوا له: إنّ اللّه أذن لرسوله صلّى اللّه عليه وسلّم ولم يأذن لكم, وإنّما أذن لي ساعةً من نهارٍ, وقد عادت حرمتها اليوم كحرمتها بالأمس, وليبلّغ الشّاهد الغائب». وينظر تفصيل ذلك في مصطلح: (حرم ف 2).
3 - ذهب الفقهاء إلى أنّه يستحب الغسل لدخول مكّة لفعل النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم, فعن ابن عمر رضي اللّه تعالى عنهما: «أنّه كان لا يقدم مكّة إلا بات بذي طوىً حتّى يصبح ويغتسل ثمّ يدخل مكّة نهاراً ويذكر عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم أنّه فعله». وصرّح الشّافعيّة بأنّه يسن الغسل لدخول مكّة ولو حلالاً للاتّباع رواه الشّيخان في المحرم والشّافعي في الحلال.
4 - ذهب الفقهاء إلى أنّ من أراد دخول مكّة للحجّ أو العمرة فعليه أن يحرم من المواقيت أو من قبلها. أمّا إذا أراد دخول مكّة لغير الحجّ أو العمرة فقد اختلف الفقهاء في حكم إحرامه. والتّفصيل في: (حرم ف 4 - 6).
5 - اختلف الفقهاء في حكم المجاورة بمكّة, فذهب جمهورهم إلى استحباب المجاورة بمكّة وذهب غيرهم إلى كراهة المجاورة بها. والتّفصيل في مصطلح: (حرم ف 22).
6 - اتّفق الفقهاء على أنّه لا يجوز لغير المسلم السكنى والإقامة في مكّة لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلاَ يَقْرَبُواْ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَـذَا}. واختلفوا في اجتياز الكافر مكّة بصفة مؤقّتةٍ فذهب بعضهم إلى منعه مطلقاً وأجازه آخرون. والتّفصيل في مصطلح: (حرم ف 3).
7 - اختلف الفقهاء في حكم بيع رباع مكّة وكرائها: فذهب بعضهم إلى أنّه لا يجوز ذلك لقوله صلى الله عليه وسلم: «مكّة حرام, حرّمها اللّه ولا تحل بيع رباعها ولا إجارة بيوتها». وذهب غيرهم إلى جواز بيع دور مكّة وإجارتها لأنّها على ملك أربابها. والتّفصيل في مصطلح: (حرم ف 17, ورباع ف 5).
8 - ذهب جماعة من العلماء إلى أنّ السّيّئات تضاعف بمكّة كما تضاعف الحسنات, وممّن قال ذلك ابن عبّاسٍ وابن مسعودٍ وأحمد بن حنبلٍ ومجاهد رضي اللّه عنهم, وغيرهم, لتعظيم البلد. وسئل ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما عن مقامه بغير مكّة فقال: ما لي ولبلد تضاعف فيه السّيّئات كما تضاعف الحسنات. فحمل ذلك منه على مضاعفة السّيّئات بالحرم, ثمّ قيل: تضعيفها كمضاعفة الحسنات بالحرم، وقيل: بل كخارجه. ومن أخذ بالعمومات لم يحكم بالمضاعفة قال تعالى: {وَمَن جَاء بِالسَّيِّئَةِ فَلاَ يُجْزَى إِلاَّ مِثْلَهَا}. وقال النّبي صلى الله عليه وسلم: «من همّ بسيّئة فلم يعملها كتبها اللّه عنده حسنةً كاملةً, فإن هو همّ بها فعملها كتبها اللّه له سيّئةً واحدةً». وقال بعض السّلف لابنه: يا بنيّ إيّاك والمعصية فإن عصيت ولا بدّ, فلتكن في مواضع الفجور, لا في مواضع الأجور, لئلا يضاعف عليك الوزر, أو تعجّل العقوبة. وحرّر بعض المتأخّرين النّزاع في هذه المسألة فقال: القائل بالمضاعفة أراد مضاعفة مقدارها أي غلظها لا كمّيّتها في العدد, فإنّ السّيّئة جزاؤها سيّئة, لكن السّيّئات تتفاوت, فالسّيّئة في حرم اللّه وبلاده على بساطٍ أكبر وأعظم منها في طرفٍ من أطراف البلاد, ولهذا ليس من عصى الملك على بساط ملكه كمن عصاه في موضعٍ بعيدٍ عنه. ويعاقب على الهمّ فيها بالسّيّئات, وإن لم يفعلها، قال تعالى: {وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ}، ولهذا عدّي فعل الإرادة بالباء، ولا يقال: أردت بكذا, لمّا ضمّنه معنى يهم, فإنّه يقال: هممت بكذا. وهذا مستثنىً من قاعدة الهمّ بالسّيّئة وعدم فعلها. كل ذلك تعظيماً لحرمته, وكذلك فعل اللّه سبحانه وتعالى بأصحاب الفيل، أهلكهم قبل الوصول إلى بيته. وقال أحمد بن حنبلٍ: لو أنّ رجلاً همّ أن يقتل في الحرم أذاقه اللّه من العذاب الأليم ثمّ قرأ الآية. وقال ابن مسعودٍ: ما من بلدٍ يؤاخذ العبد فيه بالهمّ قبل الفعل إلا مكّة وتلا هذه الآية.
انظر: تكليف.
1 - المكوس: جمع مكسٍ، وأصل المكس - في اللغة: النّقص والظلم, ودراهم كانت تؤخذ من بائعي السّلع في الأسواق في الجاهليّة, أو درهم كان يأخذه المصدّق بعد فراغه من الصّدقة. ويطلق المكس - كذلك - على الضّريبة يأخذها المكّاس ممّن يدخل البلد من التجّار. وقال ابن عابدين: المكس ما يأخذه العشّار. والماكس: هو الّذي يأخذ من أموال النّاس شيئاً مرتّباً في الغالب, ويقال له العشّار لأنّه يأخذ العشور في كثيرٍ من البلاد. ولا يخرج المعنى الاصطلاحي عن المعنى اللغويّ. أ - العشور: 2 - العشور: جمع عشرٍ, وهو لغةً الجزء من عشرة أجزاء. وفي الاصطلاح يطلق على معنيين: الأوّل: عشر التّجارات والبياعات. والآخر: عشر الصّدقات أو زكاة الخارج من الأرض. ب - الجباية: 3 - الجباية في اللغة: الجمع يقال جبا المال والخراج: جمعه. والجباية في الاصطلاح: جمع الخراج والمال. والصّلة بين المكوس والجباية هي أنّ الجباية أعم لأنّ الجباية تشمل جمع المال من زكاةٍ أو صدقاتٍ أو غير ذلك. ج - الضّرائب: 4 - الضّرائب جمع ضريبةٍ, وهي الّتي تؤخذ في الأرصاد والجزية ونحوها. وهي أيضاً: ما يأخذه الماكس. والصّلة بينهما أنّ الضّريبة أعم. 5 - الخراج: 5 - الخراج هو: ما يحصل من غلّة الأرض. أمّا في الاصطلاح فهو كما قال الماورديّ ما وضع على رقاب الأرضين من حقوقٍ تؤدّى عنها. والصّلة بين الخراج والمكوس أنّ كلاً منهما يوضع في بيت المال للإنفاق على مصالح المسلمين, ويفترقان في أنّ الخراج يوضع على رقاب الأرض, أمّا المكس فيوضع على السّلع المعدّة للتّجارة. 6 - من المكوس ما هو مذموم ومنهي عنه ومنها ما هو غير ذلك. فالمكوس المذمومة والمنهي عنها هي غير نصف العشر الّذي فرضه عمر رضي اللّه عنه على تجارة أهل الذّمّة, وكذلك هي غير العشر الّذي ضربه على أموال أهل الحرب بمحضر من الصّحابة رضوان اللّه تعالى عليهم ولم ينكره عليه أحد منهم فكان إجماعاً سكوتياً. وقد وردت في المكوس المذمومة والمنهيّ عنها - وهي غير ما سبق ذكره - نصوص تحرّمها وتغلّظ أمرها منها ما روي عن عقبة بن عامرٍ رضي اللّه عنه أنّه سمع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: «لا يدخل الجنّة صاحب مكسٍ». قال البغويّ: يريد بصاحب المكس الّذي يأخذ من التجّار إذا مروا عليه مكساً باسم العشر أي الزّكاة, وقال الحافظ المنذري: أمّا الآن فإنّهم يأخذون مكساً باسم العشر, ومكساً آخر ليس له اسم, بل شيء يأخذونه حراماً وسحتاً, ويأكلونه في بطونهم ناراً, حجّتهم فيه داحضة عند ربّهم, وعليهم غضب ولهم عذاب شديد.
7 - ذهب جمهور الفقهاء إلى عدم جواز احتساب المدفوع مكساً من الزّكاة. وذهب آخرون إلى جواز احتسابه من الزّكاة. وللتّفصيل: (ر: زكاة ف 132).
8 - المكوس بمعنى المال المأخوذ من صاحبه ظلماً, نصّ الرّحيباني على حكمه بقوله: يتّجه أنّ المال الحرام الّذي جهل أربابه وصار مرجعه لبيت المال كالمكوس والغصوب والخيانات والسّرقات المجهول أربابها يجوز للفقراء أخذها صدقةً, ويجوز أخذها لهم ولغيرهم هبةً وشراءً ووفاءً عن أجرةٍ سيّما إن أعطاها الغاصب لمن لا يعلم حالها كأن قبضه لها بحقّ لأنّ اللّه لم يكلّفه ما لم يعلم, قاله الشّيخ تقي الدّين وهو متّجه, وعقّب الشّطّي على الرّحيبانيّ بتعقيب جاء فيه: وقال الشّيخ تقي الدّين إنّ المكوس إذا أقطعها الإمام الجند فهي حلال لهم إذا جهل مستحقها, وكذا إذا رتّبها للفقراء وأهل العلم.
4 - عند الحنفيّة في اعتبار ما يؤخذ في طريق الحجّ من المكس والخفارة عذراً قولان, والمعتمد عندهم عدم اعتباره عذراً. وعند المالكيّة يعتبر الأمن على المال في الحجّ فإن كان في الطّريق مكّاس يأخذ من المال شيئاً قليلاً ولا ينكث بعد أخذه لذلك القليل ففيه قولان أظهرهما عدم سقوط الحجّ, والثّاني سقوطه. قال في التّوضيح إن كان ما يأخذه المكّاس غير معيّنٍ أو معيّناً مجحفاً سقط الوجوب وفي غير المجحف قولان أظهرهما عدم السقوط وهو قول الأبهريّ واختاره ابن العربيّ وغيره. ولم يعبّر الشّافعيّة والحنابلة بالمكس أو المكّاس وإنّما عبّروا بالرّصديّ أو العدوّ الّذي يطلب خفارةً.
10 - تجوز الشّهادة على المكوس لأجل ردّ الحقوق إلى أربابها، كما يجوز كتابتها حتّى لا يتكرّر أخذها: يقول أبو يوسف: حدّثني يحيى بن سعيدٍ عن زريق بن حبّان وكان على مكس مصر فذكر أنّ عمر بن عبد العزيز رضي اللّه تعالى عنه كتب إليه: أن انظر من مرّ عليك من المسلمين فخذ ممّا ظهر من أموالهم العين, وممّا ظهر من التّجارات من كلّ أربعين ديناراً ديناراً وما نقص فبحساب ذلك حتّى يبلغ عشرين ديناراً فإن نقصت تلك الدّنانير فدعها ولا تأخذ منها شيئاً, وإذا مرّ عليك أهل الذّمّة فخذ ممّا يديرون من تجاراتهم من كلّ عشرين ديناراً ديناراً فما نقص فبحساب ذلك حتّى تبلغ عشرة دنانير ثمّ دعها فلا تأخذ منها شيئاً, واكتب لهم كتاباً بما تأخذ منهم إلى مثلها من الحول.
11 - سئل ابن تيميّة عن حكم معاملة من غالب أموالهم حرام مثل المكّاسين وأكلة الرّبا وأشباههم فهل يحل أخذ طعامهم بالمعاملة أم لا؟ فأجاب: إذا كان في أموالهم حلال وحرام ففي معاملتهم شبهة, لا يحكم بالتّحريم إلا إذا عرف أنّه يعطيه ما يحرم إعطاؤه, ولا يحكم بالتّحليل إلا إذا عرف أنّه أعطاه من الحلال, فإن كان الحلال هو الأغلب قيل بحلّ المعاملة, وقيل بل هي محرّمة.
الموسوعة الفقهية / نهاية الجزء الثامن والثلاثين
|