الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: المحلى بالآثار في شرح المجلى بالاختصار **
وَمَنْ فَرَّقَ وُضُوءَهُ أَوْ غُسْلَهُ أَجْزَأَهُ ذَلِكَ , وَإِنْ طَالَتْ الْمُدَّةُ فِي خِلاَلِ ذَلِكَ أَوْ قَصُرَتْ , مَا لَمْ يَحْدُثْ فِي خِلاَلِ وُضُوئِهِ مَا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ , وَمَا لَمْ يَحْدُثْ فِي خِلاَلِ غُسْلِهِ مَا يَنْقُضُ الْغُسْلَ. بُرْهَانُ ذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَمَرَ بِالتَّطَهُّرِ مِنْ الْجَنَابَةِ وَالْحَيْضِ , وَبِالْوُضُوءِ مِنْ الأَحْدَاثِ , وَلَمْ يَشْتَرِطْ عَزَّ وَجَلَّ فِي ذَلِكَ مُتَابَعَةً , فَكَيْفَمَا أَتَى بِهِ الْمَرْءُ أَجْزَأَهُ ; لاَِنَّهُ قَدْ وَقَعَ عَلَيْهِ اسْمُ الأَخْبَارِ بِأَنَّهُ تَطَهَّرَ , وَبِأَنَّهُ غَسَلَ وَجْهَهُ وَذِرَاعَيْهِ وَمَسَحَ رَأْسَهُ وَغَسَلَ رِجْلَيْهِ. حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُثْمَانَ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ ، حدثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، حدثنا الْحَجَّاجُ بْنُ الْمِنْهَالِ ، حدثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ ، وَ، هُوَ ابْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا أَرَادَ أَنْ يَغْتَسِلَ مِنْ الْجَنَابَةِ بَدَأَ فَغَسَلَ يَدَيْهِ ثَلاَثًا , ثُمَّ يَأْخُذُ بِيَمِينِهِ فَيَصُبُّ عَلَى يَسَارِهِ فَيَغْسِلُ فَرْجَهُ حَتَّى يُنَقِّيَهُ , ثُمَّ يَغْسِلُ يَدَيْهِ غَسْلاً حَسَنًا , ثُمَّ يُمَضْمِضُ ثَلاَثًا , ثُمَّ يَسْتَنْشِقُ ثَلاَثًا وَيَغْسِلُ وَجْهَهُ ثَلاَثًا , وَيَغْسِلُ ذِرَاعَيْهِ ثَلاَثًا , ثُمَّ يَصُبُّ عَلَى رَأْسِهِ ثَلاَثًا ثُمَّ يَغْسِلُ جَسَدَهُ غَسْلاً , فَإِذَا خَرَجَ مِنْ مُغْتَسَلِهِ غَسَلَ رِجْلَيْهِ. قَالَ عَلِيٌّ : إذَا جَازَ أَنْ يَجْعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ وُضُوئِهِ وَغُسْلِهِ وَبَيْنَ تَمَامِهِمَا بِغَسْلِ رِجْلَيْهِ مُهْلَةَ خُرُوجِهِ مِنْ مُغْتَسَلِهِ , فَالتَّفْرِيقُ بَيْنَ الْمُدَدِ لاَ نَصَّ فِيهِ ، وَلاَ بُرْهَانَ , وَهَذَا قَوْلُ السَّلَفِ كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ : أَنَّهُ بَالَ بِالسُّوقِ ثُمَّ تَوَضَّأَ فَغَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ ثُمَّ دُعِيَ لِجِنَازَةٍ حِينَ دَخَلَ الْمَسْجِدَ لِيُصَلِّيَ عَلَيْهَا فَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ ثُمَّ صَلَّى عَلَيْهَا. وَرُوِّينَا عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ الْمُغِيرَةِ عَنْ إبْرَاهِيمَ قَالَ : كَانَ أَحَدُهُمْ يَغْسِلُ رَأْسَهُ مِنْ الْجَنَابَةِ بِالسِّدْرِ ثُمَّ يَمْكُثُ سَاعَةً ثُمَّ يَغْسِلُ سَائِرَ جَسَدِهِ , ، وَإِبْرَاهِيمُ تَابِعٌ أَدْرَكَ أَكَابِرَ التَّابِعِينَ وَصِغَارَ الصَّحَابَةِ ، رضي الله عنهم ، , قَالَ إبْرَاهِيمُ فِي الرَّجُلِ تَكُونُ لَهُ الْمَرْأَةُ وَالْجَارِيَةُ فَيُرَافِثُ امْرَأَتَهُ بِالْغُسْلِ أَنَّهُ لاَ بَأْسَ بِأَنْ يَغْسِلَ رَأْسَهُ ثُمَّ يَمْكُثُ ثُمَّ يَغْسِلُ سَائِرَ جَسَدِهِ بَعْدُ ، وَلاَ يَغْسِلُ رَأْسَهُ وَعَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ : إنْ غَسَلَ الْجُنُبُ رَأْسَهُ بِالسِّدْرِ أَوْ بِالْخِطْمِيِّ ثُمَّ يَجْلِسُ حَتَّى يَجِفَّ رَأْسَهُ فَحَسْبُهُ ذَلِكَ. وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَالأَوْزَاعِيِّ وَالْحَسَنِ بْنِ حَيٍّ , وَقَدْ رُوِيَ نَحْوُ هَذَا عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وطَاوُوس. وقال مالك : إنْ طَالَ الأَمَدُ ابْتَدَأَ الْوُضُوءَ , وَإِنْ لَمْ يَطُلْ بَنَى عَلَى وُضُوئِهِ , وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ قَتَادَةَ وَابْنِ أَبِي لَيْلَى وَغَيْرِهِمْ نَحْوُ هَذَا. وَحَدَّ بَعْضُهُمْ ذَلِكَ بِالْجُفُوفِ , وَحَدَّ بَعْضُهُمْ ذَلِكَ بِأَنْ يَكُونَ فِي طَلَبِ الْمَاءِ فَيَبْنِيَ أَوْ يَتْرُكَ وُضُوءَهُ وَيَبْتَدِئَ. قال أبو محمد : أَمَّا تَحْدِيدُ مَالِكٍ بِالطُّولِ فَإِنَّهُ يُكَلِّفُ الْمُنْتَصَرَ لَهُ بَيَانَ مَا ذَلِكَ الطُّولُ الَّذِي تَجِبُ بِهِ شَرِيعَةٌ ابْتِدَاءَ الْوُضُوءَ , وَالْقَصْرُ الَّذِي لاَ تَجِبُ بِهِ هَذِهِ الشَّرِيعَةُ , فَلاَ سَبِيلَ لَهُمْ إلَى ذَلِكَ إلاَّ بِالدَّعْوَى الَّتِي لاَ يَعْجِزُ عَنْهَا أَحَدٌ , وَمَا كَانَ مِنْ الأَقْوَالِ لاَ بُرْهَانَ عَلَى صِحَّتِهِ فَهُوَ بَاطِلٌ , إذْ الشَّرَائِعُ غَيْرُ وَاجِبَةٍ عَلَى أَحَدٍ حَتَّى يُوجِبَهَا اللَّهُ تَعَالَى عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَأَمَّا مَنْ حَدَّ ذَلِكَ بِجُفُوفِ الْمَاءِ فَخَطَأٌ ظَاهِرٌ , لاَِنَّهُ دَعْوَى بِلاَ بُرْهَانٍ , وَمَا كَانَ هَكَذَا فَهُوَ بَاطِلٌ لِمَا ذَكَرْنَاهُ , وَأَيْضًا فَإِنَّ فِي الصَّيْفِ فِي الْبِلاَدِ الْحَارَّةِ لاَ يُتِمُّ أَحَدٌ وُضُوءَهُ حَتَّى يَجِفَّ وَجْهُهُ , وَلاَ يَصِحُّ وُضُوءٌ عَلَى هَذَا. وَأَمَّا مَنْ حَدَّ فِي ذَلِكَ بِمَا دَامَ فِي طَلَبِ الْمَاءِ , فَقَوْلٌ أَيْضًا لاَ دَلِيلَ عَلَى صِحَّتِهِ , وَالدَّعْوَى لاَ يَعْجِزُ عَنْهَا أَحَدٌ , وَالْعَجَبُ أَنَّ مَالِكًا يُجِيزُ أَنْ يَجْعَلَ الْمَرْءُ إذَا رَعَفَ بَيْنَ أَجْزَاءِ صَلاَتِهِ مُدَّةً وَعَمَلاً لَيْسَ مِنْ الصَّلاَةِ , ثُمَّ يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ فِي الْوُضُوءِ. قَالَ عَلِيٌّ : فَإِنْ تَعَلَّقَ بَعْضُهُمْ بِخَبَرٍ رُوِّينَاهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ طَرِيقِ بَقِيَّةَ عَنْ بَحِيرٍ عَنْ خَالِدٍ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَجُلاً يُصَلِّي وَفِي قَدِمَهُ لُمْعَةٌ لَمْ يُصِبْهَا الْمَاءُ , فَأَمَرَهُ عليه السلام أَنْ يُعِيدَ الْوُضُوءَ وَالصَّلاَةَ فَإِنَّ هَذَا خَبَرٌ لاَ يَصِحُّ لاَِنَّ رَاوِيَهُ بَقِيَّةُ , وَلَيْسَ بِالْقَوِيِّ , وَفِي السَّنَدِ مَنْ لاَ يَدْرِي مَنْ هُوَ , وَرُوِّينَا أَيْضًا عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَعَنْ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ جَابِرٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ : أَنَّهُ رَأَى رَجُلاً يُصَلِّي وَقَدْ تَرَكَ مِنْ رِجْلِهِ مَوْضِعَ ظُفْرٍ فَأَمَرَهُ أَنْ يُعِيدَ الْوُضُوءَ وَالصَّلاَةَ. قَالَ عَلِيٌّ : أَمَّا الرِّوَايَةُ عَنْ عُمَرَ أَيْضًا فَلاَ تَصِحُّ ; لاَِنَّ أَبَا قِلاَبَةَ لَمْ يُدْرِكْ عُمَرَ , وَأَبُو سُفْيَانَ ضَعِيفٌ. وَقَدْ جَاءَ أَثَرٌ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ أَحْسَنُ مِنْ هَذَا , رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ قَاسِمِ بْنِ أَصْبَغَ ، حدثنا بَكْرُ بْنُ مُضَرَ عَنْ حَرْمَلَةَ بْنِ يَحْيَى ، حدثنا ابْنُ وَهْبٍ عَنْ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَاهُ وَقَدْ تَوَضَّأَ وَتَرَكَ مَوْضِعَ الظُّفْرِ لَمْ يُصِبْهُ الْمَاءُ , فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ارْجِعْ فَأَحْسِنْ وُضُوءَكَ وَعَنِ ابْنِ وَهْبٍ ، عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ عَنْ عُمَرَ مِثْلُ هَذَا أَيْضًا. قَالَ عَلِيٌّ : لاَ يَصِحُّ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ خِلاَفُ فِعْلِ عُمَرَ هَذَا , فَقَدْ خَالَفُوا هَهُنَا صَاحِبًا لاَ يُعْرَفُ لَهُ مِنْ الصَّحَابَةِ مُخَالِفٌ , وَبِيَقِينٍ يَدْرِي كُلُّ ذِي عِلْمٍ أَنَّ مُرُورَ الأَوْقَاتِ لَيْسَ مِنْ الأَحْدَاثِ النَّاقِضَةِ لِلْوُضُوءِ , وَقَدْ تَنَاقَضَ مَالِكٌ فِي هَذَا الْمَكَانِ فَرَأَى أَنَّ مَنْ نَسِيَ عُضْوًا مِنْ أَعْضَاءِ وُضُوئِهِ فَإِنْ غَسَلَهُ أَجْزَأَهُ , وَرَأَى فِيمَنْ تَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ وَبَقِيَ كَذَلِكَ نَهَارَهُ ثُمَّ خَلَعَ خُفَّيْهِ فَإِنَّ وُضُوءَ رِجْلَيْهِ عِنْدَهُ قَدْ انْتَقَضَ وَأَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ إلاَّ غَسْلُ رِجْلَيْهِ فَقَطْ , وَهَذَا تَبْعِيضُ الْوُضُوءِ الَّذِي مُنِعَ مِنْهُ , وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. وَيُكْرَهُ الإِكْثَارُ مِنْ الْمَاءِ فِي الْغُسْلِ وَالْوُضُوءِ , وَالزِّيَادَةُ عَلَى الثَّلاَثِ فِي غَسْلِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ وَمَسْحُ الرَّأْسِ ; لاَِنَّهُ لَمْ يَأْتِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ. وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي حَيَّةَ بْنِ قَيْسٍ أَنَّ عَلِيًّا تَوَضَّأَ ثَلاَثًا ثَلاَثًا , وَقَالَ هَكَذَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ الأَوْزَاعِيِّ حَدَّثَنِي الْمُطَّلِبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْطَبٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ تَوَضَّأَ ثَلاَثًا , يُسْنِدُ ذَلِكَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَنْ عُثْمَانَ أَيْضًا مِثْلُ ذَلِكَ فَلَمْ يَخُصَّ فِي هَذِهِ الآثَارِ رَأْسًا مِنْ غَيْرِهِ. حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَنْصُورٍ ، حدثنا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ الَّذِي أُرِيَ النِّدَاءَ قَالَ : رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ فَغَسَلَ وَجْهَهُ ثَلاَثًا وَيَدَيْهِ مَرَّتَيْنِ وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ مَرَّتَيْنِ. وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ أَنَسٍ مَسْحَ رَأْسَهُ فِي الْوُضُوءِ ثَلاَثًا وَاثْنَتَيْنِ , وَعَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ : أَكْثَرُ مَا أَمْسَحُ بِرَأْسِي ثَلاَثُ مَرَّاتٍ لاَ أَزِيدُ بِكَفٍّ وَاحِدَةٍ لاَ أَزِيدُ ، وَلاَ أَنْقُصُ. وَعَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ ، حدثنا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ : رَأَيْتُ مُحَمَّدَ بْنَ سِيرِينَ تَوَضَّأَ فَمَسَحَ بِرَأْسِهِ مَسْحَتَيْنِ إحْدَاهُمَا بِبَلَلِ يَدَيْهِ وَالآُخْرَى بِمَاءٍ جَدِيدٍ , وَعَنْ أَبِي عُبَيْدٍ ، حدثنا هُشَيْمٌ ، حدثنا الْعَوَّامُ : أَنَّ إبْرَاهِيمَ التَّيْمِيَّ كَانَ يَمْسَحُ رَأْسَهُ ثَلاَثًا , وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَدَاوُد وَغَيْرِهِمْ , وَأَمَّا الإِكْثَارُ مِنْ الْمَاءِ فَمَذْمُومٌ مِنْ الْجَمِيعِ. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ ، حدثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ ، حدثنا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ نَافِعٍ ، حدثنا شَبَابَةُ ، حدثنا لَيْثٌ ، هُوَ ابْنُ سَعْدٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ حَفْصَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ وَكَانَتْ تَحْتَ الْمُنْذِرِ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَتْ إنَّ عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ أَخْبَرَتْهَا أَنَّهَا كَانَتْ تَغْتَسِلُ هِيَ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي إنَاءٍ وَاحِدٍ يَسَعُ ثَلاَثَةَ أَمْدَادٍ أَوْ قَرِيبًا مِنْ ذَلِكَ. حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ ، حدثنا ابْنُ الأَعْرَابِيُّ ، حدثنا أَبُو دَاوُد ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ ، حدثنا شُعْبَةُ عَنْ حَبِيبٍ الأَنْصَارِيِّ قَالَ : سَمِعْتُ عَبَّادَ بْنَ تَمِيمٍ عَنْ جَدَّتِي وَهِيَ أُمُّ عُمَارَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ فَأُتِيَ بِإِنَاءٍ فِيهِ قَدْرُ ثُلُثَيْ الْمُدِّ. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ ، حدثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ ، حدثنا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ الْمُرَادِيُّ ، حدثنا ابْنُ وَهْبٍ عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْفِهْرِيِّ عَنْ مَخْرَمَةَ بْنِ سُلَيْمَانَ الْقُرَشِيِّ عَنْ كُرَيْبٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ رَأَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ مِنْ النَّوْمِ فَعَمَدَ إلَى شَجْبٍ مِنْ مَاءٍ فَتَسَوَّكَ وَتَوَضَّأَ فَأَسْبَغَ الْوُضُوءَ وَلَمْ يُهْرِقْ مِنْ الْمَاءِ إلاَّ قَلِيلاً وَذَكَرَ الْحَدِيثَ. قَالَ عَلِيٌّ : وَقَدْ جَاءَتْ آثَار أَنَّهُ عليه السلام تَوَضَّأَ بِالْمُدِّ وَاغْتَسَلَ بِالصَّاعِ , وَأَنَّهُ عليه السلام تَوَضَّأَ بِمَكُّوكٍ وَاغْتَسَلَ بِخَمْسِ مَكَاكِيَّ , وَأَنَّهُ عليه السلام كَانَ يَتَوَضَّأُ مِنْ إنَاءٍ فِيهِ مُدٌّ وَرُبْعٌ , وَكُلُّ هَذَا صَحِيحٌ لاَ يَخْتَلِفُ , وَإِنَّمَا هُوَ مَا أَجْزَأَ فَقَطْ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. وَمَنْ كَانَ عَلَى ذِرَاعَيْهِ أَوْ أَصَابِعِهِ أَوْ رِجْلَيْهِ جَبَائِرُ أَوْ دَوَاءٌ مُلْصَقٌ لِضَرُورَةٍ فَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَمْسَحَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ , وَقَدْ سَقَطَ حُكْمُ ذَلِكَ الْمَكَانِ , فَإِنْ سَقَطَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ بَعْدَ تَمَامِ الْوُضُوءِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ إمْسَاسُ ذَلِكَ الْمَكَانِ بِالْمَاءِ , وَهُوَ عَلَى طَهَارَتِهِ مَا لَمْ يُحْدِثْ. بُرْهَانُ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى : فإن قيل فَإِنَّهُ قَدْ رُوِيَ مِنْ طَرِيقِ زَيْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ عَلِيٍّ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَمْسَحُ عَلَى الْجَبَائِرِ قَالَ نَعَمْ امْسَحْ عَلَيْهَا قلنا : هَذَا خَبَرٌ لاَ تَحِلُّ رِوَايَتُهُ إلاَّ عَلَى بَيَانِ سُقُوطِهِ ; لاَِنَّهُ انْفَرَدَ بِهِ أَبُو خَالِدٍ عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ الْوَاسِطِيُّ وَهُوَ مَذْكُورٌ بِالْكَذِبِ. فإن قيل : فَقَدْ جَاءَ أَنَّهُ عليه السلام أَمَرَهُمْ أَنْ يَمْسَحُوا عَلَى الْعَصَائِبِ وَالتَّسَاخِينِ قلنا : هَذَا لاَ يَصِحُّ مِنْ طَرِيقِ الإِسْنَادِ , وَلَوْ كَانَ لَمَا كَانَتْ فِيهِ حُجَّةٌ , لاَِنَّ الْعَصَائِبَ هِيَ الْعَمَائِمُ , قَالَ الْفَرَزْدَقُ : وَرَكْبٍ كَأَنَّ الرِّيحَ تُطْلَبُ عِنْدَهُمْ لَهَا تِرَةٌ مِنْ جَذْبِهَا بِالْعَصَائِبِ وَالتَّسَاخِينُ هِيَ الْخِفَافُ. وَإِنَّمَا أَوْجَبَ مَنْ أَوْجَبَ الْمَسْحَ عَلَى الْجَبَائِرِ قِيَاسًا عَلَى الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ , وَالْقِيَاسُ بَاطِلٌ , ثُمَّ لَوْ كَانَ الْقِيَاسُ حَقًّا لَكَانَ هَذَا مِنْهُ بَاطِلاً , لاَِنَّ الْمَسْحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ فِيهِ تَوْقِيتٌ , وَلاَ تَوْقِيتَ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْجَبَائِرِ , مَعَ أَنَّ قَوْلَ الْقَائِلِ : لَمَّا جَازَ الْمَسْحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَجَبَ الْمَسْحُ عَلَى الْجَبَائِرِ , دَعْوَى بِلاَ دَلِيلٍ , وَقَضِيَّةُ مَنْ عِنْدَهُ , ثُمَّ هِيَ أَيْضًا مَوْضُوعَةٌ وَضْعًا فَاسِدًا لاَِنَّهُ إيجَابُ فَرْضٍ قِيسَ عَلَى إبَاحَةٍ وَتَخْيِيرٍ , وَهَذَا لَيْسَ مِنْ الْقِيَاسِ فِي شَيْءٍ. وَقَدْ رُوِّينَا مِثْلُ قَوْلِنَا عَنْ بَعْضِ السَّلَفِ , كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيق ابْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبْجَرَ عَنْ الشَّعْبِيِّ ، أَنَّهُ قَالَ فِي الْجِرَاحَةِ : اغْسِلْ مَا حَوْلَهَا , فإن قيل : قَدْ رَوَيْتُمْ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ أَلْقَمَ أُصْبُعَ رِجْلِهِ مَرَارَةً فَكَانَ يَمْسَحُ عَلَيْهَا. قلنا : هَذَا فِعْلٌ مِنْهُ , وَلَيْسَ إيجَابًا لِلْمَسْحِ عَلَيْهَا , وَقَدْ صَحَّ عَنْهُ رضي الله عنه أَنَّهُ كَانَ يُدْخِلُ الْمَاءَ فِي بَاطِنِ عَيْنَيْهِ فِي الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ , وَأَنْتُمْ لاَ تَرَوْنَ ذَلِكَ , فَضْلاً عَنْ أَنْ تُوجِبُوهُ فَرْضًا , وَصَحَّ أَنْ كَانَ يُجِيزُ بَيْعَ الْحَامِلِ وَاسْتِثْنَاءَ مَا فِي بَطْنِهَا , وَهَذَا عِنْدَكُمْ حَرَامٌ , وَمِنْ الْمَقْتِ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى أَنْ تَحْتَجُّوا بِهِ فِيمَا اشْتَهَيْتُمْ وَتُسْقِطُوا الْحُجَّةَ بِهِ حَيْثُ لَمْ تَشْتَهُوا , وَهَذَا عَظِيمٌ فِي الدِّينِ جِدًّا. وَإِذْ قَدْ صَحَّ مَا ذَكَرْنَا فَالْوُضُوءُ إذَا تَمَّ وَجَازَتْ بِهِ الصَّلاَةُ فَلاَ يَنْقُضُهُ إلاَّ حَدَثٌ أَوْ نَصٌّ جَلِيٌّ وَارِدٌ بِانْتِقَاضِهِ , وَلَيْسَ سُقُوطُ اللَّصْقَةِ أَوْ الْجَبِيرَةِ أَوْ الرِّبَاطِ حَدَثًا , وَلاَ جَاءَ نَصٌّ بِإِيجَابِ الْوُضُوءِ مِنْ ذَلِكَ , وَالشَّرَائِعُ لاَ تُؤْخَذُ إلاَّ عَنْ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى لِسَانِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمِمَّنْ رَأَى الْمَسْحَ عَلَى الْجَبَائِرِ أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَلَمْ يَرَ ذَلِكَ دَاوُد وَأَصْحَابُنَا , وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. وَلاَ يَجُوزُ لاَِحَدٍ مَسُّ ذَكَرِهِ بِيَمِينِهِ جُمْلَةً إلاَّ عِنْدَ ضَرُورَةٍ لاَ يُمْكِنُهُ غَيْرُ ذَلِكَ , وَلاَ بَأْسَ بِأَنْ يَمَسَّ بِيَمِينِهِ ثَوْبًا عَلَى ذَكَرِهِ , وَمَسُّ الذَّكَرِ بِالشِّمَالِ مُبَاحٌ , وَمَسْحُ سَائِرِ أَعْضَائِهِ بِيَمِينِهِ وَبِشِمَالِهِ مُبَاحٌ , وَمَسُّ الرَّجُلِ ذَكَرَ صَغِيرٍ لِمُدَاوَاةٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ مِنْ أَبْوَابِ الْخَيْرِ كَالْخِتَانِ وَنَحْوِهِ , جَائِزٌ بِالْيَمِينِ وَالشِّمَالِ , وَمَسُّ الْمَرْأَةِ فَرْجَهَا بِيَمِينِهَا وَشِمَالِهَا جَائِزٌ , وَكَذَلِكَ مَسُّهَا ذَكَرَ زَوْجِهَا أَوْ سَيِّدِهَا بِيَمِينِهَا أَوْ بِشِمَالِهَا جَائِزٌ. بُرْهَانُ ذَلِكَ أَنَّ كُلَّ مَا ذَكَرْنَا فَلاَ نَصَّ فِي النَّهْيِ عَنْهُ , وَكُلُّ مَا لاَ نَصَّ فِي تَحْرِيمِهِ فَهُوَ مُبَاحٌ بِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى : وَكَذَلِكَ بِالْخَبَرَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ. وَقَدْ جَاءَ النَّهْيُ عَنْ مَسِّ الرَّجُلِ ذَكَرَهُ بِيَمِينِهِ , كَمَا حَدَّثَنَا حمام وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ , قَالَ عَبْدُ اللَّهِ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ ، حدثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ ، حدثنا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ ، حدثنا ابْنُ أَبِي عُمَرَ ، حدثنا الثَّقَفِيُّ هُوَ عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ عَنْ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ , وَقَالَ حَمَامٌ ، حدثنا عَبَّاسُ بْنُ أَصْبَغَ ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَيْمَنَ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبِرْتِيُّ قَاضِي بَغْدَادَ ، حدثنا أَبُو نُعَيْمٍ هُوَ الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ ، حدثنا سُفْيَانُ هُوَ الثَّوْرِيُّ عَنْ مَعْمَرٍ , ثُمَّ اتَّفَقَ أَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ وَمَعْمَرٌ كِلاَهُمَا عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ : نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَمَسَّ الرَّجُلُ ذَكَرَهُ بِيَمِينِهِ هَذَا لَفْظُ مَعْمَرٍ. وَلَفْظُ أَيُّوبَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَتَنَفَّسَ فِي الإِنَاءِ وَأَنْ يَمَسَّ ذَكَرَهُ بِيَمِينِهِ وَأَنْ يَسْتَطِيبَ بِيَمِينِهِ. وَبِهَذَا الْخَبَرِ حَرُمَ أَنْ يُزِيلَ أَحَدٌ أَثَرَ الْبَوْلِ بِيَمِينِهِ بِغَسْلٍ أَوْ مَسْحٍ , لاَِنَّهُ اسْتِطَابَةٌ. قَالَ عَلِيٌّ : رِوَايَةُ مَعْمَرٍ وَأَيُّوبَ زَائِدَةٌ عَلَى كُلِّ مَا رَوَاهُ غَيْرُهُمَا عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ مِنْ الاِقْتِصَارُ بِالنَّهْيِ عَنْ مَسِّ الذَّكَرِ بِالْيَمِينِ فِي حَالِ الْبَوْلِ , وَعِنْدَ دُخُولِ الْخَلاَءِ , وَالزِّيَادَةُ مَقْبُولَةٌ لاَ يَجُوزُ رَدُّهَا , لاَ سِيَّمَا وَأَيُّوبُ وَمَعْمَرٌ أَحْفَظُ مِمَّنْ رَوَى بَعْضَ مَا رَوَيَاهُ , وَكُلُّ ذَلِكَ حَقٌّ , وَأَخْذُ كُلِّ ذَلِكَ فَرْضٌ لاَ يَحِلُّ رَدُّ شَيْءٍ مِمَّا رَوَاهُ الثِّقَاتُ , فَمَنْ أَخَذَ بِرِوَايَةِ أَيُّوبَ وَمَعْمَرٍ فَقَدْ أَخَذَ بِرِوَايَةِ هَمَّامٍ وَهِشَامٍ الدَّسْتُوَائِيِّ وَالأَوْزَاعِيِّ وَأَبِي إسْمَاعِيلَ , وَمَنْ أَخَذَ بِرِوَايَةِ هَؤُلاَءِ وَخَالَفَ رِوَايَةَ أَيُّوبَ وَمَعْمَرٍ فَقَدْ عَصَى. وَقَدْ رُوِّينَا مِثْلَ قَوْلِنَا هَذَا عَنْ بَعْضِ السَّلَفِ , كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ عَنْ الصَّلْتِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ صَهْبَانَ : سَمِعْتُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عُثْمَانَ رضي الله عنه يَقُولُ : مَا مَسِسْتُ ذَكَرِي بِيَمِينِي مُذْ بَايَعْتُ بِهَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وبه إلى وَكِيعٍ عَنْ خَالِدِ بْنِ دِينَارٍ سَمِعْتُ أَبَا الْعَالِيَةِ يَقُولُ : مَا مَسِسْتُ ذَكَرِي بِيَمِينِي مُذْ سِتِّينَ سَنَةً أَوْ سَبْعِينَ سَنَةً. وَرُوِّينَا عَنْ مُسْلِمِ بْنِ يَسَارٍ وَكَانَ مِنْ خِيَارِ التَّابِعِينَ ، أَنَّهُ قَالَ : لاَ أَمَسُّ ذَكَرِي بِيَمِينِي وَأَنَا أَرْجُو أَنْ آخُذَ بِهَا كِتَابِي. وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. وَمَنْ أَيْقَنَ بِالْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ ثُمَّ شَكَّ هَلْ أَحْدَثَ أَوْ كَانَ مِنْهُ مَا يُوجِبُ الْغُسْلَ أَمْ لاَ فَهُوَ عَلَى طَهَارَتِهِ , وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُجَدِّدَ غُسْلاً ، وَلاَ وُضُوءًا , فَلَوْ اغْتَسَلَ وَتَوَضَّأَ ثُمَّ أَيْقَنَ أَنَّهُ كَانَ مُحْدِثًا أَوْ مُجْنِبًا , أَوْ أَنَّهُ قَدْ أَتَى بِمَا يُوجِبُ الْغُسْلَ لَمْ يُجْزِهِ الْغُسْلُ ، وَلاَ الْوُضُوءُ اللَّذَانِ أَحْدَثَا بِالشَّكِّ , وَعَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَ بِغُسْلٍ آخَرَ وَوُضُوءٍ آخَرَ , وَمَنْ أَيْقَنَ بِالْحَدَثِ وَشَكَّ فِي الْوُضُوءِ أَوْ الْغُسْلِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَ بِمَا شَكَّ فِيهِ مِنْ ذَلِكَ , فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ وَصَلَّى بِشَكِّهِ ثُمَّ أَيْقَنَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ حَدَثًا ، وَلاَ كَانَ عَلَيْهِ غُسْلٌ لَمْ تُجْزِهِ صَلاَتُهُ تِلْكَ أَصْلاً. بُرْهَانُ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى : وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إيَّاكُمْ وَالظَّنَّ فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ. حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ ، حدثنا ابْنُ الأَعْرَابِيِّ ، حدثنا أَبُو دَاوُد ، حدثنا مُوسَى بْنُ إسْمَاعِيلَ ، حدثنا حَمَّادٌ ، حدثنا سُهَيْلُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : إذَا كَانَ أَحَدُكُمْ فِي الصَّلاَةِ فَوَجَدَ حَرَكَةً فِي دُبُرِهِ أَحْدَثَ أَوْ لَمْ يُحْدِثْ فَأَشْكَلَ عَلَيْهِ , فَلاَ يَنْصَرِفْ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا أَوْ يَجِدَ رِيحًا وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَدَاوُد , وقال مالك : يَتَوَضَّأُ فِي كِلاَ الْوَجْهَيْنِ , وَاحْتَجَّ بَعْضُ مُقَلِّدِيهِ بِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ مَنْ شَكَّ فَلَمْ يَدْرِ كَمْ صَلَّى بِأَنْ يُلْغِيَ الشَّكَّ وَيَبْنِيَ عَلَى الْيَقِينِ قال أبو محمد : وَهَذَا خَطَأٌ مِنْ وَجْهَيْنِ , أَحَدُهُمَا تَرْكُهُمْ لِلْخَبَرِ الْوَارِدِ فِي الْمَسْأَلَةِ بِعَيْنِهَا وَمُخَالَفَتُهُمْ لَهُ , وَأَنْ يَجْعَلُوا هَذَا الأَمْرَ حَدَثًا يُوجِبُ الْوُضُوءَ فِي غَيْرِ الصَّلاَةِ ، وَلاَ يُوجِبُهُ فِي الصَّلاَةِ , وَهَذَا تَنَاقُضٌ قَدْ أَنْكَرُوا مِثْلَهُ عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ فِي الْوُضُوءِ مِنْ الْقَهْقَهَةِ فِي الصَّلاَةِ دُونَ غَيْرِهَا وَأَخْذُهُمْ بِخَبَرٍ جَاءَ فِي حُكْمٍ آخَرَ. وَالثَّانِي أَنَّهُمْ احْتَجُّوا بِخَبَرٍ هُوَ حُجَّةٌ عَلَيْهِمْ ; لاَِنَّهُ عليه السلام لَمْ يَجْعَلْ لِلشَّكِّ حُكْمًا , وَأَبْقَاهُ عَلَى الْيَقِينِ عِنْدَهُ بِلاَ شَكٍّ , وَإِنْ جَازَ أَنْ يَكُونَ الأَمْرُ كَمَا ظَنَّ هَذَا إلَى تَنَاقُضِهِمْ , فَإِنَّهُمْ يَقُولُونَ : مَنْ شَكَّ أَطَلَّقَ أَمْ لَمْ يُطَلِّقْ , وَأَيْقَنَ بِصِحَّةِ النِّكَاحِ فَلاَ يَلْزَمُهُ طَلاَقٌ , وَمَنْ أَيْقَنَ بِصِحَّةِ الْمِلْكِ فَشَكَّ أَنَّهُ أَعْتَقَ أَمْ لَمْ يُعْتِقْ فَلاَ يَلْزَمُهُ عِتْقٌ , وَمَنْ تُيُقِّنَتْ حَيَاتُهُ وَشُكَّ فِي مَوْتِهِ فَهُوَ عَلَى الْحَيَاةِ , وَهَكَذَا فِي كُلِّ شَيْءٍ. قَالَ عَلِيٌّ : فَإِذَا هُوَ كَمَا ذَكَرْنَا فَإِنْ تَوَضَّأَ كَمَا ذَكَرْنَا وَهُوَ شَاكٌّ فِي الْحَدَثِ ثُمَّ أَيْقَنَ بِأَنَّهُ كَانَ أَحْدَثَ لَمْ يُجْزِهِ ذَلِكَ الْوُضُوءُ , لاَِنَّهُ لَمْ يَتَوَضَّأْ الْوُضُوءَ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ , وَإِنَّمَا تَوَضَّأَ وُضُوءًا لَمْ يُؤْمَرْ بِهِ , وَلاَ يَنُوبُ وُضُوءٌ لَمْ يَأْمُرْ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهِ عَنْ وُضُوءٍ أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ. وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ وَالْمَسْحُ عَلَى كُلِّ مَا لُبِسَ فِي الرِّجْلَيْنِ مِمَّا يَحِلُّ لِبَاسُهُ مِمَّا يَبْلُغُ فَوْقَ الْكَعْبَيْنِ سُنَّةٌ , سَوَاءٌ كَانَا خُفَّيْنِ مِنْ جُلُودٍ أَوْ لُبُودٍ أَوْ عُودٍ أَوْ حَلْفَاءَ أَوْ جَوْرَبَيْنِ مِنْ كَتَّانٍ أَوْ صُوفٍ أَوْ قُطْنٍ أَوْ وَبَرٍ أَوْ شَعْرٍ كَانَ عَلَيْهِمَا جِلْدٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ أَوْ جُرْمُوقَيْنِ أَوْ خُفَّيْنِ عَلَى خُفَّيْنِ أَوْ جَوْرَبَيْنِ عَلَى جَوْرَبَيْنِ أَوْ مَا كَثُرَ مِنْ ذَلِكَ أَوْ هَرَاكِسَ. وَكَذَلِكَ إنْ لَبِسَتْ الْمَرْأَةُ مَا ذَكَرْنَا مِنْ الْحَرِيرِ , فَكُلُّ مَا ذَكَرْنَا إذَا لُبِسَ عَلَى وُضُوءٍ جَازَ الْمَسْحُ عَلَيْهِ لِلْمُقِيمِ يَوْمًا وَلَيْلَةً وَلِلْمُسَافِرِ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ بِلَيَالِيِهِنَّ , ثُمَّ لاَ يَحِلُّ لَهُ الْمَسْحُ , فَإِذَا انْقَضَى هَذَانِ الأَمَدَانِ يَعْنِي أَحَدُهُمَا لِمَنْ وُقِّتَ لَهُ صَلَّى بِذَلِكَ الْمَسْحِ مَا لَمْ تُنْتَقَضْ طَهَارَتُهُ , فَإِنْ انْتَقَضَتْ لَمْ يَحِلَّ لَهُ أَنْ يَمْسَحُ , لَكِنْ يَخْلَعُ مَا عَلَى رِجْلَيْهِ وَيَتَوَضَّأُ ، وَلاَ بُدَّ , فَإِنْ أَصَابَهُ مَا يُوجِبُ الْغُسْلَ خَلَعَهُمَا ، وَلاَ بُدَّ , ثُمَّ مَسَحَ كَمَا ذَكَرْنَا إنْ شَاءَ , وَهَكَذَا أَبَدًا كَمَا وَصَفْنَا. بُرْهَانُ ذَلِكَ مَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ ، حدثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ ، حدثنا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ ، حدثنا أَبِي ، حدثنا زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي زَائِدَةَ عَنْ عَامِرٍ هُوَ الشَّعْبِيُّ ، حدثنا عُرْوَةُ بْنُ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ : كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ وُضُوءَهُ عليه السلام , قَالَ الْمُغِيرَةُ ثُمَّ أَهْوَيْتُ لاَِنْزِعَ الْخُفَّيْنِ فَقَالَ عليه السلام : دَعْهُمَا فَإِنِّي أَدْخَلْتُهُمَا طَاهِرَتَيْنِ , وَمَسَحَ عَلَيْهِمَا. حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الطَّلْمَنْكِيُّ ، حدثنا ابْنُ مُفَرِّجٍ ، حدثنا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ فِرَاسٍ ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ الصَّائِغُ ، حدثنا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ ، حدثنا أَبُو الأَحْوَصِ ، حدثنا الأَعْمَشُ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ كُنْتُ أَمْشِي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَدِينَةِ فَانْتَهَى إلَى سُبَاطَةِ نَاسٍ فَبَالَ عَلَيْهَا قَائِمًا ثُمَّ تَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ. حدثنا عبد الله بن ربيع وَيَحْيَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْقُرَشِيُّ الْهِشَامِيُّ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ ، حدثنا إِسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ ، هُوَ ابْنُ رَاهْوَيْهِ وَقَالَ يَحْيَى ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ حَزْمٍ ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَيْمَنَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ ، حدثنا أَبِي , ثُمَّ اتَّفَقَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَاللَّفْظُ لاَِحْمَدَ قَالاَ : حدثنا وَكِيعٌ ، حدثنا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ أَبِي قَيْسٍ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَرْوَانَ عَنْ هُزَيْلِ بْنِ شُرَحْبِيلَ عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ وَالنَّعْلَيْنِ. حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ ، حدثنا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ عَنْ الأَعْمَشِ عَنْ الْحَكَمِ ، هُوَ ابْنُ عُتَيْبَةَ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُخَيْمِرَةَ عَنْ شُرَيْحِ بْنِ هَانِئٍ قَالَ : سَأَلْتُ عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ عَنْ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ فَقَالَتْ : ائْتِ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ فَإِنَّهُ أَعْلَمُ بِذَلِكَ مِنِّي , فَأَتَيْتُ عَلِيًّا فَسَأَلْتُهُ عَنْ الْمَسْحِ فَقَالَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُنَا أَنْ يَمْسَحَ الْمُقِيمُ يَوْمًا وَلَيْلَةً وَالْمُسَافِرُ ثَلاَثًا. وَرُوِّينَاهُ أَيْضًا كَذَلِكَ مِنْ طَرِيقِ مُسْلِمِ بْنِ الْحَجَّاجِ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ رَاهْوَيْهِ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ وَزَكَرِيَّا بْنِ عَدِيٍّ , قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَنْبَأَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ عَمْرِو بْنِ قَيْسٍ الْمُلاَئِيِّ وَكَانَ سُفْيَانُ إذَا ذَكَرَهُ أَثْنَى عَلَيْهِ. وَقَالَ زَكَرِيَّا عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو الرَّقِّيِّ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ , ثُمَّ اتَّفَقَ زَيْدٌ وَعَمْرٌو عَنْ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ بِمِثْلِ حَدِيثِ الأَعْمَشِ عَنْ الْحَكَمِ وَإِسْنَادُهُ. حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ سَعِيدِ الْخَيْرِ ، حدثنا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ أَحْمَدَ الْمُقْرِي ، حدثنا الْحَسَنُ بْنُ الْحُسَيْنِ النَّجِيرَمِيُّ ، حدثنا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الأَصْبَهَانِيُّ ، حدثنا يُونُسُ بْنُ حَبِيبِ بْنِ عَبْدِ الْقَاهِرِ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيُّ ، حدثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ وَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ وَهَمَّامُ بْنُ يَحْيَى وَشُعْبَةُ بْنُ الْحَجَّاجِ كُلُّهُمْ عَنْ عَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجُودِ عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ قَالَ : أَتَيْتُ صَفْوَانَ بْنَ عَسَّالٍ فَقُلْتُ : إنَّهُ حَكَّ فِي نَفْسِي مِنْ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ شَيْءٌ , فَهَلْ سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ شَيْئًا فَقَالَ : كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ فَأَمَرَنَا أَنْ نَمْسَحَ عَلَيْهِمَا ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيَهُنَّ مِنْ غَائِطٍ وَبَوْلٍ وَنَوْمٍ إلاَّ مِنْ جَنَابَةٍ. وَرُوِّينَاهُ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ مَعْمَرٍ وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَسُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ , كُلُّهُمْ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ زِرٍّ عَنْ صَفْوَانَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِثْلِهِ. وَهَذَا نَقْلُ تَوَاتُرٍ يُوجِبُ الْعِلْمَ , فَفِي حَدِيثِ الْمُغِيرَةِ أَنَّ الْمَسْحَ إنَّمَا هُوَ عَلَى مَنْ أَدْخَلَ الرِّجْلَيْنِ وَهُمَا طَاهِرَتَانِ. وَفِي حَدِيثِ حُذَيْفَةَ الْمَسْحُ فِي الْحَضَرِ , وَفِي حَدِيثِ هُزَيْلٍ عَنْ الْمُغِيرَةِ الْمَسْحُ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ. وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ عُمُومُ الْمَسْحِ عَلَى كُلِّ مَا لُبِسَ فِي الرِّجْلَيْنِ يَوْمًا وَلَيْلَةً لِلْمُقِيمِ وَثَلاَثًا لِلْمُسَافِرِ , وَأَنْ لاَ يَخْلَعَ إلاَّ لِغُسْلِ الْجَنَابَةِ فِي حَدِيثِ صَفْوَانَ. وَأَمَّا قَوْلُنَا إنَّهُ إذَا انْقَضَى أَحَدُ الأَمَدَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ صَلَّى الْمَاسِحُ بِذَلِكَ الْمَسْحِ مَا لَمْ يَنْتَقِضْ وُضُوءُهُ , وَلاَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَمْسَحَ إلاَّ حَتَّى يَنْزِعَهُمَا وَيَتَوَضَّأَ , فَلاَِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَهُ أَنْ يَمْسَحَ إنْ كَانَ مُسَافِرًا ثَلاَثًا فَقَطْ , وَإِنْ كَانَ مُقِيمًا يَوْمًا وَلَيْلَةً فَقَطْ , وَأَمَرَ عليه السلام بِالصَّلاَةِ بِذَلِكَ الْمَسْحِ , وَلَمْ يَنْهَهُ عَنْ الصَّلاَةِ بِهِ بَعْدَ أَمَدِهِ الْمُؤَقَّتِ لَهُ , وَإِنَّمَا نَهَاهُ عَنْ الْمَسْحِ فَقَطْ , وَهَذَا نَصُّ الْخَبَرِ فِي ذَلِكَ. وَمِمَّنْ قَالَ بِالْمَسْحِ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ جَمَاعَةٌ مِنْ السَّلَفِ , كَمَا رُوِّينَا عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ الزِّبْرِقَانِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْعَبْدِيِّ وَيَحْيَى بْنِ أَبِي حَيَّةَ وَالأَعْمَشِ , قَالَ الزِّبْرِقَانُ عَنْ كَعْبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ : رَأَيْتُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه بَالَ فَمَسَحَ عَلَى جَوْرَبَيْهِ وَنَعْلَيْهِ , وَقَالَ يَحْيَى عَنْ أَبِي الْجُلاَسِ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ : أَنَّهُ كَانَ يَمْسَحُ عَلَى جَوْرَبَيْهِ وَنَعْلَيْهِ وَقَالَ الأَعْمَشُ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ رَجَاءٍ وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وَسَعِيدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ضِرَارٍ قَالَ إسْمَاعِيلُ عَنْ أَبِيهِ قَالَ : رَأَيْتُ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ يَمْسَحُ عَلَى جَوْرَبَيْهِ وَنَعْلَيْهِ. وَقَالَ إبْرَاهِيمُ عَنْ هَمَّامِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْبَدْرِيِّ أَنَّهُ كَانَ يَمْسَحُ عَلَى جَوْرَبَيْهِ وَنَعْلَيْهِ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ : رَأَيْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ أَتَى الْخَلاَءَ ثُمَّ خَرَجَ وَعَلَيْهِ قَلَنْسُوَةٌ بَيْضَاءُ مَزْرُورَةٌ فَمَسَحَ عَلَى الْقَلَنْسُوَةِ وَعَلَى جَوْرَبَيْنِ لَهُ مِنْ خَزٍّ عَرَبِيٍّ أَسْوَدَ ثُمَّ صَلَّى. وَمِنْ طَرِيقِ الضَّحَّاكِ بْنِ مَخْلَدٍ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ حَدَّثَنِي عَاصِمٌ الأَحْوَلُ قَالَ : رَأَيْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ مَسَحَ عَلَى جَوْرَبَيْهِ. وَعَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالاَ جَمِيعًا : كَانَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ يَمْسَحُ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ وَالْخُفَّيْنِ وَالْعِمَامَةِ. وَعَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ أَبِي غَالِبٍ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ أَنَّهُ كَانَ يَمْسَحُ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ وَالْخُفَّيْنِ وَالْعِمَامَةِ وَعَنْ وَكِيعٍ عَنْ أَبِي جَنَابٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ خِلاَسِ بْنِ عَمْرٍو ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ : بَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَوْمَ جُمُعَةٍ ثُمَّ تَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ وَالنَّعْلَيْنِ وَصَلَّى بِالنَّاسِ الْجُمُعَةَ. وَعَنْ وَكِيعٍ عَنْ مَهْدِيِّ بْنِ مَيْمُونٍ عَنْ وَاصِلٍ الأَحْدَبِ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ أَنَّهُ مَسَحَ عَلَى جَوْرَبَيْنِ لَهُ مِنْ شَعْرٍ. وَعَنْ وَكِيعٍ عَنْ يَحْيَى الْبَكَّاءِ قَالَ : سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ : الْمَسْحُ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ كَالْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ. وَعَنْ قَتَادَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ : الْجَوْرَبَانِ بِمَنْزِلَةِ الْخُفَّيْنِ فِي الْمَسْحِ. وَعَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ , قُلْتُ لِعَطَاءٍ : نَمْسَحُ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ قَالَ نَعَمْ امْسَحُوا عَلَيْهِمَا مِثْلَ الْخُفَّيْنِ. وَعَنْ شُعْبَةَ عَنْ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ : أَنَّهُ كَانَ لاَ يَرَى بِالْمَسْحِ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ بَأْسًا. وَعَنْ أَبِي نُعَيْمٍ الْفَضْلِ بْنِ دُكَيْنٍ قَالَ : سَمِعْتُ الأَعْمَشَ سُئِلَ عَنْ الْجَوْرَبَيْنِ أَيَمْسَحُ عَلَيْهِمَا مَنْ بَاتَ فِيهِمَا قَالَ نَعَمْ. وَعَنْ قَتَادَةَ عَنْ الْحَسَنِ وَخِلاَسِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّهُمَا كَانَا يَرَيَانِ الْجَوْرَبَيْنِ فِي الْمَسْحِ بِمَنْزِلَةِ الْخُفَّيْنِ. وَقَدْ رُوِيَ أَيْضًا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَسَهْلِ بْنِ سَعْدٍ وَعَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ. وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَنَافِعٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ فَهُمْ عُمَرُ وَعَلِيٌّ وَعَبْدُ اللَّهُ بْنُ عَمْرٍو وَأَبُو مَسْعُودٍ وَالْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ وَأَبُو أُمَامَةَ ، وَابْنُ مَسْعُودٍ وَسَعْدٌ وَسَهْلُ بْنُ سَعْدٍ وَعَمْرُو بْنُ حُرَيْثٍ , لاَ يُعْرَفُ لَهُمْ مِمَّنْ يُجِيزُ الْمَسْحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ مِنْ الصَّحَابَةِ ، رضي الله عنهم ، مُخَالِفٌ. وَمِنْ التَّابِعِينَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَعَطَاءٌ ، وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ وَالأَعْمَشُ وَخِلاَسُ بْنُ عَمْرٍو وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَنَافِعٌ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ , وَهُوَ قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَالْحَسَنِ بْنِ حَيٍّ وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ وَأَبِي ثَوْرٍ وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقَ بْنِ رَاهْوَيْهِ وَدَاوُد بْنِ عَلِيٍّ وَغَيْرِهِمْ. وقال أبو حنيفة : لاَ يَمْسَحُ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ , وقال مالك : لاَ يَمْسَحُ عَلَيْهِمَا إلاَّ أَنْ يَكُونَ أَسْفَلَهُمَا قَدْ خُرِزَ عَلَيْهِ جِلْدٌ , ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ : لاَ يَمْسَحُ عَلَيْهِمَا , وقال الشافعي لاَ يَمْسَحُ عَلَيْهِمَا إلاَّ أَنْ يَكُونَا مُجَلَّدَيْنِ. قَالَ عَلِيٌّ : اشْتِرَاطُ التَّجْلِيدِ خَطَأٌ لاَ مَعْنَى لَهُ , لاَِنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِهِ قُرْآنٌ ، وَلاَ سُنَّةٌ ، وَلاَ قِيَاسٌ ، وَلاَ صَاحِبٌ , وَالْمَنْعُ مِنْ الْمَسْحِ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ خَطَأٌ لاَِنَّهُ خِلاَفُ السُّنَّةِ الثَّابِتَةِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَخِلاَفُ الآثَارِ , وَلَمْ يَخُصَّ عليه السلام فِي الأَخْبَارِ الَّتِي ذَكَرْنَا خُفَّيْنِ مِنْ غَيْرِهِمَا. وَالْعَجَبُ أَنَّ الْحَنَفِيِّينَ وَالْمَالِكِيِّينَ وَالشَّافِعِيِّينَ يُشَنِّعُونَ وَيُعَظِّمُونَ مُخَالَفَةَ الصَّاحِبِ إذَا وَافَقَ تَقْلِيدَهُمْ وَهُمْ قَدْ خَالَفُوا هَهُنَا أَحَدَ عَشَرَ صَاحِبًا , لاَ مُخَالِفَ لَهُمْ مِنْ الصَّحَابَةِ مِمَّنْ يُجِيزُ الْمَسْحَ , فِيهِمْ عُمَرُ وَابْنُهُ وَعَلِيٌّ ، وَابْنُ مَسْعُودٍ وَخَالَفُوا أَيْضًا مَنْ لاَ يُجِيزُ الْمَسْحَ مِنْ الصَّحَابَةِ , فَحَصَلُوا عَلَى خِلاَفِ كُلِّ مَنْ رُوِيَ عَنْهُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ شَيْءٌ مِنْ الصَّحَابَةِ ، رضي الله عنهم ، , وَخَالَفُوا السُّنَّةَ الثَّابِتَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْقِيَاسَ بِلاَ مَعْنًى. وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. وَأَمَّا الْقَائِلُونَ بِالتَّوْقِيتِ فِي الْمَسْحِ مِنْ الصَّحَابَةِ ، رضي الله عنهم ، فَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ وَابْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ عَاصِمٍ الأَحْوَلِ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ قَالَ : شَهِدْتُ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ اخْتَلَفَا فِي الْمَسْحِ , فَمَسَحَ سَعْدٌ وَلَمْ يَمْسَحْ ابْنُ عُمَرَ , فَسَأَلُوا عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ وَأَنَا شَاهِدٌ فَقَالَ عُمَرُ : امْسَحْ يَوْمَكَ وَلَيْلَتَكَ إلَى الْغَدِ سَاعَتَكَ. وَعَنْ شُعْبَةَ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ مُسْلِمٍ سَمِعْتُ سُوَيْد بْنَ غَفَلَةَ قَالَ بَعَثَنَا نُبَاتَةُ الْجُعْفِيُّ إلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ يَسْأَلُهُ عَنْ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ , قَالَ فَسَأَلَهُ فَقَالَ عُمَرُ : لِلْمُسَافِرِ ثَلاَثَةُ أَيَّامٍ وَلَيَالِيهِنَّ وَلِلْمُقِيمِ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ يَمْسَحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَالْعِمَامَةِ , وَهَذَانِ إسْنَادَانِ لاَ نَظِيرَ لَهُمَا فِي الصِّحَّةِ وَالْجَلاَلَةِ. وَقَدْ رُوِّينَا ذَلِكَ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَزَيْدِ بْنِ الصَّلْتِ كِلاَهُمَا عَنْ عُمَرَ. وَمِنْ طَرِيقِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ عَنْ الْحَارِثِ بْنِ سُوَيْد عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ ثَلاَثَةُ أَيَّامٍ لِمُسَافِرٍ وَيَوْمٌ لِلْمُقِيمِ يَعْنِي فِي الْمَسْحِ. وَرُوِّينَا أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ شَقِيقِ بْنِ سَلَمَةَ ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ , وَهَذَا أَيْضًا إسْنَادٌ صَحِيحٌ. وَمِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُخَيْمِرَةَ عَنْ شُرَيْحِ بْنِ هَانِئٍ الْحَارِثِيِّ : سَأَلْتُ عَلِيًّا عَنْ الْمَسْحِ فَقَالَ : لِلْمُسَافِرِ ثَلاَثًا وَلِلْمُقِيمِ يَوْمًا وَلَيْلَةً. وَعَنْ شُعْبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ مُوسَى بْنِ سَلَمَةَ قَالَ : سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنْ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ فَقَالَ : ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيَهُنَّ لِلْمُسَافِرِ , وَيَوْمًا وَلَيْلَةً لِلْمُقِيمِ , وَهَذَا إسْنَادٌ فِي غَايَةِ الصِّحَّةِ. وَعَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ : صَارَتْ سُنَّةً لِلْمُسَافِرِ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيهِنَّ وَلِلْمُقِيمِ يَوْمًا وَلَيْلَةً فِي الْمَسْحِ. وَعَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ قَطَنٍ عَنْ أَبِي زَيْدٍ الأَنْصَارِيِّ صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : يَمْسَحُ الْمُسَافِرُ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيَهُنَّ وَالْمُقِيمُ يَوْمًا وَلَيْلَةً. وَعَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ رَاشِدٍ وَيَحْيَى بْنِ رَبِيعَةَ , قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي أَبَانُ بْنُ صَالِحٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ شُرَيْحٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ شَرِيكًا الْقَاضِيَ كَانَ يَقُولُ : لِلْمُقِيمِ يَوْمٌ إلَى اللَّيْلِ وَلِلْمُسَافِرِ ثَلاَثٌ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي رَاشِدٍ : أَخْبَرَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى قَالَ : كَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ إلَى أَهْلِ الْمِصِّيصَةِ : أَنْ اخْلَعُوا الْخِفَافَ فِي كُلِّ ثَلاَثٍ وَقَالَ يَحْيَى بْنُ رَبِيعَةَ : سَأَلْتُ عَطَاءَ بْنَ أَبِي رَبَاحٍ عَنْ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ فَقَالَ : ثَلاَثٌ لِلْمُسَافِرِ وَيَوْمٌ لِلْمُقِيمِ , وَقَدْ رُوِيَ أَيْضًا عَنْ الشَّعْبِيِّ. وَهُوَ قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَالأَوْزَاعِيِّ وَالْحَسَنِ بْنِ حَيٍّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَدَاوُد بْنِ عَلِيٍّ وَجَمِيعِ أَصْحَابِهِمْ , وَهُوَ قَوْلُ إِسْحَاقَ بْنِ رَاهْوَيْهِ وَجُمْلَةِ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ. وَقَدْ رَوَاهُ أَيْضًا أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ وَالرِّوَايَةُ عَنْ مَالِكٍ مُخْتَلِفَةٌ , فَالأَظْهَرُ عَنْهُ كَرَاهَةُ الْمَسْحِ لِلْمُقِيمِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ إجَازَةُ الْمَسْحِ لِلْمُقِيمِ , وَأَنَّهُ لاَ يَرَى التَّوْقِيتَ لاَ لِلْمُقِيمِ ، وَلاَ لِلْمُسَافِرِ وَأَنَّهُمَا يَمْسَحَانِ أَبَدًا مَا لَمْ يَجْنُبَا. وَتَعَلَّقَ مُقَلِّدُوهُ فِي ذَلِكَ بِأَخْبَارٍ سَاقِطَةٍ لاَ يَصِحُّ مِنْهَا شَيْءٌ , أَرْفَعُهَا مِنْ طَرِيقِ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ , رَوَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْجَدَلِيُّ صَاحِبُ رَايَةِ الْكَافِرِ الْمُخْتَارِ , وَلاَ يُعْتَمَدُ عَلَى رِوَايَتِهِ , ثُمَّ لَوْ صَحَّ لَمَا كَانَتْ لَهُمْ فِيهِ حُجَّةٌ ; لاَِنَّهُ لَيْسَ فِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَاحَ الْمَسْحَ أَكْثَرَ مِنْ ثَلاَثٍ , وَلَكِنْ فِي آخِرِ الْخَبَرِ مِنْ قَوْلِ الرَّاوِي : وَلَوْ تَمَادَى السَّائِلُ لَزَادَنَا. وَهَذَا ظَنٌّ وَغَيْبٌ لاَ يَحِلُّ الْقَطْعُ بِهِ فِي أَخْبَارِ النَّاسِ , فَكَيْفَ فِي الدِّينِ إلاَّ أَنَّهُ صَحَّ مِنْ هَذَا اللَّفْظِ أَنَّ السَّائِلَ لَمْ يَتَمَادَ فَلَمْ يَزِدْهُمْ شَيْئًا , فَصَارَ هَذَا الْخَبَرُ لَوْ صَحَّ حُجَّةً لَنَا عَلَيْهِمْ , وَمُبْطِلاً لِقَوْلِهِمْ , وَمُبَيِّنًا لِتَوْقِيتِ الثَّلاَثَةِ أَيَّامٍ فِي السَّفَرِ وَالْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ فِي الْحَضَرِ. وَآخَرُ مِنْ طَرِيقِ أَنَسٍ , رَوَاهُ أَسَدُ بْنُ مُوسَى عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ , وَأَسَدٌ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ , وَلَمْ يَرْوِ هَذَا الْخَبَرَ أَحَدٌ مِنْ ثِقَاتِ أَصْحَابِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ. وَآخَرُ مِنْ طَرِيقِ أَنَسٍ مُنْقَطِعٌ , لَيْسَ فِيهِ إلاَّ إذَا تَوَضَّأَ أَحَدُكُمْ وَلَبِسَ خُفَّيْهِ فَلْيُصَلِّ فِيهِمَا وَلْيَمْسَحْ عَلَيْهِمَا مَا لَمْ يَخْلَعْهُمَا إلاَّ مِنْ جَنَابَةٍ. ثُمَّ لَوْ صَحَّ لَكَانَتْ أَحَادِيثُ التَّوْقِيتِ زَائِدَةً عَلَيْهِ , وَالزِّيَادَةُ لاَ يَحِلُّ تَرْكُهَا. وَآخَرُ مِنْ طَرِيقِ أُبَيِّ بْنِ عُمَارَةَ , فِيهِ يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ الْكُوفِيُّ وَأُخَرُ مَجْهُولُونَ. وَآخَرُ فِيهِ : قَالَ عُمَرُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ يَسَارٍ أَخُو مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ : قَرَأْتُ فِي كِتَابٍ لِعَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ مَعَ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ : سَأَلْتُ مَيْمُونَةَ عَنْ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ فَقَالَتْ قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَكُلَّ سَاعَةٍ يَمْسَحُ الإِنْسَانُ عَلَى الْخُفَّيْنِ ، وَلاَ يَنْزِعُهُمَا قَالَ : نَعَمْ. قال علي : هذا لاَ حُجَّةَ فِيهِ لاَِنَّ عَطَاءَ بْنَ يَسَارٍ لَمْ يَذْكُرْ لِعُمَرَ بْنِ إِسْحَاقَ أَنَّهُ هُوَ السَّائِلُ مَيْمُونَةَ , وَلَعَلَّ السَّائِلَ غَيْرُهُ , وَلاَ يَجُوزُ الْقَطْعُ فِي الدِّينِ بِالشَّكِّ , ثُمَّ لَوْ صَحَّ لَمْ تَكُنْ فِيهِ حُجَّةٌ لَهُمْ , لاَِنَّهُ لَيْسَ فِيهِ إلاَّ إبَاحَةُ الْمَسْحِ فِي كُلِّ سَاعَةٍ , وَهَكَذَا نَقُولُ : إذَا أَتَى بِشُرُوطِ الْمَسْحِ مِنْ إتْمَامِ الْوُضُوءِ وَلِبَاسِهِمَا عَلَى طَهَارَةٍ وَإِتْمَامِ الْوَقْتِ الْمَحْدُودِ وَخَلْعِهِمَا لِلْجَنَابَةِ , وَهَذَا كُلُّهُ لَيْسَ مَذْكُورًا مِنْهُ شَيْءٌ فِي هَذَا الْخَبَرِ , فَبَطَلَ تَعَلُّقُهُمْ بِهِ. وَذَكَرُوا آثَارًا عَنْ الصَّحَابَةِ ، رضي الله عنهم ، لاَ تَصِحُّ. مِنْهَا أَثَرٌ عَنْ أَسَدِ بْنِ مُوسَى عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ زُبَيْدِ بْنِ الصَّلْتِ , سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ : إذَا تَوَضَّأَ أَحَدُكُمْ وَلَبِسَ خُفَّيْهِ فَلْيَمْسَحْ عَلَيْهِمَا وَلْيُصَلِّ فِيهِمَا مَا لَمْ يَخْلَعْهُمَا إلاَّ مِنْ جَنَابَةٍ. وَهَذَا مِمَّا انْفَرَدَ بِهِ أَسَدُ بْنُ مُوسَى عَنْ حَمَّادٍ , وَأَسَدٌ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ لاَ يُحْتَجُّ بِهِ , وَقَدْ أَحَالَهُ , وَالصَّحِيحُ مِنْ هَذَا الْخَبَرِ هُوَ مَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ قَالَ سَمِعْتُ زُبَيْدَ بْنَ الصَّلْتِ سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ : إذَا تَوَضَّأَ أَحَدُكُمْ وَأَدْخَلَ خُفَّيْهِ فِي رِجْلَيْهِ وَهُمَا طَاهِرَتَانِ فَلْيَمْسَحْ عَلَيْهِمَا إنْ شَاءَ ، وَلاَ يَخْلَعْهُمَا إلاَّ مِنْ جَنَابَةٍ , وَهَذَا لَيْسَ فِيهِ " مَا لَمْ يَخْلَعْهُمَا " كَمَا رَوَى أَسَدٌ , وَالثَّابِتُ عَنْ عُمَرَ فِي التَّوْقِيتِ بِرِوَايَةِ نَبَاتَةَ الْجُعْفِيِّ وَأَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ , وَهُمَا مِنْ أَوْثَقِ التَّابِعِينَ هُوَ الزَّائِدُ عَلَى مَا فِي هَذَا الْخَبَرِ. وَآخَرُ مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ : أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَانَ لاَ يَجْعَلُ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَقْتًا , وَهَذَا مُنْقَطِعٌ ; لاَِنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ لَمْ يُدْرِكْ أَحَدًا أَدْرَكَ عُمَرَ , فَكَيْفَ عُمَرُ. وَآخَرُ مِنْ طَرِيقِ كَثِيرِ بْنِ شِنْظِيرٍ عَنْ الْحَسَنِ : سَافَرْنَا مَعَ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَانُوا يَمْسَحُونَ عَلَى خِفَافِهِمْ مِنْ غَيْرِ وَقْتٍ ، وَلاَ عُذْرٍ , وَكَثِيرٌ ضَعِيفٌ جِدًّا. وَخَبَرٌ رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ ، حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ رَبَاحٍ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ أَنَّ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ وَشُرَحْبِيلَ بْنَ حَسَنَةَ بَعَثَاهُ بَرِيدًا إلَى أَبِي بَكْرٍ بِرَأْسِ سَانٍ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَفِيهِ : ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى عُقْبَةَ وَقَالَ : مُذْ كَمْ لَمْ تَنْزِعْ خُفَّيْكَ قَالَ مِنْ الْجُمُعَةِ إلَى الْجُمُعَةِ , قَالَ أَصَبْتَ. وَقَدْ حَدَّثَ بِهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ مَرَّةً عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ أَبِي الْخَيْرِ عَنْ عُقْبَةَ. قال علي : هذا أَقْرَبُ مَا يُمْكِنُ أَنْ يَغْلَطَ فِيهِ مَنْ لاَ يَعْرِفُ الْحَدِيثَ , وَهَذَا خَبَرٌ مَعْلُولٌ ; لاَِنَّ يَزِيدَ بْنَ أَبِي حَبِيبٍ لَمْ يَسْمَعْهُ مِنْ عَلِيِّ بْنِ رَبَاحٍ ، وَلاَ مِنْ أَبِي الْخَيْرِ , وَإِنَّمَا سَمِعَهُ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَكَمِ الْبَلَوِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ رَبَاحٍ. وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَكَمِ مَجْهُولٌ , هَكَذَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ وَاللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ كِلاَهُمَا عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَكَمِ أَنَّهُ سَمِعَ عَلِيَّ بْنَ رَبَاحٍ اللَّخْمِيَّ يُخْبِرُ أَنَّ عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ الْجُهَنِيَّ قَالَ : قَدِمْتُ عَلَى عُمَرَ بِفَتْحِ الشَّامِ وَعَلَيَّ خُفَّانِ لِي جُرْمُوقَانِ غَلِيظَانِ , فَقَالَ لِي عُمَرُ : كَمْ لَكَ مُذْ لَمْ تَنْزِعْهُمَا قُلْتُ لَبِسْتُهُمَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالْيَوْمُ الْجُمُعَةُ , قَالَ أَصَبْتَ. قَالَ ابْنُ وَهْبٍ : وَسَمِعْتُ زَيْدَ بْنَ الْحُبَابِ يَذْكُرُ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ، أَنَّهُ قَالَ : لَوْ لَبِسْتُ الْخُفَّيْنِ وَرِجْلاَيَ طَاهِرَتَانِ وَأَنَا عَلَى وُضُوءٍ لَمْ أُبَالِ أَنْ لاَ أَنْزِعَهُمَا حَتَّى أَبْلُغَ الْعِرَاقَ. قَالَ عَلِيٌّ : فَهَكَذَا هُوَ الْحَدِيثُ , فَسَقَطَ جُمْلَةً وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَزَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ لَمْ يَلْقَ أَحَدًا رَأَى عُمَرُ فَكَيْفَ عُمَرُ. وَقَدْ رُوِيَ أَيْضًا هَذَا الْخَبَرُ مِنْ طَرِيقِ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ عَنْ عِيَاضٍ الْقُرَشِيِّ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ أَنَّ عُقْبَةَ وَهَذَا أَسْقَطُ وَأَخْبَثُ ; لاَِنَّ يَزِيدَ لَمْ يُدْرِكْ عُقْبَةَ وَفِيهِ مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ وَلَيْسَ بِالْقَوِيِّ , فَبَطَلَ كُلُّ مَا جَاءَ فِي هَذَا الْبَابِ. وَلاَ يَصِحُّ خِلاَفُ التَّوْقِيتِ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ إلاَّ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ فَقَطْ , فَإِنَّنَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ لاَ يُوَقِّتُ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ شَيْئًا. قال أبو محمد : وَهَذَا لاَ حُجَّةَ فِيهِ ; لاَِنَّ ابْنَ عُمَرَ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ الْمَسْحُ ، وَلاَ عَرَفَهُ , بَلْ أَنْكَرَهُ حَتَّى أَعْلَمَهُ بِهِ سَعْدٌ بِالْكُوفَةِ , ثُمَّ أَبُوهُ بِالْمَدِينَةِ فِي خِلاَفَتِهِ , فَلَمْ يَكُنْ فِي عِلْمِ الْمَسْحِ كَغَيْرِهِ , وَعَلَى ذَلِكَ فَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ التَّوْقِيتُ. رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ الْعَرْزَمِيِّ عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ : أَيْنَ السَّائِلُونَ عَنْ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ لِلْمُسَافِرِ ثَلاَثًا وَلِلْمُقِيمِ يَوْمًا وَلَيْلَةً. ثُمَّ لَوْ صَحَّ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُقْبَةَ ، رضي الله عنهم ، مَا ذَكَرْنَا , وَكَانَ قَدْ خَالَفَ ذَلِكَ عَلِيٌّ ، وَابْنُ مَسْعُودٍ وَغَيْرُهُمَا , لَوَجَبَ عِنْدَ التَّنَازُعِ الرَّدُّ إلَى بَيَانِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَيَانُهُ عليه السلام قَدْ صَحَّ بِالتَّوْقِيتِ , وَلَمْ يَصِحَّ عَنْهُ شَيْءٌ غَيْرُهُ أَصْلاً , فَكَيْفَ وَلَمْ يَصِحَّ قَطُّ عَنْ عُمَرَ إلاَّ التَّوْقِيتُ. قَالَ عَلِيٌّ : فَإِذَا انْقَضَى الأَمَدَانِ الْمَذْكُورَانِ , فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيَّ وَبَعْضَ أَصْحَابِنَا قَالُوا : يَخْلَعُهُمَا وَيَغْسِلُ رِجْلَيْهِ ، وَلاَ بُدَّ , وقال أبو حنيفة : إذَا قَعَدَ الإِنْسَانُ مِقْدَارَ التَّشَهُّدِ فِي آخِرِ صَلاَتِهِ ثُمَّ أَحْدَثَ عَمْدًا أَوْ نِسْيَانًا بِبَوْلٍ أَوْ رِيحٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ أَوْ تَكَلَّمَ عَمْدًا أَوْ نِسْيَانًا فَقَدْ تَمَّتْ صَلاَتُهُ , وَلَيْسَ السَّلاَمُ مِنْ الصَّلاَةِ فَرْضًا. قَالَ : فَإِنْ قَعَدَ مِقْدَارَ التَّشَهُّدِ فِي آخِرِ صَلاَتِهِ وَانْقَضَى وَقْتُ الْمَسْحِ بَعْدَ ذَلِكَ فَقَدْ بَطَلَتْ صَلاَتُهُ وَبَطَلَتْ طَهَارَتُهُ مَا لَمْ يُسَلِّمْ , وَفِي هَذَا مِنْ التَّنَاقُضِ وَالْخَطَأِ مَا لاَ يَحْتَاجُ مَعَهُ إلاَّ تَكْلِيفِ رَدٍّ عَلَيْهِ , وَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى السَّلاَمَةِ. وَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ مَرَّةً : يَبْتَدِئُ الْوُضُوءَ. وَقَالَ إبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ ، وَابْنُ أَبِي لَيْلَى وَدَاوُد : يُصَلِّي مَا لَمْ تَنْتَقِضْ طَهَارَتُهُ بِحَدَثٍ يَنْقُضُ الْوُضُوءَ , وَهَذَا هُوَ الْقَوْلُ الَّذِي لاَ يَجُوزُ غَيْرُهُ , لاَِنَّهُ لَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْ الأَخْبَارِ أَنَّ الطَّهَارَةَ تَنْتَقِضُ عَنْ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ ، وَلاَ عَنْ بَعْضِهَا بِانْقِضَاءِ وَقْتِ الْمَسْحِ , وَإِنَّمَا نُهِيَ عليه السلام عَنْ أَنْ يَمْسَحَ أَحَدٌ أَكْثَرَ مِنْ ثَلاَثٍ لِلْمُسَافِرِ أَوْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ لِلْمُقِيمِ. فَمَنْ قَالَ غَيْرَ هَذَا فَقَدْ أَقْحَمَ فِي الْخَبَرِ مَا لَيْسَ فِيهِ , وَقَوَّلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا لَمْ يَقُلْ , فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ وَاهِمًا فَلاَ شَيْءَ عَلَيْهِ , وَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ عَامِدًا بَعْدَ قِيَامِ الْحُجَّةِ عَلَيْهِ فَقَدْ أَتَى كَبِيرَةً مِنْ الْكَبَائِرِ , وَالطَّهَارَةُ لاَ يَنْقُضُهَا إلاَّ الْحَدَثُ , وَهَذَا قَدْ صَحَّتْ طَهَارَتُهُ وَلَمْ يُحْدِثْ فَهُوَ طَاهِرٌ , وَالطَّاهِرُ يُصَلِّي مَا لَمْ يُحْدِثْ أَوْ مَا لَمْ يَأْتِ نَصٌّ جَلِيٌّ فِي أَنَّ طَهَارَتَهُ انْتَقَضَتْ وَإِنْ لَمْ يُحْدِثْ , وَهَذَا الَّذِي انْقَضَى وَقْتُ مَسْحِهِ لَمْ يُحْدِثْ ، وَلاَ جَاءَ نَصٌّ فِي أَنَّ طَهَارَتَهُ انْتَقَضَتْ لاَ عَنْ بَعْضِ أَعْضَائِهِ ، وَلاَ عَنْ جَمِيعِهَا , فَهُوَ طَاهِرٌ يُصَلِّي حَتَّى يُحْدِثَ , فَيَخْلَعُ خُفَّيْهِ حِينَئِذٍ وَمَا عَلَى قَدَمَيْهِ وَيَتَوَضَّأُ ثُمَّ يَسْتَأْنِفُ الْمَسْحَ تَوْقِيتًا آخَرَ , وَهَكَذَا أَبَدًا وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. وَأَمَّا مَنْ قَالَ إنَّ الطَّهَارَةَ تَنْتَقِضُ عَنْ قَدَمَيْهِ خَاصَّةً , فَقَوْلٌ فَاسِدٌ لاَ دَلِيلَ عَلَيْهِ لاَ مِنْ سُنَّةٍ , وَلاَ مِنْ قُرْآنٍ , وَلاَ مِنْ خَبَرٍ وَاهٍ , وَلاَ مِنْ إجْمَاعٍ , وَلاَ مِنْ قَوْلِ صَاحِبٍ , وَلاَ مِنْ قِيَاسٍ , وَلاَ رَأْيٍ سَدِيدٍ أَصْلاً , وَمَا عُلِمَ فِي الدِّينِ قَطُّ حَدَثٌ يَنْقُضُ الطَّهَارَةَ بَعْدَ تَمَامِهَا وَبَعْدَ جَوَازِ الصَّلاَةِ بِهَا عَنْ بَعْضِ الأَعْضَاءِ دُونَ بَعْضٍ , وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. وَأَمَّا تَقْسِيمُ أَبِي حَنِيفَةَ فَمَا رُوِيَ قَطُّ عَنْ أَحَدٍ مِنْ النَّاسِ قَبْلَهُ , وَبِاَللَّهِ تَعَالَى نَتَأَيَّدُ.
|