الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام أحمد بن حنبل ***
قَوْلُهُ يَجِبُ على الْإِنْسَانِ نَفَقَةُ وَالِدَيْهِ وَوَلَدِهِ بِالْمَعْرُوفِ إذَا كَانُوا فُقَرَاءَ وَلَهُ ما يُنْفِقُ عليهم فَاضِلًا عن نَفَقَةِ نَفْسِهِ وَامْرَأَتِهِ وَرَقِيقِهِ أَيْضًا وَكَذَلِكَ يَلْزَمُهُ نَفَقَةُ سَائِرِ آبَائِهِ وَإِنْ عَلَوْا وَأَوْلَادِهِ وَإِنْ سَفَلُوا. اعْلَمْ أَنَّ الصَّحِيحَ من الْمَذْهَبِ وُجُوبُ نَفَقَةِ أَبَوَيْهِ وَإِنْ عَلَوَا وَأَوْلَادِهِ وَإِنْ سَفَلُوا بِالْمَعْرُوفِ أو بَعْضِهَا إنْ كان الْمُنْفِقُ عليه قَادِرًا على الْبَعْضِ. وَكَذَلِكَ يَلْزَمُهُ لهم الْكِسْوَةُ وَالسُّكْنَى مع فَقْرِهِمْ إذَا فَضَلَ عن نَفْسِهِ وَامْرَأَتِهِ. وَكَذَا رَقِيقُهُ يَوْمَهُ وَلَيْلَتَهُ. وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي. وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ. وَيَأْتِي حُكْمُ اخْتِلَافِ الدِّينِ في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ قَرِيبًا. وَعَنْهُ لَا تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُمْ إلَّا بِشَرْطِ أَنْ يَرِثَهُمْ بِفَرْضٍ أو تَعْصِيبٍ كَبَقِيَّةِ الْأَقَارِبِ وهو ظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ الشَّرْحُ فإنه قال يُشْتَرَطُ لِوُجُوبِ الْإِنْفَاقِ ثَلَاثَةُ شُرُوطٍ. الثَّالِثُ أَنْ يَكُونَ الْمُنْفِقُ وَارِثًا فَإِنْ لم يَكُنْ وَارِثًا لِعَدَمِ الْقَرَابَةِ لم تَجِبْ عليه النَّفَقَةُ. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَكُونَ وَارِثًا في الْجُمْلَةِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فَإِنْ لم يَكُنْ وَارِثًا لِعَدَمِ الْقَرَابَةِ. وَعَنْهُ تَخْتَصُّ الْعَصَبَةُ مُطْلَقًا بِالْوُجُوبِ نَقَلَهَا جَمَاعَةٌ. فَيُعْتَبَرُ أَنْ يَرِثَهُمْ بِفَرْضٍ أو تَعْصِيبٍ في الْحَالِ فَلَا تَلْزَمُ بَعِيدًا مُوسِرًا يَحْجُبُهُ قَرِيبٌ مُعْسِرٌ. وَعَنْهُ بَلْ إنْ وَرِثَهُ وَحْدَهُ لَزِمَتْهُ مع يَسَارِهِ وَمَعَ فَقْرِهِ تَلْزَمُ بَعِيدًا مُعْسِرًا. فَلَا تَلْزَمُ جَدًّا مُوسِرًا مع أَبٍ فَقِيرٍ على الْأُولَى وَتَلْزَمُ على الثَّانِيَةِ على ما يَأْتِي. وَيَأْتِي أَيْضًا ذِكْرُ الرِّوَايَةِ الثَّالِثَةِ وما يَتَفَرَّعُ عليها في الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ بَعْدَ هذه. وَيَأْتِي تَفَارِيعُ هذه الرِّوَايَاتِ وما يَنْبَنِي عليها.
تَنْبِيهَانِ: أَحَدُهُمَا شَمِلَ قَوْلُهُ وَأَوْلَادُهُ وَإِنْ سَفَلُوا الْأَوْلَادَ الْكِبَارَ الْأَصِحَّاءَ الْأَقْوِيَاءَ إذَا كَانُوا فُقَرَاءَ وهو صَحِيحٌ. وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ وَيَأْتِي الْخِلَافُ في ذلك. الثَّانِي قَوْلُهُ فَاضِلًا عن نَفَقَةِ نَفْسِهِ وَامْرَأَتِهِ وَرَقِيقِهِ يَعْنِي يَوْمَهُ وَلَيْلَتَهُ كما تَقَدَّمَ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْحَابُ. من كَسْبِهِ أو أُجْرَةِ مِلْكِهِ وَنَحْوِهِمَا لَا من أَصْلِ الْبِضَاعَةِ وَثَمَنِ الْمِلْكِ وَآلَةِ عَمَلِهِ. قَوْلُهُ وَتَلْزَمُهُ نَفَقَةُ من يَرِثُهُ بِفَرْضٍ أو تَعْصِيبٍ مِمَّنْ سِوَاهُمْ سَوَاءٌ وَرِثَهُ الْآخَرُ أو لَا كَعَمَّتِهِ وَعَتِيقِهِ. هذا الْمَذْهَبُ قَطَعَ بِهِ الْخِرَقِيُّ وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرِهِمْ. وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَصَحَّحَهُ في الْبُلْغَةِ وَغَيْرِهِ. قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ هذا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ. قال ابن مُنَجَّا هذا الْمَذْهَبُ وَصَرَّحُوا بِالْعَتِيقِ. وَعَنْهُ أنها تَخْتَصُّ الْعَصَبَةُ من عَمُودَيْ النَّسَبِ وَغَيْرِهِمْ نَقَلَهَا جَمَاعَةٌ كما تَقَدَّمَ. فَلَا تَجِبُ على الْعَمَّةِ وَالْخَالَةِ وَنَحْوِهَا. فَعَلَيْهَا هل يُشْتَرَطُ أَنْ يَرِثَهُمْ بِفَرْضٍ أو تَعْصِيبٍ في الْحَالِ على رِوَايَتَيْنِ. وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي وَالزَّرْكَشِيِّ. إحْدَاهُمَا يُشْتَرَطُ وهو الصَّحِيحُ فَلَا نَفَقَةَ على بَعِيدٍ مُوسِرٍ يَحْجُبُهُ قَرِيبٌ مُعْسِرٌ. قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ. وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وأبو الْخَطَّابِ وَالْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُمْ. وَالْأُخْرَى يُشْتَرَطُ ذلك في الْجُمْلَةِ. لَكِنْ إنْ كان يَرِثُهُ في الْحَالِ أُلْزِمَ بها مع الْيَسَارِ دُونَ الْأَبْعَدِ. وَإِنْ كان فَقِيرًا جُعِلَ كَالْمَعْدُومِ وَلَزِمَتْ الْأَبْعَدَ الْمُوسِرَ. فَعَلَى هذا من له ابن فَقِيرٌ وَأَخٌ مُوسِرٌ أو أَبٌ فَقِيرٌ وَجَدٌّ مُوسِرٌ لَزِمَتْ الْمُوسِرَ مِنْهُمَا النَّفَقَةُ وَلَا تَلْزَمهُمَا على التي قَبْلَهَا. وَعَلَى اشْتِرَاطِ الْإِرْثِ في غَيْرِ عَمُودَيْ النَّسَبِ خَاصَّةً تَلْزَمُ الْجَدَّ دُونَ الْأَخِ. قال الْمُصَنِّفُ وهو الظَّاهِرُ. وقال في الْبُلْغَةِ وَالتَّرْغِيبِ لو كان بَعْضُهُمْ يُسْقِطُ بَعْضًا لَكِنَّ الْوَارِثَ مُعْسِرٌ وَغَيْرَ الْوَارِثِ مُوسِرٌ فَهَلْ تَجِبُ النَّفَقَةُ على الْبَعِيدِ الْمُوسِرِ فيه ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ. الثَّالِثُ إنْ كان من عَمُودَيْ النَّسَبِ وَجَبَ وَإِلَّا فَلَا انْتَهَى. وَعَنْهُ يُعْتَبَرُ تَوَارَثَهُمَا اخْتَارَهُ أبو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ. فَلَا تَجِبُ النَّفَقَةُ لِعَمَّتِهِ وَلَا لِعَتِيقِهِ وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ. وَأَطْلَقَ هذه الرِّوَايَةَ وَالرِّوَايَةُ الْأُولَى في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ.
فائدة: وُجُوبُ الْإِنْفَاقِ على الْأَقَارِبِ غير عَمُودَيْ النَّسَبِ مُقَيَّدٌ بِالْإِرْثِ لَا بِالرَّحِمِ نَصَّ عليه. وَجَزَمَ بِهِ نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ وهو منها.
تنبيه: شَمِلَ قَوْلُهُ وَعَتِيقُهُ لو كان الْعَتِيقُ فَقِيرًا وَلَهُ مُعْتِقٌ أو من يَرِثُهُ بِالْوَلَاءِ وهو صَحِيحٌ. وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ. وَمِمَّنْ صَرَّحَ بِعَتِيقِهِ مع عَمَّتِهِ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُصَنِّفِ وَالشَّارِحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَغَيْرِهِمْ. قَوْلُهُ فَأَمَّا ذَوَوْا الْأَرْحَامِ فَلَا نَفَقَةَ له عليهم رِوَايَةً وَاحِدَةً ذَكَرَهُ الْقَاضِي. وهو الْمَذْهَبُ نَقَلَهُ جَمَاعَةٌ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ. وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ. قال الزَّرْكَشِيُّ هو الْمَنْصُوصُ وَالْمَجْزُومُ بِهِ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ. وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ. وَنَقَلَ جَمَاعَةٌ تَجِبُ لِكُلِّ وَارِثٍ. وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ لِأَنَّهُ من صِلَةِ الرَّحِمِ وهو عَامٌّ كَعُمُومِ الْمِيرَاثِ في ذَوِي الْأَرْحَامِ بَلْ أَوْلَى. وقال أبو الْخَطَّابِ وابن أبي مُوسَى يَخْرُجُ في وُجُوبِهَا عليهم رِوَايَتَانِ. قال في الْمُحَرَّرِ وَخَرَّجَ أبو الْخَطَّابِ وُجُوبَهَا على تَوْرِيثِهِمْ. قال الزَّرْكَشِيُّ وهو قَوِيٌّ. وقال في الْبُلْغَةِ وَأَمَّا ذَوُو الْأَرْحَامِ فَهَلْ يَلْزَمُ بَعْضَهُمْ نَفَقَةُ بَعْضٍ عِنْدَ عَدَمِ ذَوِي الْفُرُوضِ وَالْعَصَبَاتِ على رِوَايَتَيْنِ. وَقِيلَ تَلْزَمُ رِوَايَةً وَاحِدَةً انْتَهَى. وَلَعَلَّهُ وَقِيلَ لَا تَلْزَمُ بِزِيَادَةٍ لَا.
تنبيه: قد يُقَالُ عُمُومُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا أَنَّ أَوْلَادَ الْبَنَاتِ وَنَحْوَهُمْ لَا نَفَقَةَ عليهم لِأَنَّهُمْ من ذَوِي الْأَرْحَامِ. وَعُمُومُ كَلَامِهِ في أَوَّلِ الْبَابِ أَنَّ عليهم النَّفَقَةَ وهو قَوْلُهُ وَكَذَلِكَ تَلْزَمُهُ نَفَقَةُ سَائِرِ آبَائِهِ وَإِنْ عَلَوْا وَأَوْلَادِهِ وَإِنْ سَفَلُوا أو الْعَمَلُ على هذا الثَّانِي وَأَنَّ النَّفَقَةَ وَاجِبَةٌ عليهم. وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْوَجِيزِ وَالزَّرْكَشِيُّ وَالْحَاوِي وَغَيْرِهِمْ فَإِنَّهُمْ قالوا وَلَا نَفَقَةَ على ذَوِي الْأَرْحَامِ من غَيْرِ عَمُودَيْ النَّسَبِ نَصَّ عليه. فَعُمُومُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا مَخْصُوصٌ بِغَيْرِ من هو من عَمُودَيْ النَّسَبِ من ذَوِي الْأَرْحَامِ وَأَدْخَلَهُمْ في الْفُرُوعِ في الْخِلَافِ. ثُمَّ قال بَعْدَ ذلك وَأَوْجَبَهَا جَمَاعَةٌ لِعَمُودَيْ نَسَبِهِ فَقَطْ يَعْنِي من ذَوِي الْأَرْحَامِ. فَظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ أَنَّهُ لَا نَفَقَةَ لهم وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ. قَوْلُهُ وَإِنْ كان لِلْفَقِيرِ وَارِثٌ فَنَفَقَتُهُ عليهم على قَدْرِ إرْثِهِمْ منه فإذا كان أُمٌّ وَجَدٌّ فَعَلَى الْأُمِّ الثُّلُثُ وَالْبَاقِي على الْجَدِّ. وَكَذَا بن وَبِنْتٌ. فَإِنْ كانت أُمٌّ وَبِنْتٌ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أنها عليهم أَرْبَاعًا وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وقال في الْفُرُوعِ وَيَتَخَرَّجُ وُجُوبُ ثُلُثَيْ النَّفَقَةِ عليهم بِإِرْثِهِمَا فَرْضًا. قَوْلُهُ وَعَلَى هذا حِسَابُ النَّفَقَاتِ إلَّا أَنْ يَكُونَ له أَبٌ فَتَكُونُ النَّفَقَةُ عليه وَحْدَهُ. هذا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وقال في الْوَاضِحِ هذا ما دَامَتْ أُمُّهُ أَحَقَّ بِهِ. وقال الْقَاضِي وأبو الْخَطَّابِ الْقِيَاسُ في أَبٍ وابن يَلْزَمُ الْأَبَ السُّدُسَ فَقَطْ لَكِنْ تَرَكَهُ أَصْحَابُنَا لِظَاهِرِ الْآيَةِ. وقال ابن عَقِيلٍ في التَّذْكِرَةِ الْوَلَدُ مِثْلُ الْأَبِ في ذلك. وَعَنْهُ الْجَدُّ وَالْجَدَّةُ كَالْأَبِ في ذلك ذَكَرَهُمَا بن الزَّاغُونِيِّ في الْإِقْنَاعِ.
فائدة: لو كان أَحَدُ الْوَرَثَةِ مُوسِرًا لَزِمَهُ بِقَدْرِ إرْثِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وقال هذا الْمَذْهَبُ. قُلْت وهو ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ من الْأَصْحَابِ. قال في الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ أَصَحُّ الرِّوَايَتَيْنِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ أَكْثَرُ من مِقْدَارِ إرْثِهِ منه وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ. وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ. وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ. وَعَنْهُ يَلْزَمُهُ كُلُّ النَّفَقَةِ. وَأَطْلَقَهُمَا في الْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالزَّرْكَشِيِّ. وقال ابن الزَّاغُونِيِّ في الْإِقْنَاعِ مَحَلُّ الْخِلَافِ في الْجَدِّ وَالْجَدَّةِ خَاصَّةً وَأَمَّا سَائِرُ الْأَقَارِبِ فَلَا تَلْزَمُ الْغَنِيَّ منهم النَّفَقَةُ إلَّا بِالْحِصَّةِ بِغَيْرِ خِلَافٍ. وقال ابن الزَّاغُونِيِّ في الْإِقْنَاعِ في الْجَدِّ وَالْجَدَّةِ رِوَايَتَانِ هل يَكُونَانِ كَالْأَبِ في وُجُوبِ النَّفَقَةِ كَامِلَةً على كل وَاحِدٍ مِنْهُمَا لو انْفَرَدَ أو كَسَائِرِ الْأَقَارِبِ. قَوْلُهُ وَمَنْ له ابن فَقِيرٌ وَأَخٌ مُوسِرٌ فَلَا نَفَقَةَ له عَلَيْهِمَا. هذا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وأبو الْخَطَّابِ في الْهِدَايَةِ وَصَاحِبُ الْمُذْهَبِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرُهُمْ. وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ كما تَقَدَّمَ في التَّفْرِيعِ على الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ. قال الشَّارِحُ هذا الظَّاهِرُ. وَعَنْهُ تَجِبُ النَّفَقَةُ على الْأَخِ وهو تَخْرِيجُ وَجْهٍ لِلْمُصَنِّفِ. وَاخْتَارَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَتَقَدَّمَ ذلك. قَوْلُهُ وَمَنْ له أُمٌّ فَقِيرَةٌ وَجَدَّةٌ مُوسِرَةٌ فَالنَّفَقَةُ عليها. يَعْنِي على الْجَدَّةِ وَهَذَا إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وَذَكَرَهُ الْقَاضِي. وَذَكَرَهُ أَيْضًا في أَبٍ مُعْسِرٍ وَجَدٍّ مُوسِرٍ. وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ. قال في الشَّرْحِ هذا الظَّاهِرُ. وَصَرَّحَ بِه ابن عَقِيلٍ في كِفَايَةِ الْمُفْتِي. وَاخْتَارَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ. وَعَنْهُ لَا نَفَقَةَ عَلَيْهِمَا وهو الْمَذْهَبُ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ. وَعَلَى رِوَايَةٍ اشْتِرَاطُ الْإِرْثِ في عَمُودَيْ النَّسَبِ يَلْزَمُ النَّفَقَةُ الْجَدَّ دُونَ الْأَخِ. وَتَقَدَّمَ بِنَاءُ هذه الْمَسَائِلِ على رِوَايَاتٍ تَقَدَّمَتْ فَلْيُعَاوَدْ. قَوْلُهُ وَمَنْ كان صَحِيحًا مُكَلَّفًا لَا حِرْفَةَ له سِوَى الْوَالِدَيْنِ فَهَلْ تَجِبُ نَفَقَتُهُ على رِوَايَتَيْنِ. قال الْقَاضِي كَلَامُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ يَحْتَمِلُ رِوَايَتَيْنِ. وَهُمَا وَجْهَانِ في الْمُذْهَبِ. وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَالْمُغْنِي وَالْبُلْغَةِ وَالشَّرْحِ وَالْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ. إحْدَاهُمَا تَجِبُ له لِعَجْزِهِ عن الْكَسْبِ وهو الْمَذْهَبُ. قال النَّاظِمُ وهو أَوْلَى. وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ. وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَالْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُمَا. وَجَزَمَ بِهِ نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ في الْأَوْلَادِ وهو منها كما تَقَدَّمَ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا تَجِبُ.
تَنْبِيهَانِ: أَحَدُهُمَا ظَاهِرُ قَوْلِهِ سِوَى الْوَالِدَيْنِ أَنَّهُمَا إذَا كَانَا صَحِيحَيْنِ مُكَلَّفَيْنِ لَا حِرْفَةَ لَهُمَا تَجِبُ نَفَقَتُهُمَا من غَيْرِ خِلَافٍ فيه وهو أَحَدُ الطُّرُقِ. وَقَطَعَ بِهِ جَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ منهم ابن منجا في شَرْحِهِ وَالْقَاضِي نَقَلَهُ عنه في الْقَوَاعِدِ. قال الزَّرْكَشِيُّ لَا خِلَافَ فِيهِمَا فِيمَا عَلِمْت وهو رِوَايَةٌ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ. قال في الْقَاعِدَةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّلَاثِينَ بَعْدَ الْمِائَةِ وَفَرَّقَ الْقَاضِي في زَكَاةِ الْفِطْرِ من الْمُجَرَّدِ بين الْأَبِ وَغَيْرِهِ وَأَوْجَبَ النَّفَقَةَ لِلْأَبِ بِكُلِّ حَالٍ وَشَرَطَ في الِابْنِ وَغَيْرِهِ الزَّمَانَةَ انْتَهَى. وَهِيَ الطَّرِيقَةُ الثَّانِيَةُ. وَالطَّرِيقَةُ الثَّالِثَةُ فِيهِمَا رِوَايَتَانِ كَغَيْرِهِمَا وَتَقَدَّمَ الْمَذْهَبُ مِنْهُمَا. الثَّانِي مَفْهُومُ كَلَامِهِ أَنَّ غير الْمُكَلَّفِ كَالصَّغِيرِ وَالْمَجْنُونِ وَغَيْرَ الصَّحِيحِ يَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُمَا من غَيْرِ خِلَافٍ وهو صَحِيحٌ.
فائدتان: إحْدَاهُمَا هل يَلْزَمُ الْمُعْدَمَ الْكَسْبُ لِنَفَقَةِ قَرِيبِهِ على الرِّوَايَتَيْنِ في الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى قَالَهُ في التَّرْغِيبِ. وقال في الْفُرُوعِ وَجَزَمَ جَمَاعَةٌ يَلْزَمُهُ ذَكَرُوهُ في إجَارَةِ الْمُفْلِسِ وَاسْتِطَاعَةِ الْحَجِّ. قال في الْقَوَاعِدِ وَأَمَّا وُجُوبُ النَّفَقَةِ على أَقَارِبِهِ من الْكَسْبِ فَصَرَّحَ الْقَاضِي في خِلَافِهِ وَالْمُجَرَّدِ وابن عَقِيلٍ في مُفْرَدَاتِهِ وابن الزَّاغُونِيِّ وَالْأَكْثَرُونَ بِالْوُجُوبِ. قال الْقَاضِي في خِلَافِهِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ لَا فَرْقَ في ذلك بين الْوَالِدَيْنِ وَالْأَوْلَادِ وَغَيْرِهِمْ من الْأَقَارِبِ. وَخَرَّجَ صَاحِبُ التَّرْغِيبِ الْمَسْأَلَةَ على رِوَايَتَيْنِ انْتَهَى. الثَّانِيَةُ الْقُدْرَةُ على الْكَسْبِ بِالْحِرْفَةِ تَمْنَعُ وُجُوبَ نَفَقَتِهِ على أَقَارِبِهِ. صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي في خِلَافِهِ. ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْكَافِي وَغَيْرُهُ وَاقْتَصَرَ عليه في الْقَوَاعِدِ. قَوْلُهُ فَإِنْ لم يَفْضُلْ عِنْدَهُ إلَّا نَفَقَةَ وَاحِدٍ بَدَأَ بِالْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ. الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يُقَدَّمُ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ ثُمَّ الْعَصَبَةُ ثُمَّ التَّسَاوِي. وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَغَيْرِهِمْ. وَقِيلَ يُقَدَّمُ وَارِثٌ مع التَّسَاوِي. قال في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ وَقِيلَ يُقَدَّمُ من امْتَازَ بِفَرْضٍ أو تَعْصِيبٍ فَإِنْ تَعَارَضَتْ الْمَرْتَبَتَانِ أو فُقِدَتَا فَهُمَا سَوَاءٌ.
فائدة: لو فَضَلَ عِنْدَهُ نَفَقَةً لَا تَكْفِي وَاحِدًا لَزِمَهُ دَفْعُهَا. قَوْلُهُ فَإِنْ كان له أَبَوَانِ جَعَلَهُ بَيْنَهُمَا. هذا أَحَدُ الْوُجُوهِ اخْتَارَهُ الشَّارِحُ. وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْخُلَاصَةِ وَمَالَ إلَيْهِ النَّاظِمُ. وَقِيلَ تُقَدَّمُ الْأُمُّ وهو احْتِمَالٌ في الْهِدَايَةِ. وَقِيلَ يُقَدَّمُ الْأَبُ وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ. وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْفُرُوعِ. وَأَطْلَقَهُنَّ في الْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ. قَوْلُهُ فَإِنْ كان مَعَهُمَا بن فَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ. أَحَدُهَا يَقْسِمُهُ بَيْنَهُمْ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي يُقَدِّمُهُ عَلَيْهِمَا. نَقَلَ أبو طَالِبٍ الِابْنُ أَحَقُّ بِالنَّفَقَةِ وَهِيَ أَحَقُّ بِالْبِرِّ. قال في الْوَجِيزِ فَإِنْ اسْتَوَى اثْنَانِ بِالْقُرْبِ قُدِّمَ الْعَصَبَةُ. وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي. وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. وَقِيلَ يُقَدَّمُ الْأَبَوَانِ على الِابْنِ. وَأَطْلَقَهُنَّ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ. وَأَطْلَقَ الْخِلَافَ بين الْأَبِ وَالِابْنِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ.
فائدة: وَكَذَا الْحُكْمُ وَالْخِلَافُ فِيمَا إذَا اجْتَمَعَ جَدٌّ وابن بن. وَقَدَّمَ الشَّارِحُ أَنَّهُمَا سَوَاءٌ. قَوْلُهُ فَإِنْ كان أَبٌ وَجَدٌّ أو بن وابن بن فَالْأَبُ وَالِابْنُ أَحَقُّ. وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم. وَقِيلَ الْأَبُ وَالْجَدُّ سَوَاءٌ وَكَذَا الِابْنُ وابن الِابْنِ وهو احْتِمَالٌ لِلْقَاضِي وهو قَوْلُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ لِتَسَاوِيهِمْ في الْوِلَايَةِ وَالتَّعْصِيبِ. قال أبو الْخَطَّابِ هذا سَهْوٌ من الْقَاضِي لِأَنَّ أَحَدَهُمَا غَيْرُ وَارِثٍ.
فوائد: الْأُولَى يُقَدَّمُ أبو الْأَبِ على أبي الْأُمِّ. وَلَوْ اجْتَمَعَ أبو أبي الْأَبِ مع أبي الْأُمِّ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُمَا يَسْتَوِيَانِ. قال الْقَاضِي الْقِيَاسُ تَسَاوِيهِمَا لِتَعَارُضِ قُرْبِ الدَّرَجَةِ وَمِيزَةِ الْعُصُوبَةِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ. وَقِيلَ يُقَدَّمُ أبو الْأُمِّ لِقُرْبِهِ وَاخْتَارَهُ في الْمُحَرَّرِ. وفي الْفُصُولِ احْتِمَالُ تَقْدِيمِ أبي أبي الْأَبِ وَجَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ. الثَّانِيَةُ لو اجْتَمَعَ بن وَجَدٍّ أو أَبٌ وابن بن قُدِّمَ الِابْنُ على الْجَدِّ وَقُدِّمَ الْأَبُ على بن الِابْنِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ اخْتَارَهُ الشَّارِحُ وَغَيْرُهُ. وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ. وَيَحْتَمِلُ التَّسَاوِي. الثَّالِثَةُ لو اجْتَمَعَ جَدٌّ وَأَخٌ قُدِّمَ الْجَدُّ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ. اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَصَحَّحَاهُ وَيَحْتَمِلُ التَّسْوِيَةَ. وهو ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ من الْأَصْحَابِ. الرَّابِعَةُ قال في الْمُسْتَوْعِبِ يُقَدَّمُ الْأَحْوَجُ مِمَّنْ تَقَدَّمَ في هذه الْمَسَائِلِ على غَيْرِهِ. وَاعْتَبَرَ في التَّرْغِيبِ بِإِرْثٍ وَأَنَّ مع الِاجْتِمَاعِ يُوَزَّعُ لهم بِقَدْرِ إرْثِهِمْ. وَنَقَلَ الْمُصَنِّفُ وَمَنْ تَابَعَهُ عن الْقَاضِي فِيمَا إذَا اجْتَمَعَ الْأَبَوَانِ وَالِابْنُ إنْ كان الِابْنُ صَغِيرًا أو مَجْنُونًا قُدِّمَ وَإِنْ كان الِابْنُ كَبِيرًا وَالْأَبُ زَمِنًا فَهُوَ أَحَقُّ وَيَحْتَمِلُ تَقْدِيمَ الِابْنِ. قَوْلُهُ وَلَا تَجِبُ نَفَقَةُ الْأَقَارِبِ مع اخْتِلَافِ الدِّينِ. هذا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم. وَهَذَا تَخْصِيصُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَوَّلَ الْبَابِ. وَقِيلَ في عَمُودَيْ النَّسَبِ رِوَايَتَانِ. قال في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ وَعَنْهُ تَجِبُ في عَمُودَيْ النَّسَبِ خَاصَّةً. قال الْقَاضِي في عَمُودَيْ النَّسَبِ رِوَايَتَانِ. وَقِيلَ تَجِبُ لهم مع اخْتِلَافِ الدِّينِ ذَكَرَهُ الْآمِدِيُّ رِوَايَةً. وفي الْمُوجِزِ رِوَايَةً تَجِبُ لِلْوَالِدِ دُونَ غَيْرِهِ. وقال في الْوَجِيزِ وَلَا تَجِبُ نَفَقَةٌ مع اخْتِلَافِ الدِّينِ إلَّا أَنْ يُلْحِقَهُ بِهِ قَافَّةٌ. وَكَذَا قال في الرِّعَايَةِ وزاد وَيَرِثُهُ بِالْوَلَاءِ. قَوْلُهُ وَإِنْ تَرَكَ الْإِنْفَاقَ الْوَاجِبَ مُدَّةً لم يَلْزَمْهُ عِوَضُهُ. هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم. وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وقال أَطْلَقَهُ الْأَكْثَرُ وَجَزَمَ بِهِ في الْفُصُولِ. وقال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ فَإِنْ كان الْحَاكِمُ قد فَرَضَهَا فَيَنْبَغِي أَنْ تَلْزَمَهُ لِأَنَّهَا تَأَكَّدَتْ بِفَرْضِ الْحَاكِمِ فَلَزِمَتْهُ كَنَفَقَةِ الزَّوْجَةِ. قال في الرِّعَايَتَيْنِ وَمَنْ تَرَكَ النَّفَقَةَ على قَرِيبِهِ مُدَّةً سَقَطَتْ إلَّا إذَا كان فَرَضَهَا حَاكِمٌ. وَقِيلَ وَمَعَ فَرْضِهَا إلَّا أَنْ يَأْذَنَ الْحَاكِمُ في الِاسْتِدَانَةِ عليه أو الْقَرْضِ. زَادَ في الْكُبْرَى أو الْإِنْفَاقِ من مَالِهَا لِتَرْجِعَ بِهِ عليه لِغَيْبَتِهِ أو امْتِنَاعِهِ. قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ من أَنْفَقَ عليه بِإِذْنِ حَاكِمٍ رَجَعَ عليه وَبِلَا إذْنٍ فيه خِلَافٌ. وقال في الْمُحَرَّرِ وَأَمَّا نَفَقَةُ أَقَارِبِهِ فَلَا تَلْزَمُهُ لِمَا مَضَى وَإِنْ فُرِضَتْ إلَّا أَنْ تَسْتَدِينَ عليه بِإِذْنِ الْحَاكِمِ. قال في الْفُرُوعِ وَظَاهِرُ ما اخْتَارَهُ شَيْخُنَا وَتَسْتَدِينُ عليه فَلَا يَرْجِعُ إنْ اسْتَغْنَى بِكَسْبٍ أو نَفَقَةِ مُتَبَرِّعٍ.
فائدة: قال في الْفُرُوعِ وَظَاهِرُ كَلَامِ أَصْحَابِنَا تَأْخُذُ بِلَا إذْنِهِ إذَا امْتَنَعَ كَالزَّوْجَةِ إذَا امْتَنَعَ الزَّوْجُ من النَّفَقَةِ عليها. نَقَلَ صَالِحٌ وَعَبْدُ اللَّهِ وَالْجَمَاعَةُ يَأْخُذُ من مَالِ وَالِدِهِ بِلَا إذْنِهِ بِالْمَعْرُوفِ إذَا احْتَاجَ وَلَا يَتَصَدَّقُ. قَوْلُهُ وَمَنْ لَزِمَتْهُ نَفَقَةُ رَجُلٍ فَهَلْ تَلْزَمُهُ نَفَقَةُ امْرَأَتِهِ على رِوَايَتَيْنِ. وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي. إحْدَاهُمَا تَلْزَمُهُ وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ. وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا تَلْزَمُهُ وَتَأَوَّلَهَا الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ. وَعَنْهُ تَلْزَمُهُ في عَمُودَيْ النَّسَبِ لَا غَيْرُ. وَعَنْهُ تَلْزَمُهُ لِامْرَأَةِ أبيه لَا غَيْرُ وَهَذِهِ مَسْأَلَةُ الْإِعْفَافِ.
فائدة: يَجِبُ على الرَّجُلِ إعْفَافُ من وَجَبَتْ نَفَقَتُهُ عليه من الْآبَاءِ وَالْأَجْدَادِ وَالْأَبْنَاءِ وَأَبْنَائِهِمْ وَغَيْرِهِمْ مِمَّنْ تَجِبُ عليه نَفَقَتُهُمْ وَهَذَا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ. وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ وما يَتَفَرَّعُ عليها. وَعَنْهُ لَا يَجِبُ عليه ذلك مُطْلَقًا. وَقِيلَ لَا يَلْزَمُهُ إعْفَافُ غَيْرِ عَمُودَيْ النَّسَبِ. فَحَيْثُ قُلْنَا يَجِبُ عليه ذلك لَزِمَهُ أَنْ يُزَوِّجَهُ بِحُرَّةٍ تُعِفُّهُ أو بِسُرِّيَّةٍ. وَتَقَدَّمَ تَعْيِينُ قَرِيبٍ إذَا اتَّفَقَا على مِقْدَارِ الْمَهْرِ هذا هو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ. جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ. وَجَزَمَ في الْبُلْغَةِ وَالتَّرْغِيبِ أَنَّ التَّعْيِينَ لِلزَّوْجِ لَكِنْ ليس له تَعْيِينُ رَقِيقِهِ وَلَا لِلِابْنِ تَعْيِينُ عَجُوزٍ قَبِيحَةِ الْمَنْظَرِ أو مَعِيبَةٍ. وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ اسْتِرْجَاعَ أَمَةٍ أَعَفَّهُ بها مع غِنَاهُ. جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ. وَقِيلَ له ذلك. قُلْت يُحْتَمَلُ أَنْ يعايى بها. وَيُصَدَّقُ بِأَنَّهُ تَأَثَّقَ بِلَا يَمِينٍ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ. وَوَجْهٌ أَنَّهُ لَا يُصَدَّقُ إلَّا بِيَمِينِهِ. وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ عَاجِزًا عن مَهْرِ زَوْجَةٍ أو ثَمَنِ أَمَةٍ. وَيَكْفِي إعْفَافُهُ بِوَاحِدَةٍ. وَيَعِفُّ ثَانِيًا إنْ مَاتَتْ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ. وَقِيلَ لَا كَمُطْلَقٍ لِعُذْرٍ في أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ قَالَهُ في الْفُرُوعِ. وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ. وَيَلْزَمُهُ إعْفَافُ أُمِّهِ كَأَبِيهِ. قال الْقَاضِي وَلَوْ سَلَّمَ فَالْأَبُ آكَدُ وَلِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ لِأَنَّ الْإِعْفَافَ لها بِالتَّزْوِيجِ وَنَفَقَتُهَا على الزَّوْجِ. قال في الْفُرُوعِ وَيُتَوَجَّهُ تَلْزَمُهُ نَفَقَةٌ إنْ تَعَذَّرَ تَزْوِيجٌ بِدُونِهَا وهو ظَاهِرُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ. وهو ظَاهِرُ الْوَجِيزِ فإنه قال وَيَلْزَمُهُ إعْفَافُ كل إنْسَانٍ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ. قَوْلُهُ وَلَيْسَ لِلْأَبِ مَنْعُ الْمَرْأَةِ من رِضَاعِ وَلَدِهَا إذَا طَلَبَتْ ذلك. هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ منهم الْقَاضِي في الْخِلَافِ الْكَبِيرِ وَأَصْحَابُهُ قَالَه ابن رَجَبٍ. وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ. وَالْمُغْنِي وَالْبُلْغَةِ وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَتَذْكِرَةِ ابن عبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ. وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ. وَقِيلَ له ذلك إذَا كانت في حِبَالِهِ بِأُجْرَةٍ وَبِغَيْرِهَا. اخْتَارَهُ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ نَقَلَه ابن رَجَبٍ في مَسْأَلَةِ مُؤْنَةِ الرَّضَاعِ له كَخِدْمَتِهِ نَصَّ عليه. وَتَقَدَّمَ ذلك أَيْضًا في عِشْرَةِ النِّسَاءِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَلَهُ أَنْ يَمْنَعَهَا من إرْضَاعِ وَلَدِهَا وَتَقَدَّمَ هُنَاكَ ما يَتَعَلَّقُ بهذا. قَوْلُهُ وَإِنْ طَلَبَتْ أُجْرَةَ مِثْلِهَا وَوُجِدَ من يَتَبَرَّعُ بِرَضَاعِهِ فَهِيَ أَحَقُّ. هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ. وَصِحَّةُ عَقْدِ الْإِجَارَةِ على رَضَاعِ وَلَدِهَا من أبيه من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ. وَتَقَدَّمَ صِحَّةُ ذلك صَرِيحًا في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ في بَابِ الْإِجَارَةِ حَيْثُ قال وَيَجُوزُ اسْتِئْجَارُ وَلَدِهِ لِخِدْمَتِهِ وَامْرَأَتِهِ لِرَضَاعِ وَلَدِهِ وَحَضَانَتِهِ. وقال في الْمُنْتَخَبِ لِلشِّيرَازِيِّ إنْ اسْتَأْجَرَ من هِيَ تَحْتَهُ لِرَضَاعِ وَلَدِهِ لم يَجُزْ لِأَنَّهُ اسْتَحَقَّ نَفْعَهَا كَاسْتِئْجَارِهَا لِلْخِدْمَةِ شَهْرًا ثُمَّ اسْتَأْجَرَهَا في ذلك الشَّهْرِ لِلْبِنَاءِ. وقال الْقَاضِي لَا يَصِحُّ اسْتِئْجَارُهَا كما تَقَدَّمَ. وَعِنْدَ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ لَا أُجْرَةَ لها مُطْلَقًا فَيُحَلِّفُهَا أنها أَنْفَقَتْ عليه ما أَخَذَتْ منه. وقال في الِاخْتِيَارَاتِ وَإِرْضَاعُ الطِّفْلِ وَاجِبٌ على الْأُمِّ بِشَرْطِ أَنْ تَكُونَ مع الزَّوْجِ وَلَا تَسْتَحِقُّ أُجْرَةَ الْمِثْلِ زِيَادَةً على نَفَقَتِهَا وَكِسْوَتِهَا وهو اخْتِيَارُ الْقَاضِي. في الْمُجَرَّدِ وَتَكُونُ النَّفَقَةُ عليها وَاجِبَةٌ بِشَيْئَيْنِ حتى لو سَقَطَ الْوُجُوبُ بِأَحَدِهِمَا ثَبَتَ بِالْآخَرِ كما لو نَشَزَتْ وَأَرْضَعَتْ وَلَدَهَا فَلَهَا النَّفَقَةُ لِلْإِرْضَاعِ لَا لِلزَّوْجِيَّةِ.
فوائد: الْأُولَى لو طَلَبَتْ أَكْثَرَ من أُجْرَةِ مِثْلِهَا وَلَوْ بِيَسِيرٍ لم تَكُنْ أَحَقَّ بِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ. وقال في الْوَاضِحِ لها أَخْذُ فَوْقَ أُجْرَةِ الْمِثْلِ مِمَّا يَتَسَامَحُ بِهِ. الثَّانِيَةُ لو طَلَبَتْ أَكْثَرَ من أُجْرَةِ مِثْلِهَا ولم يُوجَدْ من يُرْضِعُهُ إلَّا بِمِثْلِ تِلْكَ الْأُجْرَةِ فقال الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ الْأُمُّ أَحَقُّ لِتَسَاوِيهِمَا في الْأُجْرَةِ وَمُيِّزَتْ الْأُمُّ. الثَّالِثَةُ لو كانت مع زَوْجٍ آخَرَ وَطَلَبَتْ رِضَاعَهُ بِأُجْرَةِ مِثْلِهَا وَوُجِدَ من يَتَبَرَّعُ بِرَضَاعِهِ كانت أَحَقَّ بِرَضَاعِهِ إذَا رضي الزَّوْجُ الثَّانِي بِذَلِكَ. الرَّابِعَةُ لِلسَّيِّدِ إجْبَارُ أُمِّ وَلَدِهِ على رَضَاعِهِ مَجَّانًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. قال ابن رَجَبٍ وَعَلَى قَوْلِ الْقَاضِي له مَنْعُ زَوْجَتِهِ من إرْضَاعِ وَلَدِهَا فَأَمَتُهُ أَوْلَى وَصَرَّحَ بِذَلِكَ في الْمُجَرَّدِ أَيْضًا. الْخَامِسَةُ لو عَتَقَتْ أُمُّ الْوَلَدِ على السَّيِّدِ فَحُكْمُ رَضَاعِ وَلَدِهَا منه حُكْمُ الْمُطَلَّقَةِ الْبَائِنِ ذَكَرَه ابن الزَّاغُونِيِّ في الْإِقْنَاعِ. وَاقْتَصَرَ عليه ابن رَجَبٍ. وَلَوْ بَاعَهَا أو وَهَبَهَا أو زَوَّجَهَا سَقَطَتْ حَضَانَتُهَا على ظَاهِرِ ما ذَكَرَه ابن عَقِيلٍ في فُنُونِهِ. وَعَلَى هذا يَسْقُطُ حَقُّهَا من الرَّضَاعِ أَيْضًا قَالَه ابن رَجَبٍ. قَوْلُهُ وإذا تَزَوَّجَتْ الْمَرْأَةُ فَلِزَوْجِهَا مَنْعُهَا من رَضَاعِ وَلَدِهَا إلَّا أَنْ يُضْطَرَّ إلَيْهَا. هذا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا نَصَّ عليه. وَجَزَمَ بِهِ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ. وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ. وَنَقَلَ مُهَنَّا له مَنْعُهَا إلَّا أَنْ يُضْطَرَّ إلَيْهَا أو تَكُونَ قد شَرَطَتْهُ عليه. وَتَقَدَّمَ هذا أَيْضًا في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ في بَابِ عِشْرَةِ النِّسَاءِ.
فوائد: إحْدَاهَا لَا يُفْطَمُ قبل الْحَوْلَيْنِ إلَّا بِرِضَى أَبَوَيْهِ ما لم يَنْضَرَّ. وقال في الرِّعَايَةِ هُنَا يَحْرُمُ رَضَاعُهُ بَعْدَهُمَا وَلَوْ رَضِيَا بِهِ. وقال في التَّرْغِيبِ له فِطَامُ رَقِيقِهِ قَبْلَهُمَا ما لم يَنْضَرَّ. قال في الرِّعَايَةِ وَبَعْدَهُمَا ما لم تَنْضَرَّ الْأُمُّ. الثَّانِيَةُ قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى في بَابِ النَّجَاسَةِ اللَّبَنُ طَاهِرٌ مُبَاحٌ من رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ. وقال في الْفُرُوعِ وَظَاهِرُ كَلَامِ بَعْضِهِمْ يُبَاحُ من امْرَأَةٍ. وقال في الِانْتِصَارِ وَغَيْرِهِ الْقِيَاسُ تَحْرِيمُهُ تُرِكَ لِلضَّرُورَةِ ثُمَّ أُبِيحَ بَعْدَ زَوَالِهَا وَلَهُ نَظَائِرُ. وَظَاهِرُ كَلَامِهِ في عُيُونِ الْمَسَائِلِ إبَاحَتُهُ مُطْلَقًا. الثَّالِثَةُ تَلْزَمُهُ خِدْمَةُ قريبة عِنْدَ الْحَاجَةِ كَزَوْجَةٍ. قَوْلُهُ وَعَلَى السَّيِّدِ الْإِنْفَاقُ على رَقِيقِهِ قَدْرَ كِفَايَتِهِمْ وَكُسْوَتِهِمْ بِلَا نِزَاعٍ. وَلَوْ كان آبِقًا أو كانت نَاشِزًا ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ وَاقْتَصَرَ عليه في الْفُرُوعِ. وَاخْتَلَفَ كَلَامُ أبي يَعْلَى في الْمُكَاتَبِ.
فائدة: يَلْزَمُهُ نَفَقَةُ وَلَدِ أَمَتِهِ دُونَ زَوْجِهَا. وَيَلْزَمُ الْحَرَّةُ نَفَقَةَ وَلَدِهَا من عَبْدٍ نَصَّ على ذلك. وَيَلْزَمُ الْمُكَاتَبَةُ نَفَقَةَ وَلَدِهَا وَكَسْبُهُ لها. وَيُنْفِقُ على من بَعْضُهُ حُرٌّ بِقَدْرِ رِقِّهِ وَبَقِيَّتِهِ على نَفْسِهِ. قَوْلُهُ وَتَزْوِيجُهُمْ إذَا طَلَبُوا ذلك إلَّا الْأَمَةَ إذَا كان يَسْتَمْتِعُ بها بِلَا نِزَاعٍ فِيهِمَا. لَكِنْ لو قالت إنَّهُ ما يَطَأُ صُدِّقَتْ لِلْأَصْلِ قَالَهُ في الْفُرُوعِ. قال في التَّرْغِيبِ صُدِّقَتْ على الْأَصَحِّ. وَوُجُوبُ تَزْوِيجِ الْعَبْدِ إذَا طَلَبَهُ لِأَجْلِ الْإِعْفَافِ من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ. وَكَذَا وُجُوبُ بَيْعِهِ إذَا لم يُعِفَّهُ من الْمُفْرَدَاتِ.
فائدة: قال الْقَاضِي لو كان السَّيِّدُ غَائِبًا غَيْبَةً مُنْقَطِعَةً وَطَلَبَتْ أَمَتُهُ التَّزْوِيجَ أو كان سَيِّدُهَا صَبِيًّا أو مَجْنُونًا احْتَمَلَ أَنْ يُزَوِّجَهَا الْحَاكِمُ. قال ابن رَجَبٍ وَهَذَا الْمَعْنَى لَا فَرْقَ فيه بين أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ وَغَيْرِهِنَّ لِلِاشْتِرَاكِ في وُجُوبِ الْإِعْفَافِ. وَكَذَا ذَكَرَ الْقَاضِي في خِلَافِهِ أَنَّ سَيِّدَ الْأَمَةِ إذَا غَابَ غَيْبَةً مُنْقَطِعَةً وَطَلَبَتْ أَمَتُهُ التَّزْوِيجَ زَوَّجَهَا الْحَاكِمُ. وقال هذا قِيَاسُ الْمَذْهَبِ ولم يذكر فيه خِلَافًا. وَنَقَلَهُ عنه الْمَجْدُ في شَرْحِهِ ولم يَعْتَرِضْ عليه بِشَيْءٍ. وَكَذَا ذَكَرَ أبو الْخَطَّابِ في الِانْتِصَارِ أَنَّ السَّيِّدَ إذَا غَابَ زَوَّجَ أَمَتَهُ من يَلِي مَالَهُ. وقال أَوْمَأَ إلَيْهِ في رِوَايَةِ بَكْرٍ بن مُحَمَّدٍ انْتَهَى ذَكَرَه ابن رَجَبٍ.
تنبيه: ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لو شَرَطَ وَطْءَ الْمُكَاتَبَةِ وَطَلَبَتْ التَّزْوِيجَ لَا يَلْزَمُ السَّيِّدُ إذَا كان يَطَأُ وهو صَحِيحٌ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ. قال في الْفُرُوعِ وهو أَظْهَرُ لَمَا فيه من إسْقَاطِ حَقِّ السَّيِّدِ وَإِلْغَاءِ الشَّرْطِ. وقال ابن الْبَنَّا يَلْزَمُهُ تَزْوِيجُهَا بِطَلَبِهَا وَلَوْ كان يَطَؤُهَا وَأُبِيحَ بِالشَّرْطِ ذَكَرَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَاقْتَصَرَ عليه. قال في الْفُرُوعِ وَكَأَنَّ وَجْهَهُ لِمَا فيه من اكْتِسَابِ الْمَهْرِ فَمَلَكْته كَأَنْوَاعِ التَّكَسُّبِ. قُلْت الذي يَظْهَرُ أَنَّ وَجْهَهُ أَعَمُّ من ذلك فإن الْمُتَرَتِّبَ لها على الزَّوْجِ أَكْثَرُ من ذلك. فَعَلَى هذا الْوَجْهِ يُعَايَى بها.
فائدة: لو غَابَ عن أُمِّ وَلَدِهِ وَاحْتَاجَتْ إلَى النَّفَقَةِ زُوِّجَتْ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ. قال في الْفُرُوعِ زُوِّجَتْ في الْأَصَحِّ. وَقِيلَ لَا تُزَوَّجُ. وَلَوْ احْتَاجَتْ إلَى الْوَطْءِ لم تُزَوَّجْ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ. وقال وَيُتَوَجَّهُ الْجَوَازُ عِنْدَ من جَعَلَهُ كَنَفَقَةٍ قُلْت وَهَذَا عَيْنُ الصَّوَابِ وَالضَّرَرُ اللَّاحِقُ بِذَلِكَ أَعْظَمُ من الضَّرَرِ اللَّاحِقِ بِسَبَبِ النَّفَقَةِ. وَاخْتَارَه ابن رَجَبٍ في كِتَابٍ له سَمَّاهُ الْقَوْلُ الصَّوَابُ في تَزْوِيجِ أُمَّهَاتِ أَوْلَادِ الْغِيَابِ ذَكَرَ فيه أَحْكَامَ زَوَاجِهَا وَزَوَاجَ الْإِمَاءِ وَامْرَأَةَ الْمَفْقُودِ وَأَطَالَ في ذلك وَأَجَادَ وَاسْتَدَلَّ لِصِحَّةِ نِكَاحِهَا بِكَلَامِ الْأَصْحَابِ وَنُصُوصِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ. وقال في الِانْتِصَارِ إذَا عَجَزَ السَّيِّدُ عن النَّفَقَةِ على أُمِّ الْوَلَدِ وَعَجَزَتْ هِيَ أَيْضًا لَزِمَهُ عِتْقُهَا لِيُنْفَقَ عليها من بَيْتِ الْمَالِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. قَوْلُهُ وَيُدَاوِيهِمْ إذَا مَرِضُوا. يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ الْوُجُوبُ وهو الْمَذْهَبُ. قال في الْفُرُوعِ وَيُدَاوِيه وُجُوبًا قَالَهُ جَمَاعَةٌ. قال ابن شِهَابٍ في كَفَنِ زَوْجَةِ الْعَبْدِ لَا مَالَ له فَالسَّيِّدُ أَحَقُّ بِنَفَقَتِهِ وَمُؤْنَتِهِ وَلِهَذَا النَّفَقَةُ الْمُخْتَصَّةُ بِالْمَرَضِ من الدَّوَاءِ وَأُجْرَةِ الطَّبِيبِ تَلْزَمُهُ بِخِلَافِ الزَّوْجَةِ انْتَهَى. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ بِذَلِكَ الِاسْتِحْبَابُ. قال في الْفُرُوعِ وَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ يُسْتَحَبُّ وهو أَظْهَرُ انْتَهَى. قُلْت الْمَذْهَبُ أَنَّ تَرْكَ الدَّوَاءِ أَفْضَلُ على ما تَقَدَّمَ في أَوَّلِ كِتَابِ الْجَنَائِزِ وَوُجُوبُ الْمُدَاوَاةِ قَوْلٌ ضَعِيفٌ. قَوْلُهُ وَلَا يُجْبَرُ الْعَبْدُ على الْمُخَارَجَةِ بِلَا نِزَاعٍ. وَإِنْ اتَّفَقَا عليها جَازَ بِلَا خِلَافٍ لَكِنْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ بِقَدْرِ كَسْبِهِ فَأَقَلَّ بَعْدَ نَفَقَتِهِ وَإِلَّا لم يَجُزْ. وقال في التَّرْغِيبِ إنْ قَدَّرَ خَرَاجًا بِقَدْرِ كَسْبِهِ لم يُعَارِضْ. قُلْت وَلَعَلَّهُ أَرَادَ ما قَالَهُ الْأَوَّلُونَ.
فائدة: قال في التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ يُؤْخَذُ من الْمُغْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْعَبْدِ الْمُخَارَجُ هَدِيَّةُ طَعَامٍ وَإِعَارَةُ مَتَاعٍ وَعَمَلُ دَعْوَةٍ. قال في الْفُرُوعِ وَظَاهِرُ هذا أَنَّهُ كَعَبْدٍ مَأْذُونٍ له في التَّصَرُّفِ. قال وَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ لَا يَمْلِكُ ذلك، وَإِنَّمَا فائدة الْمُخَارَجَةِ تَرْكُ الْعَمَلِ بَعْدَ الضَّرِيبَةِ. وقال ابن الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللَّهُ في الهدى له التَّصَرُّفُ فِيمَا زَادَ على خَرَاجِهِ وَلَوْ مُنِعَ منه كان كَسْبُهُ كُلُّهُ خَرَاجًا ولم يَكُنْ لِتَقْدِيرِهِ.
فائدة: بَلْ ما زَادَ تَمْلِيكٌ من سَيِّدِهِ له يَتَصَرَّفُ فيه كما أَرَادَ. قال في الْفُرُوعِ كَذَا قال. قَوْلُهُ وَمَتَى امْتَنَعَ السَّيِّدُ من الْوَاجِبِ عليه وَطَلَبَ الْعَبْدُ الْبَيْعَ لَزِمَهُ بَيْعُهُ. نَصَّ عليه كَفُرْقَةِ الزَّوْجَةِ. وَقَالَهُ في عُيُونِ الْمَسَائِلِ وَغَيْرِهِ في أُمِّ الْوَلَدِ. قال في الْفُرُوعِ هو ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ يَعْنِي في أُمِّ الْوَلَدِ. وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَلَوْ لم تُلَائِمْ أَخْلَاقَ الْعَبْدِ أَخْلَاقَ سَيِّدِهِ لَزِمَهُ إخْرَاجُهُ عن مِلْكِهِ. وَكَذَا أَطْلَقَ في الرَّوْضَةِ يَلْزَمُهُ بَيْعُهُ بِطَلَبِهِ. قَوْلُهُ وَلَهُ تَأْدِيبُ رَقِيقِهِ بِمَا يُؤَدِّبُ بِهِ وَلَدَهُ وَامْرَأَتَهُ. وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. قال في الْفُرُوعِ كَذَا قالوا. قال وَالْأَوْلَى ما رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وأبو دَاوُد رَحِمَهُمَا اللَّهُ وَذَكَرَ أَحَادِيثَ تَدُلُّ على أَنَّ ضَرْبَ الرَّقِيقِ أَشَدُّ من ضَرْبِ الْمَرْأَةِ. وَنَقَلَ حَرْبٌ لَا يَضْرِبُهُ إلَّا في ذَنْبٍ بَعْدَ عَفْوِهِ مَرَّةً أو مَرَّتَيْنِ وَلَا يَضْرِبُهُ ضَرْبًا شَدِيدًا. وَنَقَلَ حَنْبَلٌ لَا يَضْرِبُهُ إلَّا في ذَنْبٍ عَظِيمٍ وَيُقَيِّدُهُ بِقَيْدٍ إذَا خَافَ عليه وَيَضْرِبُهُ ضَرْبًا غير مُبَرِّحٍ. وَنَقَلَ غَيْرُهُ لَا يُقَيِّدُهُ وَيُبَاعُ أَحَبُّ إلَيَّ. وَنَقَلَ أبو دَاوُد رَحِمَهُ اللَّهُ يُؤَدَّبُ على فَرَائِضِهِ.
فائدة: لَا يَشْتِمُ أَبَوَيْهِ الْكَافِرَيْنِ لَا يُعَوِّدُ لِسَانَهُ الْخَنَا وَالرَّدَى. وَإِنْ بَعَثَهُ لِحَاجَةٍ فَوَجَدَ مَسْجِدًا يُصَلِّي فيه قَضَى حَاجَتَهُ ثُمَّ صلى وَإِنْ صلى فَلَا بَأْسَ نَقَلَهُ صَالِحٌ. وَنَقَل ابن هَانِئٍ إنْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَجِدُ مَسْجِدًا يُصَلِّي فيه صلى وَإِلَّا قَضَاهَا.
تنبيه: أَفَادَنَا الْمُصَنِّفُ جَوَازَ تَأْدِيبِ الْوَلَدِ وَالزَّوْجَةِ وهو صَحِيحٌ وَقَالَهُ الْأَصْحَابُ. قال في الْفُرُوعِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ يُؤَدَّبُ الْوَلَدُ وَلَوْ كان كَبِيرًا مُزَوَّجًا مُنْفَرِدًا في بَيْتٍ كَفِعْلِ أبي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ بِعَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ رضي اللَّهُ عنهما. قال ابن عَقِيلٍ في الْفُنُونِ الْوَلَدُ يَضْرِبُهُ الْوَالِدُ وَيُعَزِّرُهُ وَإِنَّ مثله عَبْدٌ وَزَوْجَةٌ. قَوْلُهُ وَلِلْعَبْدِ أَنْ يَتَسَرَّى بِإِذْنِ سَيِّدِهِ. هذا إحْدَى الطَّرِيقَتَيْنِ وَهِيَ الصَّحِيحَةُ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليها في رِوَايَةِ الْجَمَاعَةِ وَهِيَ طَرِيقَةُ الْخِرَقِيِّ وَأَبِي بَكْرٍ وابن أبي مُوسَى وَأَبِي إِسْحَاقَ بن شَاقِلَا ذَكَرَهُ عنه في الْوَاضِحِ. وَرَجَّحَهَا الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي وَالشَّارِحِ. قال في الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ وَهِيَ أَصَحُّ فإن نُصُوصَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ لَا تَخْتَلِفُ في إبَاحَةِ التَّسَرِّي له وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ. وَقَدَّمَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَنَصَرَهُ. وَقِيلَ يَنْبَنِي على الرِّوَايَتَيْنِ في مِلْكِ الْعَبْدِ بِالتَّمْلِيكِ وَهِيَ طَرِيقَةُ الْقَاضِي وَالْأَصْحَابِ بَعْدَهُ قَالَهُ في الْقَوَاعِدِ. قال الْقَاضِي يَجِبُ أَنْ يَكُونَ في مَذْهَبِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ في تَسَرِّي الْعَبْدِ وَجْهَانِ مَبْنَيَانِ على الرِّوَايَتَيْنِ في ثُبُوتِ الْمِلْكِ بِتَمْلِيكِ سَيِّدِهِ. وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْفُرُوعِ. وَهِيَ الْمَذْهَبُ على ما أَسْلَفْنَاهُ في الْخُطْبَةِ. وَتَقَدَّمَ ذلك في أَوَائِلِ كِتَابِ الزَّكَاةِ. فَعَلَى الْأُولَى لَا يَجُوزُ تَسَرِّيهِ بِدُونِ إذْنِ سَيِّدِهِ كما قَالَهُ الْمُصَنِّفُ. وَنَصَّ عليه الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ في رِوَايَةِ جَمَاعَةٍ كَنِكَاحِهِ وَقَدَّمَهُ في الْقَوَاعِدِ. وَنَقَلَ أبو طَالِبٍ وابن هَانِئٍ يَتَسَرَّى الْعَبْدُ في مَالِهِ كان ابن عمَرَ رضي اللَّهُ عنهما يَتَسَرَّى عَبِيدُهُ في مَالِهِ فَلَا يَعِيبُ عليهم. قال الْقَاضِي ظَاهِرُ هذا أَنَّهُ يَجُوزُ تَسَرِّيه من غَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ لِأَنَّهُ مَالِكٌ له. قال في الْقَوَاعِدِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُحْمَلُ نَصُّ اشْتِرَاطِهِ على التَّسَرِّي من مَالِ سَيِّدِهِ إذَا كان مَأْذُونًا له. وَنَصُّهُ تَقَدَّمَ على اشْتِرَاطِ تَسَرِّيه في مَالِ نَفْسِهِ الذي يَمْلِكُهُ. وقد أَوْمَأَ إلَى هذا في رِوَايَةِ جَمَاعَةٍ قال وهو الْأَظْهَرُ. وَأَطَالَ الْكَلَامَ في ذلك في فَوَائِدِ الْقَوَاعِدِ فَلْيُعَاوَدْ. وَتَقَدَّمَ في الْمُحَرَّمَاتِ في النِّكَاحِ بَعْدَ قَوْلِهِ وَلَا يَحِلُّ لِلْعَبْدِ أَنْ يَتَزَوَّجَ أَكْثَرَ من اثْنَتَيْنِ هل يَجُوزُ له التَّسَرِّي بِأَكْثَرَ من اثْنَتَيْنِ أَمْ لَا.
فوائد: إحْدَاهَا لو أَذِنَ له سَيِّدُهُ في التَّسَرِّي مَرَّةً فَتَسَرَّى لم يَمْلِكْ سَيِّدُهُ الرُّجُوعَ نَصَّ عليه في رِوَايَةِ الْجَمَاعَةِ وهو الْمَذْهَبُ. وَقَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَالنَّاظِمُ وَالزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُمْ. وقال الْقَاضِي يُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ بِالتَّسَرِّي هُنَا التَّزْوِيجَ وَسَمَّاهُ تَسَرِّيًا مَجَازًا ويكون [يكون] لِلسَّيِّدِ الرُّجُوعُ فِيمَا مَلَكَ عَبْدُهُ وَرَدَّهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ. الثَّانِيَةُ لو تَزَوَّجَ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ وَجَبَتْ نَفَقَتُهُ وَنَفَقَةُ الزَّوْجَةِ على السَّيِّدِ. وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ. وقد تَقَدَّمَ ذلك في كِتَابِ الصَّدَاقِ. الثَّالِثَةُ قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ إطْعَامُ بَهَائِمِهِ وَسَقْيُهَا بِلَا نِزَاعٍ. لَكِنْ قال الشَّيْخُ عبد الْقَادِرِ في الْغُنْيَةِ يُكْرَهُ إطْعَامُ الْحَيَوَانِ فَوْقَ طَاقَتِهِ وَإِكْرَاهُهُ على الْأَكْلِ على ما اتَّخَذَهُ الناس عَادَةً لِأَجْلِ التَّسْمِينِ. الرَّابِعَةُ قَوْلُهُ وَلَا يُحَمِّلُهَا ما لَا تُطِيقُ. قال أبو الْمَعَالِي في سَفَرِ النُّزْهَةِ قال أَهْلُ الْعِلْمِ لَا يَحِلُّ أَنْ يُتْعِبُ دَابَّةً وَلَا أَنْ يُتْعِبَ نَفْسَهُ بِلَا غَرَضٍ صَحِيحٍ. الْخَامِسَةُ يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِالْبَهَائِمِ في غَيْرِ ما خُلِقَتْ له كَالْبَقَرِ لِلْحَمْلِ أو الرُّكُوبِ وَالْإِبِلِ وَالْحَمِيرِ لِلْحَرْثِ. ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ في الْإِجَارَةِ لِأَنَّ مُقْتَضَى الْمَلِكِ جَوَازُ الِانْتِفَاعِ بِهِ فِيمَا يُمْكِنُ وَهَذَا مُمْكِنٌ كَاَلَّذِي خُلِقَ له وَجَرَتْ بِهِ عَادَةُ بَعْضِ الناس وَلِهَذَا يَجُوزُ أَكْلُ الْخَيْلِ وَاسْتِعْمَالُ اللُّؤْلُؤِ وَغَيْرِهِ في الْأَدْوِيَةِ وَإِنْ لم يَكُنْ الْمَقْصُودُ منها ذلك. وَاقْتَصَرَ عليه في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ. وَقَوْلُهُ عليه أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ عن الْبَقَرَةِ لَمَّا رُكِبَتْ إنها قالت لم أُخْلَقْ لِهَذَا إنَّمَا خُلِقْت لِلْحَرْثِ أَيْ مُعْظَمِ النَّفْعِ وَلَا يَلْزَمُ منه نَفْيُ غَيْرِهِ. قَوْلُهُ فَإِنْ عَجَزَ عن الْإِنْفَاقِ عليها أُجْبِرَ على بَيْعِهَا أو إجَارَتِهَا أو ذَبْحِهَا إنْ كان مِمَّا يُبَاحُ أَكْلُهُ. هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وفي عَدَمِ الْإِجْبَارِ احْتِمَالَانِ لِابْنِ عَقِيلٍ.
فائدة: لو أَبَى رَبُّهَا الْوَاجِبُ عليه فَعَلَى الْحَاكِمِ الْأَصْلَحُ أو اقْتَرَضَ عليه. قال في الْقَاعِدَةِ الثَّالِثَةِ وَالْعِشْرِينَ لو امْتَنَعَ من الْإِنْفَاقِ على بَهَائِمِهِ أُجْبِرَ على الْإِنْفَاقِ أو الْبَيْعِ أَطْلَقَهُ كَثِيرٌ من الْأَصْحَابِ. وقال ابن الزَّاغُونِيِّ إنْ أَبَى بَاعَ الْحَاكِمُ عليه.
فائدتان: إحْدَاهُمَا حَضَانَةُ الطِّفْلِ حِفْظُهُ عَمَّا يَضُرُّهُ وَتَرْبِيَتُهُ بِغَسْلِ رَأْسِهِ وَبَدَنِهِ وَثِيَابِهِ وَدَهْنِهِ وَتَكْحِيلِهِ وَرَبْطِهِ في الْمَهْدِ وَتَحْرِيكِهِ لِيَنَامَ وَنَحْوِ ذلك. وَقِيلَ هِيَ حِفْظُ من لَا يَسْتَقِلُّ بِنَفْسِهِ وَتَرْبِيَتُهُ حتى يَسْتَقِلَّ بِنَفْسِهِ. الثَّانِيَةُ اعْلَمْ أَنَّ عَقْدَ الْبَابِ في الْحَضَانَةِ أَنَّهُ لَا حَضَانَةَ إلَّا لِرَجُلٍ عَصَبَةٍ أو امْرَأَةٍ وَارِثَةٍ أو مُدْلِيَةٍ بِوَارِثٍ كَالْخَالَةِ وَبَنَاتِ الْأَخَوَاتِ أو مُدْلِيَةٍ بِعَصَبَةٍ كَبَنَاتِ الْإِخْوَةِ وَالْأَعْمَامِ وَالْعَمَّةِ وَهَذَا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ. فَأَمَّا ذَوُو الْأَرْحَامِ غَيْرُ من تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ وَالْحَاكِمُ فَيَأْتِي حُكْمُهُمْ وَالْخِلَافُ فِيهِمْ. وَقَوْلُنَا إلَّا لِرَجُلٍ عَصَبَةٍ قَالَهُ الْأَصْحَابُ. لَكِنْ هل يَدْخُلُ في ذلك الْمَوْلَى الْمُعْتَقُ لِأَنَّهُ عَصَبَةٌ في الْمِيرَاثِ أو لَا يَدْخُلُ لِأَنَّهُ غَيْرُ نَسِيبٍ. قال ابن نَصْرِ اللَّهِ في حَوَاشِي الْفُرُوعِ لم أَجِدْ من تَعَرَّضَ لِذَلِكَ وَقُوَّةُ كَلَامِهِمْ تَقْتَضِي عَدَمَ دُخُولِهِ. وَظَاهِرُ عِبَارَتِهِمْ دُخُولُهُ لِأَنَّهُ عَصَبَةٌ وَارِثٌ وَلَوْ كان امْرَأَةً لِأَنَّهَا وَارِثَةٌ انْتَهَى. قَوْلُهُ وَأَحَقُّ الناس بِحَضَانَةِ الطِّفْلِ وَالْمَعْتُوهِ أُمُّهُ بِلَا نِزَاعٍ. وَلَوْ كان بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ كَالرَّضَاعِ قَالَهُ في الْوَاضِحِ. وَاقْتَصَرَ عليه في الْفُرُوعِ وهو وَاضِحٌ. قَوْلُهُ ثُمَّ أُمَّهَاتُهَا. هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم. وَعَنْهُ تَقَدُّمُ أُمِّ الْأَبِ على أُمِّ الْأُمِّ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيُّ. قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ. قال في الْمُغْنِي هو قِيَاسُ قَوْلِ الْخِرَقِيِّ. وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي. وَعَنْهُ يُقَدَّمُ الْأَبُ وَالْجَدُّ على غَيْرِ الْأُمِّ. قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ بَعْدَ ذِكْرِ رِوَايَةِ تَقْدِيمِ أُمِّ الْأَبِ على أُمِّ الْأُمِّ فَعَلَى هذه يَكُونُ الْأَبُ أَوْلَى بِالتَّقْدِيمِ لِأَنَّهُنَّ يُدْلِينَ بِهِ. فَعَلَى الْمَذْهَبِ لو امْتَنَعَتْ الْأُمُّ لم تُجْبَرْ وَأُمُّهَا أَحَقُّ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ. وَقِيلَ الْأَبُ أَحَقُّ. وَيَأْتِي ذلك في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ. قَوْلُهُ ثُمَّ الْأَبُ ثُمَّ أُمَّهَاتُهُ وَكَذَا ثُمَّ الْجَدُّ ثُمَّ أُمَّهَاتُهُ وَهَلُمَّ جَرًّا. وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ. قال الزَّرْكَشِيُّ الْمَشْهُورُ من الرِّوَايَتَيْنِ وَالْمُخْتَارُ لِعَامَّةِ الْأَصْحَابِ تَقْدِيمُ أُمِّ الْأَبِ على الْخَالَةِ انْتَهَى. وَعَنْهُ الْأُخْتُ من الْأُمِّ وَالْخَالَةُ أَحَقُّ من الْأَبِ. فَعَلَيْهَا تَكُونُ الْأُخْتُ من الْأَبَوَيْنِ أَحَقُّ وَيَكُونُ هَؤُلَاءِ أَحَقُّ من الْأُخْتِ لِلْأَبِ وَمِنْ جَمِيعِ الْعَصَبَاتِ. وَقِيلَ هَؤُلَاءِ أَحَقُّ من جَمِيعِ الْعَصَبَاتِ إنْ لم يُدْلِينَ بِهِ فَإِنْ أَدْلَيْنَ بِهِ كان أَحَقَّ مِنْهُنَّ. قال في الْمُحَرَّرِ وَتَبِعَهُ في الرِّعَايَةِ وَالْفُرُوعِ وَيُحْتَمَلُ تَقْدِيمُ نِسَاءِ الْأُمِّ على الْأَبِ وَأُمَّهَاتِهِ وَجِهَتِهِ. وَقِيلَ تُقَدَّمُ الْعَصَبَةُ على الْأُنْثَى إنْ كان أَقْرَبَ منها فَإِنْ تَسَاوَيَا فَوَجْهَانِ. وَيَأْتِي ذلك عِنْدَ ذِكْرِ الْعَصَبَاتِ. قَوْلُهُ ثُمَّ الْأُخْتُ لِلْأَبَوَيْنِ ثُمَّ لِلْأَبِ ثُمَّ الْأُخْتُ لِلْأُمِّ ثُمَّ الْخَالَةُ ثُمَّ الْعَمَّةُ في الصَّحِيحِ عنه. الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ الْأَخَوَاتِ وَالْخَالَاتِ وَالْعَمَّاتِ بَعْدَ الْأَبِ وَالْجَدِّ وَأُمَّهَاتِهِمَا كما تَقَدَّمَ. وَتَقَدَّمَ رِوَايَةٌ بِتَقْدِيمِ الْأُخْتِ من الْأُمِّ وَالْخَالَةِ على الْأَبِ وما يَتَفَرَّعُ على ذلك. إذَا عَلِمْت ذلك فَعَلَى الْمَذْهَبِ تُقَدَّمُ الْأُخْتُ من الْأَبَوَيْنِ على غَيْرِهَا مِمَّنْ ذُكِرَ بِلَا نِزَاعٍ. ثُمَّ إنَّ الْمُصَنِّفَ هُنَا قَدَّمَ الْأُخْتَ لِلْأَبِ على الْأُخْتِ لِلْأُمِّ وَقَدَّمَ الْخَالَةَ على الْعَمَّةِ وقال إنَّهُ الصَّحِيحُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ. وَهَذَا إحْدَى الرِّوَايَاتِ. قال الشَّارِحُ هذه الْمَشْهُورَةُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ. وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْبُلْغَةِ وَالنَّظْمِ وَالْوَجِيزِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَغَيْرِهِمْ. قال بَعْضُ الْأَصْحَابِ فَتَنَاقَضُوا حَيْثُ قَدَّمُوا الْأُخْتَ لِلْأَبِ على الْأُخْتِ لِلْأُمِّ ثُمَّ قَدَّمُوا الْخَالَةَ على الْعَمَّةِ. وَعَنْهُ تُقَدَّمُ الْأُخْتُ من الْأُمِّ على الْأُخْتِ من الْأَبِ وَالْخَالَةُ على الْعَمَّةِ وَخَالَةُ الْأُمِّ على خَالَةِ الْأَبِ وَخَالَاتُ الْأَبِ على عَمَّاتِهِ وَمَنْ يُدْلِي من الْعَمَّاتِ وَالْخَالَاتِ بِأَبٍ على من يُدْلِي بِأُمٍّ وهو الْمَذْهَبُ. وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي في كِتَابِ الرِّوَايَتَيْنِ وابن عَقِيلٍ في التَّذْكِرَةِ فقال قَرَابَةُ الْأُمِّ مُقَدَّمَةٌ على قَرَابَةِ الْأَبِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ. وَعَنْهُ تُقَدَّمُ الْأُخْتُ من الْأَبِ على الْأُخْتِ من الْأُمِّ وَالْعَمَّةُ على الْخَالَةِ وَخَالَةُ الْأَبِ على خَالَةِ الْأُمِّ وَعَمَّةُ الْأَبِ على خَالَاتِهِ وَمَنْ يُدْلِي من الْعَمَّاتِ وَالْخَالَاتِ بِأُمٍّ على من يُدْلِي بِأَبٍ مِنْهُمَا. عَكْسُ الرِّوَايَةِ التي قَبْلَهَا وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَغَيْرُهُ. قال الزَّرْكَشِيُّ وهو مُقْتَضَى قَوْلِ الْقَاضِي في تَعْلِيقِهِ وَجَامِعِهِ الصَّغِيرِ وَالشِّيرَازِيِّ وابن الْبَنَّا لِتَقْدِيمِهِمْ الْأُخْتَ لِلْأَبِ على الْأُخْتِ لِلْأُمِّ وهو مَذْهَبُ الْخِرَقِيِّ لِأَنَّ الْوِلَايَةَ لِلْأَبِ فَكَذَا قَرَابَتُهُ لِقُوَّتِهِ بها. وَإِنَّمَا قُدِّمَتْ الْأُمُّ لِأَنَّهُ لَا يَقُومُ مَقَامَهَا هُنَا أَحَدٌ في مَصْلَحَةِ الطِّفْلِ. وَإِنَّمَا قَدَّمَ الشَّارِعُ خَالَةَ ابْنَةِ حَمْزَةَ ابن عبْدَ الْمُطَّلِبِ رضي اللَّهُ عنه على عَمَّتِهَا صَفِيَّةَ رضي اللَّهُ عنها لِأَنَّ صَفِيَّةَ لم تَطْلُبْ وَجَعْفَرُ رضي اللَّهُ عنه طَلَبَ نَائِبًا عن خَالَتِهَا فَقَضَى الشَّارِعُ بها لها في غَيْبَتِهَا انْتَهَى. وَجَزَمَ في الْعُمْدَةِ وَالْمُنَوِّرِ بِتَقْدِيمِ الْأُخْتِ لِلْأَبِ على الْأُخْتِ من الْأُمِّ وَبِتَقْدِيمِ الْعَمَّةِ على الْخَالَةِ. قال الْخِرَقِيُّ وَخَالَةُ الْأَبِ أَحَقُّ من خَالَةِ الْأُمِّ. وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ ولم يَذْكُرُوا الْقَوْلَ الْأَوَّلَ.
فائدة: تَسْتَحِقُّ الْحَضَانَةَ بَعْدَ الْأَخَوَاتِ وَالْعَمَّاتِ وَالْخَالَاتِ عَمَّاتُ أبيه وَخَالَاتُ أَبَوَيْهِ على التَّفْصِيلِ ثُمَّ بَنَاتُ إخْوَتِهِ وَأَخَوَاتِهِ ثُمَّ بَنَاتُ أَعْمَامِهِ على التَّفْصِيلِ الْمُتَقَدِّمِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ. قَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ. وَقِيلَ تُقَدَّمُ بَنَاتُ إخْوَتِهِ وَأَخَوَاتِهِ على الْعَمَّاتِ وَالْخَالَاتِ وَمَنْ بَعْدَهُنَّ.
تنبيه: تَحْرِيرُ الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ في تَرْتِيبِ من يَسْتَحِقُّ الْحَضَانَةَ فِيمَنْ تَقَدَّمَ. أَنَّ أَحَقَّهُمْ بِالْحَضَانَةِ الْأُمُّ ثُمَّ أُمَّهَاتُهَا الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ مِنْهُنَّ ثُمَّ الْجَدُّ وَإِنْ عَلَا ثُمَّ أُمَّهَاتُهُ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ ثُمَّ الْأُخْتُ لِلْأَبَوَيْنِ ثُمَّ لِلْأُمِّ ثُمَّ لِلْأَبِ ثُمَّ خَالَاتُهُ ثُمَّ عَمَّاتُهُ ثُمَّ خَالَاتُ أَبَوَيْهِ ثُمَّ عَمَّاتُ أبيه ثُمَّ بَنَاتُ إخْوَتِهِ وَأَخَوَاتِهِ ثُمَّ بَنَاتُ أَعْمَامِهِ وَعَمَّاتِهِ على ما تَقَدَّمَ من التَّفْصِيلِ ثُمَّ بَنَاتُ أَعْمَامِ أبيه وَبَنَاتُ عَمَّاتِ أبيه وَهَلُمَّ جَرًّا. قَوْلُهُ ثُمَّ تَكُونُ لِلْعَصَبَةِ. يَعْنِي الْأَقْرَبَ فَالْأَقْرَبَ غير الْأَبِ وَالْجَدِّ وَإِنْ عَلَا على ما تَقَدَّمَ. إذَا عَلِمْت ذلك فَلَا يَسْتَحِقُّ الْعَصَبَةُ الْحَضَانَةَ إلَّا بَعْدَ من تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ وَهَذَا هو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم. وَقِيلَ من تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ أَحَقُّ بِالْحَضَانَةِ بِشَرْطِ أَنْ لَا يُدْلِينَ بِهِ فَإِنْ أَدْلَيْنَ بِالْعَصَبَةِ كان أَحَقَّ مِنْهُنَّ وهو احْتِمَالٌ في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ. وَقِيلَ تُقَدَّمُ الْعَصَبَةُ على الْأُنْثَى إنْ كان أَقْرَبَ مِنْهُمَا فَإِنْ تَسَاوَيَا فَوَجْهَانِ. وَتَقَدَّمَ ذِكْرُ الْخِلَافِ وَبِنَاؤُهُ.
فائدة: مَتَى اسْتَحَقَّتْ الْعَصَبَةُ الْحَضَانَةَ فَهِيَ لِلْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ من مَحَارِمِهَا فَإِنْ كانت أُنْثَى وَكَانَتْ من غَيْرِ مَحَارِمِهَا كما مَثَّلَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ إلَّا أَنَّ الْجَارِيَةَ ليس لِابْنِ عَمِّهَا حَضَانَتُهَا لِأَنَّهُ ليس من مَحَارِمِهَا فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ ليس له حَضَانَتُهَا مُطْلَقًا. جَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْمُنَوِّرِ. وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْفُرُوعِ. وَجَزَمَ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ أَنَّهُ لَا حَضَانَةَ لها إذَا بَلَغَتْ سَبْعًا وَقَدَّمَهُ في تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ. وَجَزَمَ في الْبُلْغَةِ وَالتَّرْغِيبِ أَنَّهُ لَا حَضَانَةَ له إذَا كانت تُشْتَهَى فَإِنْ لم تَكُنْ تُشْتَهَى فَلَهُ الْحَضَانَةُ. وَاخْتَارَهُ في الرِّعَايَةِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ. قُلْت فَلَعَلَّهُ مُرَادُ الْمُصَنِّفِ وَمَنْ تَابَعَهُ إلَّا أَنَّ صَاحِبَ الْفُرُوعِ وَغَيْرَهُ حَكَاهُمَا قَوْلَيْنِ. وَاخْتَارَ ابن القيم رَحِمَهُ اللَّهُ في الْهُدَى أَنَّ له الْحَضَانَةَ مُطْلَقًا وَيُسَلِّمُهَا إلَى ثِقَةٍ يَخْتَارُهَا هو أو إلَى مَحْرَمِهِ لِأَنَّهُ أَوْلَى من أَجْنَبِيٍّ وَحَاكِمٍ. وَكَذَا قال فِيمَنْ تَزَوَّجَتْ وَلَيْسَ لِلْوَلَدِ غَيْرُهَا. قال في الْفُرُوعِ وَهَذَا مُتَوَجَّهٌ وَلَيْسَ بِمُخَالِفٍ لِلْخَبَرِ لِعَدَمِ عُمُومِهِ. قَوْلُهُ وإذا امْتَنَعَتْ الْأُمُّ من حَضَانَتِهَا انْتَقَلَتْ إلَى أُمِّهَا. وَكَذَلِكَ إنْ لم تَكُنْ أَهْلًا لِلْحَضَانَةِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. صَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَالنَّاظِمُ وَغَيْرُهُمْ. وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَنْتَقِلَ إلَى الْأَبِ وهو لِأَبِي الْخَطَّابِ في الْهِدَايَةِ وَوَجْهٌ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ.
فائدة: مِثْلُ ذلك خِلَافًا وَمَذْهَبًا كُلُّ ذِي حَضَانَةٍ إذَا امْتَنَعَ من الْحَضَانَةِ أو كان غير أَهْلٍ لها قَالَهُ في الرِّعَايَةِ وَغَيْرِهِ.
تنبيه: قال ابن نَصْرِ اللَّهِ في حَوَاشِي الْفُرُوعِ كَلَامُهُمْ يَدُلُّ على سُقُوطِ حَقِّ الْأُمِّ من الْحَضَانَةِ بِإِسْقَاطِهَا وَأَنَّ ذلك ليس مَحَلُّ خِلَافٍ. وَإِنَّمَا مَحَلُّ النَّظَرِ لو أَرَادَتْ الْعَوْدَ فيها هل لها ذلك يُحْتَمَلُ قَوْلَيْنِ. أَظْهَرُهُمَا لها ذلك لِأَنَّ الْحَقَّ لها ولم يَتَّصِلْ تَبَرُّعُهَا بِهِ بِالْقَبْضِ فَلَهَا الْعَوْدُ كما لو أَسْقَطَتْ حَقَّهَا من الْقَسْمِ انْتَهَى. قَوْلُهُ فَإِنْ عُدِمَ هَؤُلَاءِ فَهَلْ لِلرِّجَالِ من ذَوِي الْأَرْحَامِ. وَكَذَا لِلنِّسَاءِ منهم غَيْرُ من تَقَدَّمَ حَضَانَةٌ على وَجْهَيْنِ. وَهُمَا احْتِمَالَانِ لِلْقَاضِي وَبَعْدِهِ لِأَبِي الْخَطَّابِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُصَنِّفِ في الْكَافِي وَالْهَادِي. وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالْكَافِي وَالْمُغْنِي وَالْبُلْغَةِ وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ. أَحَدُهُمَا لهم الْحَضَانَةُ بَعْدَ عَدَمِ من تَقَدَّمَ وهو الصَّحِيحُ. قال في الْمُغْنِي وهو أَوْلَى. وَجَزَمَ بِه ابن رَزِينٍ في نِهَايَتِهِ وَصَاحِبُ تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ. وَقَدَّمَه ابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وقال هو أَقْيَسُ. وَقَدَّمَهُ في النَّظْمِ في مَوْضِعٍ وَصَحَّحَهُ في آخَرَ. وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ في أَثْنَاءِ الْبَابِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا حَقَّ لهم في الْحَضَانَةِ وَيَنْتَقِلُ إلَى الْحَاكِمِ. جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الْعُمْدَةِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي فَإِنَّهُمْ ذَكَرُوا مُسْتَحِقِّي الْحَضَانَةِ ولم يَذْكُرُوهُمْ. وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ. وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالنَّظْمِ في أَوَّلِ الْبَابِ وَلَعَلَّهُ تَنَاقُضٌ منهم. فَعَلَى الْأَوَّلِ يَكُونُ أبو الْأُمِّ وَأُمَّهَاتُهُ أَحَقَّ من الْخَالِ بِلَا نِزَاعٍ وفي تَقْدِيمِهِمْ على الْأَخِ من الْأُمِّ وَجْهَانِ. وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْهَادِي وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ. أَحَدُهُمَا يُقَدَّمُونَ عليه قَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي يُقَدَّمُ عليهم صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ. قَوْلُهُ وَلَا حَضَانَةَ لِرَقِيقٍ. هذا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَأَكْثَرُهُمْ قَطَعَ بِهِ. وقال في الْفُنُونِ لم يَتَعَرَّضُوا لِأُمِّ الْوَلَدِ فَلَهَا حَضَانَةُ وَلَدِهَا من سَيِّدِهَا وَعَلَيْهِ نَفَقَتُهَا لِعَدَمِ الْمَانِعِ وهو الِاشْتِغَالُ بِزَوْجٍ أو سَيِّدٍ. قُلْت فَيُعَايَى بها. وقال ابن الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللَّهُ في الْهُدَى لَا دَلِيلَ على اشْتِرَاطِ الْحُرِّيَّةِ. وقد قال مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ في حُرٍّ له وَلَدٌ من أَمَةٍ هِيَ أَحَقُّ بِهِ إلَّا أَنْ تُبَاعَ فَتَنْتَقِلُ فَالْأَبُ أَحَقُّ. قال في الْهُدَى وَهَذَا هو الصَّحِيحُ لِأَحَادِيثِ مَنْعِ التَّفْرِيقِ. قال وَيُقَدَّمُ لِحَقِّ حَضَانَتِهَا وَقْتُ حَاجَةِ الْوَلَدِ على السَّيِّدِ كما في الْبَيْعِ سَوَاءٌ انْتَهَى. فَعَلَى الْمَذْهَبِ لَا حَضَانَةَ لِمَنْ بَعْضُهُ قِنٌّ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وقال الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا قِيَاسُ قَوْلِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ يَدْخُلُ في الْمُهَايَأَةِ.
فائدة: حَضَانَةُ الرَّقِيقِ لِسَيِّدِهِ فَإِنْ كان بَعْضُ الرَّقِيقِ الْمَحْضُونِ حُرًّا تَهَايَأَ فيه سَيِّدُهُ وَقَرِيبُهُ ذَكَرَهُ أبو بَكْرٍ وَتَبِعَهُ من بَعْدَهُ. قَوْلُهُ وَلَا فَاسِقٍ. هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَاخْتَارَ ابن القيم رَحِمَهُ اللَّهُ في الْهُدَى أَنَّ له الْحَضَانَةَ. وقال لَا يُعْرَفُ أَنَّ الشَّارِعَ فَرَّقَ لِذَلِكَ وَأَقَرَّ الناس ولم يُبَيِّنْهُ بَيَانًا وَاضِحًا عَامًّا وَلِاحْتِيَاطِ الْفَاسِقِ وَشَفَقَتِهِ على وَلَدِهِ. قَوْلُهُ وَلَا لِامْرَأَةٍ مُزَوَّجَةٍ لِأَجْنَبِيٍّ من الطِّفْلِ. هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ مُطْلَقًا وَلَوْ رضي الزَّوْجُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ منهم الْخِرَقِيُّ وَغَيْرُهُ. وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ. قال الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ هذا الصَّحِيحُ. وقال ابن أبي مُوسَى وَغَيْرُهُ الْعَمَلُ عليه. وَأَطْلَقَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ. وَعَنْهُ لها حَضَانَةُ الْجَارِيَةِ. وَخَصَّ النَّاظِمُ وَغَيْرُهُ هذه الرِّوَايَةَ بِابْنَةٍ دُونَ سَبْعٍ وهو الْمَرْوِيُّ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ. وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَعَنْهُ لها حَضَانَةُ الْجَارِيَةِ إلَى سَبْعِ سِنِينَ. وَعَنْهُ حتى تَبْلُغَ بِحَيْضٍ أو غَيْرِهِ. وَاخْتَارَ ابن القيم رَحِمَهُ اللَّهُ في الْهُدَى أَنَّ الْحَضَانَةَ لَا تَسْقُطُ إذَا رضي الزَّوْجُ بِنَاءً على أَنَّ سُقُوطَهَا لِمُرَاعَاةِ حَقِّ الزَّوْجِ.
تنبيه: مَفْهُومُ قَوْلِهِ مُزَوَّجَةٍ لِأَجْنَبِيٍّ أنها لو كانت مُزَوَّجَةً لِغَيْرِ أَجْنَبِيٍّ أَنَّ لها الْحَضَانَةَ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ. قال في الْفُرُوعِ هذا الْأَشْهَرُ. وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ. وَقِيلَ لَا حَضَانَةَ لها إلَّا إذَا كانت مُزَوَّجَةً بِجَدِّهِ. وقال في الْفُرُوعِ وَيُتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ إذَا كان الزَّوْجُ ذَا رَحِمٍ لَا يَسْقُطُ وما هو بِبَعِيدٍ.
فائدة: حَيْثُ أَسْقَطْنَا حَضَانَتَهَا بِالنِّكَاحِ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ الدُّخُولُ بَلْ يَسْقُطُ حَقُّهَا بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ. قال الْمُصَنِّفُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ. قال الزَّرْكَشِيُّ وهو مُقْتَضَى كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَعَامَّةِ الْأَصْحَابِ وهو كما قال. قال في الْفُرُوعِ وَلَا يُعْتَبَرُ الدُّخُولُ في الْأَصَحِّ. قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ هذا أَوْلَى وَقَدَّمَهُ في النَّظْمِ. وَقِيلَ يُعْتَبَرُ الدُّخُولُ وهو احْتِمَالٌ لِلْمُصَنِّفِ.
تنبيه: قَوْلُهُ فَإِنْ زَالَتْ الْمَوَانِعُ رَجَعُوا إلَى حُقُوقِهِمْ بِلَا نِزَاعٍ. وقد يُقَالُ شَمِلَ كَلَامُهُ ما لو طَلُقَتْ من الْأَجْنَبِيِّ طَلَاقًا رَجْعِيًّا ولم تَنْقَضِ الْعِدَّةُ فَيَرْجِعُ إلَيْهَا حَقُّهَا من الْحَضَانَةِ بِمُجَرَّدِ الطَّلَاقِ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ. وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ. وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ. وهو الذي نَصَّهُ الْقَاضِي في تَعْلِيقِهِ وَقَطَعَ بِهِ جُمْهُورُ أَصْحَابِهِ كَالشَّرِيفِ وَأَبِي الْخَطَّاب وَالشِّيرَازِيِّ وابن الْبَنَّا وابن عَقِيلٍ في التَّذْكِرَةِ وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ لَا يَرْجِعُ إلَيْهَا حَقُّهَا حتى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا. وَهِيَ تَخْرِيجٌ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَوَجْهٌ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي وَغَيْرِهِمْ. وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَجْهَانِ وَقِيلَ رِوَايَتَانِ. وَصَحَّحَهَا في التَّرْغِيبِ وَمَالَ إلَيْهِ النَّاظِمُ. قال الْقَاضِي هو قِيَاسُ الْمَذْهَبِ. قُلْت وهو قَوِيٌّ. وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْقَوَاعِدِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمْ.
فائدتان: إحْدَاهُمَا نَظِيرُ هذه الْمَسْأَلَةِ لو وَقَفَ على أَوْلَادِهِ وَشَرَطَ في وَقْفِهِ أَنَّ من تَزَوَّجَ من الْبَنَاتِ لَا حَقَّ له فَتَزَوَّجَتْ ثُمَّ طَلُقَتْ قَالَهُ الْقَاضِي وَاقْتَصَرَ عليه في الْفُرُوعِ. وقال ابن نَصْرِ اللَّهِ في حَوَاشِيهِ على الْفُرُوعِ وَهَلْ مِثْلُهُ إذَا وَقَفَ على زَوْجَتِهِ ما دَامَتْ عَازِبَةً فَإِنْ تَزَوَّجَتْ فَلَا حَقَّ لها. يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يُرِيدَ بِرَّهَا حَيْثُ ليس لها من تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهَا كَأَوْلَادِهِ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ صِلَتَهَا ما دَامَتْ حَافِظَةً لِحُرْمَةِ فِرَاشِهِ عن غَيْرِهِ بِخِلَافِ الْحَضَانَةِ وَالْوَقْفِ على الْأَوْلَادِ انْتَهَى. قُلْت يَرْجِعُ في ذلك إلَى حَالِ الزَّوْجِ عِنْدَ الْوَقْفِ فَإِنْ دَلَّتْ قَرِينَةٌ على أَحَدِهِمَا عُمِلَ بِهِ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لها. الثَّانِيَةُ هل يَسْقُطُ حَقُّهَا بِإِسْقَاطِهَا لِلْحَضَانَةِ فيه احْتِمَالَانِ ذَكَرَهُمَا في الِانْتِصَارِ في مَسْأَلَةِ الْخِيَارِ هل يُورَثُ أَمْ لَا. قال في الْفُرُوعِ وَيُتَوَجَّهُ أَنَّهُ كَإِسْقَاطِ الْأَبِ الرُّجُوعَ في الْهِبَةِ. وقال ابن الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللَّهُ في الْهُدَى هل الْحَضَانَةُ حَقُّ لِلْحَاضِنِ أو حَقٌّ عليه فيه قَوْلَانِ في مَذْهَبِ الْإِمَامَيْنِ أَحْمَدَ وَمَالِكٍ رضي اللَّهُ عنهما. وَيَنْبَنِي عَلَيْهِمَا هل لِمَنْ له الْحَضَانَةُ أَنْ يُسْقِطَهَا وَيَنْزِلَ عنها على قَوْلَيْنِ. وَأَنَّهُ لَا تَجِبُ عليه خِدْمَةُ الْوَلَدِ أَيَّامَ حَضَانَتِهِ إلَّا بِأُجْرَةٍ إنْ قُلْنَا الْحَقُّ له وَإِلَّا وَجَبَتْ عليه خِدْمَتُهُ مَجَّانًا وَلِلْفَقِيرِ الْأُجْرَةُ على الْقَوْلَيْنِ. قال وَإِنْ وَهَبَتْ الْحَضَانَةُ لِلْأَبِ وَقُلْنَا الْحَقُّ لها لَزِمَتْ الْهِبَةُ ولم تَرْجِعْ فيها وَإِنْ قُلْنَا الْحَقُّ عليها فَلَهَا الْعَوْدُ إلَى طَلَبِهَا. قال في الْفُرُوعِ كَذَا قال. ثُمَّ قال في الْهُدَى هذا كُلُّهُ كَلَامُ أَصْحَابِ الْإِمَامِ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ. قال في الْفُرُوعِ كَذَا قال وَتَقَدَّمَ كَلَامُ ابن نَصْرِ اللَّهِ قَرِيبًا. قَوْلُهُ وَمَتَى أَرَادَ أَحَدُ الْأَبَوَيْنِ النَّقْلَةَ إلَى بَلَدٍ بَعِيدٍ آمِنٍ لِيَسْكُنَهُ فَالْأَبُ أَحَقُّ بِالْحَضَانَةِ. هذا الْمَذْهَبُ سَوَاءٌ كان الْمُسَافِرُ الْأَبَ أو الْأُمَّ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ. وَعَنْهُ الْأُمُّ أَحَقُّ. وَقَيَّدَ هذه الرِّوَايَةَ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّرْغِيبِ بِمَا إذَا كانت هِيَ الْمُقِيمَةُ. قال ابن مُنَجَّا في شَرْحِهِ وَلَا بُدَّ من هذا الْقَيْدِ وَأَكْثَرُ الْأَصْحَابِ لم يقيدها ( ( ( يقيده ) ) ). وَقِيلَ الْمُقِيمُ مِنْهُمَا أَحَقُّ. وقال في الْهُدَى إنْ أَرَادَ الْمُنْتَقِلُ مُضَارَّةَ الْآخَرِ وَانْتِزَاعَ الْوَلَدِ لم يُجَبْ إلَيْهِ وَإِلَّا عَمِلَ ما فيه الْمَصْلَحَةُ لِلطِّفْلِ. قال في الْفُرُوعِ وَهَذَا مُتَوَجَّهٌ وَلَعَلَّهُ مُرَادُ الْأَصْحَابِ فَلَا مُخَالَفَةَ لَا سِيَّمَا في صُورَةِ الْمُضَارَّةِ انْتَهَى. قُلْت أَمَّا صُورَةُ الْمُضَارَّةِ فَلَا شَكَّ فيها وَأَنَّهُ لَا يُوَافِقُ على ذلك.
تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ إلَى بَلَدٍ بَعِيدٍ. الْمُرَادُ بِالْبَعِيدِ هُنَا مَسَافَةُ الْقَصْرِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقَالَهُ الْقَاضِي. وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِمْ. وَقَدَّمَهُ في النَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْفُرُوعِ. وَالْمَنْصُوصِ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ ما لَا يُمْكِنُهُ الْعَوْدُ منه في يَوْمِهِ وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ. وَحَكَاهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي رِوَايَتَيْنِ وَأَطْلَقَاهُمَا. قَوْلُهُ فَإِنْ اخْتَلَّ شَرْطٌ من ذلك فَالْمُقِيمُ مِنْهُمَا أَحَقُّ. فَعَلَى هذا لو أَرَادَ أَحَدُ الْأَبَوَيْنِ سَفَرًا قَرِيبًا لِحَاجَةٍ ثُمَّ يَعُودُ فَالْمُقِيمُ أَوْلَى بِالْحَضَانَةِ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ. جَزَمَ بِهِ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابن مُنَجَّا وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. وَقِيلَ الْأُمُّ أَوْلَى. جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَالْحَاوِي وَغَيْرِهِمْ. وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ. وَإِنْ أَرَادَ سَفَرًا بَعِيدًا لِحَاجَةٍ ثُمَّ يَعُودُ فَالْمُقِيمُ أَوْلَى أَيْضًا على الْمَذْهَبِ لِاخْتِلَالِ الشَّرْطِ وهو السَّكَنُ. جَزَمَ بِهِ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالشَّرْحِ وابن مُنَجَّا وَغَيْرِهِمْ. وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. وَقِيلَ الْأُمُّ أَوْلَى. جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْوَجِيزِ. وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ. وَلَوْ أَرَادَ سَفَرًا قَرِيبًا لِلسُّكْنَى فَجَزَمَ الْمُصَنِّفُ هُنَا أَنَّ الْمُقِيمَ أَحَقُّ وهو أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ. جَزَمَ بِهِ ابن مُنَجَّا في شَرْحِهِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. وَقِيلَ الْأُمُّ أَحَقُّ وهو الْمَذْهَبُ. جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ. قَوْلُهُ وإذا بَلَغَ الْغُلَامُ سَبْعَ سِنِينَ خُيِّرَ بين أَبَوَيْهِ فَكَانَ مع من اخْتَارَ مِنْهُمَا. هذا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ. وقال في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَالْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ هذا الْمَذْهَبُ. قال في الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ هذا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ. قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَشْهُورُ في الْمَذْهَبِ. وَجَزَمَ بِهِ الْخِرَقِيُّ وَالْهِدَايَةُ وَالْمُذْهَبُ وَمَسْبُوكُ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةُ وَالْكَافِي وَالْهَادِي وَالْعُمْدَةُ وَالْوَجِيزُ وَإِدْرَاكُ الْغَايَةِ وَالْمُنَوِّرُ وَمُنْتَخَبُ الآدمي وَتَذْكِرَةُ ابن عَبْدُوسٍ وَغَيْرُهُمْ. وَقَدَّمَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ . وَعَنْهُ أَبُوهُ أَحَقُّ. قَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي لَكِنْ قَالَا الْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ. وَعَنْهُ أُمُّهُ أَحَقُّ. قال الزَّرْكَشِيُّ وَهِيَ أَضْعَفُهُمَا وَأَطْلَقَهُنَّ في الْفُرُوعِ.
تَنْبِيهٌ: مَفْهُومُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا يُخَيَّرُ لِدُونِ سَبْعِ سِنِينَ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَنَقَلَ أبو دَاوُد رَحِمَهُ اللَّهُ يُخَيَّرُ ابن سِتٍّ أو سَبْعٍ. قُلْت الْأَوْلَى في ذلك أَنَّ وَقْتَ الْخِيرَةِ إذَا حَصَلَ له التَّمْيِيزُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مُرَادُهُمْ وَلَكِنْ ضَبَطُوهُ بِالسِّنِّ. وَأَكْثَرُ الْأَصْحَابِ يقول إنَّ حَدَّ سَنِّ التَّمْيِيزِ سَبْعُ سِنِينَ كما تَقَدَّمَ ذلك في كِتَابِ الصَّلَاةِ. قَوْلُهُ وَإِنْ عَادَ فَاخْتَارَ الْآخَرَ نُقِلَ إلَيْهِ ثُمَّ إنْ اخْتَارَ الْأَوَّلَ رُدَّ إلَيْهِ. هذا الْمَذْهَبُ وَلَوْ فَعَلَ ذلك أَبَدًا وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وقال في التَّرْغِيبِ وَالْبُلْغَةِ إنْ أَسْرَفَ تَبَيَّنَ قِلَّةُ تَمْيِيزِهِ فَيُقْرَعُ أو هو لِلْأُمِّ قَالَهُ في الْفُرُوعِ. وقال في الرِّعَايَةِ وَقِيلَ إنْ أَسْرَفَ فيه فَبَانَ نَقْصُهُ أَخَذَتْهُ أُمُّهُ. وَقِيلَ من قَرَعَ بَيْنَهُمَا. قَوْلُهُ وَإِنْ لم يَخْتَرْ أَحَدَهُمَا أَقُرِعَ بَيْنَهُمَا. هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ كما لو اخْتَارَهُمَا مَعًا. قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَصَاحِبُ الرِّعَايَةِ وَغَيْرُهُمْ. وفي التَّرْغِيبِ احْتِمَالٌ أَنَّهُ لِأُمِّهِ كَبُلُوغِهِ غير رَشِيدٍ. قَوْلُهُ فَإِنْ اسْتَوَى اثْنَانِ في الْحَضَانَةِ كَالْأُخْتَيْنِ وَالْأَخَوَيْنِ وَنَحْوِهِمَا قُدِّمَ أَحَدُهُمَا بِالْقُرْعَةِ. مُرَادُهُ إذَا كان الطِّفْلُ دُونَ السَّبْعِ. فَأَمَّا إنْ بَلَغَ سَبْعًا فإنه يُخَيَّرُ بين الْأُخْتَيْنِ وَالْأَخَوَيْنِ وَنَحْوِهِمَا سَوَاءٌ كان غُلَامًا أو جَارِيَةً. جَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْوَجِيزِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ من الْأَصْحَابِ. قَوْلُهُ وإذا بَلَغَتْ الْجَارِيَةُ سَبْعًا كانت عِنْدَ أَبِيهَا. هذا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا قَالَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ ولو ( ( ( فلو ) ) ) تَبَرَّعَتْ بِحَضَانَتِهَا. قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَعْرُوفُ في الْمَذْهَبِ. وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْعُمْدَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَنَظْمِ الْمُفْرَدَاتِ وَغَيْرِهِمْ. وَقَدَّمَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَةِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ. وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ. وَعَنْهُ الْأُمُّ أَحَقُّ حتى تَحِيضَ ذَكَرَهَا ابن أبي مُوسَى. قال ابن الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللَّهُ في الْهُدَى هِيَ أَشْهَرُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَأَصَحُّ دَلِيلًا. وَقِيلَ تُخَيَّرُ ذَكَرَهُ في الْهُدَى رِوَايَةً وقال نَصَّ عليها. وَعَنْهُ تَكُونُ عِنْدَ أَبِيهَا بَعْدَ تِسْعٍ وَعِنْدَ أُمِّهَا قبل ذلك.
فَائِدَتَانِ: إحْدَاهُمَا إذَا بَلَغَتْ الْجَارِيَةُ عَاقِلَةً وَجَبَ عليها أَنْ تَكُونَ عِنْدَ أَبِيهَا حتى يَتَسَلَّمَهَا زَوْجُهَا. وَهَذَا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ. قَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ عِنْدَ الْأُمِّ. وَقِيلَ عِنْدَ الْأُمِّ إنْ كانت أَيِّمًا أو كان زَوْجُهَا مَحْرَمًا لِلْجَارِيَةِ وهو اخْتِيَارُهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. وَقِيلَ تَكُونُ حَيْثُ شَاءَتْ إذَا حُكِمَ بِرُشْدِهَا كَالْغُلَامِ وَقَالَهُ في الْوَاضِحِ وَخَرَّجَهُ على عَدَمِ إجْبَارِهَا. قال في الْفُرُوعِ وَالْمُرَادُ بِشَرْطِ كَوْنِهَا مَأْمُونَةً. قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى قُلْت إنْ كانت ثَيِّبًا أَيِّمًا مَأْمُونَةً وَإِلَّا فَلَا. فَعَلَى الْمَذْهَبِ لِلْأَبِ مَنْعُهَا من الِانْفِرَادِ. فَإِنْ لم يَكُنْ أَبٌ فَأَوْلِيَاؤُهَا يَقُومُونَ مَقَامَهُ. وَأَمَّا إذَا بَلَغَ الْغُلَامُ عَاقِلًا رَشِيدًا كان عِنْدَ من شَاءَ مِنْهُمَا. الثَّانِيَةُ سَائِرُ الْعَصَبَاتِ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ منهم كَالْأَبِ في التَّخْيِيرِ وَالْأَحَقِّيَّةِ وَالْإِقَامَةِ وَالنُّقْلَةِ بِالطِّفْلِ أو الطِّفْلَةِ إنْ كان مَحْرَمًا لها قَالَهُ الْأَصْحَابُ. زَادَ في الرِّعَايَةِ فقال وَقِيلَ ذَوُو الْحَضَانَةِ من عَصَبَةٍ وَذِي رَحِمٍ في التَّخْيِيرِ مع الْأَبِ كَالْأَبِ وَكَذَا سَائِرُ النِّسَاءِ الْمُسْتَحِقَّاتِ لِلْحَضَانَةِ كَالْأُمِّ فِيمَا لها. قَوْلُهُ وَلَا تُمْنَعُ الْأُمُّ من زِيَارَتِهَا وَتَمْرِيضِهَا. هذا صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. لَكِنْ قال في التَّرْغِيبِ لَا تَجِيءُ بَيْتَ مُطَلِّقِهَا إلَّا مع أُنُوثِيَّةِ الْوَلَدِ.
فَوَائِدُ: الْأُولَى قال في الْوَاضِحِ تُمْنَعُ الْأُمُّ من الْخَلْوَةِ بها إذَا خِيفَ منها أَنْ تُفْسِدَ قَلْبَهَا وَاقْتَصَرَ عليه في الْفُرُوعِ. وقال وَيُتَوَجَّهُ في الْغُلَامِ مِثْلُهَا. قُلْت وهو الصَّوَابُ فِيهِمَا. وَكَذَا تُمْنَعُ وَلَوْ كانت الْبِنْتُ مُزَوَّجَةً إذَا خِيفَ من ذلك مع أَنَّ كَلَامَ صَاحِبِ الْوَاضِحِ يَحْتَمِلُ ذلك. الثَّانِيَةُ الْأُمُّ أَحَقُّ بِتَمْرِيضِهَا في بَيْتِهَا وَلَهَا زِيَارَةُ أُمِّهَا إذَا مَرِضَتْ. الثَّالِثَةُ غَيْرُ أَبَوَيْ الْمَحْضُونِ كَأَبَوَيْهِمَا فِيمَا تَقَدَّمَ وَلَوْ مع أَحَدِ الْأَبَوَيْنِ قَالَهُ في الْفُرُوعِ. الرَّابِعَةُ لَا يُقَرُّ الطِّفْلُ بِيَدِ من لَا يَصُونُهُ وَيُصْلِحُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
|