الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام أحمد بن حنبل ***
قَوْلُهُ وَهِيَ وَاجِبَةٌ لِلصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ على الرِّجَالِ لَا بِشَرْطٍ. هذا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وَنَصَّ عليه وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ وَقِيلَ لَا تَجِبُ إذَا اشْتَدَّ الْخَوْفُ. وَقِيلَ لَا تَنْعَقِدُ أَيْضًا في اشْتِدَادِ الْخَوْفِ اخْتَارَه ابن حَامِدٍ وَالْمُصَنِّفُ على ما يَأْتِي هُنَاكَ وَعَنْهُ الْجَمَاعَةُ سُنَّةٌ. وَقِيلَ فَرْضُ كِفَايَةٍ ذَكَرَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَغَيْرُهُ وَمُقَاتَلَةُ تَارِكِهَا كَالْأَذَانِ على ما تَقَدَّمَ وَذَكَرَه ابن هُبَيْرَةَ وِفَاقًا لِلْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ. وَعَنْهُ أَنَّ الْجَمَاعَةَ شَرْطٌ لِصِحَّةِ الصَّلَاةِ ذَكَرَهَا الْقَاضِي وابن الزَّاغُونِيِّ في الْوَاضِحِ وَالْإِقْنَاعِ وَهِيَ من الْمُفْرَدَاتِ وَاخْتَارَهَا ابن أبي مُوسَى وابن عَقِيلٍ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فَلَوْ صلى وَحْدَهُ من غَيْرِ عُذْرٍ لم تَصِحَّ. قال في الْفَتَاوَى الْمِصْرِيَّةِ هو قَوْلُ طَائِفَةٍ من أَصْحَابِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ ذَكَرَهُ الْقَاضِي في شَرْحِ الْمُذْهَبِ عَنْهُمْ انْتَهَى. قال ابن عَقِيلٍ بِنَاءً على أَصْلِنَا في الصَّلَاةِ في ثَوْبٍ غَصْبٍ وَالنَّهْيُ يَخْتَصُّ بِالصَّلَاةِ وقال في الْحَاوِي الْكَبِيرِ وفي هذا الْقَوْلِ بُعْدٌ وَعَنْهُ حُكْمُ الْفَائِتَةِ وَالْمَنْذُورَةِ حُكْمُ الْحَاضِرَةِ وَأَطْلَقَ في الْحَاوِي وَغَيْرِهِ فِيهِمَا وَجْهَيْنِ قال في الْفُرُوعِ وَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ أَنَّ حُكْمَ الْفَائِتَةِ فَقَطْ حُكْمُ الْحَاضِرَةِ.
تَنْبِيهَاتٌ: الْأَوَّلُ ظَاهِرُ قَوْلِهِ على الرِّجَالِ دُخُولُ الْعَبِيدِ في ذلك وهو إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ نَقَلَهَا ابن هَانِئٍ وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالشَّرْحِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ. وقال في الصُّغْرَى تَلْزَمُ على الْأَصَحِّ كُلَّ مُسْلِمٍ مُكَلَّفٍ ذَكَرٍ قَادِرٍ وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبُ أنها لَا تَجِبُ عليهم قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَجَزَمَ بِهِ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ إذَا لم تَجِبْ عليه الْجُمُعَةُ وَأَطْلَقَ ابن الْجَوْزِيِّ في الْمُذْهَبِ وابن تَمِيمٍ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ وَغَيْرُهُمْ فِيهِمْ رِوَايَتَيْنِ. الثَّانِي مَفْهُومُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أنها لَا تَجِبُ على الْخَنَاثَى وهو صَحِيحٌ جَزَمَ بِهِ في الْفَائِقِ وابن تَمِيمٍ وَغَيْرُهُمَا قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْمُذْهَبِ وُجُوبُهَا على كل مُكَلَّفٍ غَيْرِ خُنْثَى وَأُنْثَى وَقِيلَ تَجِبُ عليهم. قال في الْمُسْتَوْعِبِ تَجِبُ على غَيْرِ النِّسَاءِ. الثَّالِثُ مَفْهُومُ كَلَامِهِ أَيْضًا أنها لَا تَجِبُ على النِّسَاءِ أَيْضًا وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ إلَّا أَنَّ أَبَا يَعْلَى الصَّغِيرَ مَالَ إلَى وُجُوبِهَا عَلَيْهِنَّ إذَا اجْتَمَعْنَ وهو غَرِيبٌ. الرَّابِعُ مَفْهُومُ قَوْلِهِ الرِّجَالِ أنها لَا تَجِبُ على الْمُمَيِّزِ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ قال في الرِّعَايَتَيْنِ تَجِبُ على كل ذَكَرٍ مُكَلَّفٍ وَكَذَا في الْحَاوِي الْكَبِيرِ قال في الصَّغِيرِ تَلْزَمُ الرِّجَالَ وَقِيلَ هو كَالرَّجُلِ إذَا قُلْنَا تَجِبُ عليه قَالَهُ النَّاظِمُ وَجَزَمَ بِه ابن الْجَوْزِيِّ في الْمُذْهَبِ.
فائدة: فَعَلَى الْمَذْهَبِ في أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ لو صلى مُنْفَرِدًا صَحَّتْ صَلَاتُهُ لَكِنْ إنْ كان لِعُذْرٍ لم يَنْقُصْ أَجْرُهُ وَإِنْ كان لِغَيْرِ عُذْرٍ فإنه يَأْثَمُ وفي صَلَاتِهِ فَضْلٌ خِلَافًا لِأَبِي الْخَطَّابِ وَغَيْرِهِ في الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَلِنَقْلِهِ عن الْأَصْحَابِ في الثَّانِيَةِ قَالَهُ. في الْفُرُوعِ وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ كَأَبِي الْخَطَّابِ فِيمَنْ عَادَتُهُ الِانْفِرَادُ مع عَدَمِ الْعُذْرِ وَإِلَّا تَمَّ أَجْرُهُ. قُلْت وهو الصَّوَابُ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَتُوبَ حَالَ وُجُودِ الْعُذْرِ فإن أَجْرَهُ يَكْمُلُ. وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ في الصَّارِمِ الْمَسْلُولِ خَبَرُ التَّفْضِيلِ في الْمَعْذُورِ الذي تُبَاحُ له الصَّلَاةُ وَحْدَهُ قال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالُ تَسَاوِيهِمَا في أَصْلِ الْأَجْرِ وهو الْجَزَاءُ وَالْفَضْلُ بِالْمُضَاعَفَةِ.
فائدة: يُسْتَحَبُّ لِلنِّسَاءِ صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ قال الزَّرْكَشِيُّ هذا أَشْهَرُ الرِّوَايَتَيْنِ وَصَحَّحَهُ في الْفَائِقِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْمُحَرَّرِ وابن تَمِيمٍ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ ذَكَرُوهُ في أَوَاخِرِ الْبَابِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ. وقال ابن عَقِيلٍ يُسْتَحَبُّ لَهُنَّ إذَا اجْتَمَعْنَ أَنْ يُصَلِّينَ فَرَائِضَهُنَّ جَمَاعَةً في أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يُكْرَهُ في الْفَرِيضَةِ وَيَجُوزُ في النَّافِلَةِ انْتَهَى وَعَنْهُ لَا يُسْتَحَبُّ لَهُنَّ الصَّلَاةُ جَمَاعَةً وَعَنْهُ يُكْرَهُ هذا الْحُكْمُ إذَا كُنَّ مُنْفَرِدَاتٍ سَوَاءٌ كان إمَامُهُنَّ مِنْهُنَّ أو لَا. فاما صَلَاتُهُنَّ مع الرِّجَالِ جَمَاعَةً فَالْمَشْهُورُ في الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يُكْرَهُ لِلشَّابَّةِ قَالَهُ في الْفُرُوعِ وقال وَالْمُرَادُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ لِلْمُسْتَحْسَنَةِ واختاره [واختار] الْقَاضِي وابن تَمِيمٍ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وابن تَمِيمٍ قال في الْهِدَايَةِ وَالْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ وَلِلْعَجُوزِ وَالْبَرْزَةِ حُضُورُ جَمْعِ الرِّجَالِ قال في الْمُحَرَّرِ وَلَا يُكْرَهُ أَنْ تَحْضُرَ الْعَجَائِزُ جَمْعَ الرِّجَالِ. وَعَنْهُ يُبَاحُ مُطْلَقًا وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ قال ابن تَمِيمٍ وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخِ يَعْنِي بِهِ الْمُصَنِّفَ لَا يُكْرَهُ وهو أَصَحُّ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَعَنْهُ. يُبَاحُ في الْفَرْضِ وَاخْتَارَ ابن هُبَيْرَةَ يُسْتَحَبُّ لَهُنَّ وَقِيلَ يَحْرُمُ في الْجُمُعَةِ قال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ في غَيْرِهَا مِثْلُهَا.
تَنْبِيهٌ: حَيْثُ قُلْنَا يُسْتَحَبُّ لها أو يُبَاحُ الصَّلَاةُ جَمَاعَةً فَصَلَاتُهَا في بَيْتِهَا أَفْضَلُ بِكُلِّ حَالٍ بِلَا نِزَاعٍ كما قال الْمُصَنِّفُ بَعْدَ ذلك وَبَيْتُهَا خَيْرٌ لها وَيَأْتِي في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إذَا اسْتَأْذَنَتْ الْمَرْأَةُ إلَى الْمَسْجِدِ. قَوْلُهُ وَلَهُ فِعْلُهَا في بَيْتِهِ في أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ. وَكَذَا قال في التَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ قال في الشَّرْحِ وَالنَّظْمِ هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَصَحَّحَهُ في الْحَاوِي وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْكَافِي وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وابن تَمِيمٍ وَغَيْرِهِمْ قال الْمَجْدُ في شَرْحِهِ هِيَ اخْتِيَارُ أَصْحَابِنَا وَهِيَ عِنْدِي بَعِيدَةٌ جِدًّا إنْ حُمِلَتْ على ظَاهِرِهَا. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ ليس له فِعْلُهَا في بينه [بيته] قَدَّمَهُ في الْحَاوِي.
فَائِدَتَانِ: إحْدَاهُمَا تَنْعَقِدُ الْجَمَاعَةُ بِاثْنَيْنِ فَإِنْ أَمَّ الرَّجُلُ عَبْدَهُ أو زَوْجَتَهُ كَانَا جَمَاعَةً كَذَلِكَ وَإِنْ أَمَّ صَبِيًّا في النَّفْلِ جَازَ وَإِنْ أَمَّهُ في الْفَرْضِ فقال أَحْمَدُ لَا يَكُونُ مُسْقِطًا له لِأَنَّهُ ليس من أَهْلِهِ وَعَنْهُ يَصِحُّ كما لو أَمَّ رَجُلًا مُتَنَفِّلًا قَالَهُ في الْكَافِي. الثَّانِيَةُ الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ فِعْلَهَا في الْمَسْجِدِ سُنَّةٌ وَصَحَّحَهُ في الْحَاوِي وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ وابن تَمِيمٍ وَغَيْرِهِمْ وَعَنْهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ جَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ. قال في الْفُرُوعِ قَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ لِاسْتِبْعَادِهِ أنها سُنَّةٌ ولم أَجِدْ أَحَدًا صَرَّحَ بِهِ غَيْرَهُ قال في النُّكَتِ ولم أَجِدْ أَحَدًا من الْأَصْحَابِ قال بِفَرْضِ الْكِفَايَةِ قبل. الشَّيْخِ مَجْدِ الدِّينِ قال وَكَلَامُهُ في شَرْحِ الْهِدَايَةِ يَدُلُّ على أَنَّهُ هو لم يَجِدْ أَحَدًا منهم قال بِهِ. وَعَنْهُ وَاجِبَةٌ على الْقَرِيبِ منه جَزَمَ بِهِ في الْإِفَادَاتِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَقِيلَ لَا يَصِحُّ في غَيْرِ مَسْجِدٍ مع الْقُدْرَةِ عليه وَقُلْت وهو بَعِيدٌ انْتَهَى. وَقِيلَ شَرْطٌ لِلصِّحَّةِ قال في الْحَاوِي الْكَبِيرِ وَفِيهِ بُعْدٌ قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَقُلْت وهو بَعِيدٌ. قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَلَوْ لم يُمْكِنْهُ إلَّا بِمَشْيِهِ في مِلْكِ غَيْرِهِ وَإِنْ كان بِطَرِيقِهِ مُنْكَرٌ كَغِنَاءٍ لم يَدَعْ الْمَسْجِدَ وَيُنْكِرُهُ نَقَلَهُ يَعْقُوبُ.
تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ وَيُسْتَحَبُّ لِأَهْلِ الثَّغْرِ الِاجْتِمَاعُ في مَسْجِدٍ وَاحِدٍ. بِلَا نِزَاعٍ أَعْلَمُهُ وَقَيَّدَهُ النَّاظِمُ بِمَا إذَا لم يَحْصُلْ ضَرَرٌ. قَوْلُهُ وَالْأَفْضَلُ لِغَيْرِهِمْ الصَّلَاةُ في الْمَسْجِدِ الذي لَا تُقَامُ فيه الْجَمَاعَةُ إلَّا بِحُضُورِهِ. وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَجَزَمَ بِهِ في الشَّرْحِ وابن مُنَجَّا في شَرْحِهِ وَالْمَجْدُ في شَرْحِ الْهِدَايَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَالْمُنَوِّرِ وَالْمُنْتَخَبِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَالْإِفَادَاتِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وابن تَمِيمٍ وَغَيْرِهِمْ وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الْفُرُوعِ قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وابن تَمِيمٍ وابن حَمْدَانَ وَغَيْرُهُمْ وَكَذَا لو كانت الْجَمَاعَةُ تُقَامُ فيه إلَّا أَنَّ في قَصْدِ غَيْرِهِ كَسْرَ قَلْبِ إمَامِهِ أو جَمَاعَةٍ زَادَ ابن حَمْدَانَ وَقِيلَ أو كَثُرَتْ جَمَاعَةُ الْمَسْجِدِ بِحُضُورِهِ وقال في الْوَجِيزِ وَالْعَتِيقُ أَفْضَلُ ثُمَّ الْأَبْعَدُ ثُمَّ ما تُمِّمَتْ جَمَاعَتُهُ بِهِ فَقَطَعَ أَنَّ الْعَتِيقَ وَالْأَبْعَدَ أَفْضَلُ من ذلك. قَوْلُهُ ثُمَّ ما كان أَكْثَرَ جَمَاعَةً ثُمَّ في الْمَسْجِدِ الْعَتِيقِ. هذا أَحَدُ الْوُجُوهِ جَزَمَ بِهِ في الْكَافِي وابن مُنَجَّا في شَرْحِهِ وَالْمَذْهَبُ الْأَحْمَدُ وَالْمُنْتَخَبُ وَالْخُلَاصَةُ قال الشَّارِحُ وهو أَوْلَى قال ابن تَمِيمٍ وهو الْأَصَحُّ قال في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وهو أَظْهَرُ وَقَدَّمَهُ في النَّظْمِ. وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ الْمَسْجِدَ الْعَتِيقَ أَفْضَلُ من الْأَكْثَرِ جَمَاعَةً جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْمُنَوِّرِ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَالْإِفَادَاتِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وابن تَمِيمٍ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَقِيلَ إنْ اسْتَوَيَا في الْقُرْبِ وَالْبُعْدِ فَالْأَكْثَرُ جَمْعًا أَوْلَى قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وهو أَظْهَرُ وَقِيلَ الْأَبْعَدُ وَالْأَقْرَبُ أَفْضَلُ من الْأَكْثَرِ جَمْعًا حَكَاهُ في الْفُرُوعِ وَقَدَّمَ في الْمُحَرَّرِ أَنَّ الْأَبْعَدَ أَفْضَلُ من الْأَكْثَرِ جَمْعًا وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ. قَوْلُهُ وَهَلْ الْأَوْلَى قَصْدُ الْأَبْعَدِ أو الْأَقْرَبِ على رِوَايَتَيْنِ. وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْكَافِي وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وابن مُنَجَّا وَالْحَاوِيَيْنِ. إحْدَاهُمَا الْأَبْعَدُ أَوْلَى وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وابن تَمِيمٍ وَحَوَاشِي ابن مُفْلِحٍ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ زَادَ في الْكُبْرَى فَالْأَبْعَدُ أَفْضَلُ وَإِنْ قَلَّ جَمْعُهُ ولم يَكُنْ أَعْتَقَ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ الْأَقْرَبُ أَوْلَى كما لو تَعَلَّقَتْ الْجَمَاعَةُ بِحُضُورِهِ قَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَالْفَائِقِ وَعَنْهُ رِوَايَةٌ ثَالِثَةٌ الْأَقْرَبُ أَوْلَى إنْ اسْتَوَيَا في الْقِدَمِ وَكَثْرَةِ الْجَمْعِ وَإِلَّا فَالْأَبْعَدُ أَوْلَى وَقِيلَ يُرَجَّحُ أَحَدُهُمَا هُنَا بِالْقِدَمِ لَا بِكَثْرَةِ الْجَمْعِ ذَكَرَهَا في الرِّعَايَةِ وقال أَيْضًا وَقِيلَ إنْ اسْتَوَيَا في الْعِتْقِ فَالْأَكْثَرُ جَمْعًا أَفْضَلُ وَإِنْ اسْتَوَيَا في كَثْرَةِ الْجَمْعِ فَالْعَتِيقُ أَفْضَلُ وقال أَيْضًا إذَا كان الْقَرِيبُ الْعَتِيقَ. فَالْأَكْثَرُ جَمْعًا أَفْضَلُ وَإِنْ اسْتَوَيَا في كَثْرَةِ الْجَمْعِ فَالْعَتِيقُ أَفْضَلُ من الْأَبْعَدِ وَالْأَعْتَقُ أَوْلَى إنْ اسْتَوَيَا في الْكَثْرَةِ وَالْعِتْقِ وَإِنْ كان أَحَدُهُمَا أَعْتَقَ وَالْآخَرُ أَكْثَرَ جَمْعًا رُجِّحَ الْأَبْعَدُ وَعَنْهُ بَلْ الْأَقْرَبُ انْتَهَى وفي كَلَامِهِ بَعْضُ تَكْرَارٍ. قال الْمَجْدُ في شَرْحِهِ مَحَلُّ الرِّوَايَتَيْنِ في مَسْجِدَيْنِ جَدِيدَيْنِ أو عَتِيقَيْنِ سَوَاءٌ اخْتَلَفَا في كَثْرَةِ الْجَمْعِ وَقِلَّتِهِ أو اسْتَوَيَا.
فائدة: انْتِظَارُ كَثْرَةِ الْجَمْعِ أَفْضَلُ من فَضِيلَةِ أَوَّلِ الْوَقْتِ مع قِلَّةِ الْجَمْعِ في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ قال ابن حَامِدٍ الِانْتِظَارُ أَفْضَلُ وقد أَوْمَأَ إلَيْهِ أَحْمَدُ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي أَنَّ أَوَّلَ الْوَقْتِ أَفْضَلُ مع قِلَّةِ الْجَمْعِ من انْتِظَارِ كَثْرَةِ الْجَمْعِ قال الْقَاضِي يُحْتَمَلُ أَنْ يُصَلِّيَ وَلَا يَنْتَظِرَ لِيُدْرِكَ فَضِيلَةَ أَوَّلِ الْوَقْتِ. قُلْت وهو الصَّوَابُ. وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وابن تَمِيمٍ وَالْحَاوِي الْكَبِير وَالْفَائِقِ. وَأَمَّا تَقْدِيمُ انْتِظَارِ الْجَمَاعَةِ وَلَوْ قَلَّتْ على أَوَّلِ الْوَقْتِ إذَا صلى مُنْفَرِدًا فَهُوَ الْمَذْهَبُ ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ في كُتُبِ الْخِلَافِ وَالْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي وأبو الْمَعَالِي في النِّهَايَةِ وَغَيْرهمْ قال في الْفُرُوعِ وَيُتَوَجَّهُ تَخْرِيجٌ وَاحْتِمَالٌ من الْمُتَيَمِّمِ أَوَّلَ الْوَقْتِ مع ظَنِّ الْمَاءِ آخِرَ الْوَقْتِ على ما تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ وَلَا يَؤُمُّ في مَسْجِدٍ قبل إمامة الرَّاتِبِ إلَّا بِإِذْنِهِ. يَعْنِي يَحْرُمُ ذلك صَرَّحَ بِهِ في الْفُرُوعِ وأبو الْخَطَّابِ وَالسَّامِرِيُّ وَغَيْرُهُمْ قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ ليس لهم ذلك وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ قال الْقَاضِي مَنْعُ غَيْرِ إمَامِ الْحَيِّ أَنْ يُؤَذِّنَ وَيُقِيمَ وَيَؤُمَّ بِالْمَسْجِدِ ذَكَرَهُ في الْفُرُوعِ آخِرَ الْأَذَانِ وقال الْقَاضِي في الْخِلَافِ قد كَرِهَ أَحْمَدُ ذلك. قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَتَأَخَّرَ لِعُذْرٍ. الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ غير الْإِمَامِ لَا يَؤُمُّ إلَّا أَنْ يَتَأَخَّرَ الْإِمَامُ وَيَضِيقَ. الْوَقْتُ قال في الْفُرُوعِ هذا الْأَشْهَرُ وَجَزَمَ بِه ابن تَمِيمٍ وَالْفَائِقُ وقال في الْكَافِي يَجُوزُ أَنْ يَؤُمَّ غَيْرُ الْإِمَامِ مع غَيْبَتِهِ كَفِعْلِ أبي بَكْرٍ وَعَبْدِ الرحمن ابن عَوْفٍ رضي اللَّهُ عنهما. قَوْلُهُ فَإِنْ لم يَعْلَمْ عذرة انْتَظَرَ وَرُوسِلَ ما لم يَخْشَ خُرُوجَ الْوَقْتِ. إذَا تَأَخَّرَ الْإِمَامُ عن وَقْتِهِ الْمُعْتَادِ رُوسِلَ إنْ كان قَرِيبًا ولم يَكُنْ مَشَقَّةٌ وَإِنْ كان بَعِيدًا ولم يَغْلِبْ على الظَّنِّ حُضُورُهُ صَلَّوْا وَكَذَا لو ظَنَّ حُضُورَهُ وَلَكِنْ لَا يُنْكِرُ ذلك وَلَا يَكْرَهُهُ قَالَهُ صَاحِبُ الْفُرُوعِ وابن تَمِيمٍ.
فَائِدَتَانِ: إحْدَاهُمَا حَيْثُ قُلْنَا يَحْرُمُ أَنْ يَؤُمَّ قبل إمَامِهِ فَلَوْ خَالَفَ وَأَمَّ فقال في الْفُرُوعِ وَظَاهِرُهُ لَا يَصِحُّ وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَلَا يَؤُمُّ فَإِنْ فَعَلَ صَحَّ وَيُكْرَهُ وَيُحْتَمَلُ الْبُطْلَانُ لِلنَّهْيِ انْتَهَى. الثَّانِيَةُ لو جاء الْإِمَامُ بَعْدَ شُرُوعِهِمْ في الصَّلَاةِ فَهَلْ يَجُوزُ تَقْدِيمُهُ وَيَصِيرُ إمَامًا وَالْإِمَامُ مَأْمُومًا لِأَنَّ حُضُورَ إمَامِ الْحَيِّ يَمْنَعُ الشُّرُوعَ فَكَانَ عُذْرًا بَعْدَ الشُّرُوعِ أَمْ لَا يَجُوزُ تَقْدِيمُهُ أَمْ يَجُوزُ لِلْإِمَامِ ألأعظم فَقَطْ فيه رِوَايَتَانِ مَنْصُوصَتَانِ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ قَالَهُ في الْفُرُوعِ وَأَطْلَقَهُنَّ فيه وَقِيلَ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ. وَتَقَدَّمَ ذلك في آخِرِ بَابِ النِّيَّةِ في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَإِنْ أَحْرَمَ إمَامًا لِغَيْبَةِ إمَامِ الْحَيِّ ثُمَّ حَضَرَ في أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ وَتَقَدَّمَ الْمَذْهَبُ في ذلك مُسْتَوْفًى. قَوْلُهُ فَإِنْ صلى ثُمَّ أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ وهو في الْمَسْجِدِ اُسْتُحِبَّ له إعَادَتُهَا. وَكَذَا لو جاء مَسْجِدًا في غَيْرِ وَقْتِ نَهْيٍ ولم يَقْصِدْهُ لِلْإِعَادَةِ وَأُقِيمَتْ هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِمَا وَقَدَّمَهُ. في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَالْحَوَاشِي وَغَيْرِهِمْ وَلَوْ كان صلى جَمَاعَةً وهو من الْمُفْرَدَاتِ. وقال في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِمَا اُسْتُحِبَّ إعَادَتُهَا مع إمَامِ الْحَيِّ. وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ لَا يُعِيدُهَا من بِالْمَسْجِدِ وَغَيْرِهِ بِلَا سَبَبٍ قال في الْفُرُوعِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ بَعْضِهِمْ وَعَنْهُ تَجِبُ الْإِعَادَةُ وَعَنْهُ تَجِبُ مع إمَامِ الْحَيِّ وَأَطْلَقَهُمَا ابن تَمِيمٍ. قَوْلُهُ إلَّا الْمَغْرِبَ. الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يُسْتَحَبُّ إعَادَةُ الْمَغْرِبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَعَنْهُ يُعِيدُهَا صَحَّحَهَا ابن عَقِيلٍ وابن حَمْدَانَ في الرِّعَايَةِ وَقَطَعَ بِهِ في التَّسْهِيلِ. فَعَلَيْهَا يَشْفَعُهَا بِرَابِعَةٍ على الصَّحِيحِ يَقْرَأُ فيها بِالْحَمْدِ وَسُورَةٍ كَالتَّطَوُّعِ نَصَّ عليه في رِوَايَةِ أبي دَاوُد وَقِيلَ لَا يَشْفَعُهَا قال في الْفَائِقِ وهو الْمُخْتَارُ. فَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ يَشْفَعُهَا لو لم يَفْعَلْ انْبَنَى على صِحَّةِ التَّطَوُّعِ بِوِتْرٍ على ما تَقَدَّمَ قَالَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ.
فَائِدَتَانِ: إحْدَاهُمَا حَيْثُ قُلْنَا يُعِيدُ فَالْأُولَى فَرْضٌ نَصَّ عليه كَإِعَادَتِهَا مُنْفَرِدًا لَا أَعْلَمُ فيه خِلَافًا في الْمَذْهَبِ وَيَنْوِي الْمُعَادَةَ نَفْلًا ثُمَّ وَجَدْت الشَّيْخَ تَقِيَّ الدِّينِ في الْفَتَاوَى الْمِصْرِيَّةِ قال وإذا صلى مع الْجَمَاعَةِ نَوَى بِالثَّانِيَةِ مُعَادَةً وَكَانَتْ الْأُولَى فَرْضًا وَالثَّانِيَةُ نَفْلًا على الصَّحِيحِ وَقِيلَ الْفَرْضُ أَكْمَلُهُمَا وَقِيلَ ذلك إلَى اللَّهِ انْتَهَى فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ أَنَّ الْقَوْلَيْنِ الْأَخِيرَيْنِ لِلْعُلَمَاءِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ أَنَّهُمَا في الْمَذْهَبِ. الثَّانِيَةُ يُكْرَهُ قَصْدُ الْمَسَاجِدِ لِإِعَادَةِ الْجَمَاعَةِ زَادَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ وَلَوْ كان صلى وَحْدَهُ وَلِأَجْلِ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ لِفَوْتِهَا له لَا لِقَصْدِ الْجَمَاعَةِ نَصَّ على الثَّلَاثِ. وَأَمَّا دُخُولُ الْمَسْجِدِ وَقْتَ نَهْيٍ لِلصَّلَاةِ مَعَهُمْ فَيَنْبَنِي على فِعْلِ ما له سَبَبٌ على ما تَقَدَّمَ قَالَهُ في الْفُرُوعِ وابن تَمِيمٍ وَغَيْرُهُمَا وقال في التَّلْخِيصِ لَا يُسْتَحَبُّ دُخُولُهُ وَقْتَ نَهْيٍ لِلصَّلَاةِ مع إمَامِ الْحَيِّ وَيَحْرُمُ مع غَيْرِهِ وَيُخَيَّرُ مع إمَامِ الْحَيِّ إذَا كان غير وَقْتِ نَهْيٍ وَلَا يُسْتَحَبُّ مع غَيْرِهِ. وقال الْقَاضِي يُسْتَحَبُّ الدُّخُولُ وَقْتَ النهي لِلْإِعَادَةِ مع إمَامِ الْحَيِّ وَيُسْتَحَبُّ مع غَيْرِهِ فِيمَا سِوَى الْفَجْرِ وَالْعَصْرِ فإنه يُكْرَهُ دُخُولُ الْمَسْجِدِ بَعْدَهَا وَنَقَلَهُ الْأَثْرَمُ وَتَقَدَّمَ اخْتِيَارُ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ قَرِيبًا. قَوْلُهُ وَلَا تُكْرَهُ إعَادَةُ الْجَمَاعَةِ في غَيْرِ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ. مَعْنَى إعَادَةِ الْجَمَاعَةِ أَنَّهُ إذَا صلى الْإِمَامُ الرَّاتِبُ ثُمَّ حَضَرَ جَمَاعَةً لم يُصَلُّوا فإنه يُسْتَحَبُّ لهم أَنْ يُصَلُّوا جَمَاعَةً وَهَذَا الْمَذْهَبُ يَعْنِي أنها لَا تُكْرَهُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْوَجِيزِ وَالشَّرْحِ وَنَاظِمِ الْمُفْرَدَاتِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وابن تَمِيمٍ وَالْفَائِقُ وَغَيْرُهُمْ وهو من الْمُفْرَدَاتِ وَقِيلَ تُكْرَهُ وَقَالَهُ الْقَاضِي في مَوْضِعٍ من كَلَامِهِ وقال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ تُكْرَهُ في غَيْرِ مَسَاجِدِ الْأَسْوَاقِ وَقِيلَ تُكْرَهُ بِالْمَسَاجِدِ الْعِظَامِ وَقَالَهُ الْقَاضِي في الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ وَقِيلَ لَا يَجُوزُ.
تَنْبِيهٌ: الذي يَظْهَرُ أَنَّ مُرَادَ من يقول يُسْتَحَبُّ أو لَا يُكْرَهُ نَفْيُ الْكَرَاهَةِ لَا أنها غَيْرُ وَاجِبَةٍ إذْ الْمَذْهَبُ أَنَّ الْجَمَاعَةَ وَاجِبَةٌ فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُمْ نَفْيَ الْكَرَاهَةِ وَقَالُوهُ لِأَجْلِ الْمُخَالِفِ أو يَكُونَ على ظَاهِرِهِ لَكِنْ لِيُصَلُّوا في غَيْرِهِ.
فائدة: لو أَدْرَكَ رَكْعَتَيْنِ من الرُّبَاعِيَّةِ الْمُعَادَةِ لم يُسَلِّمْ مع إمَامِهِ بَلْ يَقْضِي ما فَاتَهُ نَصَّ عليه وَهَذَا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وابن تَمِيمٍ وَجَزَمَ بِهِ في التَّلْخِيصِ وَغَيْرِهِ وقال الْآمِدِيُّ له أَنْ يُسَلِّمَ معه.
تَنْبِيهٌ: مَفْهُومُ قَوْلِهِ وَلَا تُكْرَهُ إعَادَةُ الْجَمَاعَةِ في غَيْرِ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ أنها. تُكْرَهُ في الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ وَهِيَ مَسْجِدُ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ وَالْأَقْصَى وهو إحْدَى الرِّوَايَاتِ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ وهو مَفْهُومُ كَلَامِهِ في الْوَجِيزِ فإنه قال وَإِعَادَةُ جَمَاعَةٍ تُقَامُ إلَّا الْمَغْرِبَ بِمَسْجِدٍ غَيْرِ الثَّلَاثَةِ هو فيه وَكَذَا في التَّسْهِيلِ وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ وَقَدَّمَهُ في النَّظْمِ وهو من الْمُفْرَدَاتِ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا تُكْرَهُ إلَّا في مَسْجِدَيْ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ فَقَطْ وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالْمُنَوِّرِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وابن تَمِيمٍ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ قال الْمَجْدُ هِيَ الْأَشْهَرُ عن أَحْمَدَ وَذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ عن الْأَصْحَابِ. وَالرِّوَايَةُ الثَّالِثَةُ تُسْتَحَبُّ الْإِعَادَةُ أَيْضًا فِيهِنَّ اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَأَطْلَقَ الْكَرَاهَةَ وَعَدَمَهَا في الْمَسْجِدَيْنِ في الْمُحَرَّرِ. وَالرِّوَايَةُ الرَّابِعَةُ تُسْتَحَبُّ الْإِعَادَةُ فِيهِنَّ مع ثَلَاثَةٍ فَأَقَلَّ قال في الرِّعَايَةِ وَفِيهِ بُعْدٌ لِلْخَبَرِ. قَوْلُهُ وإذا أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فَلَا صَلَاةَ إلَّا الْمَكْتُوبَةَ. بِلَا نِزَاعٍ فَلَوْ تَلَبَّسَ بِنَافِلَةٍ بَعْدَ ما أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ لم تَنْعَقِدْ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وهو ظَاهِرُ اخْتِيَارِ الْمَجْدِ وَغَيْرِهِ وَقِيلَ تَصِحُّ وَهُمَا مُخَرَّجَانِ من الرِّوَايَتَيْنِ فِيمَنْ شَرَعَ في النَّفْلِ الْمُطْلَقِ وَعَلَيْهِ فَوَائِتُ على ما تَقَدَّمَ في آخِرِ شُرُوطِ الصَّلَاةِ وَتَقَدَّمَ نَظِيرُ ذلك بَعْدَ قَضَاءِ الْفَرَائِضِ في شُرُوطِ الصَّلَاةِ فَلْيُعَاوَدْ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفَائِقِ وَالْفُرُوعِ في بَابِ الْأَذَانِ وابن تَمِيمٍ. قَوْلُهُ وَإِنْ أُقِيمَتْ وهو في نَافِلَةٍ أَتَمَّهَا إلَّا أَنْ يَخْشَى فَوَاتَ الْجَمَاعَةِ فَيَقْطَعَهَا. هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَعَنْهُ يُتِمُّهَا وَإِنْ خَشِيَ فَوَاتَ الْجَمَاعَةِ خَفِيفَةً رَكْعَتَيْنِ إلَّا أَنْ يَشْرَعَ في الثَّالِثَةِ فَيُتِمَّ الْأَرْبَعَ نَصَّ عليه لِكَرَاهَةِ. الِاقْتِصَارِ على ثَلَاثٍ أو لَا يَجُوزُ قَالَهُ في الْفُرُوعِ في بَابِ الْأَذَانِ وقال ابن تَمِيمٍ وابن حَمْدَانَ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ وَغَيْرُهُمْ وَإِنْ سَلَّمَ من الثَّالِثَةِ جَازَ نَصَّ عليه وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وقال ابن تَمِيمٍ إذَا أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ وهو في نَافِلَةٍ ولم يَخَفْ فَوْتَ ما يُدْرِكُ بِهِ الْجَمَاعَةَ أَتَمَّهَا وقال في الرِّعَايَةِ وَإِنْ خَافَ فَوْتَهَا وَقِيلَ أو فَوْتَ الرَّكْعَةِ الْأُولَى منها مع الْإِمَامِ قَطَعَهُ وَعَنْهُ بَلْ يُتِمُّهُ وَيُسَلِّمُ من اثْنَتَيْنِ وَيَلْحَقُهُمْ وَعَنْهُ يُتِمُّهُ وَإِنْ خَافَ الْفَوَاتَ انْتَهَى. وقال ابن مُنَجَّا في شَرْحِهِ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ أَرَادَ فَوْتَ جَمِيعِ الصَّلَاةِ وقال صَاحِبُ النِّهَايَةِ فيها الْمُرَادُ بِالْفَوَاتِ فَوَاتُ الرَّكْعَةِ الْأُولَى وَكُلٌّ مُتَّجَهٌ انْتَهَى. وقال في الْفُرُوعِ وَيُتِمُّ النَّافِلَةَ من هو فيها وَلَوْ فاتتة رَكْعَةٌ وَإِنْ خَشِيَ فَوَاتَ الْجَمَاعَةِ قَطَعَهَا.
فَائِدَتَانِ: إحْدَاهُمَا قال في الْفُرُوعِ وَلَا فَرْقَ على ما ذَكَرُوهُ في الشُّرُوعِ في نَافِلَةٍ بِالْمَسْجِدِ أو خَارِجَهُ وَلَوْ بِبَيْتِهِ وقد نَقَلَ أبو طَالِبٍ إذَا سمع الْإِقَامَةَ وهو في بَيْتِهِ فَلَا يُصَلِّي رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ بِبَيْتِهِ وَلَا بِالْمَسْجِدِ. الثَّانِيَةُ لو جَهِلَ الْإِقَامَةَ فَكَجَهْلِ وَقْتِ نَهْيٍ في ظَاهِرِ كَلَامِهِمْ. قال في الْفُرُوعِ لِأَنَّهُ أَصْلُ الْمَسْأَلَةِ قال وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ وَلَوْ أَرَادَ الصَّلَاةَ مع غَيْرِ ذلك الْإِمَامِ قال وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ كما لو سَمِعَهَا في غَيْرِ الْمَسْجِدِ الذي يُصَلِّي فيه فإنه يَبْعُدُ الْقَوْلُ بِهِ. قَوْلُهُ وَمَنْ كَبَّرَ قبل سَلَامِ إمَامِهِ فَقَدْ أَدْرَكَ الْجَمَاعَةَ. هذا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وهو الْمَعْمُولُ بِهِ في الْمَذْهَبِ قال في النُّكَتِ في الْجَمْعِ قَطَعَ بِهِ الْأَصْحَابُ قال الْمَجْدُ في شَرْحِهِ هذا إجْمَاعٌ من أَهْلِ الْعِلْمِ. وَقِيلَ لَا يُدْرِكُهَا إلَّا بِرَكْعَةٍ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ ابن أبي مُوسَى وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَذَكَرَهُ رِوَايَةً عن أَحْمَدَ وقال اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ من أَصْحَابِنَا وقال وَعَلَيْهَا إنْ تَسَاوَتْ الْجَمَاعَةُ فَالثَّانِيَةُ من أَوَّلِهَا أَفْضَلُ قال في الْفُرُوعِ وَلَعَلَّ مُرَادَهُ ما نَقَلَهُ صَالِحٌ وأبو طَالِبٍ وابن هَانِئٍ في قَوْلِهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم الْحَجُّ عَرَفَةَ أَنَّهُ مِثْلُ قَوْلِهِ من أَدْرَكَ رَكْعَةً من الصَّلَاةِ فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ إنَّمَا يُرِيدُ بِذَلِكَ فَضْلَ الصَّلَاةِ وَكَذَلِكَ يُدْرِكُ فَضْلَ الْحَجِّ. قال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَمَعْنَاهُ أَصْلُ فَضْلِ الْجَمَاعَةِ لَا حُصُولُهَا فِيمَا سُبِقَ بِهِ فإنه فيه مُنْفَرِدٌ حِسًّا وَحُكْمًا إجْمَاعًا.
تَنْبِيهٌ: ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ يُدْرِكُهَا بِمُجَرَّدِ التَّكْبِيرِ قبل سَلَامِهِ سَوَاءٌ جَلَسَ أو لم يَجْلِسْ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وقال بَعْضُ الْأَصْحَابِ يُدْرِكُهَا بِشَرْطِ أَنْ يَجْلِسَ بَعْدَ تَكْبِيرِهِ وَقَبْلَ سَلَامِهِ. وَحَمَلَ ابن مُنَجَّا في شَرْحِهِ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عليه وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَيْضًا أَنَّهُ لَا يُدْرِكُهَا إذَا كَبَّرَ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ من الْأُولَى وَقَبْلَ سَلَامِهِ من الثَّانِيَةِ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَقِيلَ يُدْرِكُهَا وَأَطْلَقَهُمَا في الْفَائِقِ وَعَنْهُ يُدْرِكُهَا أَيْضًا إذَا كَبَّرَ بَعْدَ سَلَامِهِ من الثَّانِيَةِ إذَا سَجَدَ لِلسَّهْوِ بَعْدَ السَّلَامِ وكان تَكْبِيرُهُ قبل سُجُودِهِ.
فَائِدَتَانِ: إحْدَاهُمَا لَا يَقُومُ الْمَسْبُوقُ قبل سَلَامِ إمَامِهِ من الثَّانِيَةِ فَلَوْ خَالَفَ وَقَامَ قبل سَلَامِهِ لَزِمَهُ الْعَوْدُ فَيَقُومُ بَعْدَ سَلَامِهِ منها إنْ قُلْنَا بِوُجُوبِهَا وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ مُفَارَقَتُهُ بِلَا عُذْرٍ فَإِنْ لم يَعُدْ خَرَجَ من الِائْتِمَامِ وَبَطَلَ فَرْضُهُ وَصَارَ نَفْلًا زَادَ بَعْضُهُمْ صَارَ نَفْلًا بِلَا إمَامٍ وَهَذَا أَحَدُ الْوُجُوهِ قَدَّمَه ابن تَمِيمٍ وابن مُفْلِحٍ في حَوَاشِيهِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَبْطُلُ ائْتِمَامُهُ وَلَا يَبْطُلُ فَرْضُهُ إنْ قِيلَ بِمَنْعِ الْمُفَارَقَةِ لِغَيْرِ عُذْرٍ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفَائِقِ. وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ رَأْسًا فَلَا يَصِحُّ له نَفْلٌ وَلَا فَرْضٌ وهو احْتِمَالٌ في مُخْتَصَرِ ابن تَمِيمٍ وَأَطْلَقَهُنَّ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ ثُمَّ قال بَعْدَ حِكَايَةِ الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ وَقُلْت إنْ تَرَكَهُ عَمْدًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَإِلَّا بَطَلَ ائْتِمَامُهُ فَقَطْ. الثَّانِيَةُ يَقُومُ الْمَسْبُوقُ إلَى الْقَضَاءِ بِتَكْبِيرٍ مُطْلَقًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه وَقِيلَ إنْ أَدْرَكَهُ في التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ لم يُكَبِّرْ عِنْدَ قِيَامِهِ. وَقِيلَ لَا يُكَبِّرُ من كان جَالِسًا لِمَرَضٍ أو نَفْلٍ أو غَيْرِهِمَا ذَكَرَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وقال في الصُّغْرَى فإذا سَلَّمَ إمَامُهُ قام مُكَبِّرًا نَصَّ عليه وَقِيلَ لَا فَظَاهِرُ هذا الْقَوْلِ أَنَّهُ لَا يُكَبِّرُ عِنْدَ قِيَامِهِ مُطْلَقًا. قَوْلُهُ وَمَنْ أَدْرَكَ الرُّكُوعَ أَدْرَكَ الرَّكْعَةَ. هذا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ إدرك معه الطُّمَأْنِينَةَ أو لَا إذَا اطْمَأَنَّ هو وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ. وَقِيلَ يُدْرِكُهَا إنْ أَدْرَكَ معه الطُّمَأْنِينَةَ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وابن تَمِيمٍ وابن عَقِيلٍ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْحَاوِيَيْنِ تَبَعًا لِابْنِ عَقِيلٍ. وقال ابن رَجَبٍ في الْقَاعِدَةِ الثَّالِثَةِ إذَا أَدْرَكَ الْإِمَامَ في الرُّكُوعِ بَعْدَ فَوَاتِ قَدْرِ الْإِجْزَاءِ منه هل يَكُونُ مُدْرِكًا له في الْفَرِيضَةِ ظَاهِرُ كَلَامِ الْقَاضِي وابن عَقِيلٍ تَخْرِيجُهَا على الْوَجْهَيْنِ إذَا قُلْنَا لَا يَصِحُّ اقْتِدَاءُ الْمُفْتَرِضِ بِالْمُتَنَفِّلِ قال ابن عَقِيلٍ وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَجْرِيَ الزِّيَادَةُ مَجْرَى الْوَاجِبِ في بَابِ الِاتِّبَاعِ خَاصَّةً إذْ الأتباع قد يُسْقِطُ الْوَاجِبَ كما في الْمَسْبُوقِ ومصلى الْجُمُعَةِ من امْرَأَةٍ وَعَبْدٍ وَمُسَافِرٍ انْتَهَى. فَعَلَى الْمَذْهَبِ عليه أَنْ يَأْتِيَ بِالتَّكْبِيرِ في حَالِ قِيَامِهِ وَتَقَدَّمَ في أَوَّلِ بَابِ صِفَةِ الصَّلَاةِ لو أتى بِهِ أو بِبَعْضِهِ رَاكِعًا أو قَاعِدًا هل تَنْعَقِدُ.
فائدة: إنْ شَكَّ هل أَدْرَكَ الْإِمَامَ رَاكِعًا أَمْ لَا لم يُدْرِكْ الرَّكْعَةَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وعليه أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَذَكَرَ في التَّلْخِيصِ وَجْهًا أَنَّهُ يُدْرِكُهَا وهو من الْمُفْرَدَاتِ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ رُكُوعِهِ. قَوْلُهُ وَأَجْزَأَتْهُ تَكْبِيرَةٌ وَاحِدَةٌ. يَعْنِي تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ فَتُجْزِئُهُ عن تَكْبِيرَةِ الرُّكُوعِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْكَافِي وَالْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ. وَعَنْهُ يُعْتَبَرُ مَعَهَا تَكْبِيرَةُ الرُّكُوعِ اخْتَارَهَا جَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ منهم ابن عَقِيلٍ وابن الْجَوْزِيِّ في الْمُذْهَبِ. قال في الْمُسْتَوْعِبِ وَإِنْ أَدْرَكَهُ في الرُّكُوعِ فَقَدْ أَدْرَكَ الرَّكْعَةَ إذَا كَبَّرَ تَكْبِيرَتَيْنِ لِلْإِحْرَامِ وَلِلرُّكُوعِ قال في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَإِنْ لَحِقَهُ رَاكِعًا لَحِقَ الرَّكْعَةَ وَكَبَّرَ لِلْإِحْرَامِ قَائِمًا نَصَّ عليه ثُمَّ كَبَّرَ لِلرُّكُوعِ على الْأَصَحِّ إنْ أَمْكَنَ وَكَذَا قال في الْكُبْرَى وقال إنْ أَمْكَنَ وَأَمِنَ فَوْتُهُ وقال إنْ تَرَكَ الثَّانِيَةَ ولم يَنْوِهَا بِالْأَوَّلَةِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَعَنْهُ يَصِحُّ وَيُجْزِئُ وَقِيلَ إنْ تَرَكَهَا عَمْدًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَإِنْ تَرَكَهَا سَهْوًا صَحَّتْ وَسَجَدَ له في الْأَقْيَسِ انْتَهَى.
فَائِدَتَانِ: إحْدَاهُمَا لو نَوَى بِالتَّكْبِيرَةِ الْوَاحِدَةِ تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ وَالرُّكُوعِ لم تَنْعَقِدْ الصَّلَاةُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالتَّلْخِيصِ وَغَيْرِهِمْ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَعَنْهُ تَنْعَقِدُ اخْتَارَه ابن شَاقِلَا وَالْمُصَنِّفُ وَالْمَجْدُ وَالشَّارِحُ قال في الْحَاوِي الْكَبِيرِ وَإِنْ نواهما [نواها] بِتَكْبِيرَةٍ وَاحِدَةٍ أَجْزَأَهُ في ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه وَأَطْلَقَهُمَا ابن تَمِيمٍ وَالْفَائِقُ وَالْحَاوِي الصَّغِيرُ. قال في الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ وَمِنْ الْأَصْحَابِ من قال إنْ قُلْنَا تَكْبِيرَةُ الرُّكُوعِ. سُنَّةٌ أَجْزَأَتْهُ وَإِنْ قُلْنَا وَاجِبَةٌ لم يَصِحَّ التَّشْرِيكُ قال وَفِيهِ ضَعْفٌ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تَدُلُّ على أَنَّ تَكْبِيرَةَ الرُّكُوعِ تُجْزِئُ في حَالِ الْقِيَامِ خِلَافُ ما يَقُولُهُ الْمُتَأَخِّرُونَ انْتَهَى. الثَّانِيَةُ لو أَدْرَكَ إمَامَهُ في غَيْرِ الرُّكُوعِ اُسْتُحِبَّ له الدُّخُولُ معه وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَالْمَنْصُوصُ أَنَّهُ يَنْحَطُّ معه بِلَا تَكْبِيرَةٍ جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمَا وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَقِيلَ يُكَبِّرُ وَأَطْلَقَهُمَا ابن تَمِيمٍ وَالْفَائِقُ. قَوْلُهُ وما أَدْرَكَ مع الْإِمَامِ فَهُوَ آخِرُ صَلَاتِهِ وما يَقْضِيهِ أَوَّلُهَا. هذا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وابن تَمِيمٍ وَالْفَائِقُ وَغَيْرُهُمْ وَعَنْهُ ما أَدْرَكَ مع الْإِمَامِ فَهُوَ أَوَّلُ صَلَاتِهِ وما يَقْضِيهِ آخِرُهَا.
تَنْبِيهٌ: لِهَذَا الْخِلَافِ فَوَائِدُ كَثِيرَةٌ ذَكَرَهَا ابن رَجَبٍ في قَوَاعِدِهِ وَغَيْرُهُ. فَمِنْهَا مَحَلُّ الِاسْتِفْتَاحِ فَعَلَى الْمَذْهَبِ يَسْتَفْتِحُ فِيمَا يَقْضِيهِ وَعَلَى الثَّانِيَةِ فِيمَا أَدْرَكَهُ وَهَذَا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وقال الْقَاضِي في شَرْحِ الْمُذْهَبِ لَا يُشْرَعُ الِاسْتِفْتَاحُ على كِلَا الرِّوَايَتَيْنِ لِفَوْتِ مَحَلِّهِ. وَمِنْهَا التَّعَوُّذُ إذَا قُلْنَا هو مَخْصُوصٌ بِأَوَّلِ رَكْعَةٍ فَعَلَى الْمَذْهَبِ يَتَعَوَّذُ فِيمَا يَقْضِيهِ وَعَلَى الثَّانِيَةِ فِيمَا أَدْرَكَهُ. قُلْت الصَّوَابُ هُنَا أَنْ يَتَعَوَّذَ فِيمَا أَدْرَكَهُ على الرِّوَايَتَيْنِ ولم أَرَ أَحَدًا من الْأَصْحَابِ قَالَهُ وَأَمَّا على الْقَوْلِ بِمَشْرُوعِيَّتِهِ في كل رَكْعَةٍ فَتَلْغُو هذه الْفَائِدَةُ وَمِنْهَا صِفَةُ الْقِرَاءَةِ في الْجَهْرِ وَالْإِخْفَاتِ فإذا فَاتَتْهُ رَكْعَتَانِ من الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ جَهَرَ في قَضَائِهِمَا من غَيْرِ كَرَاهَةٍ نَصَّ عليه في رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ وَإِنْ أَمَّ فِيهِمَا وَقُلْنَا بِجَوَازِهِ سُنَّ له الْجَهْرُ بِنَاءً على الْمَذْهَبِ وَعَلَى الثَّانِيَةِ لَا جَهْرَ هُنَا وَتَقَدَّمَتْ الْمَسْأَلَةُ في صِفَةِ الصَّلَاةِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَيَجْهَرُ الْإِمَامُ بِالْقِرَاءَةِ بِأَتَمَّ من هذا. وَمِنْهَا مِقْدَارُ الْقِرَاءَةِ وَلِلْأَصْحَابِ فيه طَرِيقَانِ. أَحَدُهُمَا إنْ أَدْرَكَ رَكْعَتَيْنِ من الرُّبَاعِيَّةِ فإنه يَقْرَأُ في الْمَقْضِيَّتَيْنِ بِالْحَمْدِ وَسُورَةٍ مَعَهَا على كِلَا الرِّوَايَتَيْنِ قال ابن أبي مُوسَى لَا يَخْتَلِفُ قَوْلُهُ في ذلك وَذَكَرَ الْخَلَّالُ أَنَّ قَوْلَهُ اسْتَقَرَّ عليه قال الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي هو قَوْلُ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ لَا نَعْلَمُ عَنْهُمْ فيه خِلَافًا وَذَكَرَهُ الْآجُرِّيُّ عن أَحْمَدَ. الثَّانِي يَبْنِي قِرَاءَتَهُ على الْخِلَافِ في أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ ذَكَرَه ابن هُبَيْرَةَ وِفَاقًا لِلْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ وَقَالَهُ الْآجُرِّيُّ وَهِيَ طَرِيقَةُ الْقَاضِي وَمَنْ بَعْدَهُ قال في الْفُرُوعِ وَجَزَمَ بِهِ جَمَاعَةٌ وَذَكَرَه ابن أبي مُوسَى. قال الْعَلَّامَةُ ابن رَجَبٍ في فَوَائِدِهِ وقد نَصَّ عليه الْإِمَامُ أَحْمَدُ في رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ وَأَوْمَأَ إلَيْهِ في رِوَايَةِ حَرْبٍ وَغَيْرِهِ وَاخْتَارَهُ الْمَجْدُ وَأَنْكَرَ الطَّرِيقَةَ الْأُولَى وقال لَا يَتَوَجَّهُ إلَّا على رَأْيِ من رَأَى قِرَاءَةَ السُّورَةِ في كل رَكْعَةٍ أو على رَأْيِ من رَأَى قِرَاءَةَ السُّورَةِ في الْأُخْرَيَيْنِ إذَا نَسِيَهَا في الْأُولَيَيْنِ وقال أُصُولُ الْأَئِمَّةِ تَقْتَضِي الطَّرِيقَةَ الثَّانِيَةَ صَرَّحَ بِهِ جَمَاعَةٌ قال ابن رَجَبٍ قُلْت وقد أَشَارَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ إلَى مَأْخَذٍ ثَالِثٍ وهو الِاحْتِيَاطُ لِلتَّرَدُّدِ فِيهِمَا وَقِرَاءَةُ السُّورَةِ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ فَيَحْتَاطُ لها أَكْثَرَ من الِاسْتِفْتَاحِ وَالتَّعَوُّذِ انْتَهَى. وَمِنْهَا لو أَدْرَكَ من الرُّبَاعِيَّةِ رَكْعَةً فَعَلَى الْمَذْهَبِ يَقْرَأُ في الْأُولَيَيْنِ بِالْحَمْدِ وَسُورَةٍ وفي الثَّالِثَةِ بِالْحَمْدِ فَقَطْ وَنَقَلَ عنه الْمَيْمُونِيُّ يَحْتَاطُ وَيَقْرَأُ في الثَّلَاثَةِ بِالْحَمْدِ وَسُورَةٍ قال الْخَلَّالُ رَجَعَ عنها أَحْمَدُ. وَمِنْهَا قُنُوتُ الْوِتْرِ إذَا أَدْرَكَهُ الْمَسْبُوقُ مع من يُصَلِّيهِ بِسَلَامٍ وَاحِدٍ فإنه يَقَعُ في مَحَلِّهِ وَلَا يُعِيدُ على الْمَذْهَبِ وَعَلَى الثَّانِيَةِ يُعِيدُهُ في آخِرِ رَكْعَةٍ يَقْضِيهَا. وَمِنْهَا تَكْبِيرَاتُ الْعِيدِ الزَّوَائِدُ إذَا أَدْرَكَ الْمَسْبُوقُ الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ فَعَلَى الْمَذْهَبِ يُكَبِّرُ في الْمَقْضِيَّةِ سَبْعًا وَعَلَى الثَّانِيَةِ خَمْسًا. وَمِنْهَا إذَا سُبِقَ بِبَعْضِ تَكْبِيرَاتِ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ. فَعَلَى الْمَذْهَبِ يُتَابِعُ الْإِمَامَ في الذِّكْرِ الذي هو فيه ثُمَّ يَقْرَأُ في أَوَّلِ تَكْبِيرَةٍ يَقْضِيهَا وَعَلَى الثَّانِيَةِ لَا يُتَابِعُ الْإِمَامَ بَلْ يَقْرَأُ الْفَاتِحَةَ خَلْفَ الْإِمَامِ. وَمِنْهَا مَحَلُّ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ في حَقِّ من أَدْرَكَ من الْمَغْرِبِ أو من رُبَاعِيَّةٍ رَكْعَةً فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَتَشَهَّدُ عَقِيبَ رَكْعَةٍ على كِلَا الرِّوَايَتَيْنِ وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ منهم الْخَلَّالُ وأبو بَكْرٍ وَالْقَاضِي قال الْخَلَّالُ اسْتَقَرَّتْ الرِّوَايَاتُ عليها وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْمُحَرَّرِ وقال في الْأَصَحِّ عنه وَعَنْهُ يَتَشَهَّدُ عَقِيبَ رَكْعَةٍ في الْمَغْرِبِ فَقَطْ وَعَنْهُ يَتَشَهَّدُ عَقِيبَ رَكْعَتَيْنِ في الْكُلِّ نَقَلَهَا حَرْبٌ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَأَطْلَقَهُمَا ابن تَمِيمٍ وَالشَّارِحُ. وقال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ الْكُلُّ جَائِزٌ وَرَدَّه ابن رَجَبٍ. وَاخْتُلِفَ في بِنَاءِ هَاتَيْنِ الرِّوَايَتَيْنِ فَقِيلَ هُمَا مَبْنِيَّتَانِ على الرِّوَايَتَيْنِ في أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ إنْ قُلْنَا ما يَقْضِيهِ أَوَّلُ صَلَاتِهِ لم يَجْلِسْ إلَّا عَقِبَ رَكْعَتَيْنِ وَإِنْ قُلْنَا ما يَقْضِيهِ آخِرُهَا تَشَهَّدَ عَقِيبَ رَكْعَةٍ وَهِيَ طَرِيقَةُ ابن عَقِيلٍ في الْفُصُولِ وَأَوْمَأَ إلَيْهِ في رِوَايَةِ حَرْبٍ. وَقِيلَ هُمَا مَبْنِيَّتَانِ على الْقَوْلِ بِأَنَّ ما يُدْرِكُهُ آخَرُ صَلَاتِهِ وَهِيَ طَرِيقَةُ الْمَجْدِ وَنَصَّ على ذلك صَرِيحًا في رِوَايَةِ عبد اللَّهِ وَالْبَرْقَانِيِّ. وَمِنْهَا تَطْوِيلُ الرَّكْعَةِ الْأُولَى على الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ وَتَرْتِيبُ السُّورَتَيْنِ في الرَّكْعَتَيْنِ ذَكَرَه ابن رَجَبٍ تَخْرِيجًا له وقال أَيْضًا فَأَمَّا رَفْعُ الْيَدَيْنِ إذَا قام من التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ إذَا قُلْنَا بِاسْتِحْبَابِهِ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَرْفَعَ إذَا قام إلَى الرَّكْعَةِ الْمَحْكُومِ بِأَنَّهَا ثَالِثَةٌ سَوَاءٌ قام عن تَشَهُّدٍ أو غَيْرِهِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَرْفَعَ إذَا قام من تَشَهُّدِهِ الْأَوَّلِ الْمُعْتَدِّ بِهِ سَوَاءٌ كان عَقِيبَ الثَّانِيَةِ أو لم يَكُنْ قال وهو أَظْهَرُ انْتَهَى. وَمِنْهَا التَّوَرُّكُ مع إمَامِهِ وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَتَوَرَّكُ مع إمَامِهِ على الرِّوَايَةِ الْأُولَى كما يَتَوَرَّكُ إذَا قَضَى قال في الْفُرُوعِ وَعَلَى الْأُولَى يَتَوَرَّكُ مع إمَامِهِ كما يَقْضِيهِ في الْأَصَحِّ وَعَنْهُ يَفْتَرِشُ وَعَنْهُ يُخَيَّرُ وهو وَجْهٌ في الرِّعَايَةِ.
فائدة: قال في الْفُرُوعِ وَمُقْتَضَى قَوْلِهِ إنَّهُ هل يَتَوَرَّكُ مع إمَامِهِ أو يَفْتَرِشُ أَنَّ هذا الْقُعُودَ هل هو رُكْنٌ في حَقِّهِ على الْخِلَافِ وقال الْقَاضِي في التَّعْلِيقِ الْقُعُودُ الْفَرْضُ ما يَفْعَلُهُ آخِرَ صَلَاتِهِ وَيَعْقُبُهُ السَّلَامُ وَهَذَا مَعْدُومٌ هُنَا فَجَرَى مَجْرَى التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ على أَنَّ العقود [القعود] هل هو رُكْنٌ في حَقِّهِ بَعْدَ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ من آخِرِ صَلَاتِهِ وَلَيْسَ بِفَرْضٍ كَذَا هُنَا. وقال الْمَجْدُ لَا يُحْتَسَبُ له بِتَشَهُّدِ الْإِمَامِ الْأَخِيرِ إجْمَاعًا لَا من أَوَّلِ صَلَاتِهِ وَلَا من آخِرِهَا وَيَأْتِي فيه بِالتَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ فَقَطْ لِوُقُوعِهِ وَسَطًا وَيُكَرِّرُهُ حتى يُسَلِّمَ إمَامُهُ. وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَعَنْهُ من سُبِقَ بِرَكْعَتَيْنِ لَا يَتَوَرَّكُ إلَّا في الْآخِرِ وَحْدَهُ وَقِيلَ في الزَّائِدَةِ على رَكْعَتَيْنِ يَتَوَرَّكُ إذَا قَضَى ما سُبِقَ بِهِ وَقِيلَ هل يُوَافِقُ إمَامَهُ في تَوَرُّكِهِ أَمْ يُخَيَّرُ بَيْنَهُمَا فيه رِوَايَتَانِ انْتَهَى. قَوْلُهُ وَلَا تَجِبُ الْقِرَاءَةُ على الْمَأْمُومِ. هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ نَصَّ عليه وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وَعَنْهُ تَجِبُ الْقِرَاءَةُ عليه ذَكَرَهَا التِّرْمِذِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ وابن الزَّاغُونِيِّ وَاخْتَارَهَا الْآجُرِّيُّ نَقَلَ الْأَثْرَمُ لَا بُدَّ لِلْمَأْمُومِ من قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ ذَكَرَه ابن أبي مُوسَى في شَرْحِ الْخِرَقِيِّ وقال إنَّ كَثِيرًا من أَصْحَابِنَا لَا يَعْرِفُ وُجُوبَهَا حَكَاهُ في النَّوَادِرِ قال في الْفُرُوعِ هذه الرِّوَايَةُ أَظْهَرُ. وَقِيلَ تَجِبُ في صَلَاةِ السِّرِّ وَحَكَاهُ عنه ابن الْمُنْذِرِ وَأَطْلَقَهُمَا ابن تَمِيمٍ وَنَقَلَ أبو دَاوُد يَقْرَأُ خَلْفَهُ في كل رَكْعَةٍ إذَا جَهَرَ قال في الرَّكْعَةِ الْأُولَى يُجْزِئُ وَقِيلَ تَجِبُ الْقِرَاءَةُ في سَكَتَاتِ الْإِمَامِ وما لَا يَجْهَرُ فيه.
تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ وَلَا تَجِبُ الْقِرَاءَةُ على الْمَأْمُومِ مَعْنَاهُ أَنَّ الْإِمَامَ يَتَحَمَّلُهَا عنه. وَإِلَّا فَهِيَ وَاجِبَةٌ عليه هذا مَعْنَى كَلَامِ الْقَاضِي وَغَيْرِهِ وَاقْتَصَرَ عليه في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ.
فائدة: يَتَحَمَّلُ الْإِمَامُ عن الْمَأْمُومِ قِرَاءَةَ الْفَاتِحَةِ وَسُجُودَ السَّهْوِ وَالسُّتْرَةَ على ما تَقَدَّمَ قال في التَّلْخِيصِ وَغَيْرِهِ وَكَذَا التَّشَهُّدُ الْأَوَّلُ إذَا سَبَقَهُ بِرَكْعَةٍ وَسُجُودُ التِّلَاوَةِ وَدُعَاءُ الْقُنُوتِ. قَوْلُهُ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَقْرَأَ في سَكَتَاتِ الْإِمَامِ. هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وَقِيلَ يَجِبُ في سَكَتَاتِ الْإِمَامِ كما تَقَدَّمَ تَنْبِيهَاتٌ. الْأَوَّلُ قَوْلُهُ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَقْرَأَ في سَكَتَاتِ الْإِمَامِ يَعْنِي أَنَّ الْقِرَاءَةَ بِالْفَاتِحَةِ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ هل الْأَفْضَلُ قِرَاءَتُهُ لِلْفَاتِحَةِ لِلِاخْتِلَافِ في وُجُوبِهَا أَمْ بِغَيْرِهَا لِأَنَّهُ اسْتَمَعَ الْفَاتِحَةَ وَمُقْتَضَى نُصُوصِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَأَكْثَرِ أَصْحَابِهِ أَنَّ الْقِرَاءَةَ بِغَيْرِهَا أَفْضَلُ نَقَلَ الْأَثْرَمُ فِيمَنْ قَرَأَ خَلْفَ إمَامِهِ إذَا فَرَغَ الْفَاتِحَةَ يُؤَمِّنُ قال لَا أَدْرِي ما سَمِعْت وَلَا أَرَى بَأْسًا وَظَاهِرُهُ التَّوَقُّفُ ثُمَّ بَيَّنَ أَنَّهُ سُنَّةٌ انْتَهَى. قال في جَامِعِ الِاخْتِيَارَاتِ مُقْتَضَى هذا إنَّمَا يَكُونُ غَيْرُهَا أَفْضَلَ إذَا سَمِعَهَا وَإِلَّا فَهِيَ أَفْضَلُ من غَيْرِهَا. الثَّانِي أَفَادَنَا الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ تَفْرِيقَ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ في سَكَتَاتِ الْإِمَامِ لَا يَضُرُّ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَنَصَّ عليه وَتَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ على ذلك في صِفَةِ الصَّلَاةِ. الثَّالِثُ أَفَادَنَا الْمُصَنِّفُ أَيْضًا أَنَّ لِلْإِمَامِ سَكَتَاتٍ وهو صَحِيحٌ قال الْمَجْدُ وَمَنْ تَابَعَهُ هُمَا سَكْتَتَانِ على سَبِيلِ الِاسْتِحْبَابِ إحْدَاهُمَا تَخْتَصُّ بِأَوَّلِ رَكْعَةٍ. لِلِاسْتِفْتَاحِ وَالثَّانِيَةُ سَكْتَةٌ يَسِيرَةٌ بَعْدَ الْقِرَاءَةِ كُلِّهَا لِيَرُدَّ إلَيْهِ نَفَسَهُ لَا لِقِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ خَلْفَهُ على ظَاهِرِ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ. قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ اسْتَحَبَّ الْإِمَامُ أَحْمَدُ في صَلَاةِ الْجَهْرِ سَكْتَتَيْنِ عَقِيبَ التَّكْبِيرِ لِلِاسْتِفْتَاحِ وَقَبْلَ الرُّكُوعِ لِأَجْلِ الْفَصْلِ ولم يَسْتَحِبَّ أَنْ يَسْكُتَ سَكْتَةً تَسَعُ قِرَاءَةَ الْمَأْمُومِ وَلَكِنَّ بَعْضَ الْأَصْحَابِ اسْتَحَبَّ ذلك انْتَهَى. وقال في الْمَطْلَعِ سَكَتَاتُ الْإِمَامِ ثَلَاثٌ في الرَّكْعَةِ الْأُولَى قبل الْفَاتِحَةِ وَبَعْدَهَا وَقَبْلَ الرُّكُوعِ وَاثْنَتَانِ في سَائِرِ الرَّكَعَاتِ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ وَقَبْلَ الرُّكُوعِ انْتَهَى وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَكَثِيرٍ من الْأَصْحَابِ. إذَا عَلِمْت ذلك فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَسْكُتَ الْإِمَامُ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ بِقَدْرِ قِرَاءَةِ الْمَأْمُومِ جَزَمَ بِهِ في الْكَافِي وابن تَمِيمٍ وَالْفَائِقِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَعَنْهُ يَسْكُتُ قبل الْفَاتِحَةِ وَعَنْهُ لَا يَسْكُتُ لِقِرَاءَةِ الْمَأْمُومِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمَجْدِ وَمَنْ تَابَعَهُ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ تعالى كما تَقَدَّمَ. قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ وَيَقِفُ قبل الْحَمْدِ سَاكِتًا وَبَعْدَهَا وَعَنْهُ بَلْ قَبْلَهَا وَعَنْهُ بَلْ بَعْدَهَا وَعَنْهُ بَلْ بَعْدَ السُّورَةِ قَدْرَ قِرَاءَةِ الْمَأْمُومِ الْحَمْدَ.
فائدة: لَا تُكْرَهُ الْقِرَاءَةُ في سَكْتَةِ الْإِمَامِ لِتَنَفُّسِهِ نَقَلَه ابن هَانِئٍ عن أَحْمَدَ وَاخْتَارَهُ بَعْضُ الْأَصْحَابِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ. وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ لَا يَقْرَأُ في حَالِ تَنَفُّسِهِ إجْمَاعًا قال في الْفُرُوعِ كَذَا قال تَنْبِيهَانِ. أَحَدُهُمَا قَوْلُهُ وما لَا يَجْهَرُ فيه. يَعْنِي أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلْمَأْمُومِ أَنْ يَقْرَأَ في سَكَتَاتِ الْإِمَامِ وَفِيمَا لَا يَجْهَرُ فيه. فَيَقْرَأُ فِيمَا يَجْهَرُ فيه في سَكَتَاتِ الْإِمَامِ الْفَاتِحَةَ أو غَيْرَهَا على ما تَقَدَّمَ وَيَقْرَأُ بها أَيْضًا فَقَطْ في غَيْرِ الْأُولَيَيْنِ وَيَقْرَأُ بِالْفَاتِحَةِ وَغَيْرِهَا في الْأُولَيَيْنِ فِيمَا لَا يَجْهَرُ فيه نَصَّ عليه. الثَّانِي ظَاهِرُ قَوْلِهِ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَقْرَأَ في سَكَتَاتِ الْإِمَامِ أَنَّهُ لَا يُسْتَحَبُّ لِلْمَأْمُومِ الْقِرَاءَةُ حَالَ جَهْرِ الْإِمَامِ وهو صَحِيحٌ بَلْ يُكْرَهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ وَالْحَاوِي وَغَيْرِهِمْ وَعَنْهُ يُسْتَحَبُّ بِالْحَمْدِ اخْتَارَهُ الْمَجْدُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ ابن هُبَيْرَةَ وَقَالَهُ أَحْمَدُ في رِوَايَةِ إبْرَاهِيمَ بن أبي طَالِبٍ وَقِيلَ يَحْرُمُ قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ لَا يَقْرَأُ وقال أَيْضًا لَا يُعْجِبُنِي وَقَدَّمَه ابن تَمِيمٍ. وقيل يَحْرُمُ وَتَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِهِ أَيْضًا اخْتَارَه ابن حَامِدٍ وَأَوْمَأَ إلَيْهِ أَحْمَدُ. قَوْلُهُ أو لَا يَسْمَعُهُ لِبُعْدِهِ. يَعْنِي أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَقْرَأَ إذَا لم يَسْمَعْ الْإِمَامَ لِبُعْدِهِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ قال الزَّرْكَشِيُّ اخْتَارَهُ الْأَصْحَابُ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ. وَقِيلَ لَا يَقْرَأُ وَحَكَاهُ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ رِوَايَةً وَأَطْلَقَهُمَا في مُخْتَصَرِ ابن تَمِيمٍ وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ. فَعَلَى الْمَذْهَبِ لو سمع هَمْهَمَةَ الْإِمَامِ ولم يَفْهَمْ ما يقول لم يَقْرَأْ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَقَلَهَا الْجَمَاعَةُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ وَعَنْهُ يَقْرَأُ نَقَلَهَا عبد اللَّهِ وَاخْتَارَهَا الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ قال في الْفُرُوعِ وَهِيَ أَظْهَرُ. قُلْت وهو الصَّوَابُ وَأَطْلَقَهُمَا الزَّرْكَشِيُّ. قَوْلُهُ فَإِنْ لم يَسْمَعْهُ لِطَرَشٍ فَعَلَى وَجْهَيْنِ. وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَكَذَا في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى في بَابِ صَلَاةِ. الْجَمَاعَةِ وَشَرْحِ الْمَجْدِ وابن مُنَجَّا وَالنَّظْمِ وابن تَمِيمٍ وَالْفُرُوعِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ. أَحَدُهُمَا يُسْتَحَبُّ أَنْ يَقْرَأَ إذَا كان قَرِيبًا بِحَيْثُ لَا يَشْغَلُ من إلَى جَنْبِهِ وهو الْمَذْهَبُ اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى في صِفَةِ الصَّلَاةِ قَرَأَ في الْأَقْيَسِ وَجَزَمَ بِهِ في الْإِفَادَاتِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَقْرَأُ بَلْ يُكْرَهُ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ قال في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ هذا أَوْلَى.
تَنْبِيهٌ: مَنْشَأُ الْخِلَافِ كَوْنُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ سُئِلَ عن الْأَطْرَشِ أَيَقْرَأُ قال لَا أَدْرِي فقال الْأَصْحَابُ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ فَبَعْضُ الْأَصْحَابِ حَكَى الْخِلَافَ في الْكَرَاهَةِ وَالِاسْتِحْبَابِ مُطْلَقًا منهم أبو الْخَطَّابِ وَمَنْ تَابَعَهُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا وَبَعْضُهُمْ خَصَّ الْخِلَافَ بِمَا إذَا خَلَّطَ على غَيْرِهِ منهم ابن حَمْدَانَ في رِعَايَتِهِ وَالْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي. قال في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ الْوَجْهَانِ إذَا كان قَرِيبًا لَا يَمْنَعُهُ إلَّا الطَّرَشُ وَكَذَا أَضَافَهُ الشَّيْخُ يَعْنِي بِهِ الْمُصَنِّفَ في الْمُقْنِعِ وَإِضَافَةُ الْحُكْمِ إلَى سَبَبٍ تَقْتَضِي اسْتِقْلَالَهُ لَكِنْ لَا يُفْهَمُ من لَفْظِ الشَّيْخِ الْحُكْمُ على الْوَجْهِ الثَّانِي ما هو لِتَوَسُّطِ الْإِبَاحَةِ بَيْنَهُمَا. فَإِنْ اجْتَمَعَ مع الطَّرَشِ الْبُعْدُ قَرَأَ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى على ما تَقَدَّمَ فَأَمَّا إنْ قُلْنَا لَا يَقْرَأُ الْبَعِيدُ الذي لَا يَسْمَعُ لم يَقْرَأْ صَاحِبُ الطَّرَشِ هُنَا قَوْلًا وَاحِدًا وكذا قال الْمَجْدُ في شَرْحِهِ. قَوْلُهُ وَهَلْ يَسْتَفْتِحُ وَيَسْتَعِيذُ فِيمَا يَجْهَرُ فيه الْإِمَامُ على رِوَايَتَيْنِ. وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ. اعْلَمْ أَنَّ لِلْأَصْحَابِ في مَحَلِّ الْخِلَافِ طُرُقًا. أَحَدُهَا أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ في حَالِ سُكُوتِ الْإِمَامِ فَأَمَّا في حَالِ قِرَاءَتِهِ فَلَا يَسْتَفْتِحُ وَلَا يَسْتَعِيذُ رِوَايَةً وَاحِدَةً وَهِيَ طَرِيقَةُ الْمُصَنِّفِ في الْمُغْنِي وَالشَّارِحِ. وَصَاحِبِ الْفَائِقِ وابن حَمْدَانَ في رِعَايَتِهِ الْكُبْرَى في بَابِ صِفَةِ الصَّلَاةِ. قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ من الْأَصْحَابِ من قال ذلك. الطَّرِيقُ الثَّانِي أَنَّ مَحَلَّ الرِّوَايَتَيْنِ يَخْتَصُّ حَالَةَ جَهْرِ الْإِمَامِ وَسَمَاعِ الْمَأْمُومِ له دُونَ حَالَةِ سَكَتَاتِهِ وَهِيَ طَرِيقَةُ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وَالْخِلَافِ وَالطَّرِيقَةِ نَقَلَهُ عنه الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَصَاحِبُ مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ. قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ الْمَعْرُوفُ عِنْدَ أَصْحَابِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ أَنَّ النِّزَاعَ في حَالَةِ الْجَهْرِ لِأَنَّهُ بِالِاسْتِمَاعِ يَحْصُلُ مَقْصُودُ الْقِرَاءَةِ بِخِلَافِ الِاسْتِفْتَاحِ وَالتَّعَوُّذِ وَقَطَعَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ. الطَّرِيقُ الثَّالِثُ أَنَّ الْخِلَافَ جَارٍ في حَالِ جَهْرِ الْإِمَامِ وَسُكُوتِهِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا وَأَبِي الْخَطَّابِ وابن الْجَوْزِيِّ وَغَيْرِهِمْ وهو كَالصَّرِيحِ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ لِكَوْنِهِمْ حَكَوْا الرِّوَايَتَيْنِ مُطْلَقَتَيْنِ ثُمَّ حَكَوْا رِوَايَةً بِالتَّفْرِقَةِ. قُلْت وَهَذِهِ الطَّرِيقَةُ هِيَ الصَّحِيحَةُ فإن النَّاقِلَ مُقَدَّمٌ على غَيْرِهِ وَالتَّفْرِيعُ عليها فَإِحْدَى الرِّوَايَاتِ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ له أَنْ يَسْتَفْتِحَ وَيَسْتَعِيذَ مُطْلَقًا جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ في صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ وَالْحَاوِيَيْنِ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يُكْرَهُ أَنْ يَسْتَفْتِحَ وَيَسْتَعِيذَ مُطْلَقًا صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ. وَعَنْهُ رِوَايَةٌ ثَالِثَةٌ إنْ سَمَّعَ الْإِمَامَ كرها [كره] وَإِلَّا فَلَا جَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَصَحَّحَه ابن مُنَجَّا في شَرْحِهِ قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى في بَابِ صِفَةِ الصَّلَاةِ وَلَا يَسْتَفْتِحُ وَلَا يَتَعَوَّذُ مع جَهْرِ إمَامِهِ على الْأَصَحِّ قال في النُّكَتِ هذا هو الْمَشْهُورُ. وَعَنْهُ رِوَايَةٌ رَابِعَةٌ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَسْتَفْتِحَ وَيُكْرَهُ أَنْ يَتَعَوَّذَ اخْتَارَهُ الْقَاضِي في الْجَامِعِ قال في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وهو الْأَقْوَى وَأَطْلَقَهُنَّ في الْفُرُوعِ.
فائدة: قال ابن الْجَوْزِيِّ قِرَاءَةُ الْمَأْمُومِ وَقْتَ مخافته إمَامِهِ أَفْضَلُ من اسْتِفْتَاحِهِ وَغَلَّطَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وقال قَوْلُ أَحْمَدَ وَأَكْثَرِ الْأَصْحَابِ الِاسْتِفْتَاحُ أَوْلَى لِأَنَّ اسْتِمَاعَهُ بَدَلٌ عن قِرَاءَتِهِ وقال الْآجُرِّيُّ أَخْتَارُ أَنْ يَبْدَأَ بِالْحَمْدِ أَوَّلُهَا بِسْمِ اللَّهِ الرحمن الرَّحِيمِ وَتَرَكَ الِاسْتِفْتَاحَ لِأَنَّهَا فَرِيضَةٌ وَكَذَا قال الْقَاضِي في الْخِلَافِ فِيمَنْ أَدْرَكَهُ في رُكُوعِ صَلَاةِ الْعِيدِ لو أَدْرَكَ الْقِيَامَ رَتَّبَ الْأَذْكَارَ فَلَوْ لم يَتَمَكَّنْ من جَمِيعِهَا بَدَأَ بِالْقِرَاءَةِ لِأَنَّهَا فَرْضٌ انْتَهَى. قَوْلُهُ وَمَنْ رَكَعَ أو سَجَدَ قبل إمَامِهِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَرْفَعَ لِيَأْتِيَ بِهِ بَعْدَهُ. اعْلَمْ أَنَّ رُكُوعَ الْمَأْمُومِ أو سُجُودَهُ أو غَيْرَهُمَا قبل إمَامِهِ عَمْدًا مُحَرَّمٌ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقِيلَ مَكْرُوهٌ وَاخْتَارَه ابن عَقِيلٍ. فَعَلَى الْمَذْهَبِ لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ بِمُجَرَّدِ ذلك على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ قال في الْفُصُولِ ذَكَرَ أَصْحَابُنَا فيها رِوَايَتَيْنِ وَالصَّحِيحُ لَا تَبْطُلُ قال في الْفُرُوعِ وَالْأَشْهَرُ لَا تَبْطُلُ إنْ عَادَ إلَى مُتَابَعَتِهِ حتى أَدْرَكَهُ فيه وَعَنْهُ تَبْطُلُ إذَا فَعَلَهُ عَمْدًا ذَكَرَهَا الْإِمَامُ أَحْمَدُ في رِسَالَتِهِ وَقَدَّمَهُ الشَّارِحُ فقال وَتَبْطُلُ صَلَاتُهُ في ظَاهِرِ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ فإنه قال ليس لِمَنْ سَبَقَ الْإِمَامَ صَلَاةٌ لو كان له صَلَاةٌ لَرُجِيَ له الثَّوَابُ ولم يُخْشَ عليه الْعِقَابُ قال في الْحَوَاشِي اخْتَارَهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا. وَأَمَّا إذَا فَعَلَ ذلك [ذاك] سَهْوًا أو جَهْلًا فَإِنَّهَا لَا تَبْطُلُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَلَوْ قُلْنَا تَبْطُلُ بِالْعَمْدِيَّةِ وَقِيلَ تَبْطُلُ ذَكَرَه ابن حَامِدٍ وَغَيْرُهُ. قَوْلُهُ فَإِنْ لم يَفْعَلْ عَمْدًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ عِنْدَ أَصْحَابِنَا إلَّا الْقَاضِيَ. يَعْنِي إذَا رَكَعَ أو سَجَدَ قبل إمَامِهِ عَمْدًا أو سَهْوًا ثُمَّ ذَكَرَ فإن عليه أَنْ. يَرْفَعَ لِيَأْتِيَ بِهِ بَعْدَ إمَامِهِ فَإِنْ لم يَفْعَلْ عَمْدًا حتى أَدْرَكَهُ الْإِمَامُ فيه قال الْأَصْحَابُ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ قال في الْفُرُوعِ اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ وَقَدَّمَهُ هو وَغَيْرُهُ وهو من الْمُفْرَدَاتِ. وقال الْقَاضِي لَا تَبْطُلُ وَاخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ وَصَحَّحَه ابن الْجَوْزِيِّ في الْمُذْهَبِ وَذَكَرَ في التَّلْخِيصِ أَنَّهُ الْمَشْهُورُ وَعَلَّلَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ بِأَنَّ الْعَادَةَ أَنَّ الْمَأْمُومَ يَسْبِقُ الْإِمَامَ بِالْقَدْرِ الْيَسِيرِ يَعْنِي يُعْفَى عنه كَفِعْلِهِ سَهْوًا أو جَهْلًا وَقِيلَ تَبْطُلُ بِالرُّكُوعِ فَقَطْ وقال الْمَجْدُ إذَا تَعَمَّدَ سَبْقَهُ إلَى الرُّكْنِ عَالِمًا بِالنَّهْيِ وَقُلْنَا لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ لم يُعِدْ وَمَتَى عَادَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ على كِلَا الْوَجْهَيْنِ قال لِأَنَّهُ قد زَادَ رُكُوعًا أو سُجُودًا عَمْدًا وَذَلِكَ يُبْطِلُ عِنْدَنَا قَوْلًا وَاحِدًا انْتَهَى وَهِيَ من الْمُفْرَدَاتِ أَيْضًا وَجَزَمَ بِه ابن تَمِيمٍ على قَوْلِ الْقَاضِي قال في الرِّعَايَةِ وَفِيهِ بُعْدٌ.
تَنْبِيهٌ: مَفْهُومُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ إذَا لم يُعِدْ سَهْوًا أَنَّ صَلَاتَهُ لَا تَبْطُلُ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَكَذَا الْجَاهِلُ وَيُعْتَدُّ بِهِ وَقِيلَ تَبْطُلُ مِنْهُمَا أَيْضًا. قَوْلُهُ وَإِنْ رَكَعَ وَرَفَعَ قبل إمَامِهِ عَالِمًا عَمْدًا فَهَلْ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ على وَجْهَيْنِ. وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وابن تَمِيمٍ وَالشَّرْحِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَشَرْحِ ابن مُنَجَّا. أَحَدُهُمَا تَبْطُلُ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْمُنَوِّرِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ. الْوَجْهُ الثَّانِي لَا تَبْطُلُ وَذَكَرَ في التَّلْخِيصِ أَنَّهُ أَشْهَرُ فَعَلَيْهِ يُعْتَدُّ بِتِلْكَ الرَّكْعَةِ صَرَّحَ بِه ابن تَمِيمٍ وهو ظَاهِرُ ما قَطَعَ بِهِ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَبَنَيَا هُمَا. وَغَيْرُهُمَا الْخِلَافَ في أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ على قَوْلِنَا بِالصِّحَّةِ فِيمَا إذَا اجْتَمَعَ معه في الرُّكُوعِ في الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ.
فائدة: حَكَى الْآمِدِيُّ وَالسَّامِرِيُّ في الْمُسْتَوْعِبِ وابن الْجَوْزِيِّ في الْمُذْهَبِ وَصَاحِبُ الْفُرُوعِ وَغَيْرُهُمْ الْخِلَافَ رِوَايَتَيْنِ وَحَكَاهُ في الْهِدَايَةِ وَالْخُلَاصَةِ وابن تَمِيمٍ وَغَيْرُهُمْ وَجْهَيْنِ. قَوْلُهُ وَإِنْ كان جَاهِلًا أو نَاسِيًا لم تَبْطُلْ صَلَاتُهُ بِلَا نِزَاعٍ وَهَلْ تَبْطُلُ تِلْكَ الرَّكْعَةُ على رِوَايَتَيْنِ. وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْفُرُوعِ. إحْدَاهُمَا تَبْطُلُ وهو الْمَذْهَبُ قال في الْمُذْهَبِ لَا يُعْتَدُّ له بِتِلْكَ الرَّكْعَةِ في أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ قال في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَيُعِيدُ الرَّكْعَةَ على الْأَصَحِّ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ والفائق [الفائق]. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا تَبْطُلُ قَدَّمَه ابن تَمِيمٍ قال في الْفَائِقِ وَخَرَجَ منها صِحَّةُ صَلَاتِهِ عَمْدًا انْتَهَى. وَمَحَلُّ الْخِلَافِ في هذه الْمَسْأَلَةِ إذَا لم يَأْتِ بها مع إمَامِهِ فَأَمَّا إنْ أتى بِذَلِكَ مع إمَامِهِ صَحَّتْ رَكْعَتُهُ جَزَمَ بِه ابن تَمِيمٍ قال ابن حَمْدَانَ يُعِيدُهَا إنْ فَاتَتْهُ مع الْإِمَامِ. قَوْلُهُ وَإِنْ رَكَعَ أو رَفَعَ قبل رُكُوعِهِ ثُمَّ سَجَدَ قبل رَفْعِهِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ إلَّا الْجَاهِلَ وَالنَّاسِيَ تَصِحُّ صَلَاتُهُمَا وَتَبْطُلُ تِلْكَ الرَّكْعَةُ. لِعَدَمِ اقْتِدَائِهِ بِإِمَامِهِ فيها قال في الْفُرُوعِ وَتَبْطُلُ الرَّكْعَةُ ما لم يَأْتِ بِذَلِكَ مع إمَامِهِ.
فَوَائِدُ: الْأُولَى مِثَالُ ما إذَا سَبَقَهُ بِرُكْنٍ وَاحِدٍ كَامِلٍ أَنْ يَرْكَعَ وَيَرْفَعَ قبل رُكُوعِ إمَامِهِ وَمِثَالُ ما إذَا سَبَقَهُ بِرُكْنَيْنِ أَنْ يَرْكَعَ وَيَرْفَعَ قبل رُكُوعِهِ ثُمَّ يَسْجُدَ قبل رَفْعِهِ كما قَالَهُ الْمُصَنِّفُ فِيهِمَا. الثَّانِيَةُ الرُّكُوعُ كَرُكْنٍ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَقِيلَ كَرُكْنَيْنِ وقال في الرِّعَايَةِ وَالسَّجْدَةُ وَحْدَهَا كَالرُّكُوعِ فِيمَا قُلْنَا وَقِيلَ بَلْ السَّجْدَتَانِ. الثَّالِثَةُ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ هُنَا حُكْمَ سَبْقِ الْمَأْمُومِ لِلْإِمَامِ في الْأَفْعَالِ فَأَمَّا سَبْقُهُ له في الْأَقْوَالِ فَلَا يَضُرُّ سِوَى بِتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ وَبِالسَّلَامِ. فَأَمَّا تَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ فإنه يُشْتَرَطُ أَنْ يَأْتِيَ بها بَعْدَ إمَامِهِ فَلَوْ أتى بها معه لم يُعْتَدَّ بها على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ مُطْلَقًا وَعَنْهُ يُعْتَدُّ بها إنْ كان سَهْوًا. وَأَمَّا السَّلَامُ فَإِنْ سَلَّمَ قبل إمَامِهِ عَمْدًا بَطَلَتْ وَإِنْ كان سَهْوًا لم تَبْطُلْ وَلَا يُعْتَدُّ بِسَلَامِهِ وَتَقَدَّمَ ذلك في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ في أَوَّلِ سُجُودِ السَّهْوِ. قال في الرِّعَايَةِ وَلَا يُعْتَدُّ بِسَلَامِهِ وَجْهًا وَاحِدًا وقال في الْمُسْتَوْعِبِ إذَا سَبَقَ الْمَأْمُومُ إمَامَهُ في جَمِيعِ الْأَقْوَالِ لم يَضُرَّهُ إلَّا تَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ فإنه يُشْتَرَطُ أَنْ يَأْتِيَ بها بَعْدَهُ وَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ يَتَأَخَّرَ عنه بِمَا عَدَاهَا. الرَّابِعَةُ الْأَوْلَى أَنْ يَشْرَعَ الْمَأْمُومُ في أَفْعَالِ الصَّلَاةِ بَعْدَ شُرُوعِ الْإِمَامِ قاله ابن تَمِيمٍ وَغَيْرُهُ وقال الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي وَالشَّارِحُ وابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وابن الْجَوْزِيِّ في الْمُذْهَبِ وَغَيْرُهُمْ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَشْرَعَ الْمَأْمُومُ في أَفْعَالِ الصَّلَاةِ بَعْدَ فَرَاغِ الْإِمَامِ مِمَّا كان فيه انْتَهَى. فَإِنْ وَافَقَهُ في غَيْرِ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ كُرِهَ ولم تَبْطُلْ صَلَاتُهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وقال في الْمُبْهِجِ تَبْطُلُ وَقِيلَ تَبْطُلُ بِالرُّكُوعِ. فَقَطْ وَقِيلَ تَبْطُلُ بِسَلَامِهِ مع إمَامِهِ وَاخْتَارَهُ في الرِّعَايَةِ إنْ سَلَّمَ عَمْدًا وَتَقَدَّمَ سَبْقُهُ في الْأَفْعَالِ وَالْأَقْوَالِ. الْخَامِسَةُ قال ابن رَجَبٍ في شَرْحِ الْبُخَارِيِّ الْأَوْلَى أَنْ يُسَلِّمَ الْمَأْمُومُ عَقِيبَ فَرَاغِ الْإِمَامِ من التَّسْلِيمَتَيْنِ فَإِنْ سَلَّمَ بَعْدَ الْأُولَى جَازَ عِنْدَ من يقول إنَّ الثَّانِيَةَ غَيْرُ وَاجِبَةٍ ولم يَجُزْ عِنْدَ من يَرَى أَنَّ الثَّانِيَةَ وَاجِبَةٌ لَا يَخْرُجُ من الصَّلَاةِ بِدُونِهَا انْتَهَى. وَظَاهِرُهُ مُشْكِلٌ وَلَعَلَّهُ أَرَادَ أَنَّ الْأَوْلَى سَلَامُ الْمَأْمُومِ عَقِيبَ فَرَاغِ الْإِمَامِ من كل تَسْلِيمَةٍ وَأَنَّهُ إنْ سَلَّمَ الْمَأْمُومُ الثَّانِيَةَ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ الْأُولَى وَقَبْلَ الثَّانِيَةِ تَرَتَّبَ الْحُكْمُ الذي ذَكَرَهُ. السَّادِسَةُ في تَخَلُّفِ الْمَأْمُومِ عن الْإِمَامِ عَكْسُ ما تَقَدَّمَ قال في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَإِنْ تَخَلَّفَ عنه بِرُكْنٍ بِلَا عُذْرٍ فَكَالسَّبْقِ بِهِ على ما تَقَدَّمَ وَلِعُذْرٍ يَفْعَلُهُ وَيَلْحَقُهُ وفي اعْتِدَادِهِ بِتِلْكَ الرَّكْعَةِ الرِّوَايَتَانِ الْمُتَقَدِّمَتَانِ في الْجَاهِلِ وَالنَّاسِي في قَوْلِهِ وَهَلْ تَبْطُلُ تِلْكَ الرَّكْعَةُ على رِوَايَتَيْنِ. وَإِنْ تَخَلَّفَ عن إمَامِهِ بِرُكْنَيْنِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ إنْ كان لِغَيْرِ عُذْرٍ وَإِنْ كان لِعُذْرٍ كَنَوْمٍ وَسَهْوٍ وَزِحَامٍ إنْ أَمِنَ فَوْتَ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ أتى بِمَا تَرَكَهُ وَتَبِعَهُ وَصَحَّتْ رَكْعَتُهُ وَإِنْ لم يَأْمَنْ فَوْتَ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ تَبِعَ إمَامَهُ وَلَغَتْ رَكْعَتُهُ وَاَلَّتِي تَلِيهَا عِوَضٌ لِتَكْمِيلِ رَكْعَةٍ مع إمَامِهِ على صِفَةِ ما صَلَّاهَا وَهَذَا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَعَنْهُ يَحْتَسِبُ بِالْأُولَى. قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ في مَزْحُومٍ أَدْرَكَ الرُّكُوعَ ولم يَسْجُدْ مع إمَامِهِ حتى فَرَغَ قال يَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ لِلرَّكْعَةِ الْأُولَى وَيَقْضِي رَكْعَةً وَسَجْدَتَيْنِ لِصِحَّةِ الْأُولَى ابْتِدَاءً فَعَلَى الثَّانِي كَرُكُوعَيْنِ وَعَنْهُ يَتْبَعُهُ مُطْلَقًا وُجُوبًا وَتَلْغُو أُولَاهُ وَعَنْهُ عَكْسُهُ فَيُكْمِلُ الْأُولَى وُجُوبًا وَيَقْضِي الثَّانِيَةَ بَعْدَ السَّلَامِ كَمَسْبُوقٍ وَعَنْهُ يَشْتَغِلُ بِمَا فَاتَهُ إلَّا أَنْ يَسْتَوِيَ الْإِمَامُ قَائِمًا في الثَّانِيَةِ فَتَلْغُو الْأُولَى قال ابن تَمِيمٍ إذَا. تَخَلَّفَ عن الْإِمَامِ بِرُكْنَيْنِ فَصَاعِدًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَإِنْ كان بِرُكْنٍ وَاحِدٍ فَثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ الثَّالِثُ إنْ كان رُكُوعًا بَطَلَ وَإِلَّا فَلَا. وَعَلَى الْمَذْهَبِ الْأَوَّلِ لو زَالَ عُذْرُ من أَدْرَكَ رُكُوعَ الْأُولَى وقد رَفَعَ إمَامُهُ من رُكُوعِ الثَّانِيَةِ تَابَعَهُ في السُّجُودِ فَتَتِمُّ له رَكْعَةٌ مُلَفَّقَةٌ من رَكْعَتَيْ إمامة يُدْرِكُ بها الْجُمُعَةَ. قُلْت فَيُعَايَى بها. وَقِيلَ لَا يُعْتَدُّ له بهذا السُّجُودِ فَيَأْتِي بِسَجْدَتَيْنِ آخِرَتَيْنِ وَالْإِمَامُ في تَشَهُّدِهِ وَإِلَّا عِنْدَ سَلَامِهِ ثُمَّ في إدْرَاكِ الْجُمُعَةِ الْخِلَافُ. وَإِنْ ظَنَّ تَحْرِيمَ مُتَابَعَةِ إمَامِهِ فَسَجَدَ جَهْلًا اُعْتُدَّ له بِهِ كَسُجُودِ من يَظُنُّ إدْرَاكَ الْمُتَابَعَةِ فَفَاتَتْ وَقِيلَ لَا يُعْتَدُّ بِهِ لِأَنَّ فَرْضَهُ الرُّكُوعُ وَلَا تَبْطُلُ لِجَهْلِهِ. فَعَلَى الْأُولَى إنْ أَدْرَكَهُ في التَّشَهُّدِ فَفِي إدْرَاكِهِ الْجُمُعَةَ الْخِلَافُ وَإِنْ أَدْرَكَهُ في رُكُوعِ الثَّانِيَةِ تَبِعَهُ فيه وَتَمَّتْ جُمُعَتُهُ وَإِنْ أَدْرَكَهُ بَعْدَ رَفْعِهِ منه تَبِعَهُ وقضي كَمَسْبُوقٍ يَأْتِي بركعة [ركعة] فَتَتِمُّ له جُمُعَةٌ أو بِثَلَاثٍ تَتِمُّ بها رُبَاعِيَّةٌ أو يَسْتَأْنِفُهَا على الرِّوَايَاتِ الْمُتَقَدِّمَةِ. وَعَلَى الثَّانِي أَنَّهُ لَا يُعْتَدُّ بِسُجُودِهِ إنْ أتى بِهِ ثُمَّ أَدْرَكَهُ في الرُّكُوعِ تَبِعَهُ وَصَارَتْ الثَّانِيَةُ أُولَاهُ وَأَدْرَكَ بها جُمُعَةً وَإِنْ أَدْرَكَهُ بَعْدَ رَفْعِهِ تَبِعَهُ في السُّجُودِ فَيَحْصُلُ الْقَضَاءُ وَالْمُتَابَعَةُ مَعًا وتتم [وتم] له رَكْعَةٌ يُدْرِكُ بها الْجُمُعَةَ وَقِيلَ لَا يُعْتَدُّ بِهِ لِأَنَّهُ مُعْتَدٌّ بِهِ لِلْإِمَامِ من رَكْعَةٍ فَلَوْ اُعْتُدَّ بِهِ لِلْمَأْمُومِ من غَيْرِهَا اخْتَلَّ مَعْنَى الْمُتَابَعَةِ فَيَأْتِي بِسُجُودٍ آخَرَ وَإِمَامُهُ في التَّشَهُّدِ وَإِلَّا بَعْدَ سَلَامِهِ. وَمَنْ تَرَكَ مُتَابَعَةَ إمَامِهِ مع عِلْمِهِ بِالتَّحْرِيمِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَإِنْ تَخَلَّفَ بِرَكْعَةٍ فَأَكْثَرَ لِعُذْرٍ تَابَعَهُ وَقَضَى كَمَسْبُوقٍ وَكَمَا في صَلَاةِ الْخَوْفِ وَعَنْهُ تَبْطُلُ.
تَنْبِيهٌ: مُرَادُهُ بِقَوْلِهِ وَيُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ تَخْفِيفُ الصَّلَاةِ مع إتْمَامِهَا إذَا لم يُؤْثِرْ الْمَأْمُومُ التَّطْوِيلَ فَإِنْ آثَرَ الْمَأْمُومُ التَّطْوِيلَ اُسْتُحِبَّ. قال في الرِّعَايَةِ إلَّا أَنْ يُؤْثِرَ الْمَأْمُومُ وَعَدَدُهُمْ مَحْصُورٌ. قَوْلُهُ وَتَطْوِيلُ الرَّكْعَةِ الْأُولَى أَكْثَرَ من الثَّانِيَةِ. هذا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ في الْجُمْلَةِ لَكِنْ قال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ هل يُعْتَبَرُ التَّفَاوُتُ بِالْآيَاتِ أَمْ بِالْكَلِمَاتِ وَالْحُرُوفِ يَتَوَجَّهُ كَعَاجِزٍ عن الْفَاتِحَةِ على ما تَقَدَّمَ في بَابِ صِفَةِ الصَّلَاةِ قال وَلَعَلَّ الْمُرَادَ لَا أَثَرَ لِتَفَاوُتٍ يَسِيرٍ وَلَوْ في تَطْوِيلِ الثَّانِيَةِ على الْأُولَى لِأَنَّ الْغَاشِيَةَ أَطْوَلُ من سَبِّحْ وَسُورَةُ الناس أَطْوَلُ من الْفَلَقِ وَصَلَّى النبي عليه أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ بِذَلِكَ وَإِلَّا كُرِهَ.
فَائِدَتَانِ: إحْدَاهُمَا لو طَوَّلَ قِرَاءَةَ الثَّانِيَةِ على الْأُولَى فقال أَحْمَدُ يُجْزِئُهُ وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَفْعَلَ. الثَّانِيَةُ يُكْرَهُ لِلْإِمَامِ سُرْعَةٌ تَمْنَعُ الْمَأْمُومَ من فِعْلِ ما يُسَنُّ فِعْلُهُ. وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ يَلْزَمُهُ مُرَاعَاةُ الْمَأْمُومِ إنْ تَضَرَّرَ بِالصَّلَاةِ أَوَّلَ الْوَقْتِ أو آخِرَهُ وَنَحْوُهُ وقال ليس له أَنْ يَزِيدَ على الْقَدْرِ الْمَشْرُوعِ وقال يَنْبَغِي له أَنْ يَفْعَلَ غَالِبًا ما كان عليه أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ يَفْعَلُهُ غَالِبًا وَيَزِيدُ وَيُنْقِصُ لِلْمَصْلَحَةِ كما كان عليه أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ يَزِيدُ وَيُنْقِصُ أَحْيَانًا. قَوْلُهُ وَلَا يُسْتَحَبُّ انْتِظَارُ دَاخِلٍ وهو في الرُّكُوعِ في إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ. وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُذْهَبِ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَالْفَائِقِ. إحْدَاهُمَا يُسْتَحَبُّ انْتِظَارُهُ بِشَرْطِهِ وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْكَافِي وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَالْمُنْتَخَبِ وَالْإِفَادَاتِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وابن تَمِيمٍ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالشَّرْحِ. وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَنَصَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَالشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ وأبو الْخَطَّابِ في رؤوس مَسَائِلِهِمَا وَالرِّعَايَةِ. الثَّانِيَةُ لَا يُسْتَحَبُّ انْتِظَارُهُ فَيُبَاحُ قال في الْفُرُوعِ اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ منهم الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وابن عَقِيلٍ قال في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَالشَّيْخُ يَعْنِي بِهِ الْمُصَنِّفَ وَعَنْهُ رِوَايَةٌ ثَالِثَةٌ يُكْرَهُ وَتَحْتَمِلُهُ الرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لِلْمُصَنِّفِ هُنَا وقال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ بِبُطْلَانِهَا تَخْرِيجٌ من تَشْرِيكِهِ في نِيَّةِ خُرُوجِهِ من الصَّلَاةِ وَتَخْرِيجٌ من الْكَرَاهَةِ هُنَا في تِلْكَ. فَعَلَى الْمَذْهَبِ إنَّمَا يُسْتَحَبُّ الِانْتِظَارُ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَشُقَّ على الْمَأْمُومِينَ ذَكَرَهُ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ وَنَصَّ عليه وقال جَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ يُسْتَحَبُّ ما لم يَشُقَّ أو يَكْثُرْ الْجَمْعُ منهم الْمَجْدُ وَالْمُصَنِّفُ في الْكَافِي وَغَيْرُهُ وَالشَّارِحُ وقال جَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ ما لم يَشُقَّ أو يَكْثُرْ الْجَمْعُ أو يَطُولْ وَجَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ.
تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ وَلَا يُسْتَحَبُّ انْتِظَارُ دَاخِلٍ نَكِرَةٌ في سِيَاقِ النَّفْيِ فَيَعُمُّ أَيَّ دَاخِلٍ كان وهو الْمَذْهَبُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وابن تَمِيمٍ وَالرِّعَايَةُ الْكُبْرَى. وَقِيلَ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ ذَا حُرْمَةٍ قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ إنَّمَا يَنْتَظِرُ من كان من أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْفَضْلِ وَنَحْوِهِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ من كَلَامِ الْقَاضِي فإنه مَعْطُوفٌ عليه. قُلْت وَهَذَا الْقَوْلُ ضَعِيفٌ على إطْلَاقِهِ. وقال ابن عَقِيلٍ لَا بَأْسَ بِانْتِظَارِ من كان من أَهْلِ الدِّيَانَاتِ وَالْهَيْئَاتِ في غَيْرِ مَسَاجِدِ الْأَسْوَاقِ وَقِيلَ يَنْتَظِرُ من عَادَتُهُ يُصَلِّي جَمَاعَةً. قُلْت وهو قَوِيٌّ. وقال الْقَاضِي في مَوْضِعٍ من كَلَامِهِ يُكْرَهُ تَطْوِيلُ الْقِرَاءَةِ وَالرُّكُوعِ انْتِظَارًا. لِأَحَدٍ في مَسَاجِدِ الْأَسْوَاقِ وفي غَيْرِهَا لَا بَأْسَ بِذَلِكَ لِمَنْ جَرَتْ عَادَتُهُ بِالصَّلَاةِ معه من أَهْلِ الْفَضْلِ وَلَا يُسْتَحَبُّ.
فائدة: حُكْمُ الِانْتِظَارِ في غَيْرِ الرُّكُوعِ حُكْمُهُ في الرُّكُوعِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَصَرَّحَ جَمَاعَةٌ أَنَّ حَالَ الْقِيَامِ كَالرُّكُوعِ في هذا منهم الْمُصَنِّفُ في الْكَافِي وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَقَطَعَ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَصَاحِبُ الْحَاوِي الْكَبِيرِ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ بِأَنَّ التَّشَهُّدَ كَالرُّكُوعِ على الْخِلَافِ لِئَلَّا تَفُوتَهُ صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ بِالْكُلِّيَّةِ زَادَ في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَالِاسْتِحْبَابُ هُنَا أَظْهَرُ لِئَلَّا تَفُوتَ الدَّاخِلَ الْجَمَاعَةُ بِالْكُلِّيَّةِ ثُمَّ قال قُلْت ولآنه مَظِنَّةُ عَدِمِ الْمَشَقَّةِ لِجُلُوسِهِمْ وَإِنْ كان عَدَمُهَا شَرْطًا في الِانْتِظَارِ حَيْثُمَا جَازَ لآن الَّذِينَ معه أَعْظَمُ حُرْمَةً وَأَسْبَقُ حَقًّا انْتَهَى. وقال في التَّلْخِيصِ وَمَتَى أَحَسَّ بِدَاخِلٍ اُسْتُحِبَّ انْتِظَارُهُ على أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ وقال ابن تَمِيمٍ وَإِنْ أَحَسَّ بِهِ في التَّشَهُّدِ فَوَجْهَانِ وقال الْقَاضِي لَا يَنْتَظِرُهُ في السُّجُودِ وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَيُسَنُّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَنْتَظِرَ في قِيَامِهِ وَرُكُوعِهِ وَقِيلَ وَتَشَهُّدِهِ وَقِيلَ وَغَيْرُهُ مِمَّنْ دخل مُطْلَقًا لِيُصَلِّيَ. قَوْلُهُ وإذا اسْتَأْذَنَتْ الْمَرْأَةُ إلَى الْمَسْجِدِ كُرِهَ مَنْعُهَا وَبَيْتُهَا خَيْرٌ لها. الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ كَرَاهَةُ مَنْعِهَا من الْخُرُوجِ إلَى الْمَسْجِدِ لَيْلًا أو نَهَارًا جَزَمَ بِهِ في الشَّرْحِ وَالْفَائِقِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وقال في الْمُغْنِي ظَاهِرُ الْخَبَرِ مَنْعُ الرَّجُلِ من مَنْعِهَا فَظَاهِرُ كَلَامِهِ تَحْرِيمُ الْمَنْعِ. قال الْمَجْدُ في شَرْحِهِ مَتَى خَشِيَ فِتْنَةً أو ضَرَرًا مَنَعَهَا قال في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ. وَمَتَى خَشِيَ فِتْنَةً أو ضَرَرًا جَازَ مَنْعُهَا أو وَجَبَ قال ابن الْجَوْزِيِّ فَإِنْ خِيفَ فِتْنَةٌ نُهِيَتْ عن الْخُرُوجِ قال الْقَاضِي مِمَّا يُنْكَرُ خُرُوجُهَا على وَجْهٍ يَخَافُ منه الْفِتْنَةَ وقال ابن تَمِيمٍ وابن حَمْدَانَ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ يُكْرَهُ مَنْعُهَا إذَا لم يَخَفْ فِتْنَةً وَلَا ضَرَرًا وقال في النَّصِيحَةِ يُمْنَعْنَ من الْعِيدِ أَشَدَّ الْمَنْعِ مع زِينَةٍ وَطِيبٍ وَمُفْتِنَاتٍ وقال مَنْعُهُنَّ في هذا الْوَقْتِ من الْخُرُوجِ انفع لَهُنَّ وَلِلرِّجَالِ من جِهَاتٍ. وَمَتَى قُلْنَا لَا تُمْنَعُ فَبَيْتُهَا خَيْرٌ لها وَتَقَدَّمَ أَوَّلَ الْبَابِ هل يُسَنُّ لَهُنَّ حُضُورُ الْجَمَاعَةِ أَمْ لَا.
فَائِدَتَانِ: إحْدَاهُمَا ذَكَرَ جَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ كَرَاهَةَ تَطَيُّبِهَا إذَا أَرَادَتْ حُضُورَ الْمَسْجِدِ وَغَيْرِهِ وقال في الْفُرُوعِ وَتَحْرِيمُهُ أَظْهَرُ لِمَا تَقَدَّمَ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ. الثَّانِيَةُ السَّيِّدُ مع أَمَتِهِ كَالزَّوْجِ مع زَوْجَتِهِ في الْمَنْعِ وَغَيْرِهِ فَأَمَّا غَيْرُهُمَا فقال في الْفُرُوعِ فَإِنْ قُلْنَا بِمَا جَزَمَ بِه ابن عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ إنَّ من بَلَغَ رَشِيدًا له أَنْ يَنْفَرِدَ بِنَفْسِهِ ذَكَرًا كان أو أُنْثَى فَوَاضِحٌ لَكِنْ إنْ وُجِدَ ما يَمْنَعُ الْخُرُوجَ شَرْعًا فَظَاهِرٌ أَيْضًا. وَعَلَى الْمَذْهَبِ ليس لِلْأُنْثَى أَنْ تَنْفَرِدَ وَلِلْأَبِ مَنْعُهَا منه لِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ دُخُولُ من يُفْسِدُهَا وَيُلْحِقُ الْعَارَ بها وَبِأَهْلِهَا فَهَذَا ظَاهِرٌ في أَنَّ له مَنْعَهَا من الْخُرُوجِ وَقَوْلُ أَحْمَدَ الزَّوْجُ أَمْلَكُ من الْأَبِ يَدُلُّ على أَنَّ الْأَبَ ليس كَغَيْرِهِ في هذا فَإِنْ لم يَكُنْ أَبٌ قام أَوْلِيَاؤُهَا مَقَامَهُ أَطْلَقَهُ الْمُصَنِّفُ قال في الْفُرُوعِ وَالْمُرَادُ الْمَحَارِمُ اسْتِصْحَابًا لِلْحَضَانَةِ. وَعَلَى هذا في الرِّجَالِ ذَوِي الْأَرْحَامِ كَالْخَالِ أو الْحَاكِمِ الْخِلَافُ في الْحَضَانَةِ. وقال أَيْضًا في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ إنْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا مَانِعَ وَلَا ضَرَرَ حَرُمَ الْمَنْعُ على ولى أو على غَيْرِ أَبٍ انْتَهَى. قَوْلُهُ السُّنَّةُ أَنْ يَؤُمَّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ أَيْ لِكِتَابِ اللَّهِ ثُمَّ أفقههم [أفقهم]. هذا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وهو من الْمُفْرَدَاتِ وَعَنْهُ يُقَدَّمُ الْأَفْقَهُ على الْأَقْرَأِ إنْ قَرَأَ ما يُجْزِئُ في الصَّلَاةِ اخْتَارَه ابن عَقِيلٍ وَحَكَى ابن الزَّاغُونِيِّ عن بَعْضِ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ رَأَى تَقْدِيمَ الْفَقِيهِ على الْقَارِئِ.
فَائِدَتَانِ: إحْدَاهُمَا يُقَدَّمُ الْأَقْرَأُ الْفَقِيهُ على الْأَفْقَهِ الْقَارِئِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في النَّظْمِ وَقِيلَ عَكْسُهُ. فَعَلَى الْمَذْهَبِ في أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ يُقَدَّمُ الْأَجْوَدُ قِرَاءَةً على الْأَكْثَرِ قُرْآنًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ وَالْفَائِقِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالْمَجْدُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمْ. وَقِيلَ يُقَدَّمُ أَكْثَرُهُمْ قُرْآنًا اخْتَارَهُ صَاحِبُ رَوْضَةِ الْفِقْهِ. الثَّانِيَةُ من شَرْطِ تَقْدِيمِ الْأَقْرَأِ حَيْثُ قُلْنَا بِهِ أَنْ يَكُونَ عَالِمًا فِقْهَ صَلَاتِهِ فَقَطْ حَافِظًا لِلْفَاتِحَةِ وَقِيلَ يُشْتَرَطُ مع ذلك أَنْ يَعْلَمَ أَحْكَامَ سُجُودِ السَّهْوِ.
تَنْبِيهٌ: ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ لو كان الْقَارِئُ جَاهِلًا بِمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ في الصَّلَاةِ ولكن [لكن] يَأْتِي بها في الْعَادَةِ صَحِيحَةً أَنَّهُ يُقَدَّمُ على الْفَقِيهِ قال الزَّرْكَشِيُّ هو ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَالْخِرَقِيِّ وَالْأَكْثَرِينَ وهو أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي أَنَّ الْأَفْقَهَ الْحَافِظَ من الْقُرْآنِ ما يُجْزِئُهُ في الصَّلَاةِ يُقَدَّمُ على ذلك وهو الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْوَجِيزِ وَجَزَمَ بِهِ في. الْمُحَرَّرِ وَاخْتَارَه ابن عَقِيلٍ وَحَسَّنَهُ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ قال في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وهو أَوْلَى وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَأَطْلَقَهُمَا ابن تَمِيمٍ.
فائدة: قَوْلُهُ ثُمَّ أَفْقَهُهُمْ يَعْنِي إذَا اسْتَوَيَا في الْقِرَاءَةِ قُدِّمَ الْأَفْقَهُ وَكَذَا لو اسْتَوَيَا في الْفِقْهِ قُدِّمَ أقرأهما [أقرؤهما] وَلَوْ اسْتَوَيَا في جَوْدَةِ الْقِرَاءَةِ قُدِّمَ أَكْثَرُهُمَا قُرْآنًا وَلَوْ اسْتَوَيَا في الْكَثْرَةِ قُدِّمَ أَجْوَدُهُمَا وَلَوْ كان أَحَدُ الْفَقِيهَيْنِ أَفْقَهَ أو أَعْلَمَ بِأَحْكَامِ الصَّلَاةِ قُدِّمَ وَيُقَدَّمُ قَارِئٌ لَا يَعْرِفُ أَحْكَامَ الصَّلَاةِ على فَقِيهٍ أُمِّيٍّ. قَوْلُهُ ثُمَّ أَسَنُّهُمْ. يَعْنِي إذَا اسْتَوَوْا في الْقِرَاءَةِ وَالْفِقْهِ قُدِّمَ أَسَنُّهُمْ وَهَذَا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ والأيضاح وَالْمُبْهِجِ وَالْخِرَقِيِّ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنْتَخَبِ وَالْمَذْهَبِ الْأَحْمَدِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَاخْتَارَه ابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَصَحَّحَه ابن الْجَوْزِيِّ في الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ المذهب [الذهب] وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ. وَظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ تَقْدِيمُ الْأَقْدَمِ هِجْرَةً على الْأَسَنِّ جَزَمَ بِهِ في الْإِفَادَاتِ وَالنَّظْمِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَالْمُنَوِّرِ وَقَدَّمَهُ في الْكَافِي وَالْمُحَرَّرِ والفائق [الفائق] وَصَحَّحَهُ الشَّارِحُ قال الزَّرْكَشِيُّ اخْتَارَهُ الشَّيْخَانِ وَجَزَمَ بِهِ في النِّهَايَةِ وَنَظْمِهَا وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ بِتَقْدِيمِ الْأَقْدَمِ إسْلَامًا على الْأَسَنِّ وقال ابن حَامِدٍ يُقَدَّمُ الْأَشْرَفُ ثُمَّ الْأَقْدَمُ هِجْرَةً ثُمَّ الْأَسَنُّ عَكْسُ ما قال الْمُصَنِّفُ هُنَا وَأَطْلَقَهُنَّ ابن تَمِيمٍ. قَوْلُهُ ثُمَّ أَقْدَمُهُمْ هِجْرَةً ثُمَّ أَشْرَفُهُمْ. هذا أَحَدُ الْوُجُوهِ حَكَاهُ في التَّلْخِيصِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُبْهِجِ وَالْإِيضَاحِ وَالنَّظْمِ وَالْإِفَادَاتِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَالْمُنَوِّرِ وَالْمُنْتَخَبِ وَقَدَّمَهُ في الْفَائِقِ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي يُقَدَّمُ الْأَشْرَفُ على الْأَقْدَمِ هِجْرَةً وهو الْمَذْهَبُ وَجَزَمَ بِهِ الْخِرَقِيُّ وَالْهِدَايَةُ وَالْمُذْهَبُ وَالْخُلَاصَةُ وَالْوَجِيزُ وَالْمَذْهَبُ الْأَحْمَدُ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ كما تَقَدَّمَ. وَقِيلَ يُقَدَّمُ الْأَتْقَى على الْأَشْرَفِ ولم يُقَدِّمْ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ بِالنَّسَبِ ذَكَرَهُ عن أَحْمَدَ وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْإِيضَاحِ.
فائدة: قِيلَ الْأَقْدَمُ هِجْرَةً من هَاجَرَ بِنَفْسِهِ جَزَمَ بِهِ في الْكَافِي وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابن رَزِينٍ وَقِيلَ السَّبْقُ بِآبَائِهِ قال الْآمِدِيُّ الْهِجْرَةُ مُنْقَطِعَةٌ في وَقْتِنَا وَإِنَّمَا يُقَدَّمُ بها من كان لِآبَائِهِ سَبْقٌ وَقِيلَ السَّبْقُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا قَطَعَ بِهِ في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَالزَّرْكَشِيُّ وَقَدَّمَه ابن تَمِيمٍ وَالرِّعَايَةُ الْكُبْرَى وَالْحَاوِي الْكَبِيرُ وَالْحَوَاشِي وَأَطْلَقَهُنَّ في الْفُرُوعِ. وَأَمَّا الْأَشْرَفُ فقال في الْفُرُوعِ وَالْمُرَادُ بِهِ الْقُرَشِيُّ وَقَالَهُ الْمَجْدُ وهو ظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ وَقَدَّمَهُ الزَّرْكَشِيُّ قال في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَمَعْنَى الشَّرَفِ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ منه عليه أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ فَيُقَدَّمُ الْعَرَبُ على غَيْرِهِمْ ثُمَّ قُرَيْشٌ ثُمَّ بَنُو هَاشِمٍ وَكَذَلِكَ أَبَدًا وقال ابن تَمِيمٍ وَمَعْنَى الشَّرَفِ عُلُوُّ النَّسَبِ وَالْقَدْرِ قَالَهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا وَاقْتَصَرَ عليه. قُلْت وَقَطَعَ بِهِ الْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالشَّرْحُ وَالْفَائِقُ وَغَيْرُهُمْ.
فائدة: السَّبْقُ بِالْإِسْلَامِ كَالْهِجْرَةِ وَقَالَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ. قَوْلُهُ ثُمَّ أَتْقَاهُمْ. يَعْنِي بَعْدَ الْأَسَنِّ وَالْأَشْرَفِ وَالْأَقْدَمِ هِجْرَةً الْأَتْقَى وَهَذَا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْوَجِيزِ وَالْإِفَادَاتِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْمَذْهَبِ الْأَحْمَدِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَغَيْرِهِمْ وَقِيلَ يُقَدَّمُ الْأَتْقَى على الْأَشْرَفِ كما تَقَدَّمَ وهو. احْتِمَالٌ لِلْمُصَنِّفِ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ كما تَقَدَّمَ وهو الصَّوَابُ. وَقِيلَ يُقَدَّمُ الْأَعْمَرُ لِلْمَسْجِدِ على الْأَتْقَى وَالْأَوْرَعِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُبْهِجِ وَالْإِيضَاحِ وَالْفُصُولِ وزاد أو يَفْضُلُ على الْجَمَاعَةِ الْمُنْعَقِدَةِ قَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ وَقِيلَ بَلْ الْأَعْمَرُ لِلْمَسْجِدِ الرَّاعِي له وَالْمُتَعَاهِدُ لِأُمُورِهِ.
فائدة: ذَكَرَ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَحَوَاشِي الْفُرُوعِ وَالزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُمْ أَنَّ الْأَتْقَى وَالْأَوْرَعَ سَوَاءٌ وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى ثُمَّ الْأَتْقَى ثُمَّ الْأَوْرَعُ ثُمَّ من قَرَعَ وَعَنْهُ يُقْسَمُ بَيْنَهُمَا. قَوْلُهُ ثُمَّ من تَقَعُ له الْقُرْعَةُ. يَعْنِي بَعْدَ الْأَتْقَى وهو إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمَذْهَبِ الْأَحْمَدِ وَالْكَافِي وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالْوَجِيزِ وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَالْإِفَادَاتِ وَالْمُنْتَخَبِ وَاخْتَارَه ابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ وَعَنْهُ يُقَدَّمُ من اخْتَارَهُ الْجَمَاعَةُ على الْقُرْعَةِ قَدَّمَه ابن تَمِيمٍ وَالْفَائِقُ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُبْهِجِ وَالْإِيضَاحِ وَالنَّظْمِ. قال في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ فَإِنْ اسْتَوَوْا في التَّقْوَى أَقُرِعَ بَيْنَهُمْ نَصَّ عليه فَإِنْ كان أَحَدُهُمَا يَقُومُ بِعِمَارَةِ الْمَسْجِدِ وَتَعَاهُدِهِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ وَكَذَلِكَ إنْ رضي الْجِيرَانُ أَحَدَهُمَا دُونَ الْآخَرِ. قال الزَّرْكَشِيُّ فَإِنْ اسْتَوَوْا في التَّقْوَى وَالْوَرَعِ قُدِّمَ أَعْمَرُهُمْ لِلْمَسْجِدِ وما رضي بِهِ الْجِيرَانُ أو أَكْثَرُهُمْ فَإِنْ اسْتَوَوْا في الْقُرْعَةِ قال في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ ثُمَّ بَعْدَ الْأَتْقَى من يَخْتَارُهُ الْجِيرَانُ أو أَكْثَرُهُمْ لِمَعْنًى مَقْصُودٍ شَرْعًا كَكَوْنِهِ أَعْمَرَ لِلْمَسْجِدِ أو أَنْفَعَ لِجِيرَانِهِ وَنَحْوِهِ مِمَّا يَعُودُ بِصَلَاحِ الْمَسْجِدِ وَأَهْلِهِ ثُمَّ الْقُرْعَةُ انْتَهَى وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ. فَعَلَى الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ لو اخْتَلَفُوا في اخْتِيَارِهِمْ عَمِلَ بِاخْتِيَارِ الْأَكْثَرِ فَإِنْ اسْتَوَوْا فَقِيلَ يُقْرَعُ. قُلْت وهو أَوْلَى. وَقِيلَ يَخْتَارُ السُّلْطَانُ الْأَوْلَى وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ. فَعَلَى الْقَوْلِ بِاخْتِيَارِ السُّلْطَانِ لَا يَتَجَاوَزُ الْمُخْتَلَفَ فِيهِمَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَقِيلَ لِلسُّلْطَانِ أَنْ يَخْتَارَ غَيْرَهُمَا ذَكَرَهُ في الرِّعَايَةِ وَهُمَا احْتِمَالَانِ مُطْلَقَانِ في الْفُرُوعِ.
تَنْبِيهٌ: قَوْلِي في الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ من اخْتَارَهُ الْجَمَاعَةُ هَكَذَا قال في الْفُرُوعِ وَمُخْتَصَرِ ابن تَمِيمٍ وَغَيْرِهِمَا وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى من رَضِيَهُ وَأَرَادَهُ الْمُصَلُّونَ وَقِيلَ الْجَمَاعَةُ وَقِيلَ الْجِيرَانُ وَقِيلَ أَكْثَرُهُمْ.
تَنْبِيهٌ: ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ أَنَّ الْقُرْعَةَ بَعْدَ الْأَتْقَى وَالْأَوْرَعِ أو من تَخْتَارُهُ الْجَمَاعَةُ على الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى وهو صَحِيحٌ وَقِيلَ يُقَدَّمُ بِحُسْنِ خُلُقِهِ جَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ في مَوْضِعٍ وَكَذَلِكَ ابن تَمِيمٍ وَقِيلَ يُقَدَّمُ أَيْضًا بِحُسْنِ الْخِلْقَةِ وَأَطْلَقَهُمَا ابن تَمِيمٍ.
فائدة: تَحْرِيرُ الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ في الْأَوْلَى بِالتَّقْدِيمِ في الْإِمَامَةِ فَالْأَوْلَى الْأَقْرَأُ جَوْدَةً الْعَارِفُ فِقْهَ صَلَاتِهِ ثُمَّ الْقَارِئُ كَذَلِكَ ثُمَّ الْأَفْقَهُ ثُمَّ الْأَسَنُّ ثُمَّ الْأَشْرَفُ ثُمَّ الْأَقْدَمُ هِجْرَةً وَالْأَسْبَقُ بِالْإِسْلَامِ ثُمَّ الْأَتْقَى وَالْأَوْرَعُ ثُمَّ من يَخْتَارُهُ الْجِيرَانُ ثُمَّ الْقُرْعَةُ. وَاعْلَمْ أَنَّ الْخِلَافَ إنَّمَا هو في الْأَوْلَوِيَّةِ لَا في اشْتِرَاطِ ذلك وَوُجُوبِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ وَقَطَعُوا بِهِ وَنَصَّ عليه وَلَكِنْ يُكْرَهُ تَقْدِيمُ غَيْرِ الْأَوْلَى وَيَأْتِي بإتم من هذا قَرِيبًا. قَوْلُهُ وَصَاحِبُ الْبَيْتِ وَإِمَامُ الْمَسْجِدِ أَحَقُّ بِالْإِمَامَةِ. يَعْنِي أَنَّهُمَا أَحَقُّ بِالْإِمَامَةِ من غَيْرِهِمَا مِمَّنْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ إذَا كان مِمَّنْ تَصِحُّ إمَامَتُهُ قَالَهُ في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَالزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُمَا قال في الرِّعَايَةِ قُلْت إنْ صَلَحَا لِلْإِمَامَةِ بِهِمْ مُطْلَقًا وَإِنْ كان أَفْضَلَ مِنْهُمَا وهذا [فهذا] الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وقال ابن عَقِيلٍ هُمَا أَحَقُّ من غَيْرِهِمَا مع التَّسَاوِي وَوَجَّهَ في الْفُرُوعِ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُمَا أَنْ يُقَدِّمَا أَفْضَلَ مِنْهُمَا.
فائدة: لَهُمَا تَقْدِيمُ غَيْرِهِمَا وَلَا يُكْرَهُ نَصَّ عليه وَعَنْهُ يُكْرَهُ تَقْدِيمُ أَبَوَيْهِمَا مُطْلَقًا فَغَيْرُهُمَا أَوْلَى أَنْ يُكْرَهَ وَكَذَا الْخِلَافُ في إذْنِ من اسْتَحَقَّ التَّقْدِيمَ غَيْرَهُمَا وَيَأْتِي قَرِيبًا بِأَعَمَّ من هذا.
فائدة: الْمُعِيرُ وَالْمُسْتَأْجِرُ أَحَقُّ بِالْإِمَامَةِ من الْمُسْتَعِيرِ وَالْمُؤَجِّرِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقِيلَ عَكْسُهُ وَقَدَّمَ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ أَنَّ الْمُسْتَعِيرَ أَوْلَى من الْمَالِكِ قال الزَّرْكَشِيُّ قُلْت وَيُخَرَّجُ أَنَّ الْمُسْتَعِيرَ أَوْلَى إنْ قُلْنَا الْعَارِيَّةُ هِبَةُ مَنْفَعَةٍ وَأَطْلَقَهُمَا ابن تَمِيمٍ في الْمُؤَجِّرِ وَالْمُسْتَأْجِرِ. قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ بَعْضُهُمْ ذَا سُلْطَانٍ. يَعْنِي فَيَكُونَ أَحَقَّ بِالْإِمَامَةِ من صَاحِبِ الْبَيْتِ وَمِنْ إمَامِ الْمَسْجِدِ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ نَصَّ عليه وَقِيلَ هُمَا أَحَقُّ منه وَاخْتَارَه ابن حَامِدٍ في صَاحِبِ الْبَيْتِ وَأَطْلَقَهُمَا في التَّلْخِيصِ في صَاحِبِ الْبَيْتِ وَالسُّلْطَانِ.
فائدة: لو كان الْبَيْتُ لِعَبْدٍ فَسَيِّدُهُ أَحَقُّ منه بِالْإِمَامَةِ قَالَهُ في الْكَافِي وَغَيْرِهِ وهو وَاضِحٌ لآن السَّيِّدَ صَاحِبُ الْبَيْتِ وَلَوْ كان الْبَيْتُ لِلْمُكَاتَبِ كان أَوْلَى قَالَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَقِيلَ يُقَدَّمَانِ في بَيْتِهِمَا على غَيْرِ سَيِّدِهِمَا. قَوْلُهُ وَالْحُرُّ أَوْلَى من الْعَبْدِ وَمِنْ الْمُكَاتَبِ وَمَنْ بَعْضُهُ حُرٌّ. وهو الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْمُحَرَّرِ. وَالْفَائِقِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَعَنْهُ لَا يُقَدَّمُ عليه إلَّا إذَا تَسَاوَيَا وَقِيلَ إذَا لم يَكُنْ أَحَدُهُمَا إمَامًا رَاتِبًا ذَكَرَهُ في الرِّعَايَةِ.
فَائِدَتَانِ: إحْدَاهُمَا الْعَبْدُ الْمُكَلَّفُ أَوْلَى من الصَّبِيِّ إذَا قُلْنَا تَصِحُّ إمَامَتُهُ بِالْبَالِغِينَ قَالَهُ في الرِّعَايَةِ. الثَّانِيَةُ أَفَادَنَا الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّ إمَامَةَ الْعَبْدِ صَحِيحَةٌ من حَيْثُ الْجُمْلَةُ وهو صَحِيحٌ لَا أَعْلَمُ فيه خِلَافًا في الْمَذْهَبِ إلَّا ما يَأْتِي في إمَامَتِهِ في صَلَاةِ الْجُمُعَةِ بَلْ وَلَا يُكْرَهُ بِالْأَحْرَارِ نَصَّ عليه. قَوْلُهُ وَالْحَاضِرُ أَوْلَى من الْمُسَافِرِ. هذا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَالْفَائِقِ وَشَرْحِ ابن مُنَجَّا وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ وَغَيْرِهِمْ وقال الْقَاضِي إنْ كان فِيهِمْ إمَامٌ فَهُوَ أَحَقُّ بِالْإِمَامَةِ قال الْقَاضِي وَإِنْ كان مُسَافِرًا وَجَزَمَ بِه ابن تَمِيمٍ.
فَوَائِدُ: الْأُولَى لو أَتَمَّ الْإِمَامُ الْمُسَافِرُ الصَّلَاةَ صَحَّتْ صَلَاةُ الْمَأْمُومِ الْمُقِيمِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ عَامَّةُ الْأَصْحَابِ وَنَصَّ عليه في رِوَايَةِ الْمَيْمُونِيِّ وابن مَنْصُورٍ وَعِنْدَ أبي بَكْرٍ إنْ أَتَمَّ الْمُسَافِرُ فَفِي صِحَّةِ صَلَاةِ الْمَأْمُومِ رِوَايَتَا مُتَنَفِّلٌ بِمُفْتَرِضٍ وَذَكَرَهُمَا الْقَاضِي. وقال ابن عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ ليس بِجَيِّدٍ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ فَلَيْسَ بِمُتَنَفِّلٍ. قال في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ أَنْكَرَ عَامَّةُ الْأَصْحَابِ قَوْلَ أبي بَكْرٍ في صِحَّةِ صَلَاتِهِ خَلْفَهُ رِوَايَتَيْنِ لِأَنَّهُ في الْأَخِيرَتَيْنِ مُتَنَفِّلٌ لِسُقُوطِهِمَا بِالتَّرْكِ لَا إلَى بَدَلٍ وَمَنَعَهُ. الْأَصْحَابُ لِأَنَّ الْقَصْرَ عِنْدَنَا رُخْصَةٌ فإذا لم يَخْتَرْهُ تَعَيَّنَ الْفَرْضُ الْأَصْلِيُّ وهو الْأَرْبَعُ وَنَقَلَ صَالِحٌ التَّوَقُّفَ فيها وقال دَعْهَا انْتَهَى. وقال أبو الْخَطَّابِ في الِانْتِصَارِ يَجُوزُ في رِوَايَةٍ لِصِحَّةِ بِنَاءِ مُقِيمٍ على نِيَّةِ مُسَافِرٍ وهو الْإِمَامُ. الثَّانِيَةُ إذَا أَتَمَّ الْمُسَافِرُ كُرِهَ تَقْدِيمُهُ لِلْخُرُوجِ من الْخِلَافِ وَإِنْ قَصَرَ لم يُكْرَهْ الِاقْتِدَاءُ بِهِ قال في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ إجْمَاعًا. الثَّالِثَةُ لو كان الْمُقِيمُ إمَامًا لِمُسَافِرٍ وَنَوَى الْمُسَافِرُ الْقَصْرَ صَحَّتْ صَلَاتُهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وقال ابن عَقِيلٍ في الْفُصُولِ إنْ نَوَى الْمُسَافِرُ الْقَصْرَ احْتَمَلَ أَنْ لَا يُجْزِئَهُ وهو أَصَحُّ لِوُقُوعِ الْأُخْرَيَيْنِ منه بِلَا نِيَّةٍ وَلِأَنَّ الْمَأْمُومَ إذَا لَزِمَهُ حُكْمُ الْمُتَابَعَةِ لَزِمَهُ نِيَّةُ الْمُتَابَعَةِ كَنِيَّةِ الْجُمُعَةِ مِمَّنْ لَا تَلْزَمُهُ خَلْفَ من يُصَلِّيهَا وَاحْتُمِلَ أَنْ يُجْزِئَهُ لِأَنَّ الْإِتْمَامَ لَزِمَهُ حُكْمًا. الرَّابِعَةُ الْحَضَرِيُّ أَوْلَى من الْبَدْوِيِّ وَالْمُتَوَضِّئُ أَوْلَى من الْمُتَيَمِّمِ. قَوْلُهُ وَالْبَصِيرُ أَوْلَى من الْأَعْمَى في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ. وَهُمَا رِوَايَتَانِ فَالْخِلَافُ عَائِدٌ إلَيْهِمَا فَقَطْ وَأَطْلَقَهُمَا في التَّلْخِيصِ وَالْفَائِقِ. أَحَدُهُمَا الْبَصِيرُ أَوْلَى وهو الْمَذْهَبُ قال الْمُصَنِّفُ وهو أَوْلَى قال في الْمُذْهَبِ هذا أَصَحُّ الْوَجْهَيْنِ قال في الْبُلْغَةِ وَالْبَصِيرُ أَوْلَى منه على الْأَصَحِّ قال في الْهِدَايَةِ وَالْبَصِيرُ أَوْلَى من الْأَعْمَى عِنْدِي وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْإِفَادَاتِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَالنِّهَايَةِ وَنَظْمِهَا وَاخْتَارَهُ الشِّيرَازِيُّ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالْخُلَاصَةِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ. الْوَجْهُ الثَّانِي هُمَا سَوَاءٌ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَقَدَّمَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَقِيلَ الْأَعْمَى أَوْلَى من الْبَصِيرِ وهو رِوَايَةٌ عن أَحْمَدَ في الرِّعَايَةِ وَغَيْرِهَا.
فائدة: لو كان الْأَعْمَى أَصَمَّ صَحَّتْ إمَامَتُهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْكَافِي وَالْمُغْنِي وَصَحَّحَهُ فِيهِمَا وَقَدَّمَهُ في الشَّرْحِ وَشَرْحِ ابن رَزِينٍ. وقال بَعْضُ الْأَصْحَابِ لَا يَصِحُّ وَجَزَمَ بِهِ في الْإِيضَاحِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وابن تَمِيمٍ وَالنَّظْمِ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ.
|