الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام أحمد بن حنبل ***
قَوْلُهُ وَهِيَ اسْتِحْقَاقُ الْإِنْسَانِ انْتِزَاعَ حِصَّةِ شَرِيكِهِ من يَدِ مُشْتَرِيهَا. وَكَذَا قال في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِمْ وَالْخُلَاصَةِ وزاد قَهْرًا. قال الزَّرْكَشِيُّ وهو غَيْرُ جَامِعٍ لِخُرُوجِ الصُّلْحِ بِمَعْنَى الْبَيْعِ وَالْهِبَةِ بِشَرْطِ الثَّوَابِ وَنَحْوِ ذلك منه. قُلْت وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ عن ذلك بِأَنَّ الْهِبَةَ بِشَرْطِ الثَّوَابِ بَيْعٌ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ على ما يَأْتِي فَالْمَوْهُوبُ له مُشْتَرٍ وَكَذَلِكَ الصُّلْحُ يسمى فيه بَائِعًا وَمُشْتَرِيًا لِأَنَّ الْأَصْحَابَ قالوا فِيهِمَا هو بَيْعٌ فَهُوَ إذَنْ جَامِعٌ. وقال في الْمُغْنِي هِيَ اسْتِحْقَاقُ الشَّرِيكِ انْتِزَاعَ حِصَّةِ شَرِيكِهِ الْمُنْتَقِلَةِ عنه من يَدِ من انْتَقَلَتْ إلَيْهِ. قال الزَّرْكَشِيُّ وهو غَيْرُ مَانِعٍ لِدُخُولِ ما انْتَقَلَ بِغَيْرِ عِوَضٍ كَالْأَرْشِ وَالْوَصِيَّةِ وَالْهِبَةِ بِغَيْرِ ثَوَابٍ أو بِغَيْرِ عِوَضٍ مَالِيٍّ على الْمَشْهُورِ كَالْخُلْعِ وَنَحْوِهِ. قال فَالْأَجْوَدُ إذَنْ أَنْ يُقَالَ من يَدِ من انْتَقَلَتْ إلَيْهِ بِعِوَضٍ مَالِيٍّ أو مُطْلَقًا انْتَهَى.
فائدتان: إحْدَاهُمَا قال الْحَارِثِيُّ وَلَا خَفَاءَ بِالْقُيُودِ في حَدِّ الْمُصَنِّفِ. فَقَيْدُ الشَّرِكَةِ مُخْرِجٌ لِلْجِوَارِ وَالْخُلْطَةِ بِالطَّرِيقِ. وَقَيْدُ الشِّرَاءِ مُخْرِجٌ لِلْمَوْهُوبِ والموصي بِهِ وَالْمَوْرُوثِ وَالْمَمْهُورِ وَالْعِوَضِ في الْخَلْعِ وَالصُّلْحِ عن دَمِ الْعَمْدِ وفي بَعْضِهِ خِلَافٌ. قال وَأَوْرَدَ على قَيْدِ الشَّرِكَةِ أَنْ لو كان من تَمَامِ الْمَاهِيَّةِ لَمَا حَسُنَ أَنْ يُقَالَ هل تَثْبُتُ الشُّفْعَةُ لِلْجَارِ أَمْ لَا انْتَهَى. الثَّانِيَةُ قَوْلُهُ وَلَا يَحِلُّ الِاحْتِيَالُ لِإِسْقَاطِهَا بِلَا نِزَاعٍ في الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه. وَلَا تَسْقُطُ بِالتَّحَيُّلِ أَيْضًا نَصَّ عليه. وقد ذَكَرَ الْأَصْحَابُ لِلْحِيلَةِ في إسْقَاطِهَا صُوَرًا. الْأُولَى أَنْ تَكُونَ قِيمَةُ الشِّقْصِ مِائَةً وَلِلْمُشْتَرِي عَرْضٌ قِيمَتُهُ مِائَةٌ فَيَبِيعُهُ الْعَرْضَ بِمِائَتَيْنِ ثُمَّ يَشْتَرِي الشِّقْصَ منه بِمِائَتَيْنِ وَيَتَقَاصَّانِ أو يَتَوَاطَآنِ على أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ عَشْرَةَ دَنَانِيرَ عن الْمِائَتَيْنِ وَهِيَ أَقَلُّ من الْمِائَتَيْنِ فَلَا يُقْدِمُ الشَّفِيعُ عليه لِنُقْصَانِ قِيمَتِهِ عن الْمِائَتَيْنِ. الثَّانِيَةُ إظْهَارُ كَوْنِ الثَّمَنِ مِائَةً وَيَكُونُ الْمَدْفُوعُ عِشْرِينَ فَقَطْ. الثَّالِثَةُ أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ وَيُبَرِّئُهُ من ثَمَانِينَ. الرَّابِعَةُ أَنْ يَهَبَهُ الشِّقْصَ وَيَهَبَهُ الْمَوْهُوبُ له الثَّمَنَ. الْخَامِسَةُ أَنْ يَبِيعَهُ الشِّقْصَ بِصُبْرَةِ دَرَاهِمَ مَعْلُومَةٍ بِالْمُشَاهَدَةِ مَجْهُولَةِ الْمِقْدَارِ أو بِجَوْهَرَةٍ وَنَحْوِهَا. فَالشَّفِيعُ على شُفْعَتِهِ في جَمِيعِ ذلك فَيَدْفَعُ في الْأُولَى قِيمَةَ الْعَرْضِ مِائَةً أو مِثْلَ الْعَشَرَةِ دَنَانِيرَ وفي الثَّانِيَةِ عِشْرِينَ وفي الثَّالِثَةِ كَذَلِكَ لِأَنَّ الْإِبْرَاءَ حِيلَةٌ قَالَهُ في الْفَائِقِ وَقَالَهُ الْقَاضِي وابن عَقِيلٍ. قال في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ يَأْخُذُ الْجُزْءَ الْمَبِيعَ من الشِّقْصِ بِقِسْطِهِ من الثَّمَنِ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَأْخُذَ الشِّقْصَ كُلَّهُ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ وَجَزَمَ بهذا الِاحْتِمَالِ في الْمُسْتَوْعِبِ. قال الْحَارِثِيُّ وهو الصَّحِيحُ. وفي الرَّابِعَةِ يَرْجِعُ في الثَّمَنِ الْمَوْهُوبِ له. وفي الْخَامِسَةِ يَدْفَعُ مِثْلَ الثَّمَنِ الْمَجْهُولِ أو قِيمَتَهُ إنْ كان بَاقِيًا وَلَوْ تَعَذَّرَ بِتَلَفٍ أو مَوْتٍ دَفَعَ إلَيْهِ قِيمَةَ الشِّقْصِ ذَكَرَ ذلك الْأَصْحَابُ نَقَلَهُ في التَّلْخِيصِ. وَأَمَّا إذَا تَعَذَّرَ مَعْرِفَةُ الثَّمَنِ من غَيْرِ حِيلَةٍ بِأَنْ قال الْمُشْتَرِي لَا أَعْلَمُ قَدْرَ الثَّمَنِ كان الْقَوْلُ قَوْلَهُ مع يَمِينِهِ وَأَنَّهُ لم يَفْعَلْهُ حِيلَةً وَتَسْقُطُ الشُّفْعَةُ. وقال في الْفَائِقِ قُلْت وَمِنْ صُوَرِ التَّحَيُّلِ أَنْ يَقِفَهُ الْمُشْتَرِي أو يَهَبَهُ حِيلَةً لِإِسْقَاطِهَا فَلَا تَسْقُطُ بِذَلِكَ عِنْدَ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ وَيَغْلَطُ من يَحْكُمُ بهذا مِمَّنْ يَنْتَحِلُ مَذْهَبَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَلِلشَّفِيعِ الْأَخْذُ بِدُونِ حُكْمٍ انْتَهَى. قال في الْقَاعِدَةِ الرَّابِعَةِ وَالْخَمْسِينَ هذا الْأَظْهَرُ. قَوْلُهُ وَلَا شُفْعَةَ فِيمَا عِوَضُهُ غَيْرُ الْمَالِ كَالصَّدَاقِ وَعِوَضِ الْخَلْعِ وَالصُّلْحِ عن دَمِ الْعَمْدِ في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ. وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَظَاهِرُ الشَّرْحِ الْإِطْلَاقُ. أَحَدُهُمَا لَا شُفْعَةَ في ذلك وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ. قال في الْكَافِي لَا شُفْعَةَ فيه في ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ. قال الزَّرْكَشِيُّ هذا أَشْهَرُ الْوَجْهَيْنِ عِنْدَ الْقَاضِي وَأَكْثَرِ أَصْحَابِهِ. قال ابن مُنَجَّا هذا أَوْلَى. قال الْحَارِثِيُّ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ قال بِانْتِفَاءِ الشُّفْعَةِ منهم أبو بَكْرٍ وابن أبي مُوسَى وأبو عَلِيِّ بن شِهَابٍ وَالْقَاضِي وأبو الْخَطَّابِ في رؤوس الْمَسَائِلِ وابن عَقِيلٍ وَالْقَاضِي يَعْقُوبُ وَالشَّرِيفَانِ أبو جَعْفَرٍ وأبو الْقَاسِمِ الزَّيْدِيُّ وَالْعُكْبَرِيُّ وابن بَكْرُوسٍ وَالْمُصَنِّفُ وَهَذَا هو الْمَذْهَبُ وَلِذَلِكَ قَدَّمَهُ في الْمَتْنِ انْتَهَى. وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ وجزم بِهِ في الْعُمْدَةِ. وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ الْحَارِثِيِّ وَغَيْرِهِمْ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي فيه الشُّفْعَةُ اخْتَارَه ابن حَامِدٍ وأبو الْخَطَّابِ في الِانْتِصَارِ وابن حَمْدَانَ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَقَدَّمَه ابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ. فَعَلَى هذا الْقَوْلِ يَأْخُذُهُ بِقِيمَتِهِ على الصَّحِيحِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وابن عَقِيلٍ وابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ. وَقِيلَ يَأْخُذُهُ بِقِيمَةِ مُقَابِلِهِ من مَهْرٍ وَدِيَةٍ حَكَاهُ الشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ عن بن حَامِدٍ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالزَّرْكَشِيِّ. وَسَيَأْتِي ذلك في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ في آخِرِ الْفَصْلِ السَّادِسِ.
فوائد: منها قال في الْفُرُوعِ وَعَلَى قِيَاسِ هذه الْمَسْأَلَةِ ما أُخِذَ أُجْرَةً أو ثَمَنًا في سَلَمٍ أو عِوَضًا في كِتَابَةٍ وَجَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. قال في الْكَافِي وَمِثْلُهُ ما اشْتَرَاهُ الذِّمِّيُّ بِخَمْرٍ أو خِنْزِيرٍ. قال الْحَارِثِيُّ وَطَرَدَ أَصْحَابُنَا الْوَجْهَيْنِ في الشِّقْصِ الْمَجْعُولِ أُجْرَةً في الْإِجَارَةِ. وَلَكِنْ نَقُولُ الْإِجَارَةُ نَوْعٌ من الْبَيْعِ فَيَبْعُدُ طَرْدُ الْخِلَافِ إذَنْ. فَالصَّحِيحُ على أَصْلِنَا جَرَيَانُ الشُّفْعَةِ قَوْلًا وَاحِدًا. وَلَوْ كان الشِّقْصُ جُعْلًا في جِعَالَةٍ فَكَذَلِكَ من غَيْرِ فَرْقٍ. وَطَرَدَ صَاحِبُ التَّلْخِيصِ وَغَيْرُهُ من الْأَصْحَابِ الْخِلَافَ أَيْضًا في الشِّقْصِ الْمَأْخُوذِ عِوَضًا عن نُجُومِ الْكِتَابَةِ. وَمِنْهُمْ من قَطَعَ بِنَفْيِ الشُّفْعَةِ فيه وهو الْقَاضِي يَعْقُوبُ ولا أَعْلَمُ لِذَلِكَ وَجْهًا. وَحَكَى بَعْضُ شُيُوخِنَا فِيمَا قَرَأْت عليه طَرْدَ الْوَجْهَيْنِ أَيْضًا في الْمَجْعُولِ رَأْسَ مَالٍ في السَّلَمِ وهو أَيْضًا بَعِيدٌ فإن السَّلَمَ نَوْعٌ من الْبَيْعِ انْتَهَى كَلَامُ الْحَارِثِيِّ. ثُمَّ قال إذَا تَقَرَّرَ ما قُلْنَا في الْمَأْخُوذِ عِوَضًا عن نُجُومِ الْكِتَابَةِ فَلَوْ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ بَعْدَ الدَّفْعِ وَرَقَّ هل تَجِبُ الشُّفْعَةُ إذَنْ. قال في التَّلْخِيصِ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا نعم وَالثَّانِي لَا وهو أَوْلَى.
فائدتان: إحْدَاهُمَا لو قال لِأُمِّ وَلَدِهِ إنْ خَدَمْتِ أَوْلَادِي شَهْرًا فَلَكَ هذا الشِّقْصُ فَخَدَمَتْهُمْ اسْتَحَقَّتْهُ وَهَلْ تَثْبُتُ فيه الشُّفْعَةُ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ. أَحَدُهُمَا نعم وَهَذَا على الْقَوْلِ بِالشُّفْعَةِ في الْإِجَارَةِ. وَالثَّانِي لَا لِأَنَّهَا وَصِيَّةٌ قَالَهُ الْحَارِثِيُّ وَهَذَا الثَّانِي هو الصَّوَابُ. الثَّانِيَةُ إذَا قِيلَ بِالشُّفْعَةِ في الْمَمْهُورِ فَطَلَّقَ الزَّوْجُ قبل الدُّخُولِ وَقَبْلَ الْأَخْذِ فَالشُّفْعَةُ مُسْتَحَقَّةٌ في النِّصْفِ بِغَيْرِ إشْكَالٍ وما بَقِيَ إنْ عَفَا عنه الزَّوْجُ فَهِبَةٌ مُبْتَدَأَةٌ لَا شُفْعَةَ فيه على الصَّحِيحِ. وقال ابن عَقِيلٍ يَسْتَحِقُّهُ الشَّفِيعُ. وَإِنْ لم يَعْفُ فَلَا شُفْعَةَ فيه أَيْضًا على الصَّحِيحِ لِدُخُولِهِ في مِلْكِ الزَّوْجِ قبل الْأَخْذِ قَدَّمَهُ في شَرْحِ الْحَارِثِيِّ. وَذَكَرَ الْقَاضِي وابن عَقِيلٍ احْتِمَالَيْنِ وَالْمُصَنِّفُ وَجْهَيْنِ. قال الْحَارِثِيُّ وَالْأَخْذُ هُنَا بِالشُّفْعَةِ لَا يَتَمَشَّى على أُصُولِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ. وَإِنْ أَخَذَ الشَّفِيعُ قبل الطَّلَاقِ فَالشُّفْعَةُ مَاضِيَةٌ وَيَرْجِعُ الزَّوْجُ إلَى نِصْفِ قِيمَةِ الشِّقْصِ. قال الْقَاضِي وَغَيْرُهُ يَرْجِعُ بِأَقَلِّ الْأَمْرَيْنِ من نِصْفِ قِيمَتِهِ يوم إصْدَاقِهَا وَيَوْمَ إقْبَاضِهَا. قَوْلُهُ الثَّانِي أَنْ يَكُونَ شِقْصًا مُشَاعًا من عَقَارٍ يَنْقَسِمُ. يَعْنِي قِسْمَةَ إجْبَارٍ. فَأَمَّا الْمَقْسُومُ الْمَحْدُودُ فَلَا شُفْعَةَ لِجَارِهِ فيه وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم. وَقِيلَ تَثْبُتُ الشُّفْعَةُ لِلْجَارِ. وَحَكَاهُ الْقَاضِي يَعْقُوبُ في التَّبْصِرَةِ وابن الزَّاغُونِيِّ عن قَوْمٍ من الْأَصْحَابِ رِوَايَةً. قال الزَّرْكَشِيُّ وَصَحَّحَه ابن الصَّيْرَفِيِّ وَاخْتَارَهُ الْحَارِثِيُّ فِيمَا أَظُنُّ وَأَخَذَ الرِّوَايَةَ من نَصِّهِ في رِوَايَةِ أبي طَالِبٍ وَمُثَنًّى لَا يَحْلِفُ أَنَّ الشُّفْعَةَ تُسْتَحَقُّ بِالْجِوَارِ. قال الْحَارِثِيُّ وَالْعَجَبُ مِمَّنْ يَثْبُتُ بهذا رِوَايَةً عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ. قال في الْفَائِقِ وهو مَأْخَذٌ ضَعِيفٌ. وَقِيلَ تَجِبُ الشُّفْعَةُ بِالشَّرِكَةِ في مَصَالِحِ عَقَارٍ اخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ في رِوَايَةِ أبي طَالِبٍ وقد سَأَلَهُ عن الشُّفْعَةِ فقال إذَا كان طَرِيقُهُمَا وَاحِدًا شُرَكَاءَ لم يَقْتَسِمُوا فإذا صُرِفَتْ الطُّرُقُ وَعُرِفَتْ الْحُدُودُ فَلَا شُفْعَةَ. وَهَذَا هو الذي اخْتَارَهُ الْحَارِثِيُّ لَا كما ظَنَّهُ الزَّرْكَشِيُّ من أَنَّهُ اخْتَارَ الشُّفْعَةَ لِلْجَارِ مُطْلَقًا. فإن الْحَارِثِيَّ قال وَمِنْ الناس من قال بِالْجَوَازِ لَكِنْ بِقَيْدِ الشَّرِكَةِ في الطَّرِيقِ. وَذَكَرَ ظَاهِرَ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ الْمُتَقَدِّمِ ثُمَّ قال وَهَذَا الصَّحِيحُ الذي يَتَعَيَّنُ الْمَصِيرُ إلَيْهِ. ثُمَّ ذَكَرَ أَدِلَّتَهُ وقال في هذا الْمَذْهَبُ جمعا [جمع] بين الْأَخْبَارِ دُونَ غَيْرِهِ فَيَكُونُ أَوْلَى بِالصَّوَابِ.
فوائد: ُ. منها شَرِيكُ الْمَبِيعِ أَوْلَى من شَرِيكِ الطَّرِيقِ على الْقَوْلِ بِالْأَخْذِ قَالَهُ الْحَارِثِيُّ. وَمِنْهَا عَدَمُ الْفَرْقِ في الطَّرِيقِ بين كَوْنِهِ مُشْتَرَكًا بِمِلْكٍ أو بِاخْتِصَاصٍ قَدَّمَهُ الْحَارِثِيُّ وقال وَمِنْ الناس من قال الْمُعْتَبَرُ شَرِكَةُ الْمِلْكِ لَا شَرِكَةُ الِاخْتِصَاصِ وهو الصَّحِيحُ. وَمِنْهَا لو بِيعَتْ دَارٌ في طَرِيقٍ لها دَرْبٌ في طَرِيقٍ لَا يَنْفُذُ فَالْأَشْهَرُ تَجِبُ إنْ كان لِلْمُشْتَرِي طَرِيقٌ غَيْرُهُ أو أَمْكَنَ فَتْحُ بَابِهِ إلَى شَارِعٍ قَالَهُ في الْفُرُوعِ وَجَزَمَ بِهِ في التَّلْخِيصِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الشَّرْحِ وَغَيْرِهِ. وَقِيلَ لَا شُفْعَةَ بِالشَّرِكَةِ فيه فَقَطْ وَمَالَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ. وَقِيلَ بَلَى وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ. وَإِنْ كان نَصِيبُ الْمُشْتَرِي فَوْقَ حَاجَتِهِ فَفِي الزَّائِدِ وَجْهَانِ اخْتَارَ الْقَاضِي وابن عَقِيلٍ وُجُوبَ الشُّفْعَةِ في الزَّائِدِ. وقال الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي وَالصَّحِيحُ لَا شُفْعَةَ وَصَحَّحَهُ الشَّارِحُ وَأَطْلَقَهُمَا الْحَارِثِيُّ في شَرْحِهِ وَالْفُرُوعِ. وَكَذَا دِهْلِيزُ الْجَارِ وَصَحْنُ دَارِهِ قَالَهُ في الْفُرُوعِ وَالْحَارِثِيِّ وَالْمُصَنِّفِ وَالشَّارِحِ. وَمِنْهَا لَا شُفْعَةَ بِالشَّرِكَةِ في الشُّرْبِ مُطْلَقًا وهو النَّهْرُ أو الْبِئْرُ يسقى أَرْضَ هذا وَأَرْضَ هذا فإذا بَاعَ أَحَدُهُمَا أَرْضَهُ فَلَيْسَ لِلْآخَرِ الْأَخْذُ بِحَقِّهِ من الشُّرْبِ قَالَهُ الْحَارِثِيُّ وَغَيْرُهُ وَنَصَّ عليه. قَوْلُهُ وَلَا شُفْعَةَ فِيمَا لَا تَجِبُ قِسْمَتُهُ كَالْحَمَّامِ الصَّغِيرِ وَالْبِئْرِ وَالطُّرُقِ وَالْعِرَاصِ الضَّيِّقَةِ وَلَا ما ليس بِعَقَارٍ كَالشَّجَرِ وَالْحَيَوَانِ. وَالْبِنَاءِ الْمُفْرَدِ وَكَالْجَوْهَرَةِ وَالسَّيْفِ وَنَحْوِهِمَا في إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ. وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. إحْدَاهُمَا لَا شُفْعَةَ فيه وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَهَذَا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ. قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى أَظْهَرُهُمَا لَا شُفْعَةَ فيه. قال في الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ لَا شُفْعَةَ فيه في أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ. وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَجَزَمَ بِهِ في الْخُلَاصَةِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمَا وَقَدَّمَهُ في الْكَافِي وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَغَيْرِهِمْ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ فيه الشُّفْعَةُ. اخْتَارَهُ ابن عقيل وأبو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ. قال الْحَارِثِيُّ وهو الْحَقُّ. وَعَنْهُ تَجِبُ في كل مَالٍ حَاشَا مَنْقُولًا لَا يَنْقَسِمُ. قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَقِيلَ تَجِبُ في زَرْعٍ وَثَمَرٍ مُفْرَدٍ. فَعَلَى الْمَذْهَبِ يُؤْخَذُ الْبِنَاءُ وَالْغِرَاسُ تَبَعًا لِلْأَرْضِ كما تَقَدَّمَ. قال الْمُصَنِّفُ قال الْحَارِثِيُّ لَا خِلَافَ فِيهِمَا على كِلْتَا الرِّوَايَتَيْنِ. زَادَ في الرِّعَايَةِ مِمَّا يَدْخُلُ تَبَعًا النَّهْرُ وَالْبِئْرُ وَالْقَنَاةُ وَالرَّحَى وَالدُّولَابُ.
فائدة: الْمُرَادُ بِمَا يَنْقَسِمُ ما تَجِبُ قِسْمَتُهُ إجْبَارًا وَفِيهِ رِوَايَتَانِ. إحْدَاهُمَا ما يُنْتَفَعُ بِهِ مَقْسُومًا مَنْفَعَتُهُ التي كانت وَلَوْ على تَضَايُقٍ كَجَعْلِ الْبَيْتِ بَيْتَيْنِ. قال في التَّلْخِيصِ وهو الْأَظْهَرُ. قال الْخِرَقِيُّ وَيَنْتَفِعَانِ بِهِ مَقْسُومًا. قال الْحَارِثِيُّ وَإِيرَادُ الْمُصَنِّفِ هُنَا يَقْتَضِي التَّعْوِيلَ على هذه الرِّوَايَةِ دُونَ ما عَدَاهَا لِأَنَّهُ مِثْلُ ما لَا تَجِبُ قِسْمَتُهُ بِالْحَمَّامِ وَالْبِئْرِ الصَّغِيرَيْنِ وَالطُّرُقِ وَالْعِرَاصِ الضَّيِّقَةِ وَكَذَلِكَ أبو الْخَطَّابِ في كِتَابِهِ انْتَهَى. قال الْحَارِثِيُّ وهو أَشْهَرُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَأَصَحُّ وجزم بِهِ في الْعُمْدَةِ في بَابِ الْقِسْمَةِ. قال في التَّلْخِيصِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَيَّ مَنْفَعَةٍ كانت وَلَوْ كانت بِالسُّكْنَى وهو ظَاهِرُ إطْلَاقِهِ في الْمُجَرَّدِ انْتَهَى. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ ما ذَكَرْنَا أو أَنْ لَا تَنْقُصَ الْقِيمَةُ بِالْقِسْمَةِ نَقْصًا بَيِّنًا نَقَلَهُ الْمَيْمُونِيُّ. وَاعْتِبَارُ النَّقْصِ هو ما مَالَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ وأبو الْخَطَّابِ في بَابِ الْقِسْمَةِ وَأَطْلَقَهُمَا في شَرْحِ الْحَارِثِيِّ. وَيَأْتِي ذلك في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ في بَابِ الْقِسْمَةِ بِأَتَمَّ من ذلك مُحَرَّرًا. قَوْلُهُ وَلَا تُؤْخَذُ الثَّمَرَةُ وَالزَّرْعُ تَبَعًا في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ. وهو الْمَذْهَبُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ. قال الْحَارِثِيُّ وهو قَوْلُ أبي الْخَطَّابِ في رؤوس الْمَسَائِلِ وابن عَقِيلٍ وَالشَّرِيفِ أبو جَعْفَرٍ في آخَرِينَ انْتَهَى. وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ وَاخْتَارَهُ ابن عبدوس في تَذْكِرَتِهِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْكَافِي وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْفُرُوعِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي تُؤْخَذُ تَبَعًا كَالْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ وهو احْتِمَالٌ في الْهِدَايَةِ. قال في الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وقال أبو الْخَطَّابِ تُؤْخَذُ الثِّمَارُ وَعَلَيْهِ يَخْرُجُ الزَّرْعُ. قال الْحَارِثِيُّ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي قَدِيمًا في رؤوس الْمَسَائِلِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْفَائِقِ. وَظَاهِرُ الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ الْإِطْلَاقُ. وَأَكْثَرُهُمْ إنَّمَا حَكَى الِاحْتِمَالَ أو الْوَجْهَ في الثَّمَرِ وَخَرَجَ منه إلَى الزَّرْعِ. وَقَيَّدَ الْمُصَنِّفُ الثَّمَرَةَ بِالظَّاهِرَةِ وَأَنَّ غير الظَّاهِرَةِ تَدْخُلُ تَبَعًا مع أَنَّهُ قال في الْمُغْنِي إنْ اشْتَرَاهُ وَفِيهِ طَلْعٌ لم يُؤَبَّرْ فَأَبَّرَهُ لم يَأْخُذْ الثَّمَرَةَ وَإِنَّمَا يَأْخُذُ الْأَرْضَ وَالنَّخْلَ بِحِصَّتِهِ كما في شِقْصٍ وَسَيْفٍ. وَكَذَا ذَكَرَ غَيْرُهُ إذَا لم يَدْخُلْ فإنه يَأْخُذُ الْأَصْلَ بِحِصَّتِهِ.
فائدة: لو كان السُّفْلُ لِشَخْصٍ وَالْعُلْوُ مُشْتَرَكًا وَالسَّقْفُ مختص [مختصا] بِصَاحِبِ السُّفْلِ أو مُشْتَرَكًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَصْحَابِ الْعُلْوِ فَلَا شُفْعَةَ في السَّقْفِ لِأَنَّهُ لَا أَرْضَ له فَهُوَ كَالْأَبْنِيَةِ الْمُفْرَدَةِ. وَإِنْ كان السَّقْفُ لِأَصْحَابِ الْعُلْوِ فَفِيهِ الشُّفْعَةُ لِأَنَّ قَرَارَهُ كَالْأَرْضِ قَدَّمَهُ في التَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْفَائِقِ. وَفِيهِ وَجْهٌ آخَرُ أَنَّهُ لَا شُفْعَةَ فيه لِأَنَّهُ غَيْرُ مَالِكٍ لِلسُّفْلِ وَإِنَّمَا له عليه حَقٌّ فَأَشْبَهَ مُسْتَأْجِرَ الْأَرْضِ خَرَّجَهُ بَعْضُ الْأَصْحَابِ قَالَهُ في التَّلْخِيصِ وقال فَاوَضْت فيها بَعْضَ أَصْحَابِنَا وَتَقَرَّرَ حُكْمُهَا بَيْنِي وَبَيْنَهُ على ما بَيَّنْت. وَهَذَا الْوَجْهُ قَدَّمَهُ في الْمُغْنِي فقال وَإِنْ بِيعَتْ حِصَّةٌ من عُلْوِ دَارٍ مُشْتَرَكٍ نُظِرَتْ فَإِنْ كان السَّقْفُ الذي تَحْتَهُ لِصَاحِبِ السُّفْلِ فَلَا شُفْعَةَ في الْعُلْوِ لِأَنَّهُ بِنَاءٌ مُنْفَرِدٌ وَإِنْ كان لِصَاحِبِ الْعُلْوِ فكذلك لِأَنَّهُ بِنَاءٌ مُنْفَرِدٌ لِكَوْنِهِ لَا أَرْضَ له فَهُوَ كما لو لم يَكُنْ السَّقْفُ له. وَيَحْتَمِلُ ثُبُوتَ الشُّفْعَةِ لِأَنَّ له قَرَارًا فَهُوَ كَالسُّفْلِ انْتَهَى. وَقَدَّمَهُ أَيْضًا الشَّارِحُ وابن رَزِينٍ وَأَطْلَقَهُمَا في شَرْحِ الْحَارِثِيِّ. وَلَوْ بَاعَ حِصَّتَهُ من عُلْوٍ مُشْتَرَكٍ على سَقْفٍ لِمَالِكِ السُّفْلِ فقال في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالتَّلْخِيصِ وَغَيْرِهِمْ لَا شُفْعَةَ لِشَرِيكِ الْعُلْوِ لِانْفِرَادِ الْبِنَاءِ وَاقْتَصَرَ عليه الْحَارِثِيُّ. وَإِنْ كان السَّقْفُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَصْحَابِ الْعُلْوِ فَكَذَلِكَ قَالَهُ في التَّلْخِيصِ وَغَيْرِهِ. وَإِنْ كان السُّفْلُ مُشْتَرَكًا وَالْعُلْوُ خَالِصًا لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ فَبَاعَ الْعُلْوَ وَنَصِيبَهُ من السُّفْلِ فَلِلشَّرِيكِ الشُّفْعَةُ في السُّفْلِ لَا في الْعُلْوِ لِعَدَمِ الشَّرِكَةِ فيه. قَوْلُهُ الثَّالِثُ الْمُطَالَبَةُ بها على الْفَوْرِ. هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وَنَصَّ عليه بَلْ هو الْمَشْهُورُ عنه. وَعَنْهُ أنها على التَّرَاخِي ما لم يَرْضَ كَخِيَارِ الْعَيْبِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي يَعْقُوبُ قَالَهُ الْحَارِثِيُّ وَغَيْرُهُ. وَحَكَى جَمَاعَةٌ وَعَدَّهُمْ رِوَايَةً بِثُبُوتِهَا على التَّرَاخِي لَا تَسْقُطُ ما لم يُوجَدْ منه ما يَدُلُّ على الرِّضَى أو دَلِيلِهِ كَالْمُطَالَبَةِ بِقِسْمَةٍ أو بَيْعٍ أو هِبَةٍ نحو بِعْنِيهِ أو هَبْهُ لي أو قَاسِمْنِي أو بِعْهُ لِفُلَانٍ أو هَبْهُ له انْتَهَى وَالتَّفْرِيعُ على الْأَوَّلِ. قَوْلُهُ سَاعَةَ يَعْلَمُ. نَصَّ عليه هذا الْمَذْهَبُ أَعْنِي أَنَّ الْمُطَالَبَةَ على الْفَوْرِ سَاعَةَ يَعْلَمُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِه ابن الْبَنَّا في خِصَالِهِ وَالْعُمْدَةِ وَالْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الْأَزَجِيِّ وَغَيْرِهِمْ. وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَالْهَادِي وَالتَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالنَّظْمِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَالْحَارِثِيِّ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَغَيْرِهِمْ. نَقَلَ بن مَنْصُورٍ لَا بُدَّ من طَلَبِهَا حين يَسْمَعُ حتى يَعْلَمَ طَلَبَهُ ثُمَّ له أَنْ يُخَاصِمَ وَلَوْ بَعْدَ أَيَّامٍ قَالَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ. وقال الْقَاضِي له طَلَبُهَا في الْمَجْلِسِ وَإِنْ طَالَ وهو رِوَايَةٌ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ. وَاخْتَارَهَا بن حَامِدٍ أَيْضًا وَأَكْثَرُ أَصْحَابِ الْقَاضِي منهم الشَّرِيفَانِ أبو جَعْفَرٍ وَالزَّيْدِيُّ وأبو الْخَطَّابِ في رؤوس الْمَسَائِلِ وابن عَقِيلٍ وَالْعُكْبَرِيُّ وَغَيْرُهُمْ. قال الْحَارِثِيُّ وَهَذَا يَتَخَرَّجُ من نَصِّ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ على مِثْلِهِ في خِيَارِ الْمُجْبَرَةِ وَمِنْ غَيْرِهِ. قال وَهَذَا مُتَفَرِّعٌ على الْقَوْلِ بِالْفَوْرِيَّةِ كما في التَّمَامِ وفي الْمُغْنِي لِأَنَّ الْمَجْلِسَ كُلَّهُ في مَعْنَى حَالَةِ الْعَقْدِ بِدَلِيلِ التَّقَابُضِ فيه لَمَّا يُعْتَبَرُ له الْقَبْضُ يُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ حَالَةِ الْعَقْدِ وَلَكِنَّ إيرَادَهُ هُنَا مُشْعِرٌ بِكَوْنِهِ قَسِيمًا لِلْفَوْرِيَّةِ انْتَهَى. قال في الْفُرُوعِ اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وابن حَامِدٍ وَالْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ. قُلْت ليس كما قال عن الْخِرَقِيِّ بَلْ ظَاهِرُ كَلَامِهِ وُجُوبُ الْمُطَالَبَةِ سَاعَةَ يَعْلَمُ فإنه قال وَمَنْ لم يُطَالِبْ بِالشُّفْعَةِ في وَقْتِ عِلْمِهِ بِالْبَيْعِ فَلَا شُفْعَةَ له انْتَهَى وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُذْهَبِ.
تنبيهانِ: أحدهما قال الْحَارِثِيُّ وفي جَعْلِ هذا شَرْطًا إشْكَالٌ وهو أَنَّ الْمُطَالَبَةَ بِالْحَقِّ فَرْعُ ثُبُوتِ ذلك الْحَقِّ وَرُتْبَةُ ذلك الشَّرْطِ تَقَدُّمُهُ على الْمَشْرُوطِ فَكَيْفَ يُقَالُ بِتَقَدُّمِ الْمُطَالَبَةِ على ما هو أَصْلٌ له هذا خَلَفٌ. أو نَقُولُ اشْتِرَاطُ الْمُطَالَبَةِ يُوجِبُ تَوَقُّفَ الثُّبُوتِ عليها وَلَا شَكَّ في تَوَقُّفِ الْمُطَالَبَةِ على الثُّبُوتِ فَيَكُونُ دَوْرًا. وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ شَرْطٌ لِاسْتِدَامَةِ الشُّفْعَةِ لَا لِأَصْلِ ثُبُوتِ الشُّفْعَةِ وَلِهَذَا قال فَإِنْ أخره [أخبره] سَقَطَتْ شُفْعَتُهُ انْتَهَى. الثَّانِي كَلَامُ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لم يَكُنْ عُذْرٌ فَإِنْ كان عُذْرٌ مِثْلَ أَنْ لَا يَعْلَمَ أو عَلِمَ لَيْلًا فَأَخَّرَهُ إلَى الصُّبْحِ أو أَخَّرَهُ لِشِدَّةِ جُوعٍ أو عَطَشٍ حتى أَكَلَ أو شَرِبَ أو أَخَّرَهُ لِطَهَارَةٍ أو إغْلَاقِ بَابٍ أو لِيَخْرُجَ من الْحَمَّامِ أو. لِيَقْضِيَ حَاجَتَهُ أو لِيُؤَذِّنَ وَيُقِيمَ وَيَأْتِيَ بِالصَّلَاةِ وَسُنَّتِهَا أو لِيَشْهَدَهَا في جَمَاعَةٍ يَخَافُ فَوْتَهَا وَنَحْوَ ذلك. وفي التَّلْخِيصِ احْتِمَالٌ بِأَنَّهُ يَقْطَعُ الصَّلَاةَ إلَّا أَنْ تَكُونَ فَرْضًا. قال الْحَارِثِيُّ وَلَيْسَ بِشَيْءٍ وهو كما قال فَلَا تَسْقُطُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُشْتَرِي حَاضِرًا عِنْدَهُ في هذه الْأَحْوَالِ فَمُطَالَبَتُهُ مُمْكِنَةٌ ما عَدَا الصَّلَاةِ وَلَيْسَ عليه تَخْفِيفُهَا وَلَا الِاقْتِصَارُ على أَقَلِّ ما يُجْزِئُ. ثُمَّ إنْ كان غَائِبًا عن الْمَجْلِسِ حَاضِرًا في الْبَلَدِ فَالْأَوْلَى أَنْ يَشْهَدَ على الطَّلَبِ وَيُبَادِرَ إلَى الْمُشْتَرِي بِنَفْسِهِ أو بِوَكِيلِهِ. فَإِنْ بَادَرَ هو أو وَكِيلُهُ من غَيْرِ إشْهَادٍ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ على شُفْعَتِهِ صَحَّحَهُ في التَّلْخِيصِ وَشَرْحِ الْحَارِثِيِّ وَغَيْرِهِمَا. قال الْحَارِثِيُّ وهو ظَاهِرُ إيرَادِ الْمُصَنِّفِ في آخَرِينَ. وَقِيلَ يُشْتَرَطُ الْإِشْهَادُ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي في الْجَامِعِ الصَّغِيرِ. وَيَأْتِي هل يَمْلِكُ الشَّفِيعُ الشِّقْصَ بِمُجَرَّدِ الْمُطَالَبَةِ أَمْ لَا عِنْدَ قَوْلِهِ وَإِنْ مَاتَ الشَّفِيعُ بَطَلَتْ الشُّفْعَةُ. وَأَمَّا إنْ تَعَذَّرَ الْإِشْهَادُ سَقَطَ بِلَا نِزَاعٍ وَالْحَالَةُ هذه لِانْتِفَاءِ التَّقْصِيرِ. وَإِنْ اقْتَصَرَ على الطَّلَبِ مُجَرَّدًا عن مُوَاجِهَةِ الْمُشْتَرِي قال الْحَارِثِيُّ فَالْمَذْهَبُ الْإِجْزَاءُ. قال وَكَذَلِكَ قال أبو الْحَسَنِ ابن الزاغوني في الْمَبْسُوطِ وَنَقَلْته من خَطِّهِ فقال الذي نَذْهَبُ إلَيْهِ أَنَّ ذلك يُغْنِي عن الْمُطَالَبَةِ بِمَحْضَرِ الْخَصْمِ فإن ذلك ليس بِشَرْطٍ في صِحَّةِ الْمُطَالَبَةِ. وهو ظَاهِرُ ما نَقَلَهُ أبو طَالِبٍ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وهو قِيَاسُ الْمَذْهَبِ أَيْضًا وهو ظَاهِرُ كَلَامِ أبي الْخَطَّابِ في رؤوس مَسَائِلِهِ وَالْقَاضِي أبي الْحُسَيْنِ في تَمَامِهِ. وَصَرَّحَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ لَكِنْ بِقَيْدِ الْإِشْهَادِ وهو الْمَنْصُوصُ من رِوَايَةِ أبي طَالِبٍ وَالْأَثْرَمِ وَهَذَا اخْتِيَارُ أبي بَكْرٍ. وَإِيرَادُ الْمُصَنِّفِ هُنَا يَقْتَضِي عَدَمَ الْإِجْزَاءِ وَأَنَّ الْوَاجِبَ الْمُوَاجَهَةُ وَلِهَذَا قال فَإِنْ تَرَكَ الطَّلَبَ وَالْإِشْهَادَ لِعَجْزِهِ عنهما كَالْمَرِيضِ وَالْمَحْبُوسِ فَهُوَ على شُفْعَتِهِ. وَمَعْلُومٌ أَنَّهُمَا لَا يَعْجِزَانِ عن مُنَاطَقَةِ أَنْفُسِهِمَا بِالطَّلَبِ. وقد صَرَّحَ بِهِ في الْعُمْدَةِ فقال إنْ أَخَّرَهَا يَعْنِي الْمُطَالَبَةَ بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ عَاجِزًا عنها لِغَيْبَةٍ أو حَبْسٍ أو مَرَضٍ فَيَكُونُ على شُفْعَتِهِ مَتَى قَدَرَ عليها انْتَهَى كَلَامُ الْحَارِثِيِّ. قَوْلُهُ فَإِنْ أَخَّرَهُ سَقَطَتْ شُفْعَتُهُ. يَعْنِي على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ. وقد تَقَدَّمَتْ رِوَايَةٌ بِأَنَّهُ على التَّرَاخِي. قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ وهو غَائِبٌ فَيَشْهَدَ على الطَّلَبِ بها ثُمَّ إنْ أَخَّرَ الطَّلَبَ بَعْدَ الْإِشْهَادِ عِنْدَ إمْكَانِهِ أو لم يَشْهَدْ لَكِنَّهُ سَارَ في طَلَبِهَا فَعَلَى وَجْهَيْنِ. شَمَلَ كَلَامُهُ مَسْأَلَتَيْنِ. إحْدَاهُمَا أَنْ يَشْهَدَ على الطَّلَبِ حين يَعْلَمُ وَيُؤَخِّرُ الطَّلَبَ بَعْدَهُ مع إمْكَانِهِ فَأَطْلَقَ في سُقُوطِ الشُّفْعَةِ بِذَلِكَ وَجْهَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في النَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا. إحْدَاهُمَا لَا تَسْقُطُ الشُّفْعَةُ بِذَلِكَ وهو الْمَذْهَبُ نَصَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ. وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْحَارِثِيِّ وقال هذا الْمَذْهَبُ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي تَسْقُطُ إذَا لم يَكُنْ عُذْرٌ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وهو احْتِمَالٌ في الْهِدَايَةِ.
تنبيهانِ: أَحَدُهُمَا حَكَى الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي وَمَنْ تَبِعَهُ أَنَّ السُّقُوطَ قَوْلُ الْقَاضِي. قال الْحَارِثِيُّ ولم يَحْكِهِ أَحَدٌ عن الْقَاضِي سِوَاهُ وَاَلَّذِي عَرَفْت من كَلَامِ الْقَاضِي خِلَافَهُ. وَنَقَلَ كَلَامَهُ من كُتُبِهِ ثُمَّ قال وَاَلَّذِي حَكَاهُ في الْمُغْنِي عنه إنَّمَا قَالَهُ في الْمُجَرَّدِ فِيمَا إذَا لم يَكُنْ أَشْهَدَ على الطَّلَبِ وَلَيْسَ بِالْمَسْأَلَةِ نَبَّهْت عليه خَشْيَةَ أَنْ يَكُونَ أَصْلًا لِنَقْلِ الْوَجْهِ الذي أَوْرَدَهُ انْتَهَى. الثَّانِي قال ابن مُنَجَّا في شَرْحِهِ وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُصَنِّفَ قال في الْمُغْنِي وَإِنْ أَخَّرَ الْقُدُومَ بَعْدَ الْإِشْهَادِ بَدَلَ قَوْلِهِ وَإِنْ أَخَّرَ الطَّلَبَ بَعْدَ الْإِشْهَادِ وهو صَحِيحٌ لِأَنَّهُ لَا وَجْهَ لِإِسْقَاطِ الشُّفْعَةِ بِتَأْخِيرِ الطَّلَبِ بَعْدَ الْإِشْهَادِ لِأَنَّ الطَّلَبَ حِينَئِذٍ لَا يُمْكِنُ بِخِلَافِ الْقُدُومِ فإنه مُمْكِنٌ وَتَأْخِيرُ ما يُمْكِنُ لِإِسْقَاطِهِ الشُّفْعَةَ وَجْهٌ بِخِلَافِ تَأْخِيرِ ما لَا يُمْكِنُ انْتَهَى. وَكَذَلِكَ الْحَارِثِيُّ مِثْلُ بِمَا لو تَرَاخَى السَّيْرُ انْتَهَى. فَعَلَى كِلَا الْوَجْهَيْنِ إذَا وُجِدَ عُذْرٌ مِثْلَ أَنْ لَا يَجِدَ من يُشْهِدُهُ أو وُجِدَ من لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ كَالْمَرْأَةِ وَالْفَاسِقِ وَنَحْوِهِمَا أو وُجِدَ من لَا يُقْدِمُ معه إلَى مَوْضِعِ الْمُطَالَبَةِ لم تَسْقُطْ الشُّفْعَةُ. وَإِنْ لم يَجِدْ إلَّا مَسْتُورِي الْحَالِ فلم يَشْهَدْهُمَا فَهَلْ تَبْطُلُ شُفْعَتُهُ أَمْ لَا فيه احْتِمَالَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ الْحَارِثِيِّ وَالْفُرُوعِ.
. قُلْت الصَّوَابُ أنها لَا تَسْقُطُ شُفْعَتُهُ لِأَنَّ الصَّحِيحَ من الْمَذْهَبِ أَنَّ شَهَادَةَ مَسْتُورِي الْحَالِ لَا تُقْبَلُ فَهُمَا كَالْفَاسِقِ بِالنِّسْبَةِ إلَى عَدَمِ قَبُولِ شَهَادَتِهِمَا فَإِنْ أَشْهَدَهُمَا لم تَبْطُلْ شُفْعَتُهُ وَلَوْ لم تُقْبَلْ شَهَادَتُهُمَا. وَكَذَلِكَ إنْ لم يَقْدِرْ إلَّا على شَاهِدٍ وَاحِدٍ فَأَشْهَدَهُ أو تَرَكَ إشْهَادَهُ. قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ قال الْحَارِثِيُّ وَإِنْ وَجَدَ عَدْلًا وَاحِدًا فَفِي الْمُغْنِي إشْهَادُهُ وَتَرْكُ إشْهَادِهِ سَوَاءٌ قال وهو سَهْوٌ فإن شَهَادَةَ الْوَاحِدِ مَعْمُولٌ بها مع يَمِينِ الطَّالِبِ فَتَعَيَّنَ اعْتِبَارُهَا. وَلَوْ قَدَرَ على التَّوْكِيلِ فلم يُوَكِّلْ فَهَلْ تَسْقُطُ شُفْعَتُهُ فيه وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ. أَحَدُهُمَا لَا تَبْطُلُ وهو الْمَذْهَبُ نَصَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي تَبْطُلُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وهو ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ من الْأَصْحَابِ.
فائدة: لَفْظُ الطَّالِبِ أنا طَالِبٌ أو مُطَالِبٌ أو آخُذُ بِالشُّفْعَةِ أو قَائِمٌ على الشُّفْعَةِ وَنَحْوَهُ مِمَّا يُفِيدُ مُحَاوَلَةَ الْأَخْذِ لِأَنَّهُ مُحَصِّلٌ لِلْغَرَضِ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ إذَا كان غَائِبًا فَسَارَ حين عَلِمَ في طَلَبِهَا ولم يَشْهَدْ مع الْقُدْرَةِ على الْإِشْهَادِ فَأَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ في سُقُوطِهَا وَجْهَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ. أَحَدُهُمَا تَسْقُطُ الشُّفْعَةُ وهو الْمَذْهَبُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ في رِوَايَةِ أبي طَالِبٍ وَاخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ. قال الْحَارِثِيُّ عليه أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَقَدَّمَهُ في شَرْحِ الْحَارِثِيِّ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَنَصَرَاهُ وَجَزَمَ بِهِ في الْعُمْدَةِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا تَسْقُطُ بَلْ هِيَ بَاقِيَةٌ. قال الْقَاضِي إنْ سَارَ عَقِبَ عِلْمِهِ إلَى الْبَلَدِ الذي فيه الْمُشْتَرِي من غَيْرِ إشْهَادٍ احْتَمَلَ أَنْ لَا تَبْطُلَ شُفْعَتُهُ. فَعَلَى هذا الْوَجْهِ يُبَادِرُ إلَيْهَا بِالْمُضِيِّ الْمُعْتَادِ بِلَا نِزَاعٍ وَلَا يَلْزَمُهُ قَطْعُ حَمَّامٍ وَطَعَامٍ وَنَافِلَةٍ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ. وَقِيلَ بَلَى وَكَذَا الْحَكَمُ لو كان غَائِبًا عن الْمَجْلِسِ حَاضِرًا في الْبَلَدِ.
تنبيهانِ: أَحَدُهُمَا قال الْحَارِثِيُّ حَكَى الْمُصَنِّفُ الْخِلَافَ وَجْهَيْنِ وَكَذَا أبو الْخَطَّابِ وَإِنَّمَا هُمَا رِوَايَتَانِ. ثُمَّ قال وَأَصْلُ الْوَجْهَيْنِ في كَلَامِهِمَا احْتِمَالَانِ أَوْرَدَهُمَا الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وَالِاحْتِمَالَانِ إنَّمَا أَوْرَدَهُمَا في الْإِشْهَادِ على السَّيْرِ لِلطَّلَبِ وَذَلِكَ مُغَايِرٌ لِلْإِشْهَادِ على الطَّلَبِ حين الْعِلْمِ وَلِهَذَا قال ثُمَّ إنْ أَخَّرَ الطَّلَبَ بَعْدَ الْإِشْهَادِ وَعِنْدَ إمْكَانِهِ أَبَى السَّيْرَ لِلطَّلَبِ مُوَاجِهَةً فَلَا يَصِحُّ إثْبَاتُ الْخِلَافِ في الطَّلَبِ الْأَوَّلِ مُتَلَقًّى عن الْخِلَافِ في الطَّلَبِ الثَّانِي انْتَهَى. قال الْحَارِثِيُّ ولم يَعْتَبِرْ في الْمُحَرَّرِ إشْهَادًا فِيمَا عَدَا هذا وَالْإِشْهَادُ على الطَّلَبِ عِنْدَهُ عِبَارَةٌ عن ذلك وهو خِلَافُ ما قال الْأَصْحَابُ. وَأَيْضًا فَالْإِشْهَادُ على ما قال ليس إشْهَادًا على الطَّلَبِ في الْحَقِيقَةِ بَلْ هو إشْهَادٌ على فِعْلٍ يَتَعَقَّبُهُ الطَّلَبُ. الثَّانِي اسْتَفَدْنَا من قُوَّةِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ إذا عَلِمَ وَأَشْهَدَ عليه بِالطَّلَبِ وَسَارَ في طَلَبِهَا عِنْدَ إمْكَانِهِ أنها لَا تَسْقُطُ وهو صَحِيحٌ. وَكَذَا لو أَشْهَدَ عليه وَسَارَ وَكِيلُهُ وَكَذَا لو تَرَاخَى السَّيْرُ لِعُذْرٍ.
فوائد: إحداها لو لَقِيَ الْمُشْتَرِيَ فَسَلَّمَ عليه ثُمَّ عَقَّبَهُ بِالطَّلَبِ فَهُوَ على شُفْعَتِهِ قَالَهُ الْأَصْحَابُ. وَكَذَا لو قال بَعْدَ السَّلَامِ بَارَكَ اللَّهُ لَك في صَفْقَتِك ذَكَرَهُ الْآمِدِيُّ وَالْمُصَنِّفُ وَغَيْرُ وَاحِدٍ وَصَحَّحَهُ في الرِّعَايَةِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَكَذَا لو دَعَا له بِالْمَغْفِرَةِ وَنَحْوِهِ وَفِيهِمَا احْتِمَالٌ تَسْقُطُ بِذَلِكَ. الثَّانِيَةُ الْحَاضِرُ الْمَرِيضُ وَالْمَحْبُوسُ كَالْغَائِبِ في اعْتِبَارِ الْإِشْهَادِ فَإِنْ تَرَكَ فَفِي السُّقُوطِ ما مر من الْخِلَافِ. الثَّالِثَةُ لو نَسِيَ الْمُطَالَبَةَ أو الْبَيْعَ أو جَهِلَهَا فَهَلْ تَسْقُطُ الشُّفْعَةُ فيه وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ. قال في الْمُغْنِي إذَا تَرَكَ الطَّلَبَ نِسْيَانًا له أو لِلْبَيْعِ أو تَرَكَهُ جَهْلًا بِاسْتِحْقَاقِهِ سَقَطَتْ شُفْعَتُهُ وَقَدَّمَهُ في الشَّرْحِ. وَقَاسَهُ هو وَالْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي على الرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَفِيهِ نَظَرٌ. وَفِيهِ وَجْهٌ آخَرُ أنها لَا تَسْقُطُ. قُلْت وهو الصَّوَابُ. قال الْحَارِثِيُّ وهو الصَّحِيحُ وقال يَحْسُنُ بِنَاءُ الْخِلَافِ على الرِّوَايَتَيْنِ في خِيَارِ الْمُعْتَقَةِ تَحْتَ الْعَبْدِ إذَا مَكَّنْته من الْوَطْءِ جَهْلًا بِمِلْكِهَا لِلْفَسْخِ على ما يَأْتِي. وَإِنْ أَخَّرَهُ جَهْلًا بِأَنَّ التَّأْخِيرَ مُسْقِطٌ فَإِنْ كان مثله لَا يَجْهَلُهُ سَقَطَتْ لِتَقْصِيرِهِ وَإِنْ كان مثله يَجْهَلُهُ فقال في التَّلْخِيصِ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ. أَحَدُهُمَا لَا تَسْقُطُ. قال الْحَارِثِيُّ وهو الصَّحِيحُ وَجَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ وَالنَّظْمِ وَالْفَائِقِ. قُلْت وهو الصواب [الصوب]. وَالْوَجْهُ الثَّانِي تَسْقُطُ. وَيَأْتِي في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إذَا بَاعَ الشَّفِيعُ مِلْكَهُ قبل عِلْمِهِ. وَلَوْ قال له بِكَمْ اشْتَرَيْت أو اشْتَرَيْت رَخِيصًا فَهَلْ تَسْقُطُ الشُّفْعَةُ فيه وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في التَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَةِ وَالْفُرُوعِ. قُلْت قَوَاعِدُ الْمَذْهَبِ تَقْتَضِي سُقُوطَهَا مع عِلْمِهِ. قَوْلُهُ وَإِنْ تَرَكَ الطَّلَبَ لِكَوْنِ الْمُشْتَرِي غَيْرَهُ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ هو فَهُوَ على شُفْعَتِهِ. وَهَذَا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ الْحَارِثِيِّ وابن مُنَجَّا وَالتَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ وَتَذْكِرَةِ ابن عبدوس وَغَيْرِهِمْ. وَفِيهِ وَجْهٌ آخَرُ أنها تَسْقُطُ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ. قَوْلُهُ وَإِنْ أخبره من يُقْبَلُ خَبَرُهُ فلم يُصَدِّقْهُ سَقَطَتْ شُفْعَتُهُ. إذَا أخبره عَدْلٌ وَاحِدٌ فلم يُصَدِّقْهُ سَقَطَتْ شُفْعَتُهُ. على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالتَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْفَائِقِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ. وَاخْتَارَهُ ابن عبدوس في تَذْكِرَتِهِ. وَقِيلَ لَا تَسْقُطُ وهو وَجْهٌ ذَكَرَهُ الْآمِدِيُّ وَالْمَجْدُ وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ وَهُمَا احْتِمَالَانِ لِابْنِ عَقِيلٍ وَالْقَاضِي. قال في التَّلْخِيصِ بِنَاءً على اخْتِلَافِ الرِّوَايَتَيْنِ في الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ وَالرِّسَالَةِ هل يُقْبَلُ منها خَبَرُ الْوَاحِدِ أَمْ يَحْتَاجُ إلَى اثْنَيْنِ. قُلْت الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا بُدَّ فيها من اثْنَيْنِ على ما يَأْتِي في بَابِ طَرِيقِ الْحُكْمِ وَصِفَتِهِ في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ. وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُمَا لَيْسَا مَبْنِيَّانِ عَلَيْهِمَا لِأَنَّ الصَّحِيحَ هُنَا غَيْرُ الصَّحِيحِ هُنَاكَ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ.
تنبيه: َانِ. أَحَدُهُمَا الْمَرْأَةُ كَالرَّجُلِ وَالْعَبْدُ كَالْحُرِّ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. وقال الْقَاضِي هُمَا كَالْفَاسِقِ وَقَدَّمَهُ في الْفَائِقِ. قال الْحَارِثِيُّ وَإِلْحَاقُ الْعَبْدِ بِالْمَرْأَةِ وَالصَّبِيِّ غَلَطٌ لِكَوْنِهِ من أَهْلِ الشَّهَادَةِ بِغَيْرِ خِلَافٍ في الْمَذْهَبِ انْتَهَى . وَإِنْ أخبره [أخبر] مَسْتُورُ الْحَالِ سَقَطَتْ قَدَّمَهُ في الْفَائِقِ. وَقِيلَ لَا تَسْقُطُ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ. وَإِنْ أخبره فَاسِقٌ أو صَبِيٌّ لم تَسْقُطْ شُفْعَتُهُ. إذَا عَلِمْت ذلك فإذا تَرَكَ تَكْذِيبًا لِلْعَدْلِ أو الْعَدْلَيْنِ على ما مَرَّ بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ. قال الْحَارِثِيُّ هذا ما أَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ هُنَا وَجُمْهُورُ الْأَصْحَابِ. قال وَيَتَّجِهُ التَّقْيِيدُ بِمَا إذَا كانت الْعَدَالَةُ مَعْلُومَةً أو ظَاهِرَةً لَا تَخْفَى على مِثْلِهِ. أَمَّا إنْ جَهِلَ أو كانت بِمَحَلِّ الْخَفَاءِ أو التَّرَدُّدِ فَالشُّفْعَةُ بَاقِيَةٌ لِقِيَامِ الْعُذْرِ. هذا كُلُّهُ إذَا لم يَبْلُغْ الْخَبَرُ حَدَّ التَّوَاتُرِ أَمَّا إنْ بَلَغَ فَتَبْطُلُ الشُّفْعَةُ بِالتَّرْكِ وَلَا بُدَّ وَإِنْ كَانُوا فَسَقَةً على ما لَا يَخْفَى انْتَهَى. التَّنْبِيهُ الثَّانِي مَحَلُّ ما تَقَدَّمَ إذَا لم يُصَدِّقْهُ. أَمَّا إنْ صَدَّقَهُ ولم يُطَالِبْ بها فَإِنَّهَا تَسْقُطُ سَوَاءٌ كان الْمُخْبِرُ مِمَّنْ لَا يُقْبَلُ خَبَرُهُ أو يُقْبَلُ لِأَنَّ الْعِلْمَ قد يَحْصُلُ بِخَبَرِ من لَا يُقْبَلُ خَبَرُهُ لِقَرَائِنَ قَطَعَ بِهِ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا. قَوْلُهُ أو قال لِلْمُشْتَرِي بِعْنِي ما اشْتَرَيْت أو صَالِحْنِي سَقَطَتْ شُفْعَتُهُ. إذَا قال لِلْمُشْتَرِي بِعْنِي ما اشْتَرَيْت أو هَبْهُ لي أو ائْتَمِنِّي عليه سَقَطَتْ. شُفْعَتُهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقَطَعَ بِهِ الْأَصْحَابُ منهم صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَالْحَارِثِيِّ وقال يَقْوَى عِنْدِي انْتِفَاءُ السُّقُوطِ كَقَوْلِ أَشْهَبَ صَاحِبِ الْإِمَامِ مَالِكٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ. وَإِنْ قال صَالِحْنِي عليه سَقَطَتْ شُفْعَتُهُ أَيْضًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَطَعَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ. وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَنَصَرَاهُ هُنَا وَجَزَمَ بِهِ في الشَّرْحِ في بَابِ الصُّلْحِ. وَكَذَا جَزَمَ بِهِ هُنَاكَ صَاحِبُ التَّلْخِيصِ وَغَيْرُهُ. قال في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ تَسْقُطُ الشُّفْعَةُ في أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ. وَقِيلَ لَا تَسْقُطُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وابن عَقِيلٍ قَالَهُ الْحَارِثِيُّ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ هُنَاكَ وَأَطْلَقَهُمَا في النَّظْمِ أَيْضًا. وَتَقَدَّمَ ذلك في بَابِ الصُّلْحِ.
تنبيه: مَحَلُّ الْخِلَافِ في سُقُوطِ الشُّفْعَةِ وهو وَاضِحٌ. أَمَّا الصُّلْحُ عنها بِعِوَضٍ فَلَا يَصِحُّ قَوْلًا وَاحِدًا قَالَهُ الْأَصْحَابُ وَجَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ في بَابِ الصُّلْحِ.
فائدة: لو قال بِعْهُ مِمَّنْ شِئْت أو وَلِّهِ إيَّاهُ أو هَبْهُ له وَنَحْوَ هذا بَطَلَتْ الشُّفْعَةُ. وَكَذَا لو قال اكرني أو سَاقِنِي أو اكْتَرَى منه أو سَاقَاهُ. وَإِنْ قال إنْ بَاعَنِي وَإِلَّا فَلِي الشُّفْعَةُ فَهُوَ كما لو قال بِعْنِي قَدَّمَهُ الْحَارِثِيُّ. وقال وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ إنْ لم يَبِعْهُ أنها لَا تَسْقُطُ. وَلَوْ قال له الْمُشْتَرِي بِعْتُك أو وَلَّيْتُك فَقَبِلَ سَقَطَتْ. قَوْلُهُ وَإِنْ دَلَّ في الْبَيْعِ أو تَوَكَّلَ لِأَحَدِ الْمُتَبَايِعَيْنِ فَهُوَ على شُفْعَتِهِ. وَإِنْ دَلَّ على الْبَيْعِ أَيْ صَارَ دَلَّالًا وهو السَّفِيرُ في الْبَيْعِ فَهُوَ على شُفْعَتِهِ قَوْلًا وَاحِدًا وَإِنْ تَوَكَّلَ لِأَحَدِ الْمُتَبَايِعَيْنِ فَهُوَ على شُفْعَتِهِ أَيْضًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ وَاخْتَارَهُ الشَّرِيفُ وَغَيْرُهُ. قال الْحَارِثِيُّ قال الْأَصْحَابُ لَا تَبْطُلُ شُفْعَتُهُ منهم الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وَغَيْرِهِ. قال في الْفُرُوعِ لَا تَسْقُطُ بِتَوْكِيلِهِ في الْأَصَحِّ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَنَصَرَاهُ. وَقِيلَ تَسْقُطُ الشُّفْعَةُ بِذَلِكَ. وَقِيلَ لَا تَسْقُطُ إذَا كان وَكِيلًا لِلْبَائِعِ. وَقِيلَ لَا تَسْقُطُ إذَا كان وَكِيلًا لِلْمُشْتَرِي اخْتَارَهُ الْقَاضِي قَالَهُ الْمُصَنِّفُ. قال الْحَارِثِيُّ وَحِكَايَةُ الْقَاضِي يَعْقُوبَ عَدَمُ السُّقُوطِ وَكَذَا هو في الْمُجَرَّدِ وَغَيْرِهِ. وَهَذَا وَأَمْثَالُهُ غَرِيبٌ من الْحَارِثِيِّ فإنه إذَا لم يَطَّلِعْ على الْمَكَانِ الذي نَقَلَ منه الْمُصَنِّفُ تَكَلَّمَ في ذلك وَاعْتَرَضَ على الْمُصَنِّفِ وَهَذَا غَيْرُ لَائِقٍ فإن الْمُصَنِّفَ ثِقَةٌ وَالْقَاضِي وَغَيْرُهُ له أَقْوَالٌ كَثِيرَةٌ في كُتُبِهِ وقد تَكُونُ في غَيْرِ أَمَاكِنِهَا. وقد تَقَدَّمَ له نَظِيرُ ذلك في مَسَائِلَ. قال الْحَارِثِيُّ وَمِنْ الْأَصْحَابِ من قال في صُورَةِ الْبَيْعِ يَنْبَنِي على اخْتِلَافِ الرِّوَايَةِ في الشِّرَاءِ من نَفْسِهِ إنْ قُلْنَا لَا فَلَا شُفْعَةَ وَإِنْ قُلْنَا نعم فَنَعَمْ. قَوْلُهُ وَإِنْ أَسْقَطَ الشُّفْعَةَ قبل الْبَيْعِ لم تَسْقُطْ. هذا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَشَرْحِ الْحَارِثِيِّ وَغَيْرِهِمْ. قال الزَّرْكَشِيُّ عليه الْأَصْحَابُ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَسْقُطَ وهو رِوَايَةٌ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ ذَكَرَهَا أبو بَكْرٍ في الشَّافِي وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ وَالْقَوَاعِدِ. قَوْلُهُ وَإِنْ تَرَكَ الْوَلِيُّ شُفْعَةً لِلصَّبِيِّ فيها حَظٌّ لم تَسْقُطْ وَلَهُ الْأَخْذُ بها إذَا كَبِرَ وَإِنْ تَرَكَهَا لِعَدَمِ الْحَظِّ فيها سَقَطَتْ. هذا أَحَدُ الْوُجُوهِ اخْتَارَه ابن حَامِدٍ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في النَّظْمِ. قال الْحَارِثِيُّ هذا ما قَالَهُ الْأَصْحَابُ. قال الزَّرْكَشِيُّ اخْتَارَه ابن حَامِدٍ وَتَبِعَهُ الْقَاضِي وَعَامَّةُ أَصْحَابِهِ. وَقِيلَ تَسْقُطُ مُطْلَقًا وَلَيْسَ لِلْوَلَدِ الْأَخْذُ إذَا كَبِرَ اخْتَارَه ابن بَطَّةَ وكان يُفْتِي بِهِ نقله [نقل] عنه أبو حَفْصٍ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ. وَقِيلَ لَا تَسْقُطُ مُطْلَقًا وَلَهُ الْأَخْذُ بها إذَا كَبِرَ وهو الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ. قال في الْمُحَرَّرِ اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ. قال في الْخُلَاصَةِ وإذا عَفَا وَلِيُّ الصَّبِيِّ عن شُفْعَتِهِ لم تَسْقُطْ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفَائِقِ. قال الْحَارِثِيُّ هذا الْمَذْهَبُ عِنْدِي وَإِنْ كان الْأَصْحَابُ على خِلَافِهِ لِنَصِّهِ في خُصُوصِ الْمَسْأَلَةِ على ما بَيَّنَّا. قال في الْفُرُوعِ فَنَصُّهُ لَا تَسْقُطُ وَقِيلَ بَلَى. وَقِيلَ مع عَدَمِ الْحَظِّ وَأَطْلَقَهُنَّ بن حَمْدَانَ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالزَّرْكَشِيُّ.
فوائد: منها لو بِيعَ شِقْصٌ في شِرْكَةِ حَمْلٍ فَالْأَخْذُ له مُتَعَذِّرٌ إذْ لَا يَدْخُلُ في. مِلْكِهِ بِذَلِكَ قَالَهُ الْحَارِثِيُّ وَقَدَّمَهُ قال في الْقَاعِدَةِ الرَّابِعَةِ وَالثَّمَانِينَ وَمِنْهَا الْأَخْذُ لِلْحَمْلِ بِالشُّفْعَةِ إذَا مَاتَ مُوَرِّثُهُ بَعْدَ الْمُطَالَبَةِ قال الْأَصْحَابُ لَا يُؤْخَذُ له. ثُمَّ منهم من عَلَّلَ بِأَنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ وُجُودُهُ وَمِنْهُمْ من عَلَّلَ بِانْتِفَاءِ مِلْكِهِ. قال وَيَتَخَرَّجُ وَجْهٌ آخَرُ بِالْأَخْذِ له بِالشُّفْعَةِ بِنَاءً على أَنَّ له حُكْمًا وَمِلْكًا انْتَهَى. وقال في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ إذَا وُلِدَ وَكَبِرَ فَلَهُ الْأَخْذُ إذَا لم يَأْخُذْ له الْوَلِيُّ كَالصَّبِيِّ. وَمِنْهَا لو أَخَذَ الْوَلِيُّ بِالشُّفْعَةِ وَلَا حَظَّ فيها لم يَصِحَّ الْأَخْذُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَالرِّوَايَتَيْنِ وَإِلَّا اسْتَقَرَّ أَخْذُهُ. وَمِنْهَا لو كان الْأَخْذُ أَحَظَّ لِلْوَلَدِ لَزِمَ وَلِيَّهُ الْأَخْذُ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَقَطَعَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ ذَكَرُوهُ في آخِرِ بَابِ الْحَجْرِ. قال الْحَارِثِيُّ عليه الْأَصْحَابُ. وقال الزَّرْكَشِيُّ وقال غَيْرُ الْمُصَنِّفِ له الْأَخْذُ من غَيْرِ لُزُومٍ. وَكَأَنَّهُ لم يَطَّلِعْ على ما قَالُوهُ في الْحَجْرِ في الْمَسْأَلَةِ بِخُصُوصِهَا. وَعَلَى كِلَا الْقَوْلَيْنِ يَسْتَقِرُّ أَخْذُهُ وَيَلْزَمُ في حَقِّ الصَّبِيِّ. وَلَوْ تَرَكَهَا الْوَلِيُّ مَصْلَحَةً إمَّا لِأَنَّ الشِّرَاءَ وَقَعَ بِأَكْثَرَ من الْقِيمَةِ أو لِأَنَّ الثَّمَنَ يَحْتَاجُ إلَى إنْفَاقِهِ أو صَرْفِهِ فِيمَا هو أَهَمُّ أو لِأَنَّ مَوْضِعَهُ لَا يُرْغَبُ في مِثْلِهِ أو لِأَنَّ أَخْذَهُ يُؤَدِّي إلَى بَيْعِ ما إبْقَاؤُهُ أَوْلَى أو إلَى اسْتِقْرَاضِ ثَمَنِهِ وَرَهْنِ مَالِهِ أو إلَى ضَرَرٍ وَفِتْنَةٍ وَنَحْوِ ذلك فَالتَّرْكُ مُتَعَيَّنٌ. وَهَلْ يَسْقُطُ بِهِ الْأَخْذُ عِنْدَ الْبُلُوغِ وهو مَقْصُودُ الْمَسْأَلَةِ. قال الْمُصَنِّفُ عن بن حَامِدٍ نعم وَاخْتَارَه ابن بَطَّةَ وأبو الْفَرَجِ الشِّيرَازِيُّ وَمَالَ إلَيْهِ في الْمُسْتَوْعِبِ. قال ابن عَقِيلٍ وهو أَصَحُّ عِنْدِي. قال في الْفُرُوعِ لم يَصِحَّ على الْأَصَحِّ. قال الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وَيَحْتَمِلُ عَدَمَ السُّقُوطِ وَمَالَ إلَيْهِ وقال هو ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ في رِوَايَةِ بن مَنْصُورٍ وَاخْتَارَ الْحَارِثِيُّ. وقال أبو بَكْرٍ في التَّنْبِيهِ يُحْكَمُ لِلصَّغِيرِ بِالشُّفْعَةِ إذَا بَلَغَ وَنَحْوُهُ عِبَارَةُ بن أبي مُوسَى وَتَقَدَّمَ مَعْنَى ذلك قبل ذلك. وَمِنْهَا لو عَفَا الْوَلِيُّ عن الشُّفْعَةِ التي فيها حَظٌّ له ثُمَّ أَرَادَ أَخْذَهَا فَلَهُ ذلك في قِيَاسِ الْمَذْهَبِ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ والشارح [وللشارح]. قُلْت فَقَدْ يُعَايَى بها. وَلَوْ أَرَادَ الْوَلِيُّ الْأَخْذَ في ثَانِي الْحَالِ وَلَيْسَ فيها مَصْلَحَةٌ لم يَمْلِكْهُ لِاسْتِمْرَارِ الْمَانِعِ. وَإِنْ تَجَدَّدَ الْحَظُّ فَإِنْ قِيلَ بِعَدَمِ السُّقُوطِ أَخَذَ لِقِيَامِ الْمُقْتَضَى وَانْتِفَاءِ الْمَانِعِ وَإِنْ قِيلَ بِالسُّقُوطِ لم يَأْخُذْ بِحَالٍ لِانْقِطَاعِ الْحَقِّ بِالتَّرْكِ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ. وَمِنْهَا حُكْمُ وَلِيِّ الْمَجْنُونِ الْمُطْبَقِ وَالسَّفِيهِ حُكْمُ وَلِيِّ الصَّغِيرِ قَالَهُ الْأَصْحَابُ.
تنبيه: الْمُطْبَقُ هو الذي لَا تُرْجَى إفَاقَتُهُ حَكَاهُ ابن الزاغوني وقال هو الْأَشْبَهُ بِالصِّحَّةِ وَبِأُصُولِ الْمَذْهَبِ لِأَنَّ شُيُوخَنَا الْأَوَائِلَ قالوا في المعضوب [المغصوب] الذي يُجْزِئُ أَنْ يَحُجَّ عنه هو الذي لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ. وَحَكَى عن قَوْمٍ تَحْدِيدَ الْمُطْبَقِ بِالْحَوْلِ فما زَادَ قِيَاسًا على تَرَبُّصِ الْعُنَّةِ. وَعَنْ قَوْمٍ التَّحْدِيدُ بِالشَّهْرِ وما نَقَصَ مُلْحَقٌ بِالْإِغْمَاءِ ذَكَرَ ذلك الْحَارِثِيُّ. وَمِنْهَا حُكْمُ الْمُغْمَى عليه وَالْمَجْنُونِ غَيْرِ الْمُطْبَقِ حُكْمُ الْمَحْبُوسِ وَالْغَائِبِ يَنْتَظِرُ إفَاقَتَهُمَا. وَمِنْهَا لِلْمُفْلِسِ الأخذ [للأخذ] بها والعفو [وللعفو] عنها وَلَيْسَ لِلْغُرَمَاءِ إجْبَارُهُ على الْأَخْذِ بها ولو [وكان] كان فيها حَظٌّ قَطَعَ بِهِ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا. قال الْحَارِثِيُّ وَيَتَخَرَّجُ من إجْبَارِهِ على التَّكَسُّبِ إجْبَارُهُ على الْأَخْذِ إذَا كان أَحَظَّ لِلْغُرَمَاءِ انْتَهَى. وَلَيْسَ لهم الْأَخْذُ بها. وَمِنْهَا لِلْمُكَاتَبِ الْأَخْذُ وَالتَّرْكُ وَلِلْمَأْذُونِ له من الْعَبِيدِ الْأَخْذُ دُونَ التَّرْكِ وَإِنْ عَفَا السَّيِّدُ سَقَطَتْ. وَيَأْتِي آخِرُ الْبَابِ هل يَأْخُذُ السَّيِّدُ بِالشُّفْعَةِ من الْمُكَاتَبِ وَالْعَبْدِ الْمَأْذُونِ له.
فائدة: قَوْلُهُ الشَّرْطُ الرَّابِعُ أَنْ يَأْخُذَ جَمِيعَ الْمَبِيعِ. قال الْحَارِثِيُّ هذا الشَّرْطُ كَاَلَّذِي قَبْلَهُ من كَوْنِهِ ليس شَرْطًا لِأَصْلِ اسْتِحْقَاقِ الشُّفْعَةِ فإن أَخْذَ الْجَمِيعِ أَمْرٌ يَتَعَلَّقُ بِكَيْفِيَّةِ الْأَخْذِ وَالنَّظَرُ في كَيْفِيَّةِ الْأَخْذِ فَرْعُ اسْتِقْرَارِهِ فَيَسْتَحِيلُ جَعْلُهُ شَرْطًا لِثُبُوتِ أَصْلِهِ. قال وَالصَّوَابُ أَنْ يُجْعَلَ شَرْطًا لِلِاسْتِدَامَةِ كما في الذي قَبْلَهُ انْتَهَى. قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَا شَفِيعَيْنِ فَالشُّفْعَةُ بَيْنَهُمَا على قَدْرِ مِلْكَيْهِمَا. هذا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه في رِوَايَةِ إِسْحَاقَ بن مَنْصُورٍ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. قال الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالشَّارِحِ وَغَيْرِهِمْ هذا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ. قال الْحَارِثِيُّ الْمَذْهَبُ عِنْدَ الْأَصْحَابِ جميعا تَفَاوُتُ الشُّفْعَةِ بِتَفَاوُتِ الْحِصَصِ. قال في الْفَائِقِ الشُّفْعَةُ بِقَدْرِ الْحَقِّ في أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ. قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ من الرِّوَايَتَيْنِ وَجَزَمَ بِهِ ابن عقيل في تَذْكِرَتِهِ وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ وَغَيْرُهُمَا. وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وقال اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ. قُلْت منهم الْخِرَقِيُّ وأبو بَكْرٍ وأبو حَفْصٍ وَالْقَاضِي. قال الزَّرْكَشِيُّ وَجُمْهُورُ أَصْحَابِهِ. وَعَنْهُ الشُّفْعَةُ على عَدَدِ الرؤوس [الرءوس] اخْتَارَهُ ابن عقيل فقال في الْفُصُولِ هذا الصَّحِيحُ عِنْدِي. وَرَوَى الْأَثْرَمُ عنه الْوَقْفَ في ذلك حَكَاهُ الْحَارِثِيُّ.
فائدة: قَوْلُهُ فَإِنْ تَرَكَ أَحَدُهُمَا شُفْعَتَهُ لم يَكُنْ لِلْآخَرِ أَنْ يَأْخُذَ إلَّا الْكُلَّ أو يَتْرُكَ. وَهَذَا بِلَا نِزَاعٍ وَحَكَاه ابن الْمُنْذِرِ إجْمَاعًا. وَكَذَا لو حَضَرَ أَحَدُ الشُّفَعَاءِ وَغَابَ الْبَاقُونَ. فقال الْأَصْحَابُ ليس له إلَّا أَخْذَ الْكُلِّ أو التَّرْكِ. قال الْحَارِثِيُّ وَإِطْلَاقُ نَصِّ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ يَنْتَظِرُ بِالْغَالِبِ من رِوَايَةِ حَنْبَلٍ يَقْتَضِي الِاقْتِصَارَ على حِصَّتِهِ. قال وَهَذَا أَقْوَى وَالتَّفْرِيعُ على الْأَوَّلِ. فقال في التَّلْخِيصِ ليس له تَأْخِيرُ شَيْءٍ من الثَّمَنِ إلَى حُضُورِ الْغَائِبِينَ. وَحَكَى الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَجْهَيْنِ وَأَطْلَقَاهُمَا. أَحَدُهُمَا لَا يُؤَخِّرُ شيئا فَإِنْ فَعَلَ بَطَلَ حَقُّهُ من الشُّفْعَةِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي له ذلك وَلَا يَبْطُلُ حَقُّهُ وهو ما أَوْرَدَهُ الْقَاضِي وابن عَقِيلٍ. فَإِنْ كان الْغَائِبُ اثْنَيْنِ وَأَخَذَ الْحَاضِرُ الْكُلَّ ثُمَّ قَدِمَ أَحَدُهُمَا أَخَذَ النِّصْفَ من الْحَاضِرِ أو الْعَفْوَ. فَإِنْ أَخَذَ ثُمَّ قَدِمَ الْآخَرُ فَلَهُ مُقَاسَمَتُهُمَا يَأْخُذُ من كُلٍّ مِنْهُمَا ثُلُثَ ما في يَدِهِ هَكَذَا قال الْقَاضِي وابن عَقِيلٍ وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمْ وَقَدَّمَهُ الْحَارِثِيُّ. وقال ابن الزَّاغُونِيِّ الْقَادِمُ بِالْخِيَارِ بين الْأَخْذِ من الْحَاضِرِ وَبَيْنَ نَقْضِ. شُفْعَتِهِ في قَدْرِ حَقِّهِ فَيَأْخُذُ من الْمُشْتَرِي إنْ تَرَاضَوْا على ذلك وَإِلَّا نَقَضَ الْحَاكِمُ كما قُلْنَا ولم يُجْبَرْ الْحَاضِرُ على التَّسْلِيمِ إلَى الْقَادِمِ. قال وَهَذَا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ فِيمَا ذَكَرَ أَصْحَابُنَا حَكَاهُ في كِتَابِ الشُّرُوطِ. ثُمَّ إنْ ظَهَرَ الشِّقْصُ مُسْتَحَقًّا فعهدة [فهذه] الثَّلَاثَةُ على الْمُشْتَرِي قَالَهُ الْقَاضِي وابن عَقِيلٍ وَالْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُمْ. وَكَلَامُ ابن الزاغوني يَقْتَضِي أَنَّ عُهْدَةَ كل وَاحِدٍ مِمَّنْ تَسَلَّمَ منه. وإذا أَخَذَ الْحَاضِرُ الْكُلَّ ثُمَّ قَدِمَ أَحَدُهُمَا وَأَرَادَ الِاقْتِصَارَ على حِصَّتِهِ وَامْتَنَعَ من أَخْذِ النِّصْفِ فقال أَصْحَابُنَا له ذلك. فإذا أَخَذَهُ ثُمَّ قَدِمَ الْغَائِبُ الثَّانِي فَإِنْ أَخَذَ من الْحَاضِرِ سَهْمَيْنِ ولم يَتَعَرَّضْ لِلْقَادِمِ الْأَوَّلِ فَلَا كَلَامَ وَإِنْ تَعَرَّضَ فقال الْأَصْحَابُ منهم الْقَاضِي وَالْمُصَنِّفُ له أَنْ يَأْخُذَ منه ثُلُثَيْ سَهْمٍ وهو ثُلُثُ ما في يَدِهِ. قال الْحَارِثِيُّ وَلِلشَّافِعِيَّةِ وَجْهٌ يَأْخُذُ الثَّانِي من الْحَاضِرِ نِصْفَ ما في يَدِهِ وهو الثُّلُثُ قال وهو أَظْهَرُ إنْ شَاءَ اللَّهُ. قَوْلُهُ فَإِنْ كان الْمُشْتَرِي شَرِيكًا فَالشُّفْعَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْآخَرِ. مِثَالُ ذلك أَنْ تَكُونَ الدَّارُ بين ثَلَاثَةٍ فَيَشْتَرِي أَحَدُهُمْ نَصِيبَ شَرِيكِهِ فَالشِّقْصُ بين الْمُشْتَرِي وَشَرِيكِهِ قَالَهُ الْأَصْحَابُ وَلَا أَعْلَمُ فيه نِزَاعًا. لَكِنْ قال الْحَارِثِيُّ عَبَّرَ في الْمَتْنِ عن هذا بِقَوْلِهِ فَالشُّفْعَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْآخَرِ. وكذا عَبَّرَ أبو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ وَفِيهِ تَجَوُّزٌ فإن حَقِيقَةَ الشُّفْعَةِ انْتِزَاعُ الشِّقْصِ من يَدِ من انْتَقَلَتْ إلَيْهِ وهو مُتَخَلِّفٌ في حَقِّ الْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ الذي انْتَقَلَ إلَيْهِ هذا. قَوْلُهُ وإذا كانت دَارًا بين اثْنَيْنِ فَبَاعَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ لِأَجْنَبِيٍّ صَفْقَتَيْنِ ثُمَّ عَلِمَ شَرِيكُهُ فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ بالبيعين [باليمين] وَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ بِأَحَدِهِمَا. قَالَهُ الْأَصْحَابُ منهم الْقَاضِي وابن عَقِيلٍ وَغَيْرُهُمَا وَهِيَ تَعَدُّدُ الْعَقْدِ. قَوْلُهُ فَإِنْ أَخَذَ بِالثَّانِي شَارَكَهُ الْمُشْتَرِي في شُفْعَتِهِ في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ. وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ صَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَشَرْحِ الْحَارِثِيِّ وَالتَّصْحِيحِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْفَائِقِ وَقَدَّمَه ابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يُشَارِكُهُ فيها اخْتَارَهُ الْقَاضِي وابن عَقِيلٍ. وَفِيهِ وَجْهٌ ثَالِثٌ وهو إنْ عَفَا الشَّفِيعُ عن الْأَوَّلِ شَارَكَهُ في الثَّانِي. وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ. قَوْلُهُ وَإِنْ أَخَذَ بِهِمَا لم يُشَارِكْهُ في شُفْعَةِ الْأَوَّلِ بِلَا نِزَاعٍ. وَهَلْ يُشَارِكُهُ في شُفْعَةِ الثَّانِي على وَجْهَيْنِ. وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ. أَحَدُهُمَا يُشَارِكُهُ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يُشَارِكُهُ. قال الْحَارِثِيُّ وهو الْأَصَحُّ. قُلْت وهو الصَّوَابُ. قَوْلُهُ وَإِنْ اشْتَرَى اثْنَانِ حَقَّ وَاحِدٍ فَلِلشَّفِيعِ أَخْذُ حَقِّ أَحَدِهِمَا. إذَا تَعَدَّدَ الْمُشْتَرِي وَالْبَائِعُ وَاحِدٌ بِأَنْ ابْتَاعَ اثْنَانِ أو جَمَاعَةٌ شِقْصًا من وَاحِدٍ فقال ابن الزَّاغُونِيِّ في الْمَبْسُوطِ نَصَّ الْإِمَامُ أَحْمَدُ على أَنَّ شِرَاءَ الِاثْنَيْنِ من الْوَاحِدِ عَقْدَانِ وَصَفْقَتَانِ فَلِلشَّفِيعِ إذَنْ أَخْذُ نَصِيبِ أَحَدِهِمَا وَتَرْكُ الْبَاقِي كما قال الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ من الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ. وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالْحَارِثِيِّ وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ من الْأَصْحَابِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ وَالْفَائِقِ. وَقِيلَ هو عَقْدٌ وَاحِدٌ فَلَا يَأْخُذُ إلَّا الْكُلَّ أو يَتْرُكُ.
فائدتان: إحْدَاهُمَا لو اشْتَرَى الْوَاحِدُ لِنَفْسِهِ وَلِغَيْرِهِ بِالْوِكَالَةِ شِقْصًا من وَاحِدٍ فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ لِتَعَدُّدِ من وَقَعَ الْعَقْدُ له وَكَذَا ما لو كان وَكِيلًا لِاثْنَيْنِ وَاشْتَرَى لَهُمَا. وَقِيلَ الِاعْتِبَارُ بِوَكِيلِ الْمُشْتَرِي ذَكَرَهُ في الرِّعَايَةِ. الثَّانِيَةُ لو بَاعَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ نَصِيبَهُ من ثَلَاثَةٍ صَفْقَةً وَاحِدَةً فَلِلشَّفِيعِ الْأَخْذُ من الْجَمِيعِ وَمِنْ الْبَعْضِ. فَإِنْ أَخَذَ من الْبَعْضِ فَلَيْسَ لِمَنْ عَدَاهُ الشَّرِكَةُ في الشُّفْعَةِ. وَإِنْ بَاعَ كُلًّا منهم على حِدَةٍ ثُمَّ عَلِمَ الشَّفِيعُ فَلَهُ الْأَخْذُ من الْكُلِّ وَمِنْ الْبَعْضِ. فَإِنْ أَخَذَ من الْأَوَّلِ فَلَا شَرِكَةَ لِلْآخَرِينَ وَإِنْ أَخَذَ من الثَّانِي فَلَا شَرِكَةَ لِلثَّالِثِ وَلِلْأَوَّلِ الشَّرِكَةُ في أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ قَالَهُ الْحَارِثِيُّ وَجَزَمَ بِهِ في التَّلْخِيصِ وَغَيْرِهِ وفي الْآخَرِ لَا. وَإِنْ أَخَذَ من الثَّالِثِ فَفِي شَرِكَةِ الْأَوَّلَيْنِ الْوَجْهَانِ. وَإِنْ أَخَذَ من الْكُلِّ فَفِي شَرِكَةِ الْأَوَّلِ في الثَّانِي وَالثَّالِثِ وَالثَّانِي في الثَّالِثِ وَجْهَانِ. فَإِنْ قِيلَ بِالشَّرِكَةِ وَالْمَبِيعُ متساوي [متساو] فَالسُّدُسُ الْأَوَّلُ لِلشَّفِيعِ وَثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الثَّانِي وَثَلَاثَةُ أَخْمَاسِ الثَّالِثِ وَلِلْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ رُبُعُ السُّدُسِ الثَّانِي وَخُمُسُ الثَّالِثِ وَلِلْمُشْتَرِي الثَّانِي الْخُمُسُ الْبَاقِي من الثَّالِثِ. وَتَصِحُّ من مِائَةٍ وَعِشْرِينَ لِلشَّفِيعِ مِائَةٌ وَسَبْعَةٌ وَلِلْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ تِسْعَةٌ وَالثَّانِي أَرْبَعَةٌ. وَإِنْ قِيلَ بالرؤوس [بالرءوس] فَلِلْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ نِصْفُ السُّدُسِ الثَّانِي وَثُلُثُ الثَّالِثِ وَلِلثَّانِي الثُّلُثُ الْبَاقِي من الثَّالِثِ فَتَصِحُّ من سِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ لِلشَّفِيعِ تِسْعَةٌ وَعِشْرُونَ وَلِلثَّانِي خَمْسَةٌ وَلِلثَّالِثِ اثْنَانِ ذَكَرَ ذلك الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ وَاقْتَصَرَ عليه الْحَارِثِيُّ. قَوْلُهُ وَإِنْ اشْتَرَى وَاحِدٌ حَقَّ اثْنَيْنِ أو اشْتَرَى وَاحِدٌ شِقْصَيْنِ من أَرْضَيْنِ صَفْقَةً وَاحِدَةً وَالشَّرِيكُ وَاحِدٌ فَلِلشَّفِيعِ أَخْذُ حَقِّ أَحَدِهِمَا في أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ. ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ هُنَا مَسْأَلَتَيْنِ. إحْدَاهُمَا تَعَدُّدُ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي وَاحِدٌ بِأَنْ بَاعَ اثْنَانِ نَصِيبَهُمَا من وَاحِدٍ صَفْقَةً وَاحِدَةً فَلِلشَّفِيعِ أَخْذُ أَحَدِهِمَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. قال الْحَارِثِيُّ عليه الْأَصْحَابُ حتى الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ لِأَنَّهُمَا عَقْدَانِ لِتَوَقُّفِ نَقْلِ الْمِلْكِ عن كل وَاحِدٍ من الْبَائِعَيْنِ على عَقْدٍ فَمَلَكَ الِاقْتِصَارَ على أَحَدِهِمَا كما لو كَانَا مُتَعَاقِبَيْنِ أو الْمُشْتَرِي اثْنَانِ وَجَزَمَ بِهِ في الْكَافِي وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمَا وَصَحَّحَهُ في الْخُلَاصَةِ وَشَرْحِ حَفِيدِهِ وَغَيْرِهِمَا وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَنَصَرَاهُ وَغَيْرُهُمْ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي ليس له إلَّا أَخْذُ الْكُلِّ أو التَّرْكُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي في الْجَامِعِ الصَّغِيرِ ورؤوس [ورءوس] الْمَسَائِلِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. وَقِيلَ له أَخْذُ أَحَدِهِمَا هُنَا دُونَ التي بَعْدَهَا جَزَمَ بِهِ في الْفُنُونِ وَقَاسَهُ على تَعَدُّدِ الْمُشْتَرِي بِكَلَامٍ يَقْتَضِي أَنَّهُ مَحَلُّ وِفَاقٍ وَأَطْلَقَهُنَّ في الْفُرُوعِ وَهِيَ تَعَدُّدُ الْبَائِعِ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ التَّعَدُّدُ بِتَعَدُّدِ الْمَبِيعِ بِأَنْ بَاعَ شِقْصَيْنِ من دَارَيْنِ صَفْقَةً وَاحِدَةً. من وَاحِدٍ فَلِلشَّفِيعِ أَخْذُهُمَا جميعا وَإِنْ أَخَذَ أَحَدَهُمَا فَلَهُ ذلك على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ. قال الْحَارِثِيُّ هذا الْمَذْهَبُ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَصَحَّحَهُ في الْخُلَاصَةِ وَحَفِيدُهُ في شَرْحِهِ وَغَيْرِهِمَا وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْكَافِي وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَنَصَرَاهُ وَغَيْرُهُمْ. وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ نَاظِمُهَا. وَالْوَجْهُ الثَّانِي ليس له أَخْذُ أَحَدِهِمَا وهو احْتِمَالٌ في الْهِدَايَةِ. قال بَعْضُهُمْ اخْتَارَهُ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ وَهِيَ تَعَدُّدُ الْمَبِيعِ. فَعَلَى هذا الْوَجْهِ إنْ اخْتَارَ أَحَدُهُمَا سَقَطَتْ الشُّفْعَةُ فِيهِمَا لِتَرْكِ الْبَعْضِ مع إمْكَانِ أَخْذِ الْكُلِّ وَكَمَا لو كان شِقْصًا وَاحِدًا.
تنبيه: هذا إذَا اتَّحَدَ الشَّفِيعُ فَإِنْ كان لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا شَفِيعٌ فَلَهُمَا أَخْذُ الْجَمِيعِ وَقِسْمَةُ الثَّمَنِ على الْقِيمَةِ وَلَيْسَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا الِانْفِرَادُ بِالْجَمِيعِ في أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ. نعم له الِاقْتِصَارُ على ما هو شَرِيكٌ فيه بِحِصَّتِهِ من الثَّمَنِ وَافَقَهُ الْآخَرُ بِالْأَخْذِ أو خَالَفَهُ. وَخَرَّجَ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ انْتِفَاءَ الشُّفْعَةِ بِالْكُلِّيَّةِ من مَسْأَلَةِ الشِّقْصِ وَالسَّيْفِ.
فائدة: بَقِيَ مَعَنَا لِلتَّعَدُّدِ صُورَةٌ وَهِيَ أَنْ يَبِيعَ اثْنَانِ نَصِيبَهُمَا من اثْنَيْنِ صَفْقَةً وَاحِدَةً فَالتَّعَدُّدُ وَاقِعٌ من الطَّرَفَيْنِ وَالْعَقْدُ وَاحِدٌ. قال الْحَارِثِيُّ وَلِهَذَا قال أَصْحَابُنَا هِيَ بِمَثَابَةِ أَرْبَعِ صَفَقَاتٍ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ. وَقَالَا هِيَ أَرْبَعَةُ عُقُودٍ إذْ عَقْدُ الْوَاحِدِ مع الِاثْنَيْنِ عَقْدَانِ فَلِلشَّفِيعِ أَخْذُ. الْكُلِّ أو ما شَاءَ مِنْهُمَا وَذَلِكَ خَمْسَةٌ أَخِيرَةٌ أَخْذُ الْكُلِّ أَخْذُ نِصْفِهِ وَرُبُعِهِ مِنْهُمَا أَخْذُ نِصْفِهِ مِنْهُمَا أَخْذُ نِصْفِهِ من أَحَدِهِمَا أَخْذُ رُبُعِهِ من أَحَدِهِمَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي وابن عَقِيلٍ وَغَيْرُهُمَا. وَقِيلَ ذلك عَقْدَانِ قَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ. قال في الْفَائِقِ وَلَوْ تَعَدَّدَ الْبَائِعُ وَالْمَبِيعُ وَاتَّحَدَ الْعَقْدُ والمشتري فعلى وجهين. قَوْلُهُ وَإِنْ بَاعَ شِقْصًا وَسَيْفًا فَلِلشَّفِيعِ أَخْذُ الشِّقْصِ بِحِصَّتِهِ من الثَّمَنِ. هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَجُوزَ. وهو تَخْرِيجٌ لِأَبِي الْخَطَّابِ في الْهِدَايَةِ وَمَنْ بَعْدَهُ بِنَاءً على تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ.
فائدة: أَخْذُ الشَّفِيعِ لِلشِّقْصِ لَا يُثْبِتُ خِيَارَ التَّفْرِيقِ لِلْمُشْتَرِي قَالَهُ في التَّلْخِيصِ وَغَيْرِهِ وَاقْتَصَرَ عليه الْحَارِثِيُّ. قَوْلُهُ وَإِنْ تَلِفَ بَعْضُ الْمَبِيعِ فَلَهُ أَخْذُ الْبَاقِي بِحِصَّتِهِ من الثَّمَنِ. هذا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ إلَّا أَنَّ بن حَامِدٍ اخْتَارَ أَنَّهُ إنْ كان تَلَفُهُ بِفِعْلِ اللَّهِ تَعَالَى فَلَيْسَ له أَخْذُهُ إلَّا بِجَمِيعِ الثَّمَنِ كما نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ عنه.
فائدة: لو تَعَيَّبَ الْمَبِيعُ بِعَيْبٍ من الْعُيُوبِ الْمُنْقِصَةِ لِلثَّمَنِ مع بَقَاءِ عَيْنِهِ فَلَيْسَ له الْأَخْذُ إلَّا بِكُلِّ الثَّمَنِ او التَّرْكِ قَطَعَ بِهِ الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي وَصَاحِبِ التَّلْخِيصِ وَالشَّارِحِ وَصَاحِبِ الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. وَفِيهِ وَجْهٌ آخَرُ له الْأَخْذُ بِالْحِصَّةِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي يَعْقُوبُ. قال الْحَارِثِيُّ وَأَظُنُّ أو أَجْزِمُ أَنَّهُ قَوْلُ الْقَاضِي في التَّعْلِيقِ قال وهو الصَّحِيحُ. قَوْلُهُ الْخَامِسُ أَنْ يَكُونَ لِلشَّفِيعِ مِلْكٌ سَابِقٌ فَإِنْ اشْتَرَى اثْنَانِ دَارًا صَفْقَةً وَاحِدَةً فَلَا شُفْعَةَ لِأَحَدِهِمَا على صَاحِبِهِ بِلَا نِزَاعٍ. فَإِنْ ادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السَّبْقَ فَتَحَالَفَا أو تَعَارَضَتْ بَيِّنَتَاهُمَا فَلَا شُفْعَةَ لَهُمَا. هذا الْمَذْهَبُ في تَعَارُضِ الْبَيِّنَتَيْنِ على ما يَأْتِي في بَابِهِ. فَإِنْ قِيلَ بِاسْتِعْمَالِهِمَا بِالْقُرْعَةِ فَمَنْ قَرَعَ حَلَفَ وَقَضَى له. وَإِنْ قِيلَ بِاسْتِعْمَالِهِمَا بِالْقِسْمَةِ فَلَا أَثَرَ لها ها هنا لِأَنَّ الْعَيْنَ بَيْنَهُمَا مُنْقَسِمَةٌ إلَّا أَنْ تَتَفَاوَتَ الشَّرِكَةُ فَيُفِيدَ التَّنْصِيفُ وَلَا يَمِينَ إذًا على ما يَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. قَوْلُهُ وَلَا شُفْعَةَ بِشَرِكَةِ الْوَقْفِ في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ. إذَا بِيعَ طِلْقٌ في شَرِكَةِ وَقْفٍ فَهَلْ يَسْتَحِقُّهُ الْمَوْقُوفُ عليه لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ نَقُولَ يَمْلِكُ الْمَوْقُوفُ عليه الْوَقْفَ أو لَا. فَإِنْ قُلْنَا يَمْلِكُهُ وهو الْمَذْهَبُ على ما يَأْتِي فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ هُنَا أَنَّهُ لَا شُفْعَةَ له جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَطَعَ بِهِ أَيْضًا بن أبي مُوسَى وَالْقَاضِي وَابْنُهُ وابن عَقِيلٍ وَالشَّرِيفَانِ أبو جَعْفَرٍ وَالزَّيْدِيُّ وأبو الْفَرَجِ الشِّيرَازِيُّ في آخَرِينَ وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ وَصَحَّحَهُ في الْخُلَاصَةِ وَالنَّظْمِ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ. وقال أبو الْخَطَّابِ له الشُّفْعَةُ. قال الْحَارِثِيُّ وُجُوبُ الشُّفْعَةِ على قَوْلِنَا بِالْمِلْكِ هو الْحَقُّ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْكَافِي. وَإِنْ قُلْنَا لَا يَمْلِكُ الْمَوْقُوفُ عليه الْوَقْفَ فَلَا شُفْعَةَ أَيْضًا على الصَّحِيحِ من. الْمَذْهَبِ قَطَعَ بِهِ الْجُمْهُورُ منهم الْقَاضِي وأبو الْخَطَّابِ وَصَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَمَنْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ في الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَغَيْرُهُمْ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. وَقِيلَ له الشُّفْعَةُ قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَقِيلَ إنْ قُلْنَا الْقِسْمَةُ إفْرَازٌ وَجَبَتْ وَإِلَّا فَلَا انْتَهَى. اخْتَارَ في التَّرْغِيبِ إنْ قُلْنَا الْقِسْمَةُ إقرار [إفراز] وَجَبَتْ هِيَ وَالْقِسْمَةُ بَيْنَهُمَا. فَعَلَى هذا الْأَصَحِّ يُؤْخَذُ بها مَوْقُوفٌ جَازَ بَيْعُهُ. قال في التَّلْخِيصِ بَعْدَ أَنْ حَكَى كَلَامَ أبي الْخَطَّابِ الْمُتَقَدِّمَ وَيَتَخَرَّجُ عِنْدِي وَإِنْ قُلْنَا يَمْلِكُهُ في الشُّفْعَةِ وَجْهَانِ مَبْنِيَّانِ على أَنَّهُ هل يُقَسَّمُ الْوَقْفُ وَالطِّلْقُ أَمْ لَا. فَإِنْ قُلْنَا الْقِسْمَةُ إفْرَازٌ قُسِّمَ وَتَجِبُ الشُّفْعَةُ وَإِنْ قُلْنَا بَيْعٌ فَلَا قِسْمَةَ وَلَا شُفْعَةَ انْتَهَى. قال في الْقَوَاعِدِ بَعْدَ أَنْ حَكَى الطَّرِيقَتَيْنِ هذا كُلُّهُ مُفَرَّعٌ على الْمَذْهَبِ في جَوَازِ قِسْمَةِ الْوَقْفِ من الطِّلْقِ. أَمَّا على الْوَجْهِ الْآخَرِ بِمَنْعِ القسمة [القسم] فَلَا شُفْعَةَ إذ [إذا] لَا شُفْعَةَ في ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ إلَّا فِيمَا يَقْبَلُ الْقِسْمَةَ من الْعَقَارِ. وَكَذَلِكَ بَنَى صَاحِبُ التَّلْخِيصِ الْوَجْهَيْنِ على الْخِلَافِ في قَبُولِ الْقِسْمَةِ انْتَهَى.
تنبيه: هذه الطَّرِيقَةُ التي ذَكَرْنَاهَا وَهِيَ إنْ قُلْنَا الْمَوْقُوفُ عليه يَمْلِكُ الْوَقْفَ وَجَبَتْ الشُّفْعَةُ أو لَا يَمْلِكُ فَلَا شُفْعَةَ هِيَ طَرِيقَةُ أبي الْخَطَّابِ وَجَمَاعَةٍ. وَلِلْأَصْحَابِ طَرِيقَةٌ أُخْرَى وَهِيَ أَنَّ الْخِلَافَ جَارٍ سَوَاءٌ قُلْنَا يَمْلِكُ الْمَوْقُوفُ عليه الْوَقْفَ أَمْ لَا وَهِيَ طَرِيقَةُ الْأَكْثَرِينَ وَهِيَ طَرِيقَةُ الْمُصَنِّفِ هُنَا وَغَيْرُهُ. وَمِنْهُمْ من قال إنْ قُلْنَا بِعَدَمِ الْمِلْكِ فَلَا شُفْعَةَ. وَإِنْ قِيلَ بِالْمِلْكِ فَوَجْهَانِ وَهِيَ طَرِيقَةُ صَاحِبِ الْمُحَرَّرِ وَاخْتَارَهُ في التَّلْخِيصِ لَكِنْ بَنَاهُ على ما تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ وَإِنْ تَصَرَّفَ الْمُشْتَرِي في الْمَبِيعِ قبل الطَّلَبِ بِوَقْفٍ أو هِبَةٍ وَكَذَا بِصَدَقَةٍ سَقَطَتْ وكذا لو أَعْتَقَهُ. نَصَّ عليه وَقُلْنَا فيه الشُّفْعَةُ على ما تَقَدَّمَ وَهَذَا الْمَذْهَبُ في الْجَمِيعِ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. قال الْحَارِثِيُّ وقال أَصْحَابُنَا إنْ تَصَرَّفَ بِالْهِبَةِ أو الصَّدَقَةِ أو الْوَقْفِ بَطَلَتْ الشُّفْعَةُ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَصَحَّحَهُ في الْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهَا وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَنَاظِمِ الْمُفْرَدَاتِ وهو منها فقال بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ الْوَقْفَ وَالْهِبَةَ وَالصَّدَقَةَ: جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ على هذا النَّمَطِ *** وَالْقَاضِي قال النَّصُّ في الْوَقْفِ فَقَطْ وقال أبو بَكْرٍ في التَّنْبِيهِ وَلَوْ بَنَى حِصَّتَهُ مَسْجِدًا كان الْبِنَاءُ بَاطِلًا لِأَنَّهُ وَقَعَ في غَيْرِ مِلْكٍ تَامٍّ له هذا لَفْظُهُ. قال الْمُصَنِّفُ الْقِيَاسُ قَوْلُ أبي بَكْرٍ وَاخْتَارَهُ في الْفَائِقِ. قال الْحَارِثِيُّ وهو قَوِيٌّ جِدًّا. وقال حَكَى الْقَاضِي أَنَّ أَبَا بَكْرٍ قال في التَّنْبِيهِ الشَّفِيعُ بِالْخِيَارِ بين أَنْ يُقِرَّهُ على ما تَصَرَّفَ وَبَيْنَ أَنْ يَنْقُضَ التَّصَرُّفَ فَإِنْ كان وَقْفًا على قَوْمٍ فَسَخَهُ وَإِنْ كان مَسْجِدًا نَقَضَهُ اعْتِبَارًا بِهِ لو تَصَرَّفَ بِالْبَيْعِ. قال وَتَبِعَهُ الْأَصْحَابُ عليه. وَمِنْ ضَرُورَتِهِ عَدَمُ السُّقُوطِ مُطْلَقًا كما ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا عنه. قال ولم أَرَ هذا في التَّنْبِيهِ إنَّمَا فيه ما ذَكَرْنَا أَوَّلًا من بُطْلَانِ أَصْلِ التَّصَرُّفِ وَبَيْنَهُمَا من الْبَوْنِ ما لَا يَخْفَى انْتَهَى. وقال في الْفَائِقِ وَخَصَّ الْقَاضِي النَّصَّ بِالْوَقْفِ ولم يَجْعَلْ غَيْرَهُ مُسْقِطًا اخْتَارَهُ شَيْخُنَا انْتَهَى. قال في الْفُصُولِ وَعَنْهُ لَا تَسْقُطُ لِأَنَّهُ شَفِيعٌ وَضَعَّفَهُ بِوَقْفِ غَصْبٍ أو مَرِيضٍ مَسْجِدًا.
تنبيه: قال في الْقَاعِدَةِ الرَّابِعَةِ وَالْخَمْسِينَ صَرَّحَ الْقَاضِي بِجَوَازِ الْوَقْفِ وَالْإِقْدَامِ عليه وَظَاهِرُ كَلَامِهِ في مَسْأَلَةِ التَّحَيُّلِ على إسْقَاطِ الشُّفْعَةِ تَحْرِيمُهُ وهو الْأَظْهَرُ انْتَهَى. قُلْت قد تَقَدَّمَ كَلَامُ صَاحِبِ الْفَائِقِ في ذلك في أَوَّلِ الْبَابِ.
فائدتان: إحْدَاهُمَا لَا يَسْقُطُ رَهْنُهُ الشُّفْعَةَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَإِنْ سَقَطَتْ بِالْوَقْفِ وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَنَصَرَهُ الْحَارِثِيُّ. وَقِيلَ الرَّهْنُ كَالْوَقْفِ وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ جَزَمَ بِهِ في الْكَافِي وَالْمُغْنِي وَالْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. قال الْحَارِثِيُّ أَلْحَقَ الْمُصَنِّفُ الرَّهْنَ بِالْوَقْفِ وَالْهِبَةِ وهو بَعِيدٌ عن نَصِّ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ فإنه أَبْطَلَ في الصَّدَقَةِ وَالْوَقْفِ بِالْخُرُوجِ عن الْيَدِ وَالْمِلْكِ وَالرَّهْنُ غَيْرُ خَارِجٍ عن الْمِلْكِ فَامْتَنَعَ الْإِلْحَاقُ انْتَهَى. وقال في الْفَائِقِ وَخَصَّ الْقَاضِي النَّصَّ بِالْوَقْفِ ولم يَجْعَلْ غَيْرَهُ مُسْقِطًا. اخْتَارَهُ شَيْخُنَا يَعْنِي الشَّيْخَ تَقِيَّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ. وَكَلَامُ الشَّيْخِ يَعْنِي بِهِ الْمُصَنِّفَ يَقْتَضِي مُسَاوَاةَ الرَّهْنِ وَالْإِجَارَةِ وَكُلَّ عَقْدٍ لَا تَجِبُ الشُّفْعَةُ فيه لِلْوَقْفِ. قال يَعْنِي الْمُصَنِّفَ وَلَوْ جَعَلَهُ صَدَاقًا أو عِوَضًا عن خُلْعٍ انْبَنَى على الْوَجْهَيْنِ في الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ انْتَهَى. وَقَدَّمَ في الرِّعَايَةِ سُقُوطَهَا بِإِجَارَةٍ وَصَدَقَةٍ. الثَّانِيَةُ لو أَوْصَى بِالشِّقْصِ فَإِنْ أَخَذَ الشَّفِيعُ قبل الْقَبُولِ بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ وَاسْتَقَرَّ الْأَخْذُ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَالْحَارِثِيُّ وَغَيْرُهُمْ. وَإِنْ طَلَبَ ولم يَأْخُذْ بَعْدُ بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ أَيْضًا وَيَدْفَعُ الثَّمَنَ إلَى الْوَرَثَةِ لِأَنَّهُ مِلْكُهُمْ وَإِنْ كان الموصى له قَبِلَ قبل أَخْذِ الشَّفِيعِ أو طَلَبِهِ فَكَمَا مَرَّ في الْهِبَةِ تَنْقَطِعُ الشُّفْعَةُ بها على الْمَذْهَبِ. قال الْحَارِثِيُّ وَعَلَى المحكى عن أبي بَكْرٍ وَإِنْ كان لَا يَثْبُتُ عنه لَا تنقطع [ينقطع] وهو الْحَقُّ انْتَهَى. وهو مُقْتَضَى إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ في الْمُغْنِي. قَوْلُهُ وَإِنْ بَاعَ فَلِلشَّفِيعِ الْأَخْذُ بِأَيِّ البيعين [البيعتين] شَاءَ. هذا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ وَالْمَشْهُورُ عِنْدَ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم. وقال ابن أبي مُوسَى يَأْخُذُهُ مِمَّنْ هو في يَدِهِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ ابن عقيل في التَّذْكِرَةِ لِأَنَّهُ قال إذَا خَرَجَ من يَدِهِ وَمِلْكِهِ كَيْفَ يُسَلِّمُ. وَقِيلَ الْبَيْعُ بَاطِلٌ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ أبي بَكْرٍ في التَّنْبِيهِ قَالَهُ في الْقَاعِدَةِ الرَّابِعَةِ وَالْعِشْرِينَ. وقال في آخِرِ الْقَاعِدَةِ الثَّالِثَةِ وَالْخَمْسِينَ وَذَكَرَ أبو الْخَطَّابِ أَنَّ تَصَرُّفَ الْمُشْتَرِي في الشِّقْصِ الْمَشْفُوعِ يَصِحُّ وَيَقِفُ على إجَازَةِ الشَّفِيعِ. قَوْلُهُ وَإِنْ فُسِخَ الْبَيْعُ بِعَيْبٍ أو إقَالَةٍ فَلِلشَّفِيعِ أَخْذُهُ إذَا تَقَايَلَا الشِّقْصَ ثُمَّ عَلِمَ الْمُشْتَرِي إنْ قُلْنَا الْإِقَالَةُ بَيْعٌ فَلَهُ الْأَخْذُ من أَيِّهِمَا شَاءَ. فَإِنْ أَخَذَ من الْمُشْتَرِي نَقَضَ الْإِقَالَةَ لِيَعُودَ الشِّقْصُ إلَيْهِ فَيَأْخُذَ منه وَإِنْ قُلْنَا فَسْخٌ فَلَهُ الشُّفْعَةُ أَيْضًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ. قال الْحَارِثِيُّ ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ الْقَاضِي وأبو الْخَطَّابِ وابن عَقِيلٍ وَالْمُصَنِّفُ في آخَرِينَ انْتَهَى. وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالنَّظْمِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ. قال الْحَارِثِيُّ ثُمَّ ذَكَرَ الْقَاضِي وابن عَقِيلٍ وَالْمُصَنِّفُ في كِتَابَيْهِ أَنَّهُ يَفْسَخُ الْإِقَالَةَ لِيَرْجِعَ الشِّقْصُ إلَى الْمُشْتَرِي فَيَأْخُذَ منه. قال الْمُصَنِّفُ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ الْأَخْذُ مَعَهَا. وقال ابن أبي مُوسَى لِلشَّفِيعِ انْتِزَاعُهُ من يَدِ الْبَائِعِ. قال الْحَارِثِيُّ وَالْأَوَّلُ أَوْلَى لِأَنَّ الِاسْتِشْفَاعَ الِانْتِزَاعُ من يَدِ الْمُشْتَرِي وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ لَا يُمْكِنُ الْأَخْذُ مَعَهَا. وقد نَصَّ الْإِمَامُ احمد رَحِمَهُ اللَّهُ في رِوَايَةِ بن الْحَكَمِ على بُطْلَانِ الشُّفْعَةِ. وَحَمَلَهُ الْقَاضِي على أَنَّ الشَّفِيعَ عَفَا ولم يُطَالِبْ وَتَبِعَهُ ابن عقيل. قال في الْمُسْتَوْعِبِ وَعِنْدِي أَنَّ الْكَلَامَ على ظَاهِرِهِ وَمَتَى تَقَايَلَا قبل. الْمُطَالَبَةِ بِالشُّفْعَةِ لم تَجِبْ الشُّفْعَةُ وكذا قال صَاحِبُ التَّلْخِيصِ وزاد فَيَكُونُ على رِوَايَتَيْنِ. قال الْحَارِثِيُّ وَالْبُطْلَانُ هو الذي يَصِحُّ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ.
فائدة: لو تَقَايَلَا بَعْدَ عَفْوِ الشَّفِيعِ ثُمَّ عَنَّ له الْمُطَالَبَةُ فَفِي الْمُجَرَّدِ وَالْفُصُولِ إنْ قِيلَ الْإِقَالَةُ فَسْخٌ فَلَا شَيْءَ له وَإِنْ قِيلَ هِيَ بَيْعٌ تَجَدَّدَتْ الشُّفْعَةُ وَأَخَذَ من الْبَائِعِ لِتَجَدُّدِ السَّبَبِ فَهُوَ كَالْعَوْدِ إلَيْهِ بِالْبَيْعِ الصَّرِيحِ وَاقْتَصَرَ عليه الْحَارِثِيُّ. وَإِنْ فُسِخَ الْبَيْعُ بِعَيْبٍ قَدِيمٍ ثُمَّ عَلِمَ الشَّفِيعُ وَطَالَبَ مُقَدَّمًا على الْعَيْبِ فقال الْمُصَنِّفُ هُنَا له الشُّفْعَةُ كَذَا قال الْأَصْحَابُ الْقَاضِي وأبو الْخَطَّابِ وابن عَقِيلٍ في آخَرِينَ. وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ ليس له الْأَخْذُ إذَا فُسِخَ بِعَيْبٍ ذَكَرَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ أَخْذًا من نَصِّهِ في رِوَايَةِ بن الْحَكَمِ في الْمُقَايَلَةِ. وَأَكْثَرُهُمْ حَكَاهُ قَوْلًا وَمَالَ إلَيْهِ الْحَارِثِيُّ.
فوائد: ُ. منها لو بَاعَ شِقْصًا بِعَبْدٍ ثُمَّ وَجَدَ الْعَبْدَ مَعِيبًا فقال في الْمُغْنِي وَالْمُجَرَّدِ وَالْفُصُولِ وَغَيْرِهِمْ له رَدُّ الْعَبْدِ وَاسْتِرْجَاعُ الشِّقْصِ وَلَا شَيْءَ لِلشَّفِيعِ وَاخْتَارَ الْحَارِثِيُّ ثُبُوتَ الشُّفْعَةِ له انْتَهَى. قال الْأَصْحَابُ وَإِنْ أَخَذَ الشَّفِيعُ الشِّقْصَ ثُمَّ وَجَدَ الْبَائِعُ الْعَيْبَ لم يَمْلِكْ اسْتِرْدَادَ الشِّقْصِ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ عنه بُطْلَانُ عَقْدٍ آخَرَ. قُلْت فَيُعَايَى بها. وَلَكِنْ يَرْجِعُ بِقِيمَةِ الشِّقْصِ وَالْمُشْتَرِي قد أَخَذَ من الشَّفِيعِ قِيمَةَ الْعَبْدِ فَإِنْ سَاوَتْ قِيمَةَ الْعَبْدِ فَذَاكَ وَإِنْ زَادَتْ إحْدَاهُمَا على الْأُخْرَى فَفِي رُجُوعِ بَاذِلِ الزِّيَادَةِ من الْمُشْتَرِي وَالشَّفِيعِ على صَاحِبِهِ وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ. أَحَدُهُمَا يَرْجِعُ بِالزِّيَادَةِ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وابن عَقِيلٍ وَالْمَجْدُ وَجَزَمَ بِهِ في الْكَافِي وَصَحَّحَهُ في الْفُرُوعِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَرْجِعُ. وَإِنْ عَادَ الشِّقْصُ إلَى الْمُشْتَرِي بَعْدَ دَفْعِ قِيمَتِهِ بِبَيْعٍ أو إرْثٍ أو هِبَةٍ أو غَيْرِهَا فَفِي الْمُجَرَّدِ وَالْفُصُولِ لَا يَلْزَمُهُ الرَّدُّ على الْبَائِعِ وَلَا لِلْبَائِعِ اسْتِرْدَادُهُ. قال في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ ليس لِلشَّفِيعِ أَخْذُهُ بِالْبَيْعِ الْأَوَّلِ انْتَهَيَا. وَإِنْ أَخَذَ الْبَائِعُ الْأَرْشَ ولم يُرِدْ فَإِنْ كان الشَّفِيعُ أَخَذَ بِقِيمَتِهِ صَحِيحًا فَلَا رُجُوعَ للمشترى عليه وَإِنْ أَخَذَ بِقِيمَتِهِ مَعِيبًا فَلِلْمُشْتَرِي الرُّجُوعُ بِمَا أَدَّى من الْأَرْشِ ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ. وَلَوْ عَفَا الْبَائِعُ مَجَّانًا بالقيمة [وبالقيمة] صَحِيحًا فَفِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ لَا يَرْجِعُ الشَّفِيعُ على الْمُشْتَرِي بِشَيْءٍ وَاقْتَصَرَ عليه الْحَارِثِيُّ. وَقِيلَ يَرْجِعُ على الْمُشْتَرِي بِالْأَرْشِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ. وَمِنْهَا لو اشْتَرَى شِقْصًا بِعَبْدٍ أو بِثَمَنٍ مُعَيَّنٍ وَظَهَرَ مُسْتَحَقًّا فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ وَلَا شُفْعَةَ وَعَلَى الشَّفِيعِ رَدُّ الشِّقْصِ إنْ أَخَذَهُ وَإِنْ ظَهَرَ الْبَعْضُ مُسْتَحَقًّا بَطَلَ الْبَيْعُ فيه وفي الْبَاقِي رِوَايَتَا تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ. وَمِنْهَا لو كان الشِّرَاءُ بِثَمَنٍ في الذِّمَّةِ وَنَقَدَهُ فَخَرَجَ مُسْتَحَقًّا لم يَبْطُلْ الْبَيْعُ وَالشُّفْعَةُ بِحَالِهَا وَيَرُدُّ الثَّمَنَ إلَى مَالِكِهِ وَعَلَى الْمُشْتَرِي ثَمَنٌ صَحِيحٌ فَإِنْ تَعَذَّرَ لِإِعْسَارٍ أو غَيْرِهِ فَفِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ لِلْبَائِعِ فَسْخُ الْبَيْعِ ويقدم [وتقدم] حَقُّ الشَّفِيعِ. وَمِنْهَا لو كان الثَّمَنُ مَكِيلًا أو مَوْزُونًا فَتَلِفَ قبل قَبْضِهِ بَطَلَ الْبَيْعُ وَانْتَفَتْ الشُّفْعَةُ فَإِنْ كان الشَّفِيعُ أَخَذَ الشُّفْعَةَ لم يَكُنْ لِأَحَدٍ اسْتِرْدَادُهُ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ. وَمِنْهَا لو ارْتَدَّ الْمُشْتَرِي وَقُتِلَ أو مَاتَ فَلِلشَّفِيعِ الْأَخْذُ من بَيْتِ الْمَالِ قَالَهُ الشَّارِحُ وَاقْتَصَرَ عليه الْحَارِثِيُّ. قَوْلُهُ أو تَحَالَفَا. يَعْنِي إذَا اخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ في قَدْرِ الثَّمَنِ وَلَا بَيِّنَةَ وَتَحَالَفَا وَتَفَاسَخَا فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ قبل أَخْذِ الشَّفِيعِ أو بَعْدَهُ. فَإِنْ كان قبل أَخْذِ الشَّفِيعِ وَهِيَ مَسْأَلَةُ الْمُصَنِّفِ فَلِلشَّفِيعِ الْأَخْذُ هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَقَطَعُوا بِهِ. قال الْحَارِثِيُّ وَيَتَخَرَّجُ انْتِفَاءُ الشُّفْعَةِ من مِثْلِهِ في الْإِقَالَةِ وَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ على الرِّوَايَةِ الْمَحْكِيَّةِ وَأَوْلَى. فَعَلَى الْمَذْهَبِ يَأْخُذُهُ بِمَا حَلَفَ عليه الْبَائِعُ لِأَنَّهُ مُقِرٌّ بِالْبَيْعِ بِالثَّمَنِ الذي حَلَفَ عليه وَمُقِرٌّ له بِالشُّفْعَةِ وَإِنْ وُجِدَ التَّفَاسُخُ بَعْدَ أَخْذِ الشَّفِيعِ أَقَرَّ بِيَدِ الشَّفِيعِ وكان عليه لِلْبَائِعِ ما حَلَفَ عليه.
تنبيه: ظَاهِرُ قَوْلِهِ وَإِنْ أَجَّرَهُ أَخَذَهُ الشَّفِيعُ وَلَهُ الْأُجْرَةُ من يَوْمِ أَخْذِهِ. أَنَّ الْإِجَارَةَ لَا تَنْفَسِخُ وَيَسْتَحِقُّ الشَّفِيعُ الْأُجْرَةَ من يَوْمِ أَخْذِهِ بِالشُّفْعَةِ وهو أَحَدُ الْوُجُوهِ. جَزَمَ بِهِ في الشَّرْحِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَالنَّظْمِ. قال الْحَارِثِيُّ وَفِيهِ إشْكَالٌ. والوجه [الوجه] الثَّانِي تَنْفَسِخُ من حِينِ أَخْذِهِ وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْمُنَوِّرِ وَتَذْكِرَةِ ابن عبدوس وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ. قال في الْفُرُوعِ وفي الْإِجَارَةِ في الْكَافِي الْخِلَافُ في هِبَةٍ انْتَهَى وَأَطْلَقَهُمَا في الْحَاوِي الصَّغِيرِ. وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ لِلشَّفِيعِ الْخِيَارُ بين فَسْخِ الْإِجَارَةِ وَتَرْكِهَا. قال في الْقَاعِدَةِ السَّادِسَةِ وَالثَّلَاثِينَ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْقَاضِي في خِلَافِهِ في مَسْأَلَةِ إعَارَةِ الْعَارِيَّةِ قال وهو أَظْهَرُ انْتَهَى. قال الْحَارِثِيُّ وَيَتَخَرَّجُ من الْوَجْهِ الذي نَقُولُ تَتَوَقَّفُ صِحَّةُ الْإِجَارَةِ على إجَازَةِ الْبَطْنِ الثَّانِي في الْوَقْفِ إجَازَةُ الشَّفِيعِ هُنَا إنْ أَجَازَهُ صَحَّ وَإِلَّا بَطَلَ في حَقِّهِ بِالْأَوْلَى قال وَهَذَا أَقْوَى انْتَهَى. وَأَطْلَقَ الْأَوْجُهَ الثَّلَاثَةَ في الْقَوَاعِدِ ولم يذكر الْوَجْهَ الثَّالِثَ في الْفُرُوعِ. قَوْلُهُ وَإِنْ اسْتَغَلَّهُ فَالْغَلَّةُ له بِلَا نِزَاعٍ. وإن أَخَذَهُ الشَّفِيعُ وَفِيهِ زَرْعٌ أو ثَمَرَةٌ ظَاهِرَةٌ فَهِيَ لِلْمُشْتَرِي مُبْقَاةٌ إلَى الْحَصَادِ والجداد [والجذاذ] يَعْنِي بِلَا أُجْرَةٍ وَهَذَا الْمَذْهَبُ. قال الْمَجْدُ في شَرْحِ الْهِدَايَةِ هذا أَصَحُّ الْوَجْهَيْنِ لِأَصْحَابِنَا وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَالتَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَشَرْحِ الْحَارِثِيِّ . وَقِيلَ تَجِبُ في الزَّرْعِ الْأُجْرَةُ من حِينِ أَخَذَ الشَّفِيعُ وَاخْتَارَهُ ابن عبدوس في تَذْكِرَتِهِ. قال ابن رَجَبٍ في الْقَوَاعِدِ وهو أَظْهَرُ. قُلْت وهو الصَّوَابُ. وَهَذَا الْوَجْهُ ذَكَرَهُ أبو الْخَطَّابِ في الِانْتِصَارِ. قال في الْفُرُوعِ فَيَتَوَجَّهُ منه تَخْرِيجٌ في الثَّمَرَةِ. قُلْت وهو ظَاهِرُ بَحْثِ بن مُنَجَّا في شَرْحِهِ. قال الْحَارِثِيُّ لَمَّا عَلَّلَ بِكَلَامِهِ في الْمُغْنِي وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ إلَى وُجُوبِ الْأُجْرَةِ لِلشَّفِيعِ في الْمُؤَجَّرِ مُشْكِلٌ جِدًّا فَيَنْبَغِي أَنْ يَخْرُجَ وُجُوبُ الْأُجْرَةِ هُنَا من وُجُوبِهَا هُنَاكَ.
تنبيه: مَفْهُومُ قَوْلِهِ أو ثَمَرَةٌ ظَاهِرَةٌ. أَنَّ ما لم يَظْهَرْ يَكُونُ مِلْكًا لِلشَّفِيعِ وَذَلِكَ كَالشَّجَرِ إذَا كَبِرَ وَالطَّلْعِ إذَا لم يُؤَبَّرْ وَنَحْوِهِمَا وهو كَذَلِكَ قَالَهُ الْأَصْحَابُ منهم الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وابن عَقِيلٍ في الْفُصُولِ وَالْمُصَنِّفُ في الْكَافِي وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمْ.
فائدة: لو تَأَبَّرَ الطَّلْعُ الْمَشْمُولُ بِالْبَيْعِ في يَدِ الْمُشْتَرِي كانت الثمرة [التمرة] له على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَطَعَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمَا وَقَدَّمَهُ الْحَارِثِيُّ وَفِيهِ وَجْهٌ هِيَ لِلشَّفِيعِ. قَوْلُهُ وَإِنْ قَاسَمَ الْمُشْتَرِي وَكِيلَ الشَّفِيعِ أو قَاسَمَ الشَّفِيعَ لِكَوْنِهِ أَظْهَرَ له زِيَادَةً في الثَّمَنِ أو نَحْوِهِ وَغَرَسَ أو بَنَى فَلِلشَّفِيعِ أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ قِيمَةَ الْغِرَاسِ وَالْبِنَاءِ وَيُمَلِّكَهُ أو يَقْلَعَهُ وَيَضْمَنَ النَّقْصَ. إذَا أَبَى الْمُشْتَرِي أَخْذَ غَرْسِهِ وَبِنَائِهِ كان لِلشَّفِيعِ أَخْذُ الْغِرَاسِ وَالْبِنَاءِ وَالْحَالَةُ هذه وَلَهُ الْقَلْعُ وَضَمَانُ النَّقْصِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ. قال في الِانْتِصَارِ أو أَقَرَّهُ بِأُجْرَةٍ فَإِنْ أَبَى فَلَا شُفْعَةَ. قال الْحَارِثِيُّ إذَا لم يَقْلَعْ الْمُشْتَرِي فَفِي الْكِتَابِ تَخْيِيرُ الشَّفِيعِ بين أَخْذِ الْغِرَاسِ وَالْبِنَاءِ بِالْقِيمَةِ وَبَيْنَ قَلْعِهِ وَضَمَانِ نَقْصِهِ وَهَذَا ما قَالَهُ الْقَاضِي وَجُمْهُورُ أَصْحَابِهِ. قال وَلَا أَعْرِفُهُ نَقْلًا عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَإِنَّمَا الْمَنْقُولُ عنه رِوَايَتَانِ التَّخْيِيرُ من غَيْرِ أَرْشٍ. وَالْأُخْرَى وَهِيَ الْمَشْهُورَةُ عنه إيجَابُ الْقِيمَةِ من غَيْرِ تَخْيِيرٍ وهو ما ذَكَرَهُ الْخِرَقِيُّ وابن أبي مُوسَى وابن عَقِيلٍ في التَّذْكِرَةِ وأبو الْفَرَجِ الشِّيرَازِيُّ وهو الْمَذْهَبُ. زَادَ بن أبي مُوسَى وَلَا يُؤْمَرُ الْمُشْتَرِي بِقَلْعِ بِنَائِهِ انْتَهَى. قال في الْفُرُوعِ وَنَقَلَ الْجَمَاعَةُ له قِيمَةُ الْبِنَاءِ وَلَا يَقْلَعُهُ. وَنَقَلَ سِنْدِيٌّ أَلَهُ قِيمَةُ الْبِنَاءِ أَمْ قِيمَةُ النَّقْصِ قال لَا قِيمَةُ الْبِنَاءِ.
فائدة: إذَا أَخَذَهُ بِالْقِيمَةِ قال الْحَارِثِيُّ يُعْتَبَرُ بَذْلُ الْبِنَاءِ أو الْغِرَاسِ بِمَا يُسَاوِيهِ حين التَّقْوِيمِ لَا بِمَا أَنْفَقَ الْمُشْتَرِي زَادَ على الْقِيمَةِ أو نَقَصَ ذَكَرَهُ أَصْحَابُنَا انْتَهَى. وقال في الْمُغْنِي وَتَبِعَهُ الشَّارِحُ لَا يُمْكِنُ إيجَابُ قِيمَتِهِ بَاقِيًا لِأَنَّ الْبَقَاءَ غَيْرُ مُسْتَحَقٍّ وَلَا قِيمَتِهِ مَقْلُوعًا لِأَنَّهُ لو كان كَذَلِكَ لَمَلَكَ الْقَلْعَ مَجَّانًا وَلِأَنَّهُ قد يَكُونُ لَا قِيمَةَ له إذَا قَلَعَ. قَالَا ولم يذكر أَصْحَابُنَا كَيْفِيَّةَ وُجُوبِ الْقِيمَةِ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْأَرْضَ تُقَوَّمُ مَغْرُوسَةً وَمَبْنِيَّةً ثُمَّ تُقَوَّمُ خَالِيَةً فَيَكُونُ ما بَيْنَهُمَا قِيمَةُ الْغَرْسِ وَالْبِنَاءِ وَجَزَمَ بهذا بن رَزِينٍ في شَرْحِهِ. قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَوَّمَ الْغَرْسُ وَالْبِنَاءُ مُسْتَحَقًّا لِلتَّرْكِ بِالْأُجْرَةِ أو لِأَخْذِهِ بِالْقِيمَةِ إذَا امْتَنَعَا من قَلْعِهِ انْتَهَيَا. قَوْلُهُ فَإِنْ اخْتَارَ أَخْذَهُ فَأَرَادَ الْمُشْتَرِي وهو صَاحِبُهُ قَلْعَهُ فَلَهُ ذلك إذَا لم يَكُنْ فيه ضَرَرٌ. هذا أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ. وَجَزَمَ بِهِ الْخِرَقِيُّ وابن عَقِيلٍ في التَّذْكِرَةِ والآدمي الْبَغْدَادِيُّ وابن مُنَجَّا في شَرْحِهِ وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ. وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ له الْقَلْعَ سَوَاءٌ كان فيه ضَرَرٌ أو لَا وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. قال الْحَارِثِيُّ ولم يَعْتَبِرْ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ الضَّرَرَ وَعَدَمَهُ. قال الزَّرْكَشِيُّ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَكْثَرِينَ بَلْ الذي جَزَمُوا بِهِ له ذلك سَوَاءٌ أَضَرَّ بِالْأَرْضِ أو لم يَضُرَّ انْتَهَى. وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْفَائِقِ.
تنبيه: قال الْحَارِثِيُّ وَهَذَا الْخِلَافُ الذي أَوْرَدَهُ من أَوْرَدَهُ من الْأَصْحَابِ مُطْلَقًا ليس بِالْجَيِّدِ بَلْ يَتَعَيَّنُ تَنْزِيلُهُ إمَّا على اخْتِلَافِ حَالَيْنِ وَإِمَّا على ما قبل الْأَخْذِ وَإِنَّمَا أَوْرَدَهُ الْقَاضِي وابن عَقِيلٍ في الْفُصُولِ على هذه الْحَالَةِ لَا غَيْرُ. وَحَيْثُ قِيلَ بِاعْتِبَارِ عَدَمِ الضَّرَرِ فَفِيمَا بَعْدَ الْأَخْذِ وهو ظَاهِرُ ما أَوْرَدَهُ في التَّذْكِرَةِ.
فائدتان: إحْدَاهُمَا لو قَلَعَهُ الْمُشْتَرِي وهو صَاحِبُهُ لم يَضْمَنْ نَقْصَ الْأَرْضِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ. قال في الْفُرُوعِ لَا يَضْمَنُ نَقْصَ الْأَرْضِ في الْأَصَحِّ وَقَدَّمَهُ في الشَّرْحِ وَالْفَائِقِ وَجَزَمَ بِهِ في الْكَافِي وَعَلَّلَهُ بِانْتِفَاءِ عُدْوَانِهِ مع أَنَّهُ جَزَمَ في بَابِ الْعَارِيَّةِ بِخِلَافِهِ. وَقِيلَ يَلْزَمُهُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَمَالَ إلَيْهِ الْحَارِثِيُّ وقال وَالْكَلَامُ في تَسْوِيَةِ الْحَفْرِ كَالْكَلَامِ في ضَمَانِ أَرْشِ النَّقْصِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْقَاعِدَةِ الثَّامِنَةِ وَالسَّبْعِينَ. الثَّانِيَةُ يَجُوزُ لِلْمُشْتَرِي التَّصَرُّفُ في الشِّقْصِ الذي اشْتَرَاهُ بِالْغَرْسِ وَالْبِنَاءِ في الْجُمْلَةِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ. قال في رِوَايَةِ سِنْدِيٍّ ليس هذا بِمَنْزِلَةِ الْغَاصِبِ. وقال في رِوَايَةِ حَنْبَلٍ لِأَنَّهُ عَمَّرَ وهو يَظُنُّ أَنَّهُ ملكه [ملكا] وَلَيْسَ كما إذَا زَرَعَ بِغَيْرِ إذْنِ أَهْلِهِ. قال الْحَارِثِيُّ إنَّمَا هذا بَعْدَ الْقِسْمَةِ وَالتَّمْيِيزِ لِيَكُونَ التَّصَرُّفُ في خَالِصِ مِلْكِهِ أَمَّا قبل الْقِسْمَةِ فَلَا يَمْلِكُ الْغَرْسَ وَالْبِنَاءَ وَلِلشَّفِيعِ إذَا قَلَعَ الْغَرْسَ وَالْبِنَاءَ مَجَّانًا لِلشَّرِكَةِ لَا لِلشُّفْعَةِ فإن أَحَدَ الشَّرِيكَيْنِ إذَا انْفَرَدَ بهذا التَّصَرُّفِ كان لِلْآخَرِ الْقَلْعُ مَجَّانًا. قال جَعْفَرُ بن مُحَمَّدٍ سَمِعْت أَبَا عبد اللَّهِ يُسْأَلُ عن رَجُلٍ غَرَسَ نَخْلًا في أَرْضٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْمٍ مُشَاعًا قال إنْ كان بِغَيْرِ إذْنِهِمْ قَلَعَ نَخْلَهُ انْتَهَى. قُلْت وَهَذَا لَا شَكَّ فيه. قَوْلُهُ وَإِنْ بَاعَ الشَّفِيعُ مِلْكَهُ قبل الْعِلْمِ لم تَسْقُطْ شُفْعَتُهُ في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ. وهو الْمَذْهَبُ اخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ وابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ. قال الْحَارِثِيُّ هذا أَظْهَرُ الْوَجْهَيْنِ. وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ. وَالثَّانِي تَسْقُطُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وَأَطْلَقَهُمَا في التَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَةِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ. فَعَلَى الْمَذْهَبِ لِلْبَائِعِ الثَّانِي وهو الشَّفِيعُ أَخْذُ الشِّقْصِ من الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ. فَإِنْ عَفَا عنه فَلِلْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ أَخْذُ الشِّقْصِ من الْمُشْتَرِي الثَّانِي. فَإِنْ أَخَذَ منه فَهَلْ لِلْمُشْتَرِي الْأَخْذُ من الثَّانِي على الْوَجْهَيْنِ وهو قَوْلُهُ وَلِلْمُشْتَرِي الشُّفْعَةُ فِيمَا بَاعَهُ الشَّفِيعُ في أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ وهو الْمَذْهَبُ صَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَالنَّاظِمُ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا شُفْعَةَ له وَأَطْلَقَهُمَا في شَرْحِ الْحَارِثِيِّ. وَعَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي في الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى لَا خِلَافَ في ثُبُوتِ الشُّفْعَةِ لِلْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ على الْمُشْتَرِي الثَّانِي في مَبِيعِ الشَّفِيعِ لِسَبْقِ شَرِكَتِهِ على الْمَبِيعِ وَاسْتِقْرَارِ مِلْكِهِ.
تنبيه: مَفْهُومُ كَلَامِهِ إن الشَّفِيعَ لو بَاعَ مِلْكَهُ بَعْدَ عِلْمِهِ أَنَّ شُفْعَتَهُ تَسْقُطُ وهو صَحِيحٌ لَا خِلَافَ فيه أَعْلَمُهُ. لَكِنْ لو بَاعَ بَعْضَهُ عَالِمًا فَفِي سُقُوطِ الشُّفْعَةِ وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفَائِقِ. أَحَدُهُمَا تَسْقُطُ. وَالثَّانِي لَا تَسْقُطُ لآنه قد بَقِيَ من مِلْكِهِ ما يَسْتَحِقُّ بِهِ الشُّفْعَةَ في جَمِيعِ الْمَبِيعِ لو انْفَرَدَ فَكَذَلِكَ إذَا بَقِيَ. قال الْحَارِثِيُّ وهو أَصَحُّ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى لِقِيَامِ الْمُقْتَضَى وهو الشَّرِكَةُ. وَلِلْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ الشُّفْعَةُ على الْمُشْتَرِي الثَّانِي في الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى. وفي الثَّانِيَةِ إذَا قُلْنَا بِسُقُوطِ شفعه الْبَائِعِ الْأَوَّلِ وَإِنْ قُلْنَا لَا تَسْقُطُ شُفْعَةُ الْبَائِعِ فَلَهُ أَخْذُ الشِّقْصِ من الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ. وَهَلْ لِلْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ شُفْعَةٌ على الْمُشْتَرِي الثَّانِي فيه وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ. أَحَدُهُمَا له الشُّفْعَةُ. قال الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي وهو الْقِيَاسُ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا شُفْعَةَ له. فَعَلَى الْأَوَّلِ لِلْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ الشُّفْعَةُ على الْمُشْتَرِي الثَّانِي سَوَاءٌ أَخَذَ منه الْمَبِيعَ بِالشُّفْعَةِ أو لم يَأْخُذْ وَلِلْبَائِعِ الثَّانِي إذَا بَاعَ بَعْضَ الشِّقْصِ الْأَخْذُ من الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ.
فائدة: لو بَاعَ بَعْضَ الْحِصَّةِ جَاهِلًا فَإِنْ قِيلَ بِالشُّفْعَةِ فِيمَا لو بَاعَ الْكُلَّ في هذه الْحَالِ فَلَا كَلَامَ وَإِنْ قِيلَ بِسُقُوطِهَا فيه فَهُنَا وَجْهَانِ أَوْرَدَهُمَا الْقَاضِي وابن عَقِيلٍ. وَجْهُهُمَا ما تَقَدَّمَ في أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ. قال الْحَارِثِيُّ وَالْأَصَحُّ جَرَيَانُ الشُّفْعَةِ بِالْأَوْلَى. قَوْلُهُ وَإِنْ مَاتَ الشَّفِيعُ بَطَلَتْ الشُّفْعَةُ إلَّا أَنْ يَمُوتَ بَعْدَ طَلَبِهَا فَتَكُونَ لِوَارِثِهِ. إذَا مَاتَ الشَّفِيعُ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ قد مَاتَ قبل طَلَبِهَا أو بَعْدَهُ. فَإِنْ مَاتَ قبل طَلَبِهَا لم يَسْتَحِقَّ الْوَرَثَةُ الشُّفْعَةَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَنَصَّ عليه مِرَارًا. قال في الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ لَا تُورَثُ مُطَالَبَةُ الشُّفْعَةِ من غَيْرِ مُطَالَبَةِ رَبِّهَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَلَهُ مَأْخَذَانِ. أَحَدُهُمَا أَنَّهُ حَقٌّ له فَلَا يَثْبُتُ بِدُونِ مُطَالَبَتِهِ وَلَوْ عُلِمَتْ رَغْبَتُهُ من غَيْرِ مُطَالَبَتِهِ لَكَفَى في الْإِرْثِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي في خِلَافِهِ. وَالْمَأْخَذُ الثَّانِي أَنَّ حَقَّهُ سَقَطَ بِتَرْكِهِ وَإِعْرَاضِهِ لَا سِيَّمَا على قَوْلِنَا إنَّهَا على الْفَوْرِ. فَعَلَى هذا لو كان غَائِبًا فَلِلْوَرَثَةِ الْمُطَالَبَةُ وَلَيْسَ ذلك على الْأَوَّلِ انْتَهَى. وَقِيلَ لِلْوَرَثَةِ الْمُطَالَبَةُ وهو تَخْرِيجٌ لِأَبِي الْخَطَّابِ. وَنَقَلَ أبو طَالِبٍ إذَا مَاتَ صَاحِبُ الشُّفْعَةِ فَلِوَلَدِهِ أَنْ يَطْلُبُوا الشُّفْعَةَ لِمُوَرِّثِهِمْ. قال في الْقَوَاعِدِ وَظَاهِرُ هذا أَنَّ لهم الْمُطَالَبَةَ بِكُلِّ حَالٍ انْتَهَى. وَإِنْ مَاتَ بَعْدَ أَنْ طَالَبَ بها اسْتَحَقَّهَا الْوَرَثَةُ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَلَا أَعْلَمُ فيه خِلَافًا. وقد تَوَقَّفَ في رِوَايَةِ بن الْقَاسِمِ وقال وهو مَوْضِعُ نَظَرٍ. وَتَقَدَّمَ نَظِيرُ ذلك في آخِرِ فَصْلِ خِيَارِ الشَّرْطِ. قال الْحَارِثِيُّ ثُمَّ من الْأَصْحَابِ من يُعَلِّلُ بِإِفَادَةِ الطَّلَبِ لِلْمِلْكِ فَيَكُونُ الْحَقُّ مَوْرُوثًا بهذا الِاعْتِبَارِ وَهِيَ طَرِيقَةُ الْقَاضِي وَأَبِي الْخَطَّابِ وَمَنْ وَافَقَهُمَا على إفَادَةِ الْمِلْكِ. وَمِنْهُمْ من يُعَلِّلُ بِأَنَّ الطَّلَبَ مُقَرِّرٌ لِلْحَقِّ وَلِهَذَا لم تَسْقُطْ بِتَأْخِيرِ الْأَخْذِ بعده وَتَسْقُطُ قَبْلَهُ وإذا تَقَرَّرَ الْحَقُّ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ مَوْرُوثًا وَهِيَ طَرِيقَةُ الْمُصَنِّفِ وَمَنْ وَافَقَهُ على أَنَّ الطَّلَبَ لَا يُفِيدُ الْمِلْكَ وهو مُقْتَضَى كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ.
تنبيه: ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الشَّفِيعَ لَا يَمْلِكُ الشِّقْصَ بِمُجَرَّدِ الْمُطَالَبَةِ وهو أَحَدُ الْوُجُوهِ فَلَا بُدَّ لِلتَّمَلُّكِ من أَخْذِ الشِّقْصِ أو يَأْتِي بِلَفْظٍ يَدُلُّ على أَخْذِهِ بَعْدَ الْمُطَالَبَةِ بِأَنْ يَقُولَ قد أَخَذْته بِالثَّمَنِ أو تَمَلَّكْته بِالثَّمَنِ وَنَحْوِ ذلك وهو اخْتِيَارُ الْمُصَنِّفِ وَالشَّارِحِ وَقَدَّمَهُ الْحَارِثِيُّ وَنَصَرَهُ. وقال اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ من الْأَصْحَابِ. وَقِيلَ يَمْلِكُهُ بِمُجَرَّدِ الْمُطَالَبَةِ إذَا كان مَلِيئًا بِالثَّمَنِ وهو الْمَذْهَبُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وأبو الْخَطَّابِ وابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. قال الْحَارِثِيُّ وهو قَوْلُ الْقَاضِي وَأَكْثَرِ أَصْحَابِهِ وَصَاحِبِ التَّلْخِيصِ. فَيَصِحُّ تَصَرُّفُهُ قبل قَبْضِهِ فيه. وَقِيلَ لَا يَمْلِكُهُ إلَّا بِمُطَالَبَتِهِ وَقَبْضِهِ. وَقِيلَ لَا يَمْلِكُهُ إلَّا بِحُكْمِ حَاكِمٍ اخْتَارَهُ ابن عقيل وَقَطَعَ بِهِ في تَذْكِرَتِهِ. قال الْحَارِثِيُّ وَيَحْصُلُ الْمِلْكُ بِحُكْمِ الْحَاكِمِ أَيْضًا ذَكَرَه ابن الصَّيْرَفِيِّ في نَوَادِرِهِ وقال بِهِ غَيْرُ وَاحِدٍ انْتَهَى. وَقِيلَ لَا يَمْلِكُهُ الا بِدَفْعِ ثَمَنِهِ ما لم يصبر [يصر] مُشْتَرِيهِ وَاخْتَارَهُ ابن عقيل أَيْضًا حَكَاهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ. قال في الْقَوَاعِدِ وَيَشْهَدُ له نَصُّ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ إذَا لم يُحْضِرْ الْمَالَ مُدَّةً طَوِيلَةً بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ. وقال في الرِّعَايَةِ الْأَصَحُّ أَنَّ له التَّصَرُّفَ قبل قَبْضِهِ وَتَمَلُّكِهِ. وقال في التَّلْخِيصِ وَالتَّرْغِيبِ لِلْمُشْتَرِي حَبْسُهُ على ثَمَنِهِ لِأَنَّ الْمِلْكَ بِالشُّفْعَةِ قَهْرِيٌّ كَالْمِيرَاثِ وَالْبَيْعِ عن رِضًى. وَيُخَالِفُهُ أَيْضًا في خِيَارِ الشَّرْطِ وَكَذَا خِيَارُ مَجْلِسٍ من جِهَةِ شَفِيعٍ بَعْدَ تَمَلُّكِهِ لِنُفُوذِ تَصَرُّفِهِ قبل قَبْضِهِ بَعْدَ تَمَلُّكِهِ بِإِرْثٍ.
تنبيه: قَوْلُهُ وَيَأْخُذُ الشَّفِيعُ بِالثَّمَنِ الذي وَقَعَ عليه الْعَقْدُ. قال الْحَارِثِيُّ فيه مُضْمَرٌ حُذِفَ اخْتِصَارًا وَتَقْدِيرُهُ مِثْلَ الثَّمَنِ أو قَدْرَهُ لِأَنَّ الْأَخْذَ بِعَيْنِ الثَّمَنِ الْمَأْخُوذِ بِهِ لِلْمُشْتَرِي غَيْرُ مُمْكِنٍ فَتَعَيَّنَ الْإِضْمَارُ. وَإِذَنْ فَالظَّاهِرُ إرَادَةُ الثَّانِي وهو الْقَدْرُ لِأَنَّهُ تَعَرَّضَ لِوَصْفِ التَّأْجِيلِ وَالْمِثْلِيَّةِ وَالتَّقْوِيمِ فِيمَا بَعْدُ فَلَوْ كان الْمِثْلُ مُرَادًا لَكَانَ تَكْرِيرًا لِشُمُولِ الْمِثْلِ لِلصِّفَةِ وَالذَّاتِ انْتَهَى.
فوائد: منها تَنْتَقِلُ الشُّفْعَةُ إلَى الْوَرَثَةِ كُلِّهِمْ على حَسَبِ مِيرَاثِهِمْ ذَكَرَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ منهم الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَالسَّامِرِيُّ وابن رَجَبٍ وَغَيْرُهُمْ. وَمِنْهَا لَا فَرْقَ في الْوَارِثِ بين ذَوِي الرَّحِمِ وَالزَّوْجِ وَالْمَوْلَى وَبَيْتِ الْمَالِ فيأخذ [فأخذ] الْإِمَامُ بها صَرَّحَ بِهِ الْأَصْحَابُ قَالَهُ في الْقَاعِدَةِ التَّاسِعَةِ وَالْأَرْبَعِينَ بَعْدَ الْمِائَةِ. وَمِنْهَا إشْهَادُ الشَّفِيعِ على الطَّلَبِ حَالَةَ الْعُذْرِ يَقُومُ مَقَامَ الطَّلَبِ في الِانْتِقَالِ إلَى الْوَرَثَةِ. وَمِنْهَا شَفِيعَانِ في شِقْصٍ عَفَا أَحَدُهُمَا وَطَالَبَ الْآخَرُ ثُمَّ مَاتَ فَوَرِثَهُ الْعَافِي له أَخْذُ الشِّقْصِ بِالشُّفْعَةِ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ. قال الْمُصَنِّفُ وكذا لو قَذَفَ رَجُلٌ أُمَّهُمَا الْمَيِّتَةَ فَعَفَا أَحَدُهُمَا وَطَالَبَ الْآخَرُ ثُمَّ مَاتَ فَوَرِثَهُ الْعَافِي كان له اسْتِيفَاءُ الْحَدِّ بِالنِّيَابَةِ عن أَخِيهِ إذَا قِيلَ بِوُجُوبِ الْحَدِّ بِقَذْفِهَا. قَوْلُهُ وَإِنْ عَجَزَ عنه أو عن بَعْضِهِ سَقَطَتْ شُفْعَتُهُ. وَلَوْ أتى بِرَهْنٍ أو ضَامِنٍ لم يَلْزَمْ الْمُشْتَرِي وَلَكِنْ يُنْظَرُ ثَلَاثًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ حتى يَتَبَيَّنَ عَجْزُهُ. نَصَّ عليه وَجَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالنَّظْمِ وَتَذْكِرَةِ ابن عبدوس وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْحَارِثِيِّ. وَعَنْهُ لَا يُنْظَرُ إلَّا يَوْمَيْنِ جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْمُسْتَوْعِبِ. وَعَنْهُ يَرْجِعُ في ذلك إلَى رَأْيِ الْحَاكِمِ. قُلْت وَهَذَا الصَّوَابُ في وَقْتِنَا هذا. فإذا مَضَى الْأَجَلُ فَسَخَ الْمُشْتَرِي على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَالْمُصَنِّفُ. قال الْحَارِثِيُّ وهو أَصَحُّ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ. وَقِيلَ إنَّمَا يَفْسَخُهُ الْحَاكِمُ قَدَّمَهُ في الشَّرْحِ وَالرِّعَايَةِ وَالْفَائِقِ. وَقِيلَ يَتَبَيَّنُ بُطْلَانُهُ اخْتَارَهُ ابن عقيل. قال الْحَارِثِيُّ وَالْمَنْصُوصُ من رِوَايَةِ الْحَمَّالِ بُطْلَانُ الشُّفْعَةِ مُطْلَقًا وهو ما قال في التَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ.
فوائد: الْأُولَى الْمَذْهَبُ أَنَّ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ نَوْعُ بَيْعٍ لِأَنَّهُ دَفْعُ مَالٍ لِغَرَضِ التَّمَلُّكِ وَلِهَذَا اُعْتُبِرَ له الْعِلْمُ بِالشِّقْصِ وَبِالثَّمَنِ فَلَا يَصِحُّ مع جَهَالَتِهِمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ. قال وَلَهُ الْمُطَالَبَةُ بِالشُّفْعَةِ مع الْجَهَالَةِ ثُمَّ يَتَعَرَّفُ مِقْدَارَ الثَّمَنِ وَذَكَرَ احْتِمَالًا بِجَوَازِ الْأَخْذِ مع جَهَالَةِ الشِّقْصِ بِنَاءً على جَوَازِ بَيْعِ الْأَعْيَانِ الْغَائِبَةِ. الثَّانِيَةُ قال الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ إذَا أَخَذَ بِالشُّفْعَةِ لم يَلْزَمْ الْمُشْتَرِيَ تَسْلِيمُ الشِّقْصِ حتى يَقْبِضَ الثَّمَنَ وَقَالَهُ في التَّلْخِيصِ وَغَيْرِهِ وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْعِ. الثَّالِثَةُ لو تَسَلَّمَ الشِّقْصَ وَالثَّمَنَ في الذِّمَّةِ فَأَفْلَسَ فقال الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ الْمُشْتَرِي مُخَيَّرٌ بين الْفَسْخِ وَالضَّرْبِ مع الغرماء [الغرباء] بِالثَّمَنِ كَالْبَائِعِ إذَا أَفْلَسَ الْمُشْتَرِي. الرَّابِعَةُ في رُجُوعِ شَفِيعٍ بِأَرْشٍ على مشتري [مشتر] عَفَا عنه بَائِعٌ وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَةِ وَالْفُرُوعِ. قُلْت الصَّوَابُ عَدَمُ الرُّجُوعِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ من الْأَصْحَابِ ثُمَّ وَجَدْته في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن رَزِينٍ وَالْحَارِثِيِّ قَطَعُوا بِذَلِكَ. وَتَقَدَّمَ ذلك بَعْدَ قَوْلِهِ وَإِنْ فُسِخَ الْبَيْعُ بِعَيْبٍ أو إقَالَةٍ. قَوْلُهُ وَإِنْ كان مُؤَجَّلًا أَخَذَهُ الشَّفِيعُ بِالْأَجَلِ إنْ كان مَلِيئًا وَإِلَّا أَقَامَ كَفِيلًا مَلِيئًا وَأَخَذَ بِهِ. هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَنَصَّ عليه. لَكِنْ شَرَطَ الْقَاضِي في الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِ وَوَلَدُهُ أبو الْحُسَيْنِ وَالْقَاضِي يَعْقُوبُ وأبو الْحَسَنِ بن بَكْرُوسٍ وَصْفَ الثِّقَةِ مع الْمَلَاءَةِ فَلَا يَسْتَحِقُّ بِدُونِهِمَا. قال الْحَارِثِيُّ وَلَيْسَ بِبَعِيدٍ من النَّصِّ.
فائدة: لو أَخَذَ الشَّفِيعُ بِالْأَجَلِ ثُمَّ مَاتَ هو أو الْمُشْتَرِي وَقُلْنَا يَحِلُّ الدَّيْنُ بِالْمَوْتِ حَلَّ الثَّمَنُ عليه ولم يَحِلَّ على الْحَيِّ مِنْهُمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ.
فائدة: قال الْحَارِثِيُّ إطْلَاقُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ إنْ كان مُؤَجَّلًا أَخَذَهُ بِالْأَجَلِ إنْ كان مَلِيئًا يُفِيدُ ما لو لم يَتَّفِقْ طَلَبُ الشَّفِيعِ إلَّا عِنْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ أو بَعْدَهُ أَنْ يَثْبُتَ له اسْتِئْنَافُ الْأَجَلِ وَقَطَعَ بِهِ وَنَصَرَهُ. قَوْلُهُ وَإِنْ كان الثَّمَنُ عَرَضًا أَعْطَاهُ مثله إنْ كان ذَا مِثْلٍ وَإِلَّا قِيمَتَهُ. اعْلَمْ إن الثَّمَنَ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ مِثْلِيًّا أو مُتَقَوِّمًا فَإِنْ كان مِثْلِيًّا انْقَسَمَ إلَى نَقْدٍ وَعَرَضٍ وَأَيَّا ما كان فَالْمُمَاثَلَةُ فيه تَتَعَلَّقُ بِأُمُورٍ. أحدها الْجِنْسُ فَيَجِبُ مِثْلُهُ من الْجِنْسِ كَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَالزَّيْتِ وَنَحْوِهِ وَإِنْ انْقَطَعَ الْمِثْلُ حَالَةَ الْأَخْذِ انْتَقَلَ إلَى الْقِيمَةِ كما في الْغَصْبِ حَكَاهُ ابن الزاغوني مَحَلَّ وِفَاقٍ. وفي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ رِوَايَةٌ أَنَّهُ يَأْخُذُ بِقِيمَةِ الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ تَعَذَّرَ الْمِثْلُ أو لَا وَأَمَّا الْمَذْرُوعُ كَالثِّيَابِ فقال ابن الزَّاغُونِيِّ في شُرُوطِهِ الْقَوْلُ فيه كَالْقَوْلِ في الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ إلَّا أَنَّ الْقَوْلَ فيه هُنَا مَبْنِيٌّ على السَّلَمِ فيه فَحَيْثُ صَحَّحْنَا السَّلَمَ فيه أَخَذَ مِثْلَهَا إلَّا على الرِّوَايَةِ في أنها مَضْمُونَةُ بالقيمة [القيمة] فَيَأْخُذُ الشَّفِيعُ بِالْقِيمَةِ. وَحَيْثُ قُلْنَا لَا تَصِحُّ بِأَخْذِ الْقِيمَةِ وَالْأَوْلَى الْقِيمَةُ انْتَهَى. قال الْحَارِثِيُّ وَالْقِيمَةُ اخْتِيَارُ الْمُصَنِّفِ وَعَامَّةِ الْأَصْحَابِ. وَأَمَّا الْمَعْدُودُ كَالْبَيْضِ وَنَحْوِهِ فقال ابن الزَّاغُونِيِّ يَنْبَنِي على السَّلَمِ فيه إنْ قِيلَ بِالصِّحَّةِ فَفِيهِ ما في الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ وَإِلَّا فَالْقِيمَةُ. الثَّانِي الْمِقْدَارُ فَيَجِبُ مِثْلُ الثَّمَنِ قَدْرًا من غَيْرِ زِيَادَةٍ وَلَا نَقْصٍ فَإِنْ وَقَعَ. الْعَقْدُ على ما هو مُقَدَّرٌ بِالْمِعْيَارِ الشَّرْعِيِّ فذاك [فذلك] وَإِنْ كان بِغَيْرِهِ كَالْبَيْعِ بِأَلْفِ رَطْلٍ من حِنْطَةٍ فقال في التَّلْخِيصِ ظَاهِرُ كَلَامِ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ يُكَالُ وَيُدْفَعُ إلَيْهِ مِثْلُ مَكِيلِهِ لِأَنَّ الرِّبَوِيَّاتِ تَمَاثُلُهَا بِالْمِعْيَارِ الشَّرْعِيِّ وَكَذَلِكَ إقْرَاضُ الْحِنْطَةِ بِالْوَزْنِ قال يَكْفِي عِنْدِي الْوَزْنُ هُنَا إذْ الْمَبْذُولُ في مُقَابَلَةِ الشِّقْصِ وَقَدْرِ الثَّمَنِ مِعْيَارُهُ لَا عِوَضُهُ انْتَهَى.
تنبيه: تَقَدَّمَ في الْحِيَلِ إذَا جَهِلَ الثَّمَنَ ما يَأْخُذُ. الثَّالِثُ الصِّفَةُ في الصِّحَاحِ وَالْمُكَسَّرَةِ وَالسُّودِ وَنَقْدِ الْبَلَدِ وَالْحُلُولِ وَضِدِّهَا فَيَجِبُ مِثْلُهُ صِفَةً. وَإِنْ كان مُتَقَوِّمًا كَالْعَبْدِ وَالدَّارِ وَنَحْوِهِمَا فَالْوَاجِبُ اعْتِبَارُهُ بِالْقِيمَةِ يوم الْبَيْعِ. وقال في الرِّعَايَةِ يَأْخُذُ الشَّفِيعُ الشِّقْصَ بِمَا اسْتَقَرَّ عليه الْعَقْدُ من ثَمَنِ مثلى أو قِيمَةِ غَيْرِهِ وَقْتَ لُزُومِ الْعَقْدِ. وَقِيلَ بَلْ وَقْتَ وُجُوبِ الشُّفْعَةِ انْتَهَى.
فائدة: لو تَبَايَعَ ذِمِّيَّانِ بِخَمْرِ إنْ قُلْنَا لَيْسَتْ مَالًا لهم فَلَا شُفْعَةَ بِحَالٍ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وابن عَقِيلٍ وَالْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُمْ وَاقْتَصَرَ عليه الْحَارِثِيُّ. وَإِنْ قُلْنَا هِيَ مَالٌ لهم فَأَطْلَقَ أبو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ وُجُوبَ الشُّفْعَةِ وَكَذَا قال الْقَاضِي وَغَيْرُهُ. ثُمَّ قال في الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ يَأْخُذُ بِقِيمَةِ الْخَمْرِ كما لو اتلف على ذِمِّيٍّ خَمْرًا. قَوْلُهُ وَإِنْ اخْتَلَفَا في قَدْرِ الثَّمَنِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي إلَّا أَنْ يَكُونَ لِلشَّفِيعِ بَيِّنَةٌ. وَهَذَا بِلَا نِزَاعٍ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. لَكِنْ لو أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ من الشَّفِيعِ وَالْمُشْتَرِي بَيِّنَةً بِثَمَنِهِ فقال الْقَاضِي وَابْنُهُ أبو الْحُسَيْنِ وأبو الْخَطَّابِ وابن عَقِيلٍ وَالشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ وأبو الْقَاسِمِ الزَّيْدِيُّ وَصَاحِبُ الْمُسْتَوْعِبِ تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الشَّفِيعِ. قال الْحَارِثِيُّ وَيَقْتَضِيهِ اطلاق الْخِرَقِيِّ وَالْمُصَنِّفِ هُنَا وَجَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ. وَقِيلَ تَتَعَارَضَانِ وهو احْتِمَالٌ في الْمُغْنِي وَقَدَّمَه ابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ. وَقِيلَ بِاسْتِعْمَالِهِمَا بِالْقُرْعَةِ وَأَطْلَقَهُنَّ في الْفُرُوعِ . وَوَجَّهَ الْحَارِثِيُّ قَوْلًا أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ قال قَوْلُ الْأَصْحَابِ هُنَا مُخَالِفٌ لَمَا قَالُوهُ في بَيِّنَةِ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي حَيْثُ قَدَّمُوا بَيِّنَةَ الْبَائِعِ لِأَنَّهُ مُدَّعٍ بِزِيَادَةٍ وَهَذَا بِعَيْنِهِ مَوْجُودٌ في الْمُشْتَرِي هُنَا فَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ فيه بِمِثْلِ ذلك انْتَهَى.
فوائد: إحداها لو قال الْمُشْتَرِي لَا أَعْلَمُ قَدْرَ الثَّمَنِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ الْقَاضِي وابن عَقِيلٍ وَالْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُمْ. قال الْقَاضِي وابن عَقِيلٍ فَيَحْلِفُ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ قَدْرَهُ لِأَنَّ ذلك وَفْقُ الْجَوَابِ وَإِذَنْ لَا شُفْعَةَ لِأَنَّهَا لَا تُسْتَحَقُّ بِدُونِ الْبَدَلِ وَإِيجَابُ الْبَدَلِ مُتَعَذِّرٌ لِلْجَهَالَةِ. ولو [لو] ادَّعَى الْمُشْتَرِي جَهْلَ قِيمَةِ الْعَرَضِ فَكَدَعْوَى جَهْلِ الثَّمَنِ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ. وَتَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ على ذلك بَعْدَ ذِكْرِ الْحِيَلِ أَوَّلَ الْبَابِ. الثَّانِيَةُ لو قال الْبَائِعُ الثَّمَنُ ثَلَاثَةُ آلَافٍ وقال الْمُشْتَرِي أَلْفَانِ وقال الشَّفِيعُ أَلْفٌ وَأَقَامُوا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ لِلْبَائِعِ على ما تَقَدَّمَ لِدَعْوَى الزِّيَادَةِ. الثَّالِثَةُ لو كان الثَّمَنُ عَرَضًا وَاخْتَلَفَ الشَّفِيعُ وَالْمُشْتَرِي في قِيمَتِهِ فَإِنْ وُجِدَ. قُوِّمَ وَإِنْ تَعَذَّرَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي مع يَمِينِهِ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ. وَإِنْ أَقَامَا بَيِّنَةً بِقِيمَتِهِ قال الْحَارِثِيُّ فَالْأَظْهَرُ التَّعَارُضُ وَيَحْتَمِلُ تَقْدِيمَ بَيِّنَةِ الشَّفِيعِ. قَوْلُهُ وَإِنْ قال الْمُشْتَرِي اشْتَرَيْته بِأَلْفٍ وَأَقَامَ الْبَائِعُ بَيِّنَةً أَنَّهُ بَاعَهُ بِأَلْفَيْنِ فَلِلشَّفِيعِ أَخْذُهُ بِالْأَلْفِ بِلَا نِزَاعٍ. فَإِنْ قال الْمُشْتَرِي غَلِطْت أو نَسِيت أو كَذَبْت فَهَلْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ مع يَمِينِهِ على وَجْهَيْنِ. وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالتَّلْخِيصِ وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ. أَحَدُهُمَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ. قال الْقَاضِي قِيَاسُ الْمَذْهَبِ عِنْدِي يُقْبَلُ قَوْلُهُ كما لو أَخْبَرَ في الْمُرَابَحَةِ ثُمَّ قال غَلِطْت بَلْ هُنَا أَوْلَى لِأَنَّهُ قد قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِكَذِبِهِ. قال الْحَارِثِيُّ هذا الْأَقْوَى. قال في الْهِدَايَةِ لَمَّا أَطْلَقَ الْوَجْهَيْنِ بِنَاءً على الْمُخْبِرِ في الْمُرَابَحَةِ إذَا قال غَلِطْت. وقد تَقَدَّمَ أَنَّ أَكْثَرَ الْأَصْحَابِ قَبِلُوا قَوْلَهُ في ادِّعَائِهِ غَلَطًا في الْمُرَابَحَةِ وَصَحَّحَهُ هُنَا في التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. والوجه [الوجه] الثَّانِي لَا يُقْبَلُ قَدَّمَه ابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وَجَزَمَ بِهِ في الْكَافِي وَاخْتَارَهُ ابن عقيل. وَهَذَا الْمَذْهَبُ على ما اصْطَلَحْنَاهُ. وَنَقَلَ أبو طَالِبٍ في الْمُرَابَحَةِ إنْ كان الْبَائِعُ مَعْرُوفًا بِالصِّدْقِ قبل قَوْلِهِ وَإِلَّا فَلَا. قال الْحَارِثِيُّ فَيُخْرِجُ مثله هُنَا. وقال وَمِنْ الْأَصْحَابِ من أبي الْإِلْحَاقَ بِمَسْأَلَةِ الْمُرَابَحَةِ. قال ابن عَقِيلٍ عِنْدِي أَنَّ دَعْوَاهُ لَا تُقْبَلُ لِأَنَّ مَذْهَبَنَا أَنَّ الذَّرَائِعَ مَحْسُومَةٌ وَهَذَا فَتْحٌ لِبَابِ الِاسْتِدْرَاكِ لِكُلِّ قَوْلٍ يُوجِبُ حَقًّا. ثُمَّ فَرَّقَ بِأَنَّ الْمُرَابَحَةَ كان فيها أَمِينًا حَيْثُ رَجَعَ إلَيْهِ في الْإِخْبَارِ بِالثَّمَنِ وَلَيْسَ الْمُشْتَرِي أَمِينًا لِلشَّفِيعِ وَإِنَّمَا هو خَصْمُهُ فَافْتَرَقَا. وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَقِيلَ يَتَحَالَفَانِ وَيُفْسَخُ الْبَيْعُ وَيَأْخُذُهُ بِمَا حَلَفَ عليه الْبَائِعُ لَا الْمُشْتَرِي. قَوْلُهُ فَإِنْ ادَّعَى أَنَّك اشْتَرَيْته بِأَلْفٍ فقال بَلْ اتَّهَبْته فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مع يَمِينِهِ بِلَا نِزَاعٍ. فَإِنْ نَكَلَ عنها أو قَامَتْ لِلشَّفِيعِ بَيِّنَةٌ فَلَهُ أَخْذُهُ وَيُقَالُ لِلْمُشْتَرِي إمَّا أَنْ تَقْبَلَ الثَّمَنَ وَإِمَّا أَنْ تُبَرِّئَ منه. اعْلَمْ أَنَّهُ إذَا ادَّعَى الشَّفِيعُ على بَعْضِ الشُّرَكَاءِ دَعْوَى مُحَرَّرَةً بِأَنَّهُ اشْتَرَى نَصِيبَهُ فَلَهُ أَخْذُهُ بِالشُّفْعَةِ وَأَنْكَرَ الشَّرِيكُ وقال إنَّمَا اتَّهَبْته أو وَرِثْته فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مع يَمِينِهِ. فَإِنْ نَكَلَ عن الْيَمِينِ أو قَامَتْ بَيِّنَةٌ لِلشَّفِيعِ بِالشِّرَاءِ فَلِلشَّفِيعِ أَخْذُهُ وَدَفَعَ الثَّمَنَ إلَيْهِ. فَإِنْ قال لَا أَسْتَحِقُّهُ فَجَزَمَ الْمُصَنِّفُ هُنَا أَنْ يُقَالَ لِلْمُشْتَرِي إمَّا أَنْ تَقْبَلَ الثَّمَنَ وَإِمَّا أَنْ تُبَرِّئَ منه كَالْمُكَاتَبِ إذَا جاء بِالنَّجْمِ قبل وَقْتِهِ وَهَذَا أَحَدُ الْوُجُوهِ. اخْتَارَهُ الْقَاضِي وابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَجَزَمَ بِهِ في النَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ على ما يَأْتِي قَرِيبًا. وَقِيلَ يَبْقَى في يَدِ الشَّفِيعِ إلَى أَنْ يَدَّعِيَهُ الْمُشْتَرِي فَيَدْفَعَهُ إلَيْهِ. قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَهَذَا أَوْلَى. قال الْحَارِثِيُّ وَنَقَلَ غَيْرُهُ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ. وَقِيلَ يَأْخُذُهُ الْحَاكِمُ يحفظه [بحفظه] لِصَاحِبِهِ إلَى أَنْ يَدَّعِيَهُ فَمَتَى ادَّعَاهُ الْمُشْتَرِي دَفَعَ إلَيْهِ وَأَطْلَقَهُنَّ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَأَطْلَقَ الْأَخِيرَتَيْنِ في التَّلْخِيصِ.
تنبيه: مَحَلُّ الْخِلَافِ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ وَالشَّارِحِ وَصَاحِبِ الْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ حَيْثُ أَصَرَّ على الْهِبَةِ أو الْإِرْثِ وَقَامَتْ بَيِّنَةٌ بِالشِّرَاءِ. وَمَحَلُّ الْخِلَافِ عِنْدَ صَاحِبِ الرِّعَايَتَيْنِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَتَذْكِرَةِ ابن عبدوس على قَوْلِ الْقَاضِي فَقَطَعَ هَؤُلَاءِ بِأَنْ يُقَالَ إمَّا أَنْ تَقْبَلَ الثَّمَنَ أو تُبَرِّئَ فَإِنْ أَبَى من ذلك فَيَأْتِيَ الْخِلَافُ وهو أَنَّهُ هل يَكُونُ عِنْدَ الشَّفِيعِ أو الْحَاكِمِ. فَقَدَّمَ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالنَّظْمِ أَنَّهُ يَكُونُ عِنْدَ الشَّفِيعِ. وَقَطَعَ ابن عبدوس أَنَّهُ يَكُونُ عِنْدَ الْحَاكِمِ يَحْفَظُهُ له. قَوْلُهُ وَإِنْ كانت عِوَضًا في الْخُلْعِ أو النِّكَاحِ أو عن دَمِ الْعَمْدِ. فقال الْقَاضِي يَأْخُذُهُ بِقِيمَتِهِ. قال الْقَاضِي وابن عَقِيلٍ قِيَاسُ قَوْلِ بن حَامِدٍ الْأَخْذُ بِقِيمَةِ الشِّقْصِ وهو الصَّحِيحُ اخْتَارَهُ ابن عبدوس في تَذْكِرَتِهِ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَقَطَعَ بِهِ في الْهِدَايَةِ. وقال غَيْرُهُ يَأْخُذُهُ بِالدِّيَةِ وَمَهْرِ الْمِثْلِ اخْتَارَهَا بن حَامِدٍ حَكَاهُ عنه الشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ وَغَيْرُهُ. وَمُقْتَضَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ غير الْقَاضِي من الْأَصْحَابِ قال ذلك وَفِيهِ نَظَرٌ. وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالزَّرْكَشِيِّ.
تنبيه: هذا الْخِلَافُ مُفَرَّعٌ على الْقَوْلِ بِثُبُوتِ الشُّفْعَةِ في ذلك وهو قَوْلُ بن حَامِدٍ وَجَمَاعَةٍ على ما تَقَدَّمَ في أَوَّلِ الْبَابِ. وَتَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ أَيْضًا على الْخِلَافِ هُنَاكَ. وَأَمَّا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ فَلَا يَأْتِي الْخِلَافُ.
فائدة: تَقْوِيمُ الشِّقْصِ أو تَقْوِيمُ مُقَابِلِهِ على كِلَا الْوَجْهَيْنِ مُعْتَبَرٌ في الْمَهْرِ بِيَوْمِ النِّكَاحِ وفي الْخُلْعِ بِيَوْمِ الْبَيْنُونَةِ. وَإِنْ كان مُتْعَةً في طَلَاقٍ فَعَلَى الْأَوَّلِ يَأْخُذُ بِقِيمَتِهِ وَعَلَى الثَّانِي يَأْخُذُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ كما في الْخُلْعِ بِهِ. قال الْحَارِثِيُّ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَأْخُذَ بِمُتْعَةِ مِثْلِهَا قال وهو الْأَقْرَبُ. قَوْلُهُ وَلَا شُفْعَةَ في بَيْعِ الْخِيَارِ قبل انْقِضَائِهِ. نَصَّ عليه وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ. قال في الْقَوَاعِدِ في الْفَائِدَةِ الرَّابِعَةِ وَأَمَّا الشُّفْعَةُ فَلَا تَثْبُتُ في مُدَّةِ الْخِيَارِ على الرِّوَايَتَيْنِ عِنْدَ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ وَنَصَّ عليه في رِوَايَةِ حَنْبَلٍ. فَمِنْ الْأَصْحَابِ من عَلَّلَ بِأَنَّ الْمِلْكَ لم يَسْتَقِرَّ. وَعَلَّلَ الْقَاضِي في خِلَافِهِ بِأَنَّ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ يُسْقِطُ حَقَّ الْبَائِعِ من الْخِيَارِ ولذلك [وذلك] لم تَجُزْ الْمُطَالَبَةُ في مُدَّتِهِ. فَعَلَى هذا لو كان الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي وَحْدَهُ ثَبَتَتْ الشُّفْعَةُ انْتَهَى. وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَجِبَ مُطْلَقًا وهو تَخْرِيجٌ لِأَبِي الْخَطَّابِ يَعْنِي إذَا قُلْنَا بِانْتِقَالِ الْمِلْكِ. وَقِيلَ تَجِبُ في خِيَارِ الشَّرْطِ إذَا كان الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي وهو مُقْتَضَى تَعْلِيلِ الْقَاضِي في خِلَافِهِ كما قَالَهُ في الْفَوَائِدِ عنه. وَتَقَدَّمَ ذلك في الْخِيَارِ في الْبَيْعِ بَعْدَ قَوْلِهِ وَيَنْتَقِلُ الْمِلْكُ إلَى الْمُشْتَرِي بِنَفْسِ الْعَقْدِ.
فائدة: حُكْمُ خِيَارِ الْمَجْلِسِ حُكْمُ خِيَارِ الشَّرْطِ قَالَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ. قَوْلُهُ وَإِنْ أَقَرَّ الْبَائِعُ بِالْبَيْعِ وَأَنْكَرَ الْمُشْتَرِي فَهَلْ تَجِبُ الشُّفْعَةُ على وَجْهَيْنِ. وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْفَائِقِ. أَحَدُهُمَا تَجِبُ وهو الْمَذْهَبُ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ وَنَصَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَابْنُهُ وابن عَقِيلٍ وابن بَكْرُوسٍ وَاخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ وابن الزَّاغُونِيِّ. وقال في الْمُسْتَوْعِبِ هذا قِيَاسُ الْمَذْهَبِ ذَكَرَهُ شُيُوخُنَا الْأَوَائِلُ. قال وَلِأَنَّ أَصْحَابَنَا قالوا إذَا اخْتَلَفَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي في الثَّمَنِ تَحَالَفَا وَفُسِخَ الْبَيْعُ وَأَخَذَهُ الشَّفِيعُ بِمَا حَلَفَ عليه الْبَائِعُ. فاثبتوا له [به] الشُّفْعَةَ مع بُطْلَانِ الْبَيْعِ في حَقِّ الْمُشْتَرِي انْتَهَى. وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في التَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا تَجِبُ اخْتَارَهُ الشَّرِيفَانِ أبو جَعْفَرٍ وأبو الْقَاسِمِ الزَّيْدِيُّ. قال في التَّلْخِيصِ اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ. قال الْحَارِثِيُّ وَهَذَا أَقْوَى . فَعَلَى الْمَذْهَبِ يَقْبِضُ الشَّفِيعُ من الْبَائِعِ. وَأَمَّا الثَّمَنُ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يُقِرَّ الْبَائِعُ بِقَبْضِهِ أو لَا فَإِنْ لم يُقِرَّ بِقَبْضِهِ فإنه يُسَلِّمُ إلَى الْبَائِعِ وَالْعُهْدَةُ عليه وَلَا عُهْدَةَ على الْمُشْتَرِي قَالَهُ الْأَصْحَابُ منهم. الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وابن عَقِيلٍ في الْفُصُولِ وَالْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي وَالشَّارِحُ وَصَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالْوَجِيزِ وَالزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُمْ. قال الْحَارِثِيُّ وَهَذَا يَقْتَضِي تَلَقِّيَ الْمِلْكِ عنه وهو مُشْكِلٌ. وَكَذَلِكَ أَخْذُ الْبَائِعِ لِلثَّمَنِ مُشْكِلٌ لِاعْتِرَافِهِ بِعَدَمِ اسْتِحْقَاقِهِ عليه. ثُمَّ قال الْقَاضِي وابن عَقِيلٍ وَالْمُصَنِّفُ وَجَمَاعَةٌ ليس لِلشَّفِيعِ وَلَا لِلْبَائِعِ مُحَاكَمَةُ الْمُشْتَرِي لِيَثْبُتَ الْبَيْعُ في حَقِّهِ وَتَجِبُ الْعُهْدَةُ عليه لِأَنَّ مَقْصُودَ الْبَائِعِ الثَّمَنُ وقد حَصَلَ من الشَّفِيعِ وَمَقْصُودُ الشَّفِيعِ أَخْذُ الشِّقْصِ وَضَمَانُ الْعُهْدَةِ وقد حَصَلَا من الْبَائِعِ فَلَا فَائِدَةَ في الْمُحَاكَمَةِ انْتَهَى. وقد حَكَى في التَّلْخِيصِ وَجْهًا بِأَنْ يَدْفَعَ إلَى نَائِبٍ يُنَصِّبُهُ الْحَاكِمُ عن الْمُشْتَرِي. قال وهو مُشْكِلٌ لِأَنَّ إقَامَةَ نَائِبٍ عن مُنْكِرٍ بَعِيدٌ. وَإِنْ كان الْبَائِعُ مقرى بِقَبْضِ الثَّمَنِ من الْمُشْتَرِي وَبَقِيَ الثَّمَنُ على الشَّفِيعِ لَا يَدَّعِيهِ أَحَدٌ فَفِيهِ ثلاثة أَوْجُهٍ. أَحَدُهَا يُقَالُ لِلْمُشْتَرِي إمَّا أَنْ تَقْبِضَهُ وَإِمَّا أَنْ تُبَرِّئَ منه قِيَاسًا على نُجُومِ الْكِتَابَةِ إذَا قال السَّيِّدُ هِيَ غَصْبٌ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وابن عَقِيلٍ وَجَزَمَ بِهِ في النَّظْمِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَبْقَى في ذِمَّةِ الشَّفِيعِ قَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ يَأْخُذُهُ الْحَاكِمُ عنه وَهِيَ كَالْمَسْأَلَةِ التي قَبْلَهَا حُكْمًا وَخِلَافًا وَأَطْلَقَهُنَّ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ الْحَارِثِيِّ. قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا وفي جَمِيعِ ذلك مَتَى ادَّعَاهُ الْبَائِعُ أو الْمُشْتَرِي دَفَعَ إلَيْهِ لِأَنَّهُ لِأَحَدِهِمَا. قال الْحَارِثِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ وَبَحْثٌ. وَإِنْ ادَّعَيَاهُ جميعا وَأَقَرَّ الْمُشْتَرِي بِالْبَيْعِ وَأَنْكَرَ الْبَائِعُ الْقَبْضَ فَهُوَ لِلْمُشْتَرِي.
فائدة: قَوْلُهُ وَعُهْدَةُ الشَّفِيعِ على الْمُشْتَرِي وَعُهْدَةُ الْمُشْتَرِي على الْبَائِعِ وَهَذَا بِلَا نِزَاعٍ. لَكِنْ يُسْتَثْنَى من ذلك إذَا أَقَرَّ الْبَائِعُ بِالْبَيْعِ وَأَنْكَرَ الْمُشْتَرِي وَقُلْنَا بِثُبُوتِ الشُّفْعَةِ على ما تَقَدَّمَ فإن الْعُهْدَةَ على الْبَائِعِ لِحُصُولِ الْمِلْكِ له من جِهَتِهِ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وهو وَاضِحٌ. والعهدة فُعْلَةٌ من الْعَهْدِ وَهِيَ في الْأَصْلِ كِتَابُ الشِّرَاءِ. وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ على ضَمَانِ الْعُهْدَةِ وَعَلَى مَعْنَاهَا في بَابِ الضَّمَانِ. وَالْمُرَادُ هُنَا رُجُوعُ من انْتَقَلَ الْمِلْكُ إلَيْهِ على من انْتَقَلَ عنه بِالثَّمَنِ أو بِالْأَرْشِ عِنْدَ اسْتِحْقَاقِ الشِّقْصِ أو عَيْبِهِ فَيَكُونُ وَثِيقَةً لِلْبَيْعِ لَازِمَةً لِلْمُتَلَقَّى عنه فَيَكُونُ عُهْدَةً بهذا الِاعْتِبَارِ. فَلَوْ عَلِمَ الْمُشْتَرِي الْعَيْبَ عِنْدَ الْبَيْعِ ولم يَعْلَمْهُ الشَّفِيعُ عِنْدَ الْأَخْذِ فَلَا شَيْءَ لِلْمُشْتَرِي وَلِلشَّفِيعِ الرَّدُّ وَالْأَخْذُ بِالْأَرْشِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ. وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ وَجْهًا بِانْتِفَاءِ الْأَرْشِ. وَإِنْ عَلِمَهُ الشَّفِيعُ ولم يَعْلَمْهُ الْمُشْتَرِي فَلَا رَدَّ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا وَلَا أَرْشَ قَدَّمَهُ الْحَارِثِيُّ. وفي الشَّرْحِ وَجْهٌ بِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَأْخُذُ الْأَرْشَ وهو ما قال الْقَاضِي وابن عَقِيلٍ وَالسَّامِرِيُّ. فَعَلَيْهِ إنْ أَخَذَهُ سَقَطَ عن الشَّفِيعِ ما قَابَلَهُ من الثَّمَنِ تَحْقِيقًا لِمُمَاثَلَةِ الثَّمَنِ الذي اسْتَقَرَّ الْعَقْدُ عليه. وَإِنْ عَلِمَاهُ فَلَا رَدَّ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا وَلَا أَرْشَ. وفي صُورَةِ عَدَمِ عِلْمِهِمَا إنْ لم يَرُدَّ الشَّفِيعُ فَلَا رَدَّ لِلْمُشْتَرِي وَإِنْ أَخَذَ الشَّفِيعُ ارشه من الْمُشْتَرِي أخذه [أخذ] الْمُشْتَرِي من الْبَائِعِ وَإِنْ لم يَأْخُذْهُ الشَّفِيعُ فَفِي أَخْذِ الْمُشْتَرِي الْوَجْهَانِ. وَعَلَى الْوَجْهِ بِالْأَخْذِ إنْ لم يُسْقِطْهُ الشَّفِيعُ عن الْمُشْتَرِي سَقَطَ عنه بِقَدْرِهِ من الثَّمَنِ وَإِنْ أَسْقَطَهُ تَوَفَّرَ على الْمُشْتَرِي. قَوْلُهُ فَإِنْ أَبَى الْمُشْتَرِي قَبْضَ الْمَبِيعِ أَجْبَرَهُ الْحَاكِمُ عليه. وهو الْمَذْهَبُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَابْنُهُ أبو الْحُسَيْنِ وَالشَّرِيفَانِ أبو جَعْفَرٍ وأبو الْقَاسِمِ الزَّيْدِيُّ وَالْقَاضِي يَعْقُوبُ وَالشِّيرَازِيُّ وأبو الْحَسَنِ بن بَكْرُوسٍ وَغَيْرُهُمْ وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا. وقال أبو الْخَطَّابِ في الْهِدَايَةِ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ أَنْ يَأْخُذَهُ الشَّفِيعُ من يَدِ الْبَائِعِ وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وقال هو قِيَاسُ الْمَذْهَبِ. قال الْحَارِثِيُّ وهو الْأَصَحُّ لِأَنَّ الْأَصَحَّ أو الْمَشْهُورَ لُزُومُ الْعَقْدِ في بَيْعِ الْعَقَارِ قبل قَبْضِهِ وَجَوَازُ التَّصَرُّفِ فيه بِنَفْسِ الْعَقْدِ وَالدُّخُولُ في ضَمَانِهِ بِهِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ. قَوْلُهُ وَلَا شُفْعَةَ لِكَافِرٍ على مُسْلِمٍ. نَصَّ عليه من وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ. وَقِيلَ له الشُّفْعَةُ ذَكَرَهُ نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ.
تنبيه: مَفْهُومُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ ثُبُوتُ الشُّفْعَةِ لِكَافِرٍ على كَافِرٍ وَسَوَاءٌ كان الْبَائِعُ مُسْلِمًا أو كَافِرًا وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَشَرْحِ الْحَارِثِيِّ وَغَيْرِهِمَا. قال في التَّلْخِيصِ هذا قِيَاسُ الْمَذْهَبِ. وَقِيلَ لَا شُفْعَةَ له إذَا كان الْبَائِعُ مُسْلِمًا. وهو ظَاهِرُ كَلَامِ أبي الْخَطَّابِ في الْهِدَايَةِ وَأَطْلَقَهُمَا في التَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَةِ. وَمَفْهُومُ كَلَامِهِ أَيْضًا ثُبُوتُهَا لِلْمُسْلِمِ على الْكَافِرِ وهو من بَابِ أَوْلَى.
فائدة: لو تَبَايَعَ كَافِرَانِ بِخَمْرٍ وَأَخَذَ الشَّفِيعُ بِذَلِكَ لم يَنْقُضْ ما فَعَلُوهُ. وَإِنْ جَرَى التَّقَابُضُ بين الْمُتَبَايِعَيْنِ دُونَ الشَّفِيعِ وَتَرَافَعُوا إلَيْنَا فَلَا شُفْعَةَ له على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ كما لو تَبَايَعَا بِخِنْزِيرٍ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. وقال أبو الْخَطَّابِ إنْ تَبَايَعُوا بِخَمْرٍ وَقُلْنَا هِيَ مَالٌ لهم حَكَمْنَا لهم بِالشُّفْعَةِ. وَتَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ على بَعْضِ ذلك قبل قَوْلِهِ وَإِنْ اخْتَلَفَا في قَدْرِ الثَّمَنِ. قَوْلُهُ وَهَلْ تَجِبُ الشُّفْعَةُ لِلْمُضَارِبِ على رَبِّ الْمَالِ أو لِرَبِّ الْمَالِ على الْمُضَارِبِ فِيمَا يَشْتَرِيهِ لِلْمُضَارَبَةِ على وَجْهَيْنِ. ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ هُنَا مَسْأَلَتَيْنِ. إحْدَاهُمَا هل تَجِبُ الشُّفْعَةُ لِلْمُضَارِبِ على رَبِّ الْمَالِ أَمْ لَا. مِثَالُ ذلك أَنْ يَكُونَ لِلْمُضَارِبِ شِقْصٌ فِيمَا تَجِبُ فيه الشُّفْعَةُ ثُمَّ يَشْتَرِي من مَالِ الْمُضَارَبَةِ شِقْصًا من شَرِكَةِ الْمُضَارِبِ فَهَلْ تَجِبُ لِلْمُضَارِبِ شُفْعَةٌ فِيمَا اشْتَرَاهُ من مَالِ الْمُضَارَبَةِ. أَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ فيه وَجْهَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا تَخْرِيجًا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ. وَاعْلَمْ أَنَّ في مَحَلِّ الْخِلَافِ طَرِيقَتَيْنِ لِلْأَصْحَابِ. إحْدَاهُمَا أَنَّهُمَا جَارِيَانِ سَوَاءٌ ظَهَرَ رِبْحٌ أَمْ لَا وَسَوَاءٌ قُلْنَا يَمْلِكُ الْمُضَارِبُ حِصَّتَهُ بِالظُّهُورِ أَمْ لَا وَهِيَ طَرِيقَةُ أبي الْخَطَّابِ في الْهِدَايَةِ وَصَاحِبِ الْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْمُصَنِّفِ هُنَا وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهَا الْحَارِثِيُّ. أَحَدُهُمَا لَا تَجِبُ الشُّفْعَةُ له وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ صَحَّحَهُ في الْخُلَاصَةِ وَالتَّصْحِيحِ وَاخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ في رؤوس الْمَسَائِلِ وأبو الْمَعَالِي في النِّهَايَةِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي تَجِبُ خَرَّجَهُ أبو الْخَطَّابِ من وُجُوبِ الزَّكَاةِ عليه في حِصَّتِهِ قال الْحَارِثِيُّ وهو الْأَوْلَى. قال ابن رَجَبٍ في الْقَوَاعِدِ بَعْدَ تَخْرِيجِ أبي الْخَطَّابِ فَالْمَسْأَلَةُ مُقَيَّدَةٌ بحالة [بحال] ظُهُورِ الرِّبْحِ وَلَا بُدَّ انْتَهَى. الطَّرِيقُ الثَّانِي وَهِيَ طَرِيقَةُ الْمُصَنِّفِ وَالشَّارِحِ وَالنَّاظِمِ وجماعة إنْ لم يَظْهَرْ رِبْحٌ في الْمَالِ أو كان فيه رِبْحٌ وَقُلْنَا لَا يَمْلِكُهُ بِالظُّهُورِ فَلَهُ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ لِأَنَّ الْمِلْكَ لِغَيْرِهِ فَكَذَا الْأَخْذُ منه. وَإِنْ كان فيه رِبْحٌ وَقُلْنَا يَمْلِكُهُ بِالظُّهُورِ فَفِي وُجُوبِ الشُّفْعَةِ له وَجْهَانِ بِنَاءً على شِرَاءِ الْعَامِلِ من مَالِ الْمُضَارَبَةِ بَعْدَ مِلْكِهِ من الرِّبْحِ على ما سَبَقَ في الْمُضَارَبَةِ بَعْدَ قَوْلِهِ وَلَيْسَ لِرَبِّ الْمَالِ أَنْ يَشْتَرِيَ من مَالِ الْمُضَارَبَةِ شيئا. وَصَحَّحَ هذه الطَّرِيقَةَ في الْفُرُوعِ وَقَدَّمَ عَدَمَ الْأَخْذِ ذَكَرَ ذلك في بَابِ الْمُضَارَبَةِ. المسالة الثَّانِيَةُ هل تَجِبُ الشُّفْعَةُ لِرَبِّ الْمَالِ على الْمُضَارِبِ فِيمَا يَشْتَرِيهِ لِلْمُضَارَبَةِ. مِثَالُهُ أَنْ يَشْتَرِيَ الْمُضَارِبُ بِمَالِ الْمُضَارَبَةِ شِقْصًا في شَرِكَةِ رَبِّ الْمَالِ. فَأَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ فيه وَجْهَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَالْحَارِثِيِّ. أَحَدُهُمَا لَا تَجِبُ الشُّفْعَةُ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ صَحَّحَهُ أبو الْمَعَالِي في نِهَايَتِهِ وَخُلَاصَتِهِ وَالنَّاظِمُ وَصَاحِبُ التَّصْحِيحِ وَغَيْرُهُمْ. قال الْحَارِثِيُّ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وأبو الْخَطَّابِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ ذَكَرَهُ في الْمُضَارَبَةِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي تَجِبُ فيه الشُّفْعَةُ اخْتَارَهُ ابن عبدوس في تَذْكِرَتِهِ. وَبَنَى الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَالْحَارِثِيُّ وَغَيْرُهُمْ هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ على الرِّوَايَتَيْنِ في شِرَاءِ رَبِّ الْمَالِ من مَالِ الْمُضَارَبَةِ. وَتَقَدَّمَ الْخِلَافُ في ذلك وَأَنَّ الصَّحِيحَ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ في بَابِ الْمُضَارَبَةِ.
فوائد: إحْدَاهَا لو بِيعَ شِقْصٌ من شَرِكَةِ مَالِ الْمُضَارَبَةِ فَلِلْعَامِلِ الْأَخْذُ بها إذَا كان الْحَظُّ فيها فَإِنْ تَرَكَهَا فَلِرَبِّ الْمَالِ الْأَخْذُ لِأَنَّ مَالَ الْمُضَارَبَةِ مِلْكُهُ وَلَا يَنْفُذُ عَفْوُ الْعَامِلِ. وَلَوْ كان الْعَقَارُ لِثَلَاثَةٍ فَقَارَضَ أَحَدُهُمْ أَحَدَ شَرِيكَيْهِ بِأَلْفٍ فَاشْتَرَى بِهِ نِصْفَ نَصِيبِ الثَّالِثِ فَلَا شُفْعَةَ فيه في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ لِأَنَّ احدهما مَالِكُ الْمَالِ وَالْآخَرَ عَامِلٌ فيه فَهُمَا كَشَرِيكَيْنِ في مُشَاعٍ لَا يَسْتَحِقُّ أَحَدُهُمَا على الْآخَرِ شُفْعَةً ذَكَرَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْحَارِثِيِّ. قُلْت وهو الصَّوَابُ. وَالْوَجْهُ الْآخَرُ فيه الشُّفْعَةُ. قالوا وَلَوْ بَاعَ الثَّالِثُ بَقِيَّةَ نَصِيبِهِ لِأَجْنَبِيٍّ ثَبَتَتْ الشُّفْعَةُ بَيْنَهُمْ أَخْمَاسًا لِلْمَالِكِ خُمُسَاهَا وَلِلْعَامِلِ مِثْلُهُ وَلِمَالِ الْمُضَارَبَةِ خُمُسُهَا بِالسُّدُسِ الذي له جُعِلَا لِمَالِ المضاربة [الضاربة] كَشَرِيكٍ آخَرَ. الثَّانِيَةُ لو بَاعَ الْمُضَارِبُ من مَالِ الْمُضَارَبَةِ شِقْصًا في شَرِكَةِ نَفْسِهِ لم يَأْخُذْ بِالشُّفْعَةِ لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ فَأَشْبَهَ الشِّرَاءَ من نَفْسِهِ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ. الثَّالِثَةُ تَثْبُتُ الشُّفْعَةُ لِلسَّيِّدِ على مُكَاتَبِهِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَالْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُمَا لِأَنَّ السَّيِّدَ لَا يَمْلِكُ ما في يَدِهِ وَلَا يُزَكِّيهِ وَلِهَذَا جَازَ أَنْ يَشْتَرِيَ منه. وَأَمَّا الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ له فَإِنْ كان لَا دَيْنَ عليه فَلَا شُفْعَةَ بِحَالٍ لِسَيِّدِهِ وَإِنْ. كان عليه دَيْنٌ فَالشُّفْعَةُ عليه تَنْبَنِي على جَوَازِ الشِّرَاءِ منه على ما تَقَدَّمَ في أَوَاخِرِ الْحَجْرِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ. وَتَقَدَّمَ أَخْذُ الْمُكَاتَبِ وَالْعَبْدِ الْمَأْذُونِ له بِالشُّفْعَةِ قبل قَوْلِهِ فَإِنْ كَانَا شَفِيعَيْنِ فَالشُّفْعَةُ بَيْنَهُمَا.
|